الصندوق الاسود / «كنت طفلة مشاغبة... لكن محبوبة»

كارين سلامة: فقدت الشعور بالأمان... في طفولتي!

1 يناير 1970 03:37 م
كبرت عن عمري قبل الأوان وحُرمت من أن أعيش الطفولة

انفصال والديّ جعلني قريبة من والدتي أكثر... وعندما كبرتُ أصبحت على علاقة جيدة بكليهما

«بتفوت بالحيطان حينما تكون حنوناً»
كلمتان تثيران الفضول والفزع في وقت معاً!

الفضول إلى اكتشاف مجهولٍ مفعمٍ بالغرابة والتوتر يقبع هناك، في جوف طائرة منكوبة، أو سفينة غارقة، والفزع الذي يصاحب التنقيب عن أسرارٍ غامضة ومعتمة تقف وراء المشهد، وتتوارى في الجانب المظلم من الصورة!

الإنسان أيضاً يملك «صندوقاً أسود»، يرافقه طوال الوقت، يسجل عليه حركاته وسكناته، ويحتفظ بآلامه وآماله، ويختزن ما يحب وما يكره، ويخبئ أفراحه وإحباطاته، والأهم من كل ذلك أنه يفيض بملايين الأسرار التي قد يحرص الإنسان أن يخفيها عن الآخرين، حتى الأصدقاء والأحبة!

«الراي»، التي تدرك جيداً أن معظم البشر يرفضون فتح «صناديقهم السوداء»، مهما كانت المغريات، قررت المغامرة - في هذه الزاوية - بأن تفتش في أعماق كوكبة من الفنانين والإعلاميين، وتطل على الجانب الأكثر غموضاً في حياتهم، والذي يمثل لهم «مجهولاً» طالما هربوا منه... لكن «الراي» تجبرهم الآن على مواجهته!

• في البداية، كيف كانت طفولتك؟

- ليست طفولة «WOW»، فقد كانت هناك مشاكل بين أمي وأبي وهذا ما أثر على حياتي. لا أصفها بالطفولة الرائعة، بل أقول إنها كانت جيدة، فقد تخللها الكثير من المواقف الصعبة واللحظات السوداء.

• هل يولد هذا الجو عقداً عند الطفل؟

- ويؤدي إلى شعور بعدم الأمان وهذا ما حصل معي.

• ما هي الألعاب التي كنتِ تفضلينها عن سواها خلال تلك الفترة؟

- سبع حجارة والـ «Barbie» كانت لعبتي المفضلة، كنا نلعب خارج المنزل دائماً «اللقيطة» و«الغميضة» ونتسلق الأشجار أيضاً.

• كنت طفلة شقية إذاً؟

- نعم لأنني نشأت في ضيعة ما بين الأشجار والحجارة.

• في رأيك، هل الجيل الحالي أوفر حظاً لكونه يحظى بالألعاب الإلكترونية الحديثة، على عكس الألعاب القديمة كألعاب الدمى أو الغميضة أو حي الميد وغيرها؟

- لا، إنه ليس أوفر حظاً أبداً، بل يحزنني واقعه هذا. صحيح أن الجيل الحالي أذكى وأوعى، لكن من الأجمل أن تكتشف الأمور بنفسك وتشعر بها، بدلاً من أن تراها وهمياً عبر الشاشات. حتى في المدن كانت الحياة أفضل وأجمل للطفل وكانت هناك علاقات بشرية تجمع الأولاد في ما بينهم بعكس اليوم حيث بالكاد يتكلم طفل مع آخر وهنا الخطورة.

• ما هي الرسوم المتحركة التي كنتِ تحرصين على متابعتها وقتذاك وبشغف كبير؟

- «لولو وطبوش»، «زينة ونحول»، «غراندايزر»، كنت أنتظر هذه البرامج بفارغ الصبر، حتى أنني كنت أذهب إلى المكتبة لشراء الرسوم الخاصة بهذه الشخصيات. في المقابل، كنت أقرأ كثيراً الكتب الخاصة بالأطفال.

•أيهما الأقرب إليك من الآخر والدتك أم والدك؟

- انفصال والديّ جعلني قريبة من والدتي أكثر، فهي كانت السند والملجأ لي، لكن مع تقدمي في العمر أصبحت على علاقة جيدة بكليهما.

• هل أخذتِ موقفاً عدائياً من والدك وقتذاك؟

- لا، أبداً. أحب والدي كثيراً، لكن المشاكل الكثيرة التي حدثت ولّدت عندي شعوراً مخيفاً وهو عدم الإحساس بالأمان.

• هل كنتِ طفلة مدللة، أم محرومة؟

- كبرت عن عمري قبل الأوان وانحرمت من أن أعيش الطفولة.

• كم لديك من الأشقاء، ومن يشبهك منهم في الملامح أو الطباع والصفات؟

- لدي ثلاثة أخوة وأنا الفتاة الوحيدة في العائلة والأكبر سناً أيضاً، أشبه والدي من ناحية الشكل الخارجي، أما بالنسبة إلى أخوتي فنشبه بعضنا كثيراً من ناحية الطباع ولدينا صفة مشتركة في ما بيننا وهي الحنان في التعامل مع الآخر وهنا الخطأ.

• لماذا؟

- «لأنك بتفوت بالحيطان عندما تكون حنوناً» فنحن نفكر بعاطفتنا أكثر من عقلنا.

• كيف هي طباعك داخل المنزل وخارجه؟

- هناك الكثير من الأشخاص يعتقدون بأنني قوية جداً ولئيمة، لكن في الحقيقة لا أحب مسايرة الناس بطبعي ولا أن أكذب عليهم، إلا أن المطلوب في هذا الوقت هو المسايرة والكذب.

•هل كنتِ تلميذة هادئة ومتفوقة في الدراسة، أم كسولة ومشاكسة؟

- لم أكن أبداً تلميذة هادئة، كنت مشاغبة جداً وفي الوقت نفسه «شاطرة» في الدراسة باستثناء بعض المواد العلمية. وصحيح أنني كنت طفلة مشاغبة، إلا أنني كنت أحظى بمحبة أساتذتي وكل من حولي.

• هل تتذكرين زملاء الدراسة؟

- لا أتذكر غيرهم، فما زلنا على تواصل حتى الآن ونحن نلتقي بين الحين والآخر «اللي ما بيكرهك أيام المدرسة ما بيكرهك الآن واللي كان يحبك بصدق بيضل يحبك كل الحياة». حب الطفولة صادق.

• اذكري لنا موقفاً طريفاً لا يزال عالقاً في ذاكرتك؟

- كنت أبلغ 14 عاماً حين كنت أتمشى مع أصدقائي وكان هناك شاب «ضارب عينه عليّ»، فأراد إظهار صورة «الجغل» أمامي ولهذا السبب كان «عم يشفّط بسيارته وكان دارج في وقتها أن تعلّي فرامل الايد» لتدور السيارة حول نفسها، لكن ما إن أقدم على هذا حتى أصبحت السيارة تدور وتدور واصطدمت بثلاثة متاجر على الطريق. زعلت عليه حكماً، لكن في المقابل لم نستطع أن نتوقف عن الضحك.

• ما هي الشهادات الدراسية والمؤهلات العلمية التي في حوزتك؟

- أمتلك شهادة في حضانة الأطفال، لكن لم أعمل بها بسبب دخولي إلى التلفزيون.

• لنتحدث عن أحلام الطفولة التي تحققت وما لم تتحقق؟

- معظم أحلامي تحققت بقوة الله، وأعتبر أن عائلتي وأولادي وعملي وصحتي نعمة بالنسبة إليّ.

• لو عاد بك الزمن إلى الوراء وأنت في نضجك الحالي، فهل كنتِ ستحترفين العمل الاعلامي؟

- لكن الفارق الوحيد هو أنني كنت لا أُدخل إلى حياتي العديد من الأشخاص.

• أخبرينا عن الجانب الروحي في حياتك؟

- أنا شخص مؤمن كثيراً بالله منذ طفولتي، ومع تقدمي في العمر زاد إيماني وعرفت الله بطريقة مختلفة، خصوصاً بعدما رزقني بأولادي.

• ما هو هذا الاختلاف؟

- أصبحت أدرك كيف أن الله ينظر إلينا برحمة وحنان وعاطفة، فإذا كنت كإنسانة لدي هذه الطاقة لأحب أولادي فكيف هو!

• هل أنت فاقدة للحنان في حياتك؟

- ليس للحنان إنما للأمان وأتكلم طبعاً في مرحلة الطفولة.

• إلى أي مدى تتأثرين بمشاهدة الأطفال المحرومين والمشردين؟

- كثيراً، أنا شخص يقوم غالباً بفعل الخير وهذا ما يجعلني سعيدة. الواقع الذي نراه ناتج عن الشرّ فللأسف الناس تفتح يديها وقلبها للشر من دون أن تدرك، ولا يحدث شيئاً لنا على الأرض أو للانسان عموماً من دون سبب ومن دون أن يفتح المجال لحدوثه. نحن وخلال لحظة يمكننا إنهاء الحروب وتغيير الدنيا كلها، لكن الإنسان هو من لا يريد ذلك، فهو يحب المال لدرجة أنه يرفض التغيير.

• وهل المال هو سبب الخراب؟

- أكيد.

• ما هي النصيحة التي توجهينها في هذا الوقت؟

- أوجه نصيحتي لكل شخصين يريدان الزواج، أسمع كثيراً من الصبايا عبارات مثل «خلاص تجوزي وجيبي ولد وطلقيه» أو زواج لأجل الإنجاب، هذه هي قمة الأنانية والإسفاف، هذه العبارات بشعة حقاً. فحياة أولادك ليست لعبة في يدك لتقرر أن تفعل بها ما تشاء، عقد الزواج هو العقد الوحيد «اللي مش عارف حالك ع شو عم تمضي». هناك الكثير من المواضيع والتفاصيل التي تكتشفينها بعد الزواج والناس لم تعد صبورة وتلجأ سريعاً إلى الطلاق وكأنه سهل ولا ينتج عنه أي آثار.