حروف باسمة

نفحات من الشهر الفضيل

1 يناير 1970 02:32 م
أقبل شهر الخير واستقبله المسلمون وهم يستبشرون في رحابه بالخير العميم ويقطفون في ليله ونهاره ثمرات كلها خير زاخر.

شهر رمضان المبارك، انفاس الصائم فيه تسبيح ونومه عبادة ودعواته مقبولة، والناس يجدّون في هذا الشهر المبارك للحصول على الخير من مشارب متعددة ومناهل متنوعة.

وفي هذه الديرة الحبيبة، مشاهد وذكريات كثيرة جبل عليها اهلها وهم يتذكرونها ويعملون كما عمل الآباء والاجداد من قبل زمن، اذا ثارت الواردة فإن معها تتداول الصحون والقنجات بين بيوت الفريج، وهم يستبشرون ويدعو بعضهم لبعض بالخير والسداد، وانواع المأكولات تتعدد في هذا الشهر، فمنها الهريس والجريش وصب القفشة واللقيمات والتشريب، حتى ظهر مثلهم المعروف «رمضان ابو القرع والبيديان».

وكلها من أيدي الامهات الطاهرة... ما اجمل اطباق امينة وبيبي وحصة، وهي توضع على السفرة، ولا أثر لأطباق ماري وجاكوب وكريستينا وكومار... لا نعرفها ولا لرائحتها اثر في اذواقنا، انما أنفاس الامهات تعبق في القلوب... مشاهد في شهر رمضان قديماً تبعث على التأمل، فقبل الافطار يهرع الناس لشراء الثلج ولا نجد بائعي الثلج يستغلون الشهر والحرارة القاسية فيعمدون الى رفع اسعاره، على عكس ما نراه من مشاهد قبيل حلول الشهر الكريم في تدافع الناس على اقتناص المأكولات والمشروبات، وكأنما رمضان هو شهر الاكل وان القحط قادم رغم ان هذه الديرة تعج بصنوف الخير، ولكن تضيق انفس البعض وكأنما نعيش لنأكل ولا نأكل كي نعيش.

عزيزي القارئ، شهر رمضان هو شهر الرحمة والمغفرة والغفران، فلنعمل في هذا الشهر ونتسامح فيه ولنجلي قلوبنا فتكون بيضاء ناصعة ولنقذف بالحقد والحسد في مكان سحيق، ولنتدبر بقراءة القرآن الكريم ونجعله في الاوقات التي نمتلكها، ولا نقرأه في وقت العمل ونعطل اعمال الناس لأن خير الناس من نفع الناس.

واذا كان العمل عبادة، فإن الاجتهاد فيه في شهر رمضان يزيد في الاجر والثواب.

وعسى ان يتفكر الذين يستغلون هذا الشهر الفضيل، فيعملون على رفع البورصات في مجال الخدم او بعض الاغذية او بعض الملابس والطيب... شهر ترفع فيه الاكف الى الباري جل شأنه بأن يحقق الخير لأمة الاسلام ويجعل هذه الديرة راغدة ومطمئنة ومستقرة. وأهلها قلوبهم متحدة وأيديهم واحدة وألسنتهم تلهج بالخير، واسماؤهم تصغي الى سبيل الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي احسن. في هذا الشهر الكريم نبتهل للذين وفدوا إلى الله الكريم بالرحمة وان يلبس ثوب الصحة والعافية جميع المرضى. وتهنئة خالصة من القلب للاستاذ الكاتب المبدع والمعلق الرياضي المتألق الاخ صادق بدر بالشفاء والصحة. ومبروك لأبي بدر على نجاح العملية الجراحية التي اجريت له اخيراً. نسأل الله له ولجميع المرضى الصحة والعافية والهناء.

ولا نملك في هذا الشهر الفضيل، الا ان ندعو ونقرأ هذا الدعاء الجميل في هذه المقطوعة الرائعة:

يا رب ان عظمت ذنوبي كثرة

فلقد علمت بأن عفوك اعظم

ان كان لا يرجوك إلا محسن

فبمن يلوذ ويستجير المجرم

ادعوك ربي كما امرت تضرعا

فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم

مالي اليك وسيلة الا الرجا

وجميل عفوك ثم اني مسلم