السفير السعودي رفض إقحام المملكة بشؤون لبنان... وبريطانيا لا تدعم أي مرشح رئاسي
عاصفة ردود على المشنوق بعد هجومه على الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
02:06 م
جنبلاط: اتركوا هذا الفارس العربي الكبير يرقد مرتاحاً بعيداً عن هذا النوع من الهذيان
ريفي: أنا شهيد حيّ وأعرف قيمة الشهداء
اتّخذت تداعيات الانتخابات البلدية والاختيارية التي شهدها لبنان في مايو الماضي منحى جديداً أكثر تعقيداً بعد تَشابُك «تشظياتها» الداخلية، التي برزت في شكل نافر على خط العلاقة بين الحليفيْن «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية»، مع استحضار السياسة السعودية في لبنان إبان عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز على لسان وزير الداخلية نهاد المشنوق في سياق استرجاع مجمل المسار التراجعي للرئيس سعد الحريري بوجه «حزب الله» والنظام السوري، باعتباره من مسبّبات «الانتفاضة» الشعبية بوجه تياره في «بلديات طرابلس» الأحد الماضي.
وشكّل الانتقاد المفاجئ وغير المسبوق الذي وجّهه المشنوق في إطلالته التلفزيونية (عبر برنامج «كلام الناس» على LBCI) للسياسة السعودية في عهد الملك عبد الله وكلامه عن ان ترشيح الحريري للنائب سليمان فرنجية للرئاسة (قبل نحو 6 أشهر) بدأ «عبر الخارجية البريطانية مروراً بالأميركيين وصولاً الى السعوديين فالرئيس الحريري»، تطوّراً بالغ الدلالات والحساسية، وسرعان ما برزت تداعياته مع ردٍّ معبِّر لسفير المملكة في بيروت علي عواض عسيري عليه.
وجاء كلام المشنوق في معرض مقاربته لخسارة اللائحة المدعومة من الحريري من ضمن «التحالف السباعي» في الانتخابات البلدية في طرابلس امام اللائحة التي أيّدها وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي، وسط استمرار القراءات لمغازي ما حقّقه الأخير. ولاحظت دوائر مراقبة ان كلام وزير الداخلية عن «مئة نفي سيصدر لا سيما من الرئيس الحريري» على خلفية ما قاله عن السياسة السعودية السابقة، لم يخفّف من وقع ما أعلنه في هذا الشأن خصوصاً حيال ملابسات خيارات «المستقبل» في الأعوام السبعة الماضية ابتداءً من زيارة زعيم التيار لدمشق في ديسمبر 2009 ولقائه الرئيس بشار الأسد.
وقد اعتبر المشنوق أن «السياسة السعودية السابقة هي التي طلبت وألحّت وأصرّت على الرئيس سعد الحريري زيارة الشام لأسباب سياسية تتعلق بالقراءة السعودية للوضع في المنطقة، ولولا ذلك، ما الذي سيأخذنا الى الشام؟ وهم اعتقدوا أنهم بذلك يقومون بهدنة مع النظام السوري ومع حزب الله». واذ كشف انه كان مطلوباً وفق السياسة السعودية السابقة من الرئيس الحريري أن «يتخلى حتى عن المحكمة الدولية»، قال: «لكنه قاوم وصمد لكن في النهاية ما هي قدرته؟ يجب ألا ننسى أين يعيش هو وأين هي مصالحه، وأين تربّى، هو ليس لبنانياً يعيش طوال حياته في لبنان، هذه هي الحقيقة». كما اعتبر ان «ترشيح النائب سليمان فرنجية لم يولد لدى الرئيس الحريري، وانما في الخارجية البريطانية مروراً بالاميركيين وصولاً الى السعوديين فالرئيس الحريري. وكان المبرر لهذا الترشيح ان حزب الله سيعود من سورية خاسراً، وسيشبه الفيل الذي يدخل بيتاً من زجاج فيبدأ بالتكسير، لذا يجب الاتيان برئيس يرتاح اليه ويمكنه التعامل معه»، مشيراً إلى أن «ترشيح فرنجية لم يأتِ نتيجة خيارات شخصية، بل نتيجة خيارات وطنية لها علاقة بضمان استقرار البلد بضمانة دولية»، ومذّكراً «بأن الحريري رشح العماد ميشال عون في وقت سابق، فقالت السعودية آنذاك ما لا يقال وفعلت ما لا يُفعل».
ولم يتأخّر ردّ السفير السعودي الذي استغرب في بيان له «المواقف التي ادلى بها وزير الداخلية الاستاذ نهاد المشنوق وإقحامه المملكة العربية السعودية في عدد من الملفات الداخلية»، مؤكداً «ان المملكة العربية السعودية لم ولن تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية لا سيما ملف رئاسة الجمهورية الذي تعتبره ملفاً سيادياً يعود للأشقاء اللبنانيين وحدهم حق القرار فيه»، موضحا أن «دور المملكة يقتصر على تشجيع المسؤولين اللبنانيين على ايجاد حل للأزمة السياسية وانهاء الشغور الرئاسي لينتظم عمل مؤسسات الدولة ويعبر لبنان الى مرحلة من الاستقرار والازدهار الاقتصادي بمعزل عمن يكون الرئيس الجديد».
ونُقل عن مسؤول في السفارة البريطانية أن بلاده «لا تدعم أو تعارض أي مرشح محدد لرئاسة الجمهورية»، مشيراً الى «أن انتخاب رئيس للجمهورية هو قرار ومسؤولية اللبنانيين»، وقال: «نحن مستعدون للعمل مع رئيس جمهورية لبنان المقبل أياً يكن، كما وما زلنا ندعو الى انتخاب رئيس في أقرب وقت».
كما ردّ النائب وليد جنبلاط على المشنوق عبر «تويتر» اذ غرّد: «الطرب المشنوقي في الصباح وقد يسمى بالمشنوقيات يكاد يشبه رقص التانغو. الرشاقة الفكرية تلاقي الرشاقة البدنية. وبصريح العبارة فان من الظلم وتحريف للوقائع القول ان مبادرة الملك عبد الله أوصلتنا الى حالة اليوم. اتركوا هذا الفارس العربي الكبير يرقد مرتاحاً بعيداً عن هذا النوع من الهذيان».
ولم تمرّ مطالبة وزير الداخلية بـ «سحب الشهداء عن الطاولة» وأخذه على الوزير ريفي استخدامه دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري واللواء وسام الحسن، دون ردّ من وزير العدل المستقيل الذي اعلن «لا اريد الاجابة بالتفصيل، لكنني انا شهيد حي والشهيد الحي وحده الذي يعرف قيمة الشهداء».
وجاء كلام ريفي بعد زيارة لافتة قام بها امس للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حيث وضعه في أجواء انتخابات طرابلس وملابسات عدم فوز الأعضاء المسيحيين الثلاثة في المجلسي البلدي رغم نيل أحدهم (فرح عيسى) أصواتاً أكثر من مرشحي الجماعة الاسلامية. وقد اعلن رداً على سؤال حول «قول الوزير المشنوق انه يلزمك الكثير من التأكيدات لتكون زعيماً»: «انا اللواء اشرف ريفي قدماي على الارض ورأسي على اكتافي».