الدجل في حياة المشاهير
راسبوتين «قوة وهمية»... و«نصاب بارع» / 21
1 يناير 1970
12:38 م
| القاهرة - من دعاء فتوح |
دائما نخشى الغيب... فهو البوابة السحرية لمعرفة أقدارنا نحن البشر التائهين، نعرف أننا سنرحل، ولكن لا نعرف كيف؟ ومتى؟، ولا نملك من حطام دنيانا بخلاف اللحظة الحالية شيئا.
لذلك يلجأ بعضنا لمعرفة أقدارهم وطوالعهم عن طريق المتنبئين والفلكيين، أو عن طريق الدجالين والمشعوذين.
وثبت في أذهاننا أن هؤلاء المهتمين بهذا «العالم الخرافي»... هم أشخاص يفتقدون للثقافة الكافية والمعرفة... أوهم ممن يعيشون في القرى والمناطق العشوائية... حيث ارتبط الدجل والشعوذة بضعاف النفوس الذين لا يستطيعون مواجهة مصائرهم، وأقدارهم.
لذلك كان من أكثر الأمور غرابة... هو اكتشاف مدى تعلق أصحاب السلطة من السياسيين المرموقين على مر العصور، وكذلك مشاهير الفن والرياضة والأدب، وغيرها، بتلك العلوم.
حتى إن الكثير من الأمراء والملوك... كان لديهم «مُنَجم» أو أكثر مرتبط بقصورهم مثل لورنزو منجم دوق فلورنسة، وتيموبراهة منجم إمبراطور النمسا، وإليزابيث تيسية المستشارة الروحية للرئيس الفرنسي الأسبق ميتران.
إضافة إلى أن هناك الكثير من المنجمين «المشاهير طبعا» الذين ارتبطت أسماؤهم بالملوك.
كما اهتم ملوك وأمراء العرب بتلك العلوم، ومن أشهر هؤلاء الأمراء أبو جعفر المنصور العباسي... حيث كان لا يصدر أمرا إلا باستشارة نوبخت والفزاري.
الدجل... في حياة المشاهير... في جميع المجالات... ومن خلال التقليب في كثير من الأوراق والحكايات والأساطير القديمة والحديثة... تعددت أسبابه... وتنوعت أدواته.
فهناك من أراد أن يحصل على كسب اقتصادي... أو منفعة سياسية... أو المبارزة على منصب وجاه... حتى إن الأمر ولايزال مستخدما في أجهزة استخباراتية، وفي انتخابات رئاسية في دول كبرى... وفي حكايات وارتباطات المشاهير بالدجل... مفاجآت كثيرة... في السطور التالية... كثير من بينها.
لم يكن الدجل في حياة المشاهير... سوى باب خفي يكشف مدى خطورة إيداع السلطة في اليد الخاطئة، لأن الدجل في حياة البسطاء لن يكلف سواهم الثمن أما أصحاب السلطة أمثال نيقولا الثاني آخر ملوك روسيا الذي جعل من سائس خيل وراهب فاسق «إلها» يتحكم في مصير الشعب الروسي... وساعد بجدارة على خلق «أسطورة راسبوتين».
هذه... الشخصية الخارقة للمألوف الاجتماعي والفكري والديني في مختلف بقاع العالم، والذي اختلف الجميع حوله فهومن وجهة نظر البعض إنسان مقدّس، ومن وجهة نظر البعض الآخر... تجسيد للشيطان، وفي كل الأحوال هومصدر للخوف والهلع من قبل الجميع.
لذلك عند رصد «الدجل في حياة المشاهير»... نكتشف أن الشخصيات التي يجب التعرف عليها ليس الملوك والأمراء، بل هؤلاء الدجالين الذين سيطروا على دفة الحكم، وإن كان «نوستراداموس» أشهر المتكهنيين ... إلا انه لم يدعي القداسة، ولم يكن زنديقا فاسدا، أما راسبوتين فهوالشخصية الجدالية التي ستظل مصدرا للتساؤل حول حقيقته.
من هو راسبوتين
غريغوري يافاموفيتش راسبوتين... ولد في العاشر من يناير العام 1869في قرية بوكروفسكوي الريفية الواقعة في«سيبريا»، بعيدا عن صالونات العائلة الملكية البراقة في سان بطرسبرغ.
ترعرع في بيئة جبلية بكنف أسرة كادحة من الفلاحين، وكان لعضلاته من الطاقة ما جعله «مستخدماً» أُلقي على عاتقه ترويض الخيول الجامحة، ولأجر يزيد قليلاً ترك عمله، ليصبح سائساً لعربات الأثرياء.
وقيل إنه خلال طفولة راسبوتين ظهرت لديه رؤي مستمرة عن القوي الإلهية وقدرات الشفاء الخارقة، إذ كان باستطاعته مثلا أن يبرئ حصانا بمجرد لمسه. لكنه اكتسب في فترة مراهقته اسم راسبوتين أي الفاجر الداعر وذلك بسبب علاقاته الجنسية الفاضحة.
وحين بلغ راسبوتين الثلاثين من عمره كان زوجا وأبا لأربعة أطفال، إلا أن ولعه بالشراب وسرقة الجياد كان دائما ما يتناقض وأصول الحياة العائلية التقليدية.
وكان حادث اتهامه ذات مرة بسرقة حصان، نقطة تحول في حياته، هرب على إثرها من القرية ولاذ بأحد الأديرة النائية حيث اتخذ صفة الرهبانية التي لازمته بعد ذلك طيلة حياته , ولكن ملاذه الروحي لم يكن صومعة عادية، بل مرتعاً لعقيدة باطنية ناصبتها الكنيسة الأرثوذكسية العداء.
القوة الروحانية
ومع تأثر راسبوتين بتجاربه الروحانية، رحل راسبوتين عن قريته ليصبح مسافرا جوالا في أنحاء روسيا وخارجها، وخلال هذه الرحلات لم يغتسل أويبدل ملابسه لفترات بلغت عدة أشهر، وكان يرتدي قيودا حديدية زادت من معاناته.
وقد شملت هذه الرحلات الدينية الشاقة رحلة إلى جبل «أثوس» بـ «اليونان»، وساعدته على اكتساب أنصار ذوي نفوذ مثل «هيرموجن» أسقف ساراتوي.
وأثناء فترة تجواله، أصبح راسبوتين تحت تأثير طائفة متطرفة غير شرعية تعرف باسم «خاليستي» أوالسوطيين بسبب اتخاذهم من السوط شعارا، كما أنها تنزع إلى الجلد، والممارسات الجنسية.
ولعل سمة الجمع الشاذ بين الورع والأفعال الجنسية غير الشرعية، وبخاصة الفاضح منها، هي التي شكلت القاعدة التي ارتكزت عليها ممارسات راسبوتين الدينية فيما بعد. فلم تفارقه أبدا فكرة أن الفرد يمكن أن يصبح أكثر قربا من الله إذا ارتكب عمدا ذنبا شهوانيا ثم تاب توبة نصوحا.
الرجل المقدس
وذاع صيت راسبوتين، خلال جولاته التي استقطب فيها إعجاب الأرستقراطيين ورجال الدين، لدرجة أشيع فيها أن قوة بصيرته أظهرت له السيدة «مريم» العذراء، أنها حثته على الذهاب إلى سان بطرسبرغ لمساعدة العائلة الملكية.
وفي العام 1902... كان أول تحرك لـ راسبوتين باتجاه العاصمة، حينما زار مدينة «كازان» الواقعة بالقرب من نهر الـ « فولجا»، وبدأ سريعا في تكوين أكبر مجموعة من الحواريين والمعارف على مستوى الطبقات العليا.
ولم يعوقه عن ذلك عيناه المغناطيسيتان، ولحيته الطويلة القذرة، وشخصيته المشبوهة. إذ نظر مجتمع موسكو المهذب إلى راسبوتين باعتباره «مرشدا روحيا» أو «رجلا مقدسا».
وبحلول العام 1903 وصل إلى سان بطرسبرغ... كلاما عن قوى صوفية مقبلة من «سيبريا»... ذات عيون وحشية مضيئة، ونظرة مجنونة.
وبدا أن راسبوتين كان قد حدد موعدا لدخوله المجتمع الراقي في الوقت المناسب، وقد ساهم في ذلك أن الطبقة الأرستقراطية كانت مولعة بمسائل السحر والتنجيم، وكانت عمليات تحضير الأرواح أمرا مألوفا.
مستشار نيقولا الثاني
وفي عام 1905... قابل راسبوتين عالم لاهوت كان يعمل رئيسا لأكاديمية دينية وكاهن اعتراف لإمبراطورة روسيا «ألكسندرا فيودوروفونا»... وقدم للبلاط من خلال تزكية مسؤولي الكنيسة العليا، وراهبتين سوداويتي الشعر كانتا تعرفان باسم الغرابين- كانتا تقومان بإمداد البلاط بالصوفيين.
وكان للأسرة الملكية الروسية في الماضي تقليد استقبال الرجال المقدسين من أجل مناشدة تدخلهم بعدة طرق.
خصوصا تلك التي تؤمن مولد ذكر يرث عرش روسيا، وسجل الإمبراطور نيقولا الثاني في مذكراته اللقاء الأول بـ راسبوتين في 14 من نوفمبر العام 1905قائلا: تعرفنا على غريغوري، رجل الرب، من أبراشية توبولساك، وبنجاح راسبوتين المعهود مع النساء، ترك انطباعا عميقا لدى الإمبراطورة «ألكسندرا فيودوروفونا». إذ اقتنعت تماما بقدراته حين استطاع بإعجاز أن يخفف من المعاناة والنزيف الذي أصاب «أليكسيس نيكوليافبتش»، وريث عرش روسيا المريض بسيلان الدم.
ولم يمض وقت طويل... منذ أثبت راسبوتين قوته الخارقة لـ«ألكسندرا»، حتى أصبح عشيقها، ومستشارها الشخصي المؤتمن على أسرارها، يزورها في القصر في موعد أسبوعي محدد، وبسبب ضعف شخصية نيقولا الثاني اتخذ من راسبوتين جليساً ومستشاراً، وأصبح كل ما ينطق به جلالته, وما يسنه من قوانين مبعثه أفكار تدور في خلد ذلك الكاهن الدخيل راسبوتين... الذي تحول من سائس العربات ومروض الخيول، إلى سائس للبلاد يشد اللجام ويرخيه حسب إرادته.
حياة تؤدي إلى المنفى
أما إقامة راسبوتين في «بطرسبرغ»... فجرفته في تيار البحث عن الملذات، غير عابئ بحرمة ثوبه الجليل، وازدادت شهرة راسبوتين، ونجح في جذب المزيد من الأنصار من جميع الطوائف الاجتماعية. وقد تطوع هؤلاء البلهاء - كما كان يطلق عليهم - لارتكاب الخطيئة من أجل التطهر من «آثامهم»... مع رجل بدوا عاجزين أمام جاذبيته، حتى انتشرت علاقة راسبوتين بإمبراطورة روسيا «ألكسندرا»، وخلواتها به باتت على كل لسان.
وأشار البعض أن السبب في تساهل نيقولا الثاني في عقاب راسبوتين، واكتفائه بنفيه إلى أحد الأقاليم النائية يعود إلى ثقة نيقولا أن راسبوتين... سيبقى مواظباً على صلواته التي تبعد شبح الموت الحائم فوق سرير ولي العهد.
تحالف الأعداء
وكان اثنان من أنصار راسبوتين السابقين هما راهب يميني متعصب يدعى «ليودور»، و«هيرموجان» أسقف «ساراتوف»، على اقتناع تام بأن راسبوتين ما هو إلا تجسيد للشيطان.
وفي العام 1911... استدرجاه إلى طابق سفلي حيث اتهماه باستخدام قوى الشيطان للقيام بمعجزاته وضرباه بصليب.
وأبلغ راسبوتين الإمبراطورة ألكسندرا بالواقعة، وادعى أنهما حاولا قتله، ومن ثم تم نفي الرجلين.
وفي 27 من يونيو العام 1914... عاد راسبوتين إلى قريته في سيبريا، وفي اليوم التالي تلقى برقية.
وبينما كان في طريقه لإرسال الرد هاجمته عاهرة سابقة مشوهة مجدوعة الأنف، تدعى «شيونيا جاسيايا»، بوحشية مستخدمة سكينا، دفعها «ليودور» لقتله.
وبينما كان راسبوتين يتعافي في المستشفي من الطعنات التي أوصى بها «ليودور»، كان القيصر نيقولا الثاني يحشد قواته استعدادا للحرب العالمية الأولى، التي جلبت كارثة على وطنه... حيث فقد أكثر من 4 ملايين روسي أرواحهم.
وبعودة راسبوتين إلى سان بطرسبرغ - مع غياب الإمبراطور - استطاع راسبوتين اكتساب المزيد والمزيد من القوى السياسية، وساهم في تعيين وطرد الوزراء.
وبنفوذه الطاغي على القرارات السياسية... زاد اللوم الموجه للراهب السيبيري على المشاكل التي عانت منها البلاد، حتى إن مدينة سان بطرسبرغ أصبحت تعرف باسم «مدينة إبليس».
تنبؤ راسبوتين
ومع اندلاع ثورة البلاشفة ضد النظام الإمبراطوري بروسيا... جاء وقت تصفية الحسابات، وفي ديسمبر العام 1916... كتب راسبوتين خطابا لـ نيقولا الثاني يقول فيه: «أكتب رسالتي هذه لأتركها برهاناً لي في مدينة القسيس بطرسبرغ، وإني لأشعر أني مفارق هذه الحياة، قبل اليوم الأول من شهر يناير المقبل، وأتمني أن يدرك كل الشعب الروسي، وجميع الأطفال الروس والتراب الروسي العطر، ما يجب أن يدركوه؛ إذا ما قتلني إخوتي من فلاحي روسيا، فلا خوف عليك أيها القيصر، وسيبقى عرشك حاكماً، ويا أيها القيصر لا تخش على أطفالك شيئاً، فإن لهم حكم روسيا لمئات السنين.
ولكن إذا اغتالني أفراد العائلة المالكة والنبلاء، وأهدروا دمي، فسوف تظل أيديهم ملطخة بدمي، ولن تغسلها السنوات الخمس والعشرون المقبلة، ولسوف يَهْجرون ويُهَجّرون من روسيا، تاركين الأخ يقتل أخاه، ولن يكون للنبلاء مكان في البلاد لخمس وعشرين سنة مقبلة.
يا قيصر الأرض الروسية: «إذا ما سمعت مناديا ينبئك بمقتلي فعليك أن تعرف التالي: إن كان قاتلي من أهلك، فلن يبق منك ومن ذريتك أحد حيا، في سنتين بعد موتي، وسيكون قاتلك شعبك الروسي. إنني أرحل وفي داخلي أمر إلهي أن أخبر القيصر الروسي بالذي عليه فعله بعد رحيلي. توخّ الحكمة فيما أنت فاعل ومقدم عليه، وترقب صدى ذلك في نفوس رعاياك. عليك بسلامتك، وأخبر من حولك من الأقرباء، أني أشاطرهم بقاءهم بدمي. إنني مغادر الدنيا، ولم أعد من أحيائها فصل لأجلي. صل وكن قويا، واعتن بعائلتك المباركة».
تحقق النبوءة
كانت عائلة يوسوبوف... إحدى أغنى العائلات في روسيا، وكان غناهم الفاحش هذا سبب شعورهم بخطر مركز راسبوتين... الذي كان يقوى أكثر فأكثر، وفي ليلة السادس عشر من ديسمبر العام 1916دعا... يوسوبوف راسبوتين إلى قصر مويكا بحجة أن «إيرينا» التي يشاع عنها أنها أجمل امرأة في سان بطرسبرغ تريد مقابلته.
وبينما كان ينتظر ظهورها، قدم رجل لـ راسبوتين كعكا وخمرا مدسوسا فيهما سم مميت، وقد أصيب المتآمر بالهلع لما بدا من حصانة راسبوتين ضد السم.
ولم يستطع يوسوبوف السيطرة على نفسه... فنزع مسدسه وأطلق النيران على راسبوتين، وبصعوبة بالغة ترنح راسبوتين خارجا إلى ساحة القصر... حيث كان النبيلان بفالوفيتش وفلاديمير بوروسكافيتش، يستعدان للمغادرة.
فأطلق «بوروسكافيتش» النيران ثانية على راسبوتين المترنح، وضرباه بهراوة وقيداه قبل أن يلقيا بجسده في نهر «نيفا».
وعندما تم العثور على الجثة بعد يومين دل تشريحها الذي كشف عن وجود مياه في الرئتين أن راسبوتين كان لايزال حيا... عندما ألقي به في النهر. وكانت نهاية راسبوتين علامة على بداية النهاية للإمبراطور نيقولا الثاني والإمبراطورة «ألكسندرا».
فبعد 10 أسابيع فقط من وفاته، أطاحت الثورة الروسية التي اندلعت عام 1917... بأخر جيل من سلالة النبلاء . وبعد مرور19 شهرا على مقتله، أعدم إمبراطور روسيا وعائلته بأيدي الثوار البلشفيين في مذبحة جماعية . وقام الناس خلال ثورة فبراير عام ألف وتسعمئة وسبعة عشر بإخراج جثة راسبوتين وحرقها.
ويبقى السؤال مطروحاً
حتى الآن مازال السؤال مطروحا، هل كان راسبوتين معجزة حقيقية، أم مجرد نصاب بارع؟
تقول إحدى النظريات المتعلقة بقدرة راسبوتين على وقف النزيف الذي أصيب به «أليكسيس» ولي عهد العرش الروسي، بأنه استخدم التنويم المغناطيسي لإبطاء النبض، ومن ثم تقليل القوة التي تدفع الدم إلى الدوران في جسده.
كما تداول البعض حقيقة أن راسبوتين لم يتأثر بالسم الذي دسه له قتلته نتيجة التهاب مزمن في معدته، وهي حالة تنم عن الإفراط في الشراب وربما تعني أن السم المدسوس لم يكن فتاكا.
لذلك يمكن تفسير كل القصص الخرافية التي تم نسجها من حوله فقد تكون نبوءة مقتله نوعا من أنواع التهديد لـ نيقولا الثاني والنبلاء حتى يتقي شرورهم، كما أن إيمان المجتمع الروسي بالخرافات وتحضير الأرواح وغيرها من أمور الدجل، سهل على راسبوتين مهمته في الإيحاء لهم بمدى قدرته فقليل من الذكاء يستطيع أن يوقع بالجهلاء.
أقوال لا تنسى
ومن بعض أقوال راسبوتين المأثورة:
- البحر شاسع ... ولكن الضمير أكثر عمقاً... الضمير الإنسانىّ لا حدود له... وكلّ فلاسفة العالم مجتمعون... لن يستطيعوا فهمه.
- لماذا توجد اليوم كل هذه الديانات؟ لأنّ الكنائس فارقتها الأرواح... وليس فيها سوى الموتى... لهذا نشعر بصمت ورهبة الكنائس.
- الصدق... كالموجة على سطح الماء ... وإذا ما هدأت أمواج البحر وسكنت... فالصدق لا يستكين ويهدأ إلاّ بمَكرُمة.
- الإيمان يُزه.رُ على الحقّ دون ربيع.
-لستُ ذاك الذي يشفي من الأمراض... بل هوالله القادر على كلّ شيء.
-آهٍ من هذا النور... كم أرغب في أن أتمكن من الاقتراب منه ولمسه
إنه نجمة... نجمة تنزلق على انعكاسات المياه... ها قد أصبح سواد السماء أزرق...
آهٍ من القديسة العذراء... آهٍ يا مريم... يا سيدتي ذات الرداء الأزرق والأبيض.
- لقد جئتُ هذه الليلة الأخيرة إلى هذه المدينة الميتة لكي تأخذيني.
- أنت التي كنت محقة... أنت أم جميع الأمهات... لم أطعك كما يجب... لم أعد أشعر بشيء.
- نعم خذيني إلى البحر القريب... هناك إلى الشمال... ارفعيني إليك يا مريم ...
لكي أتمكن أخيراً من تقبيل أهداب ثوبك الأزرق... وأسألك الغفران.