الصحف المتخصصة والشبكة العنكبوتية تمتلئ بالإعلانات... والأسعار «ولّعت»

رمضان «يشعل» سوق الخادمات

1 يناير 1970 08:13 ص
سعر الخادمة الجديدة 880 ديناراً... فيما المتنازل عنها تصل اليوم إلى 1400

في بعض الحالات يتحول «التنازل» إلى مزاد بين المتنافسين للفوز بالخادمة

«بوعبدالله» يبيع الخادمة بـ1100 دينار لأنها دخلت دورة طهي وأصبحت «فل أوبشن»

المواطن مستعد لغض النظر عما لا يعجبه ويدفع أكثر لإيجاد خادمة خلال رمضان

التجار «شفطوا» المسترجعات من السوق و أرباحهم تصل إلى 800 دينار على العاملة

تاجر يستقدم خادمات ويدربهن على الطبخ الكويتي ثم يعرضهن للبيع بأسعار كبيرة

وقف «الهند» إرسال عمالتها أثّر على السوق.. وتكلفة الفيليبينية بين 880 و1200 دينار

السيلانية الأغلى تكلفة بـ1400 دينار وتصل بعد شهر ونصف الشهر
لأن وجودها فيه رئيسي نظراً للأعباء الكبيرة والأعمال التي لا تحصى، فإن الخادمة في شهر رمضان المبارك تصبح عند المواطنين «العزيزة الغالية»، ومن غلاها يرتفع سعرها، وتصبح «عملة نادرة» ويغالي بالتنازل عنها غير المحتاجين، في ظل النقص الذي يشهده السوق من الخدم.

فمع اقتراب شهر رمضان المبارك، وما يترتب عليه من أعمال كثيرة في البيت تقتضي وجود الخادمة بشكل أساسي، لأن ربات البيوت لايمكنهن انجاز كل تلك المتطلبات، واعداد قائمة الطعام الرمضاني لوحدهن، بسبب الصيام والتعب والوظيفة او الدراسة، يأتي دور الخادمة التي تصبح في هذا الشهر بالذات ضرورة ملحة وجوهرة لا يمكن التفريط بها، ولاعزاء لربات المنازل ممن ليس لديهن خادمة في المنزل، واللاتي بكل تأكيد سيزداد الضغط والتوتر النفسي عليهن خلال هذه الفترة.

ولأن طلب خادمة جديدة من المكتب المتخصص لن يكون مجديا مع قصر الفترة، التي لا يستطيع المكتب إحضارها فيها قبل شهرين على الأقل، ما يعني حكما التوجه نحو الإعلانات بحثا عن الخادمة، لتزدهر تجارة الخادمات، حتى وصل سعر «التنازل» إلى نحو 1400 دينار، بغض النظر عما إذا كانت عاملة جديدة او قديمة، بل ان أي اعلان يتم نشره في المواقع الاعلانية الالكترونية في شأن التنازل عن خادمة مهما كان مبلغها سيجد زبونا سريعا، وفي بعض الاحيان تصل الى مرحلة المزايدة كالمزادات لإغراء المتنازل من خلال تقديم السعر الاعلى، فتتحول الخادمة إلى سلعة تنباع وتشترى.

«الراي» قامت بجولة ميدانية في أحد المجمعات التجارية في منطقة حولي التي تضم عددا كبيرا من مكاتب استقدام العمالة المنزلية، حيث خيم الهدوء على تلك المكاتب بشكل لافت، فيما كانت في الماضي تمتلئ بالعمالة المسترجعة التي كان يفضل ارباب وربات المنازل في السابق تقديم طلب استقدام وانتظار شهرين للحصول على عاملة جديدة، على ان يستعينوا بأي عاملة مسترجعة ايمانا منهم ان تلك العاملة تعاني من مشاكل، والا لم تم استرجاعها للمكتب.

بسؤال العاملين في بعض المكاتب عن سبب الهدوء، أرجعوا عدم وجود أي عمالة مسترجعة أو قادمة في الطريق في القريب العاجل الى ما وصفوه من «تنشيف» رمضان لكل العمالة الموجودة في سوق العمل، وخصوصا ان اكبر بلد مصدر للعمالة المنزلية وهو الهند توقفت منذ سنة تقريبا من ارسال عمالتها الى الكويت، فكان له تأثير ايضا، لافتين إلى ان طلبات استقدام العمالة الجديدة ستأخذ وقتا يمتد ما بين شهر ونصف الشهر وثلاثة اشهر على حسب جنسية العاملة.

واكدوا ان الكثير من الباحثين عن «الخدم» خلال هذه الفترة مستعدون لأن يدفعوا اكثر مما هو معتاد لايجاد الخادمة خلال هذه الفترة، ومستعدون أيضا لغض النظر عن كل ما لا يعجبهم عادة في العاملة، معتبرين في الوقت نفسه ان استعداد المواطن لدفع مبلغ 1400 دينار للمتنازل عن خادمة، في حين ان العاملة الجديدة يمكن استقدامها بـ880 دينارا، ما يشير إلى ازدهار تجارة التنازل حاليا.

واشار عمال المكاتب إلى ان أسعار استقدام خادمة جديدة تختلف وتتفاوت على حسب المدة والجنسية والديانة، فعلى سبيل المثال، تتراوح تكلفة استقدام خادمة فيليبينية عادة في اغلب المكاتب ما بين 880 و1200 دينار، ويستغرق وصولها من شهرين الى شهرين ونصف الشهر، ويبلغ فرق السعر بين الخادمة الفيليبينية المسلمة وغير المسلمة نحو 100 الى 150 دينارا، وفي المقابل تعتبر الخادمة السيلانية حاليا الأغلى تكلفة، وتتراوح تكلفة استقدامها ما بين 1000 و1400 دينار، وذلك لعدة عوامل، أهمها وجود طلب كبير على هذه العمالة، وايضا ان مدة استقدامها لا تتجاوز الشهر والنصف، كما ان القوانين المعمول بها في سيرلانكا المتعلقة بتصدير العمالة تتطلب دفع مرتبات اربعة أشهر مقدما قبل وصول الخادمة الى الكويت.

وعلى احد الأبواب الجانبية المؤدية الى الساحة الخارجية للمجمع، التقت «الراي» مع أحد العاملين في مكاتب استقدام العمالة منذ 16 سنة، ويدعى ابو أيمن حيث كان يقرأ احدى الصحف الإعلانية ويدخن سيجارته، فتحدث عن ظاهرة جديدة بدأت تنتشر في الآونة الاخيرة والمتمثلة بظهور سوق جديد لاستقدام العمالة يديره بعض ممن وصفهم بـ«تجار البشر» الذين يبحثون عن الربح السريع على حساب هذه العمالة من خلال استغلال هذا الشهر الفضيل، وأوضح ان هناك بعض المواطنين يقومون بعملية استقدام العمالة من الخارج من دون الاستعانة بالمكاتب، وذلك عن طريق التعاقد مع أشخاص مختصين في هذا المجال ويعملون في الأصل في بعض مكاتب الاستقدام، حيث يتم اعطاؤهم مبالغ تتراوح ما بين 100 و200 دينار من اجل إنهاء معاملات الخارجية للخادمات اللاتي يتم التواصل معهن من خلال أقاربهن الموجودين في الكويت، وخصوصا الفيليبينيات منهن، لافتا إلى ان سعر استقدام الخادمات اللاتي يتم جلبهن بطريقة ملتوية على القانون وبهدف المتاجرة بهن يتراوح مابين 500 و650 دينارا شاملا العمولات المدفوعة للوسطاء.

وقال أبو أيمن ان هؤلاء التجار يقومون بطلب استقدام لأكبر عدد من الخادمات، وبعد وصولهن الى الكويت يتم إنهاء كل الإجراءات المتعلقة بالإقامة، ومن ثم يتم احتكارهن لمدة معينة من الزمن مرتبطة بشكل مباشر بوضع السوق، حتى يتم تحقيق أكبر قدر من الفائدة المالية من وراء بيعهن، فتتراوح نسبة الأرباح التي يحققها هؤلاء التجار ما بين 600 و800 دينار، موكدا في الوقت نفسه ان «الخادمات» اللاتي يبحثن عن لقمة العيش لا يعرفن بالأصل بأنهن جئن للكويت نتيجة عملية اتجار بالبشر،لان العملية تمت عن طريق التواصل ومعرفة اقربائهن في الكويت.

ولفت ابو أيمن الى ان هؤلاء التجار قاموا خلال الفترة الماضية بخطوة جديدة تتمثل بـ«شفط» اي خادمة مسترجعة من السوق، بهدف توسيع أرباحهم واحكام السيطرة على السوق، وخصوصا قبل شهر رمضان. وذكر أن احد هؤلاء الأشخاص يدعى «ابو عبدالله» عرض على نفس المكتب الذي اخذ منه الخادمة قبل شهر بمبلغ 800 دينار لإعادة بيعها عليه من جديد بمبلغ 1100 دينار، مضيفا «حين سألنا عن سبب زيادة سعرها، قال لنا بانه قام بإدخال الخادمة دورات في فنون الطبخ وأنها أصبحت اليوم (فل اوبشن) جاهزة لمزاولة عملها بإتقان ومهارة، ما يجعلها خادمة مرغوبة جدا في رمضان».

وتابع «بو عبدالله اشتهر في الفترة الماضية في مواقع الإعلانات الالكترونية باستقدام العمالة من الخارج على حسابه الشخصي، ومن ثم يقوم بتعليم الخادمة بعض الطبخات الكويتية وإدخالهن ايضا دورة في فن الطهي قيمتها 30 دينارا، ومن ثم يقوم بعرضها في مواقع التواصل الاجتماعي تحت توصيف مميزاتها وقدراتها بشكل يوحي بأنه يقوم ببيع سيارة وليست آدمية من لحم ودم!»

خادمة أم سيّارة؟!



كما استطلعت «الراي» وضع مكاتب الخدم، أبحرت في مواقع التواصل وعلى الشبكة العنكبوتية لترصد ظاهرة بيع الخدم، فوجدت «المضحك والمبكي» في ذلك، من خلال طريقة عرض المعلومات الخاصة بهؤلاء الخدم وأسباب التنازل عنهم، وكأنهم سلع وليسوا بشرا، مثل «ماعندها لسان ولاترادد» و«مو قرقه بالتلفون» و«تقولك كل اخبار اليهال بالتفصيل الممل»، وايضا التنازل عن خدامة بداعي السفر وكأنه اعلان بيع سيارة.