عون نزل شخصياً إلى «الأرض» لتحفيز ناخبي جونية

انتخابات جبل لبنان اليوم: تحديد الأحجام مسيحياً واختبارٌ للمزاج الشيعي

1 يناير 1970 12:25 م
هل تقفل دارة شمعون في دير القمر؟

الشويفات ستشهد مواجهة جنبلاطية - أرسلانية مع حرص الطرفين على عدم تحويل التنافس إلى «تسخين انتخابي»
تُفتح صناديق الاقتراع في محافظة جبل لبنان اليوم في الجولة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية حيث يتوجّه 834768 ناخباً الى صناديق الاقتراع لاختيار 325 مجلساً بلدياً (تتشكّل من 3669 عضواً) و767 مختاراً، سينضمّون الى المجالس المحلية التي أفرزتها الانتخابات في بيروت والبقاع الأحد الماضي، تمهيداً لاستكمال المرحلتين الأخيرتيْن اللتين تجريان في الجنوب في 22 الجاري ثم الشمال في 29 منه.

وتجري الانتخابات في جبل لبنان على وقع استعادة المشهد الداخلي مناخ الاستقطاب الحاد على خلفية سقوط القيادي الكبير في «حزب الله» مصطفى بدر الدين في دمشق واتهام الحزب «المجموعات التكفيرية» بالوقوف وراء القصف الذي أدى الى مقتله مع ما يعنيه ذلك من تصويب ضمني على الدول الخليجية الداعمة للثورة السورية ولا سيما السعودية التي علت هتافات «الموت» ضدّها خلال تشييع بدر الدين (اول من امس)، وصولاً الى ما أحدثه هذا التطور من «غليان» على مواقع التواصل الاجتماعي التي انقسمت بين مناصري «حزب الله» الذين رثوا «القائد الكبير الشهيد»، وبين مؤيدي «تيار المستقبل» خصوصاً الذين اعتبروا «ان العدالة الالهية تحققت» وان بدر الدين «قاتل وإرهابي» في اشارة الى اتهامه باغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري.

وتتجه الأنظار تبعاً لذلك الى المشهد الذي ستعيشه الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم والى مآل المعارك التي ستشهدها وسط تقديرات بان اغتيال بدر الدين قد يساهم في «فرْملة» الاندفاعة التي سادت بعض الأوساط الشيعية لخوض معارك غير مسبوقة بوجه لوائح «حزب الله» وحليفته حركة «امل» وتحديداً في الغبيري (مسقط بدر الدين) وبرج البراجنة (تم تشكيل لائحة من العائلات تضم 5 نساء) وحارة حريك وإن بلوائح غالبيتها غير مكتملة، او أقلّه سيؤدي الى «شدّ عصَب» جمهور الحزب وذلك بعدما كانت نتائج انتخابات بعلبك خصوصاً يوم الأحد الماضي فتحت شهية معارضي الحزب او المعترضين على أدائه على خوض منازلات ضده في «عقر داره» الثاني (الضاحية).

وتتعاطى دوائر سياسية باهتمام بالغ امام انتخابات الضاحية باعتبار انها ستشكّل مؤشراً جديداً الى المزاج الشيعي حيال خيارات «حزب الله» ولا سيما انخراطه العسكري في معارك في ساحات عدة، علماً ان اوساطاً تصف اللوائح التي شُكلت بوجهه بأنها بمثابة «بيروت مدينتي» التي وقفت ضد لائحة تحالف الأحزاب الكبرى في العاصمة وفجّرت مفاجأة كبرى باستقطابها نحو 40 في المئة من الأصوات رغم خسارتها الكاملة.

وفي موازاة الاهتمام بالانتخابات في معقل «حزب الله»، الذي كان له في الأعوام الثلاثة الأخيرة «حصة الأسد» من التفجيرات التي نفذتها المجموعات الارهابية رداً على مشاركته في الحرب السورية، فان الأنظار تشخص في جبل لبنان، الذي يضمّ 6 أقضية هي بعبدا، عاليه، الشوف، كسروان، جبيل والمتن والذي كان شكّل قلب إمارة جبل لبنان قبل الاستقلال، الى مجموعة مناطق باعتبارها ستحمل أبعاداً سياسية تحدّد الأحجام في هذه المحافظة التي يطفى عليها العنصر المسيحي والتي تتداخل فيها الطوائف في مناطق عدة ولا سيما الشوف وعاليه (درزياً ومسيحياً، ودرزياً وسنياً).

ويمكن تقسيم خريطة الانتخابات في جبل لبنان كالآتي:

في المقلب المسيحي، تتجه الأنظار الى مجموعة معارك ستشكّل اختباراً جديداً للتحالف المستجدّ بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» والذي كان شق طريقه بثبات منذ ترشيح سمير جعجع للعماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية.

واذا كانت «القوات» و«التيار» سيخوضان مواجهات «كتفاً الى كتف» في بعض المناطق، فانهما سيتواجهان في مناطق أخرى من ضمن توافق على ألا يؤثر ذلك في ما يعتبرانه «التفاهم الاستراتيجي» بينهما، وإن كانت اوساط سياسية تعتبر ان «المنازلات» التي سيتواجه فيها الفريقان ستسمح برسم صورة دقيقة لحجم كل منهما الشعبي على ان يشكّل ذلك معياراً لتوزيع المقاعد بينهما في اللوائح التي يرجح ان يخوضا عبرها الانتخابات النيابية المقبلة في «خندق واحد».

وفي هذا السياق تُعتبر معركة جونية ذات رمزية خاصة، باعتبارها عاصمة قضاء كسروان الذي يشكّل «قلعة الموارنة» ومقر البطريركية، علماً ان بلدية جونية غالباً ما شكّلت «بيضة القبان» لتحديد مراكز النفوذ سياسياً. ومن هنا تشكّل المنازلة فيها اليوم ما يشبه «معركة المصير» للعماد ميشال عون الذي يمثّل كسروان في البرلمان ومعه 4 نواب موارنة آخرين من تكتله، وهذا ما فسّر نزوله شخصياً مساء امس الى الأرض لتحفيز الناخبين بكلمة استنهاضية.

ويدعم عون ومعه حزبا «الكتائب» و«الوطنيين الاحرار» لائحة جوان حبيش، فيما تؤيّد «القوات اللبنانية» لائحة فؤاد البواري المدعومة ايضاً من النائبين السابقين منصور غانم البون وفريد هيكل الخازن ورئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمة افرام.

وفيما يتواجه «التيار الحر» و«القوات» في منطقة الحدث، فإنهما متحالفان في الحازمية، كما يخوضان معركة شرسة في سن الفيل بوجه لائحة مدعومة من النائب ميشال المر وحزب الكتائب، وأخرى في انطلياس – النقاش بوجه لائحة من العائلات.

ويشكّل تحالف «القوات» و«التيار الحر» في منطقة دير القمر (الشوف) محط أنظار لرصد نتائج «الموْقعة» التي سيخوضانها (لانتخاب مجلس بلدي من 18 عضواً مسيحياً) في معقل «الزعامة الشمعونية» بلائحة تنافس التي يدعمها النائب دوري كميل شمعون والوزير السابق ناجي البستاني. وتحضر السياسية بقوة في هذه المواجهة التي تدور في السياسة باعتبار ان شمعون معارض بقوة لترشيح جعجع لعون ورفع الصوت بوجه «مَن قسّمانا لفترة طويلة ويريدان ان يتقاسمانا بتوافقهما»، كما انه يخوض معركة تثبيت زعامة آل شمعون في دير القمر التي أنشئت فيها أول بلدية في لبنان في منتصف القرن الثامن عشر (1864)، عندما كانت عاصمة الأمراء الذين تعاقبوا على حكم جبل لبنان. علماً ان موقف النائب وليد جنبلاط من انتخابات هذه المنطقة يرواح بين كونه على الحياد وبين انه يقف مع لائحة «القوات» التيار كما تشير مصادر شمعون.

واذا كانت الانتخابات في اقليم الخروب (المتداخل سنياً ودرزياً) رست بالتفاهم بين جنبلاط والرئيس سعد الحريري على التفاهم حيث أمكن وترك الحرية للناخبين في مناطق المواجهات العائلية مع رفْض ترك المجال لأي إشكالات او أعمال «ثأر انتخابي» على خلفية تعرّض لائحة «البيارتة» (المدوعة من الحريري والاحزاب) للتشطيب من ناخبين دروز في بيروت، فان منطقة الشويفات (عاليه) ستشهد مواجهة بين لائحة يدعمها جنبلاط وأخرى يدعمها النائب طلال أرسلان (الشويفات مركز نفوذه) مع حرص الطرفين على عدم تحويل التنافس إلى تسخين انتخابي، علماً انه في مجمل قضاء عاليه تغلب التوافقات وكذلك في الشوف الذي يشكّل الاختبار الاول لتيمور وليد جنبلاط قبيل تسلمه «راية» النيابة عن والده الذي حسم قراره اعتزال الندوة البرلمانية.