راجح سعد البوص / حكمة اليوم / جريمة وزير الصحة ... وأم عبد الرحمن

1 يناير 1970 07:04 ص
الحقيبة الوزارية لها نشوة غالباً ما تنسي الوزير الأولويات الإصلاحية في وزارته، إذا ما قلنا إن الواسطات والضغوط النيابية أيضاً هي الركن الأساسي في ضياع وزارة الوزير، ولا عزاء للمواطن الذي أصبح ضحية الواسطات الاجتماعية والتنفيع الحكومي للقطاعات الخاصة والتغاضي عن جرائم هذه القطاعات، حتى ولو كان الضحية المواطن.
أعتقد أنه لا يخفى على عاقل منا تخبط المستشفيات الخاصة التي يملكها أشخاص ظل غياب الدور الرقابي لوزارة الصحة لهذه المستشفيات، أو إذا قلنا إنهم لا يستطيعون عليها بسبب الواسطات اللعينة ولا حول ولا قوة إلا بالله، فأصبح جل اهتمامهم أموال المريض، مستغلين بذلك ضعفه وحاجته، وهذا ما حصل بالفعل للأخت الفاضلة أم عبدالرحمن الحافظة لكتاب الله. أم عبد الرحمن أم لأربعة أطفال، وهي حامل بالطفل الخامس تنتظره بفارغ من الصبر، وهي لا تشتكي من أي مرض سوى «سكري الحمل». ذهبت هي وزوجها إلى أحد المستشفيات الخاصة لتضع جنينها المرتقب تحت شوق الأبوين وفرحة الأبناء بقدوم الخامس. دخلت أم عبدالرحمن المستشفى بعد صلاة التراويح برفقة زوجها، طلبت إدارة المستشفى من الزوج بأن يدفع دفعة تحت الحساب... على أن الولادة طبيعية، ذهب الزوج إلى بيته بعد أن اطمأن على زوجته وأنها على ما يرام وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل والزوج ينتظر هو وأولاده الصغار خبر المولود الجديد فإذا بهاتفه النقال يرن من؟ فإذا به المستشفى يقول: تعال بسرعة زوجتك في خطر؟ كتم الزوج أنفاسه واسترجع وخرج على صراخ أطفاله: بابا إلى أين؟ وتوجه الى المستشفى ليفاجأ أنهم ومن دون علمه ولا حتى توقيعه قد عملوا عملية «قيصرية» وبخطأ ما حصل نزيف لأم عبد الرحمن، والآن نريد أن نستأصل الرحم فقال الزوج في لحظة ضعف: إنا لله وإنا إليه راجعون، افعلوا ماترونه مناسباً المهم أم عبد الرحمن، تم استئصال الرحم وبخطأ ما أيضاً زاد النزيف وساءت حالة الزوجة، فأصبح الزوج في حالة لا يُحسد عليها وأصبح المسكين لا يرقأ له دمع ولا يكتحل بنوم يسأل الله لها الشفاء والعافية، وللأسف وهو في هذه الحالة النفسية الصعبة تفاجأ بأن المستشفى يطالبه بصورة مموجة خالية من الإنسانية بدفع تكاليف العمليات والعناية التي حظيت بها المريضة والتي بلغت أرقاماً عالية. يقول الزوج فاستلفت المبلغ لعل وعسى أن تحظى بعناية أكبر وتتجاوز مرحلة الخطر، وبعد تسلمهم المبلغ بيوم نقلوها الى مستشفى حكومي بسرعة من غير علمه أيضاً، وهي في غيبوبة تامة لإخلاء مسؤوليتهم. ثم يكمل الزوج حديثه فيقول: ثم حدث ما لم يدر بالحسبان استقبلنا مولوداً جديداً في غياب أم عبدالرحمن (رحمها الله رحمة واسعة). نعم لقد اختارها الله لأن تكون ضيفته في هذا الشهر الفضيل. فهنيئاً لها وعظم الله أجركم في مصابكم.
السيد وزير الصحة من ينصف أم عبدالرحمن وزوجها من هذه الجريمة النكراء التي أقل ما يعمل فيها توقيف المستشفى، والتأكد من شهادات العاملين فيه واتخاذ أشد العقوبات لحفظ كرامة المواطن التي أصبحت مهدرة ولا قيمة لها.
حضرة السيد الوزير إن تمرير هذه الجريمة والسكوت عنها والرضوخ للواسطات والتبريرات خيانة للكويت وأهلها، أو ربما نالك شيء من دعوات الأطفال الصغار الذين فقدوا والدتهم الحنون مع بداية العام الدراسي.
حكمة اليوم
قال (صلى الله عليه وسلم): «إذا أُسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة».
راجح سعد البوص
كاتب وأكاديمي كويتي
[email protected]