ضوء

فلسطين في القلب

1 يناير 1970 01:26 ص
لماذا غابت أو غيّبت فلسطين عن الوعي العربي؟ هل هو التغييب المتعمد من قبل أغلب الأنظمة العربية؟ بعد أن كان الشعب العربي يحمل معاناة الشعب الفلسطيني في عقله وقلبه، لكنهم الآن استطاعوا أن يخلقوا جيلا عربيا جديدا لا يعير الاهتمام للقضية، على الرغم من ان أغلب الجماهير العربية تعي حقيقة محاولة أميركا والصهيونية تغييب القضية الفلسطينية المتعمد والتركيز على «داعش» والإرهاب الذي صنعوه، وراهنوا على نسيان الشعب الفلسطيني لقضيته مع الوقت، وها هو يثبت في الانتفاضة تلو الأخرى إنه شعب الجبارين، لا ينسى ولا يساوم، الدماء تسيل وقوافل الشهداء من الشباب الغض تسير، حتى وصل عدد شهداء انتفاضة الأقصى وحدها إلى أكثر من 200، وعلى القيادات الفلسطينية والعربية أن تعرف قيمة هذه الدماء الطاهرة لكي لا تذهب سدى، وتبقى فلسطين دوما في القلب مهما فعل الصهاينة، والعالم كله يعلم إنه لا يمكن أن يحل السلام على العالم أجمع من دون دحر المحتل والتوصل إلى حل منصف وعادل للقضية الفلسطينية. النظرية الأميركية التي وضعها كسينجر تقول: على أميركا ألا تحل أية مشكلة عالمية، بل تجعلها تنزف لكي تستغلها لمصلحتها القومية، وعلى العرب أن يدركوا أن أميركا لن تحل القضية الفلسطينية، وإن الصهيونية العالمية أشعلت الحروب الأهلية في العراق وسورية وليبيا واليمن، من أجل تغييب القضية الفلسطينية عن القلوب والعقول، ولكي يستمر المحتل في التنكيل بشعبنا الفلسطيني بلا رادع ليطول أمد الاحتلال، ويعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بكل صلافة، انه يرفض دعوة فرنسا إلى عقد مؤتمر للسلام بعد أن كانوا يستجدون السلام، وعلانية يصرح بإنه لن يسلم القيادة الفلسطينية حتى دونم واحد من الأرض، بل يتوسع في سرقة الأرض وبناء المستوطنات، حتى بلغ عدد المستوطنين الصهاينة في ديسمبر 2015 إلى 750 ألف مستوطن في الضفة الغربية والقدس. والوضع الفلسطيني الداخلي ينحو إلى الأسوأ اقتصاديا وسياسيا، فالوضع المالي سيئ جدا، والوحدة بعيدة المنال بين الأشقاء، ويكفي أن نعلم إن المجلس الوطني اجتمع من عام 1964 حتى 1993، عشرين مرة، في حين إنه منذ عام 1993 حتى 2015 لم يجتمع إلا مرتين، والمجلس التشريعي انتهت ولايته 2010، وعدد الدول التي وافقت على رفع العلم الفلسطيني على منظمة الأمم المتحدة 119 دولة فقط عام 2015، في حين عدد الدول التي صوتت على إعلان فلسطين دولة مستقلة 138 دولة عام 2005، أي إن عدد الدول المتضامنة ينقص بدل من أن يزيد. وغزة المنكوبة والمحاصرة، وصمة العار في جبين العالم، ها هي الطائرات الصهيونية تدك البشر والحجر في 4 مايو 2016، ولا من محطة فضائية عربية تدين أو حتى تنقل الخبر! فماذا عسانا أن نقول في ظل استمرار إرهاب الكيان الصهيوني وقمعه وقتله لشعبنا الفلسطيني والعالم يتفرج؟ والثمن باهظ جدا، أتذكرون الأطفال الذين أصابهم رصاص الغدر وهم يلعبون مع أبيهم على شاطئ غزة؟ أتذكرون تلك الطفلة وهي تسقط موشحة بدمائها الطاهرة في بحر غزة؟ ها هم أطفال كالورد يتساقطون، وكل طفل يموت في سورية والعراق وأي أرض عربية هو امتداد للموت المجاني في فلسطين. فماذا عسانا أن نقول؟ هل نيأس؟ هل نصبح عاجزين حتى عن الكتابة؟ ماذا عسانا أن نقول؟

للجمر المكتوم تحت الرماد... لقلب الأم المتوشح ذاك السواد... مال رأس الطفلة صوب الأرض وقالت: الأرض لي... البحر لي... والسماء لي... يرى العوسج أشلاءنا المتناثرة ودماءنا المتطايرة ويصرخ: صامدون.

والوردة في تلك اللحظة تنتظر طلتنا البهية وضحكتنا الشقية...

تواصل الطفلة هذيانها: ها أني أبكي دم الأقصى، يوجعني دمع أمي... ودمي فداء أرضي... أحب الحياة لكن الموت يأخذني بغتة... أصرخ... أهذا قدري؟ أنا وحدي في موت بحر غزة.

تصحو الشمس من غيبتها السحيقة، وينهمر البحر حاملا عشقه في المراسي البعيدة، وتغني الريح أغنية السحب الأثيرة، فتلتهب الشمس ويهدر البحر وينتفض القلب، وبصوت واحد نسمع:

يا طفلتي لست وحدك، نحن معك، والحق معك، وكل الآمال فيك ولك.

بياض النرجس يخجل من أطرافك الناعمة، وسواد الليل الفاحم يطوق أهدابك الناعسة، وعيون النهار تستمد الضوء من روحك الزاهية... فتأهبي يا صغيرتي للانتفاضة.

صرخة من غزة فلسطين

القصف متواصل منذ الصباح ونحن في حالة رعب، والناس بلا مأوى أصلاً من جراء العدوان السابق، الوضع كارثي، أكثر من 70 ألف بيت مدمر، وأصحابها في العراء، لا ماء لا كهرباء لا دواء، الرعب يملأ القلوب... تعبنا نريد أن نحيا، قوافل الشهداء لا تتوقف، والأسرى يتعرضون للموت البطيء، والبيوت تدك، والأراضي تسرق، واليهود يتم استجلابهم من كل أصقاع الدنيا، والعربي في الغربة يعاني عذاب اللجوء، والأمم المتحدة مازالت تعبر عن قلقها! نصرخ بأعلى صوت: أيها العالم قف معنا ضد همجية المحتل وضد الحصار وضد دمنا المعروض في المزاد العلني.

[email protected]