الأشعة التداخلية... نحو جراحات بلا مشارط

1 يناير 1970 07:11 م
التقنية تمثل ثورة طبية حقيقية

مزيد من الانتصارات ضد أمراض تراوغ «رادارات» التشخيص والعلاج
يوماً بعد يوم، يشهد مجال الطب التشخيصي والعلاجي تطورات واكتشافات جديدة، ويعود الفضل في ذلك إلى دأب الباحثين الاختصاصيين حول العالم على استكشاف وغزو آفاق جديدة سعياً إلى الإسهام في تحقيق مزيد من الانتصارات ضد الأمراض التي ما زالت تراوغ «رادارات» التشخيص والعلاج، وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى لعب دور حيوي في تخفيف آلام البشرية جمعاء.

في هذا الإطار، تعتبر تقنية العلاج بالأشعة التداخلية ثورة علمية ضخمة على طريق التخلي عن الجراحة، إذ إنها ترتكز بشكل أساسي على تنفيذ إجراءات وعمليات جراحية دقيقة ومبسطة تحت تأثير التخدير الموضعي – أو التخدير العام أحياناً – وذلك عن طريق استخدام أنابيب وقساطر وأدوات خاصة يتم إدخالها إلى منطقة الاعتلال في الجسم من خلال الأوردة والشرايين أو غيرها بأقل قدر ممكن من الشقوق الجراحية.

والأمر الذي تتميز به عمليات الأشعة التداخلية هو كونها تتم بأسلوب غاية في الأمان، وذلك لأنها تجري في ضوء التنظير التصويري بالأشعة السينية أو الأشعة الرنينية (السونار)، كما أنه يتعين أن يكون أخصائي الأشعة التداخلية عالي التأهيل والتدريب ومتمكناً من الجمع بين المعرفة التشخيصية المتميزة لأسباب الأمراض ومراحله من جهة، وبين تمتعه بمهارات إجراء هذه العمليات الدقيقة. ومن هذا المنطلق، نستطيع القول إن أخصائي الأشعة التداخلية هو الأكثر كفاءة في توفير سبل العلاج وتطبيقها.

وهناك تطبيقات طبية مفيدة كثيرة لتقنية الأشعة التداخلية في تشخيص ومعالجة أمراض كثيرة من بينها أمراض الأوعية الدموية والكليتان والحبل الشوكي (العمود الفقري) والأورام والأمراض الكبدية الصفراوية والأمراض العصبية.

وعلى سبيل المثال، تتجلى منافع أحد تلك التطبيقات في معالجة مشكلات وإصابات العمود الفقري وتحديداً الحبل الشوكي. وقد أثبتت تقنية الأشعة التداخلية نجاحاً ملموساً في هذا المجال إلى درجة أنها أصبحت تشكل عنصراً واعداً في مجال معالجة تلك المشاكل بكفاءة عالية. وفي عدد من دول العالم المتقدم، أصبحت هذه التقنية تدخل في التعامل مع أكثر من 50 في المئة من إصابات العمود الفقري التي تتراوح بين البسيطة والصعبة.

لكن ينبغي التأكيد في الوقت ذاته على أن نشر هذه التقنية على نطاق أوسع يحتاج حتماً إلى بذل مجهود معتبر في سبيل التوعية بها وبمزاياها، إذ إن اكتشاف المرض مبكراً يساعد على سرعة معالجته والتخلص منه أو على الأقل كبح جماح تدهوره.

وفي هذا الإطار التوعوي، صدر حديثاً كتاب جديد من تأليف كاتب هذه الأسطر، وهو كتاب عن علاج مشاكل العمود الفقري من دون جراحة باستخدام تقنية الأشعة التداخلية، وهو متاح حالياً في أسواق خليجية، ويشتمل أيضاً على موضوعات تُعنى بأمراض العظام وكيفية التعامل معها ومعالجتها، إلى جانب عرض لبعض التمارين الرياضية التي تساعد مرضى العظام على التعايش والتكيف مع مشاكلهم.

وخلاصة القول هي أن تقنية الأشعة التداخلية تمثل ثورة طبية حقيقية، إذ إنها تبشر بأن زمن التدخل الجراحي بالمشارط قد أوشك على الرحيل ليفسح الطريق أمام حلول تشخيصية وعلاجية أكثر أماناً وأقل إيلاماً وأكثر كفاءة وفعالية.

* استشاري الأشعة التداخلية وعلاج آلام الظهر رئيس كلية الأشعة في معهد الكويت للاختصاصات الطبية