الأغذية المعدلة وراثيا... حل للمجاعة وعلاج للأمراض والسرطانات

1 يناير 1970 10:15 ص
| بقلم د. أحمد سامح |














بطاطا بها لقاحات تحمي من الأمراض والسرطانات

الزوابع التي تجتاح الغرب اليوم حول المحاصيل المعدلة وراثيا تهمنا مثلما تهمهم وربما لا نتجاوز الحد اذا قلنا انها اكثر اهمية بالنسبة لنا.

فلو صح ان هناك مخاطر على الانسان من تداول بعض هذه الاغذية المعدلة وراثيا فستكون هذه المخاطر من نصيبنا اكثر لان ستين في المئة من المعلبات التي تباع في الاسواق واغذية الاطفال وحليبهم تحتوي على مكونات معدلة وراثيا.

وفي الغرب والولايات المتحدة تتضمن قائمة المحتويات التي تلصق على هذه المنتجات على احتوائها على مكونات معدلة وراثيا.

وفي دول العالم الثالث والدول النامية المؤسسات الرقابية التي من المفروض ان تكون عين المستهلك اقل كفاءة بكثير من مثيلتها في الدول الغربية واميركا وكذلك مستوى الثقافة الغذائية منخفض ولا يمكن للمستهلك ان يتابع عن وعي ما هو مكتوب في قائمة محتويات ما يشتريه من غذاء.

وسنعرض في هذه الدراسة الآراء المؤيدة لانتاج المحاصيل المعدلة وراثيا والآمال المعقودة على انتاج مثل هذه المحاصيل وفائدتها الصحية والغذائية.

كما نستعرض في هذه الدراسة التحفظات على التوسع في انتاج مثل هذه المحاصيل والمخاوف الصحية والبيئية من هذا التوسع والمعارضين لانتاج مثل هذه المحاصيل حيث سجل التاريخ ان هناك دائما اناسا ضد التغييرات التكنولوجية الحاصلة والتطورات التي قام بها الانسان ويعتبر التعديل الوراثي للمحاصيل والاغذية ضمن هذا السياق.


الهندسة الوراثية اخطر فروع علم الحياة ومع الاخذ بها اصبح بالامكان تفصيل كائنات حية دقيقة تقوم بمهام متباينة لم تخطر على البال وتحولت جهود الانسان في تحسين الاحياء من مجرد متابعة المخلوقات الطبيعية وهي تتكاثر وتتحسن اجيالها إلى التدخل في «الكود» الوراثي اي الشفرة الوراثية لهذه المخلوفات باستخدام تقنية القطع والوصل والترقيع في بنية الموروثات «الجينات» اي تفصيلها في نهاية المطاف حسب الطلب لتقوم بمهام زراعية وغذائية وصناعية وعلاجية محددة.

وبدأت ثورة زراعية تبشر باتاحة وفرة من الغذاء عن طريق زراعة اصناف محسنة وراثيا.


الاغذية المعدلة وراثيا

الاغذية المعدلة وراثيا هي التي تم تطويرها من خلال علم  الهندسة الوراثية والتكنولوجية الحيوية والتي تعتمد على عملية دمج او اتحاد الحمض النووي «DNA» حيث يمكن فصل اي جين «موروث» من اي كائن حي ووضعه في كائن اخر ومنها المحاصيل والنباتات وهذه العملية تسمى نقل الجينات «الموروثات» او عملية التعديل الوراثي ومن هنا كانت تسميتها بالمحاصيل المعدلة وراثيا والغذاء المستخرج منها بالاغذية المعدلة وراثيا «جينيا».

وعليه فإن الاغذية المعدلة وراثيا «جينيا» هي الاغذية التي يكون احد مكوناتها البيولوجية قد تم انتاجه باستخدام الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية.

والمقصود بالتعديل الوراثي هو نقل الجينات ذات المواصفات المرغوبة من كائن حي لاخر بهدف تحسين الجودة او زيادة الانتاج او مكافحة الامراض والافات والجفاف.

اما السبل التي اتبعت للوصول إلى هذا النوع من التعديل الوراثي اعتمدت على تقنية نقل «DNA» وجزء منه وربما جين واحد او اكثر ليكتسب بعض الصفات المطلوبة وتكون نسبة التغيير في الجينات محددة وضئيلة جدا فمثلا نبات القمح يوجد في نواة الخلية ثمانون الف جين واضافة بضعة سيشكل نسبة ضئيلة منها لكن هذه العملية ليست بالعملية السهلة بل تحتاج إلى مختبرات خاصة وخبراء في مجال الهندسة الوراثية.


مميزات المحاصيل المعدلة وراثيا

اصناف المحاصيل المعدلة وراثيا كثيرة منها اكثر من خمسين نباتا تم تعديلها وراثيا ومنها القمح والارز والبطاطس والقطن والذرة وفول الصويا والطماطم والخيار والفلفل الاخضر والبطيخ والتفاح والموز وغيرها.

وهذه المحاصيل انتاجيتها اكثر وتقاوم ظروف الجفاف والصقيع والملوحة كما تقاوم هذه المحاصيل الامراض والحشرات والافات الزراعية.

ويمكنها أن تنمو بأقل قدر من استخدام الاسمدة واستعمال المبيدات الحشرية بالاضافة إلى الامال والوعود بنباتات تصنع غذاءها باستخدام الهواء الجوي بدلا من استنزاف التربة واعتمادها على السماد.

كما ان هناك امكانية لازالة بعض الصفات السيئة في بعض المحاصيل من خلال التعديل الوراثي فقد تم تحسين نوعية البروتين واضافة او زيادة المحتوى من الفيتامينات والمغذيات الدقيقة (مثل اليود والبيتاكاروتين).


حليب ينقذ الأطفال من الموت

استخدم بنجاح حليب مستخرج من ارانب معدلة وراثيا لمعالجة اربعة اطفال مصابين بمرض عضوي خطير يمكن ان يؤدي إلى الموت.

والمرض الذي يعرف باسم «مرض بوبي» هو عبارة عن خلل في الجهاز العضلي للطفل ناتج عن نقص في نوع من الانزيمات يعرف باسم «كلكوسايدس» وتتدهور صحة الاطفال الذين يتعرضون لهذا المرض بسرعة شديدة وهم يموتون عادة قبل ان يكملوا عامهم الأول.


طماطم للوقاية من السرطان وأمراض القلب

يقول البروفيسور بيتر براملي من جامعة لندن انه طور بالتعاون مع زملاء له في اليابان نوعا من الطماطم المعدلة وراثيا والغنية بمادة بيتا كاروتين التي تتحول إلى فيتامين «A» في الجسم.

ويعتبر هذا الفيتامين من المواد التي لا غنى عنها في مكافحة عدد من الامراض الخطيرة ليس اقلها بعض انواع السرطان وامراض القلب.

ويعمل هذا الفيتامين على حماية شبكية العين من الاصابة بالضمور وهي حالة قد تودي إلى فقدان البصر.

كما استنبط علماء من جامعة بوردو في ولاية انديانا نوعا جديدا من الطماطم المعدلة وراثيا غنية بمادة «الليكوبين» التي تحمي من الاصابة بالسرطان وبخاصة سرطان البروستاتا وسرطان الثدي.

وقال البروفيسور براملي ان التجارب تجرى حاليا على هذا النوع من الطماطم لضمان سلامتها من جميع النواحي الصحية ومطابقة لشروط الاستهلاك البشري.


بطاطا للوقاية من سرطان الرحم

يبدو ان حبة البطاطا المتواضعة باتت في طريقها اى ان تكون من مصادر حماية النساء من الفيروسات التي تسبب الامراض عن طريق الاتصال الجنسي والتي بدورها تؤدي إلى معظم حالات سرطان الرحم.

اذ يسعى باحثون اميركيون إلى تطوير بطاطا معدلة وراثيا تحمل مكوناتها اللقاح المضاد لهذه الفيروسات التي تعرف اختصارا بين الاوساط الطبية «HBV».

ومن الناحية النظرية يفترض ان يوفر مثل هذا التحوير الجيني في حبة البطاطا طريقة بسيطة وسهلة لنشر المناعة بين النساء ولكن من خلال الطعام.

وقد جرب العلماء من جامعات روتشير كورييل وتولين البطاطا المعدلة وراثيا على فترات في المختبر وكان على نحو شبيه بحماية الانسان من فعالية الفيروسات التناسلية.


أرز لتقوية البصر والأنيميا

تمكن العلماء من انتاج ارز معدل وراثيا يتميز بقيمة غذائية تساعد على التغلب على النقص الخطير لفيتامين «A» وذلك باستخدام الهندسة الوراثية.

ويقول البرفيسور انجو بوتر يكوس في معهد التكنولوجيا بزيورغ في سويسرا انه يمكن عمل الشيء نفسه من القمح والشعير ومحاصيل اخرى.

وهذا يعني ان الاطفال الذين يصابون بعاهات شديدة نتيجة نقص هذا الفيتامين واخطرها فقدان البصر ويصل عددهم إلى نحو 124 مليون طفل يمكن حمايتهم من هذه العاهات.

وقد توصل فريق من العلماء في هذا المعهد إلى ادخال نوعين من الجينات تجعل الارز اكثر غنى بمادة الحديد وهو ما يعني القضاء على فقر الدم «الانيمياء» في العالم.


الموز لقاح للوقاية

من الفيروسات الجنسية

يشير الدكتور روبرت روز إلى ان الفاعلية اللقاحية للبطاطا ستكون عالية جدا في حماية النساء من الامراض التناسلية في البلدان النامية وان الوفيات من سرطان الرحم تبلغ نحو ثمانين في المئة من اجمالي الاصابات بالسرطان.

ولا يوجد في الوقت الحالي لقاح فعال ضد الفيروسات التي تصيب الرحم كما ان الوسيلة الوحيدة لتجنب الاصابة تتمثل في استخدام الواقيات خلال الاتصال الجنسي كما يدرس الباحثون الاميركيون الان امكانية استخدام الموز كحامل للقاحات فهو افضل من ناحية كونه يؤكل نيئاً وليس كالبطاطا التي يجب ان تطبخ ما يقلل من فاعلية اللقاح.


تفاح وفراولة تمنعان

 تسوس الأسنان

يقول البروفيسور ديفيد جيمس من المعهد الزراعي الدولي ان التفاح والفراولة المعدلة وراثيا يمنعان تسوس الاسنان ويعالجان الاسنان المتضررة.

ويقول البروفيسور ديفيد جيمس ان عدم تمسك مزارعي الفواكه في بريطانيا بمثل هذه التكنولوجيا قد يجعل مستقبلهم الزراعي الدولي يبدو قاتما.

واكد في مهرجان العلوم ان العلماء يعملون ايضا على انتاج فواكه تساعد على تحسين الصحة وهو يتعاون مع الباحثين في مجال الاسنان في مشروع يهدف إلى تطوير علاج لمكافحة تسوس الاسنان يمكن تصنيعه من الفواكه.

وقد توصل العلماء في مستشفى «جاي» في لندن إلى تحديد البروتين الذي يمنع التصاق البكتيريا المسببة لتسوس الاسنان.

والهدف تصنيع هذا البروتين من الفواكه وسيؤدي إلى تحويل التفاح والفروالة إلى منتجات لعلاج تسوس الاسنان.


بن «قهوة» من دون كافيين

نشرت مجلة نيتشر العلمية بحثا يفيد ان الباحثين في معهد «نارا» للعلوم التكنولوجية في اليابان انتجوا حبوبا من البن معدلة وراثيا «جينيا» تحتوي حسب قولهم على كمية اقل من الكافيين لكن مذاقه لا يختلف عن البن الطبيعي وهذا النوع من البن «القهوة» الخالي من الكافيين يجنب شاربه التوتر والارق والسهر وخفقان القلب وارتفاع ضغط الدم.

كما يمكن للحوامل ان يتناولن القهوة المصنعة من هذا البن المعدل وراثيا دون خوف على الجنين.


سمك لمكافحة نقص البروتين

توقع العــــالم الامــــيركي بوناثــــان زوهار من معهد التكـــنولوجيا الحيوية في جامعة ميرلاند انه بامكان مزارع الاسماك المعدلة وراثيا تلبية احتـــياجات العالم من البــــروتين بـــعد تراجـــع الكـــميات المصادة من البحار والمحيطات.

واعرب عن اعتقاده ان التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية ستؤديان إلى انتاج سمك يكافح النقص الشديد في بروتين الغذاء بانتاج اسماك يزيد وزنها عن عشرة اضعاف وزنها الطبيعي وذلك عن طريق جينات هرمون النمو.