إيران «غير مستعجلة» والسعودية «لن تتراخى»
الرئاسة اللبنانية إلى ما بعد... الأميركية»!
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
12:26 م
الفراغ الرئاسي يدخل في 25 الجاري سنته الثالثة في ظل أفق مسدود
خرقت زيارة زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لتركيا على مدى اليومين الماضيين حال الركود السياسي في لبنان، الذي انصرف الى التحضير لانتخابات بلدية تبدأ بعد أسبوع وتجري على أربع مراحل حتى 29 الشهر الجاري، وتشهد معارك حامية في المدن الكبرى.
واكتسبت محادثات الحريري، الذي التقى، أمس، رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو بعد لقاء مطول مع الرئيس رجب طيب أردوغان، أول من أمس، أهمية بارزة إنطلاقاً من جدول الأعمال الذي تركّز على مسألتين: خطر الفراغ الرئاسي في لبنان والتمادي الإيراني في التدخل بشؤون المنطقة.
وأبرزت زيارة زعيم «المستقبل» لتركيا، بعد زيارة مماثلة قام بها قبل أسابيع لروسيا، الأولوية التي يوليها الحريري للشغور الرئاسي في لبنان، الذي يدخل سنته الثالثة في 25 الشهر الجاري، في أسوأ أزمة سياسية - دستورية تعيشها البلاد منذ الاستقلال في مطلع الأربعينات.
ويسعى الحريري، بالتزامن مع حركة فرنسية ودولية في الاتجاه عينه، الى حضّ دوائر إقليمية ودولية مؤثّرة على التدخل لدى إيران ودفْعها الى فك قبضتها عن الاستحقاق الرئاسي في لبنان نظراً للأخطار المتعاظمة الناجمة عن الفراغ المتمادي في رأس السلطة.
ورغم نجاح الحريري في إبقاء الملف الرئاسي على «قيد الحياة» من خلال الدينامية الداخلية والخارجية لحركته، فإن المساعي الجارية، والتي تضطلع باريس بدور «رأس الحربة» فيها، لم تفضِ الى أي مؤشرات توحي بإمكان إفراج إيران عن «الورقة الرئاسية» في لبنان.
ورأت أوساط سياسية متابعة في بيروت أن طهران تحتفظ بـ «مفتاح» الاستحقاق الرئاسي الى أن يحين وقت المقايضات مع السعودية، وهو الأمر الذي ما زال بعيد المنال نظراً لحجم الصراع الصاخب بين الدولتين في أكثر من ساحة لاهبة في المنطقة.
ورسمت دوائر مراقبة على صلة بالجانب الإقليمي من التحركات الجارية في الشأن اللبناني لوحةً قاتمة لاعتقادها أن طرفيْ المواجهة في المنطقة، أي إيران والسعودية، لن يفرّطا بأي أوراق قبل انقشاع الخيط الأبيض من الأسود في الانتخابات الأميركية التي ستفضي الى إدارة جديدة.
وبدت هذه الدوائر وكأنها توحي بأنه لن يكون للبنان رئيس جديد قبل مجيء رئيس جديد للولايات المتحدة، انطلاقاً من دخول المنطقة ولاعبيها مرحلة انتظار تبلور الاتجاهات الجديدة للسياسة الأميركية بعد «عقيدة (باراك) أوباما».
وإذ تحدّثت الدوائر نفسها أن إيران غير مستعجلة لفكّ أسْر الرئاسة اللبنانية ما دام الفراغ يتيح لـ«حزب الله»التحرك على قاعدة أنه«ما فوق الدولة»، قالت إن«السعودية في ظل قيادتها الجديدة غادرت منطقة المساومات، وتالياً لن تقوم بأي خطوة الى الوراء في الملف اللبناني».
وخلصت الى القول إن الدوران اللبناني في الحلقة المفرغة سيستمر على حاله، من دون إحداث أي خرق في الملف الرئاسي قبل صيف 2017 ما دام«الحلّ والربط» في الأزمات الكبرى مؤجل الى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية وترتيب بيت الإدارة العتيدة.
ومن غير المستبعد أن يُملأ الوقت الضائع الفاصل عن الإنتخاب المؤجل لرئيس جديد للبنان بمبادرات ومناورات تشتدّ حيناً وتخفت أحياناً، على غرار ما هو حاصل الآن من خلال الترويج تارة لتسوية تقوم على إنتخاب رئيس إنتقالي لسنتين (الولاية الكاملة ست سنوات) وتارة أخرى عبر إستمرار لعبة المفاضلة بين المرشحيْن المعلنيْن للرئاسة، العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية.
وإذ حرص الحريري على سبيل المثال على الإعلان بعد لقائه اردوغان أنه لا يعمل في محادثاته على تسويق مرشح بعينه (في إشارة الى النائب فرنجية) بقدر ما يعرض لخطر إستمرار الفراغ الرئاسي، كشفت معلومات صحافية نشرت في بيروت عن رسالة بالواسطة بعث بها الحريري للعماد عون (المدعوم من«حزب الله» و«القوات اللبنانية») نصحه فيها بعدم الرهان على المتغيّرات الإقليمية ولا سيما في سورية لتغيير موقفه المناهض لانتخابه رئيساً.
وبهذا المعنى فإن الحريري يجزم بأنه لن يبدّل موقفه الحاسم من عدم تأييد عون كمرشح للرئاسة مهما كانت موازين القوى، في الوقت الذي يقبض تحالف عون -«حزب الله»على النصاب الدستوري لأي جلسة انتخاب، الأمر الذي يجعل الأبواب موصدة أمام أي اختراق.
ومع استمرار انسداد الأفق يشهد الشهر الجاري محطتين ترتبطان بالملف الرئاسي، الجلسة الـ 39 لإنتخاب الرئيس في 10 الجاري وهي التي ستذهب أدراج الرياح كسابقاتها، وبدء السنة الثالثة للفراغ الرئاسي الذي كان دهم لبنان في 25 مايو من العام 2014، في تطورٍ وضع البلاد على مسار مفتوح على المجهول.
وكان لافتاً، امس، الموقف الذي نُقل عن رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي»النائب وليد جنبلاط الذي قال لـ«إيلاف» إن«حزب الله مكون أساس في لبنان، ويخطىء من يعتمد مقاربة عزله سياسياً»، مؤكدًا أن «الظرف السياسي لإنتخاب رئيس غير متوافر حالياً وإذا توحّدت الجهود او التسوية السياسية، فلا أمانع أن يُنتخب عون إذا كانت المصلحة الوطنية تقتضي انتخابه رئيساً، إذا تنازل سليمان فرنجية، فالمهم انتخاب رئيس. وأنا أقول إذا اقتضت الظروف، لكني لست مَن يقرر».