10 مؤسسات أقفلت أبوابها و«فينيسيا»... «يعاني»

فنادق لبنان «محجوزة» لفائض من المصاعب... وتقرع «ناقوس الخطر»

1 يناير 1970 12:25 م
الأشقر: غالبية فنادق لبنان ترزح تحت الدين وتواجه تراكماً في الخسائر والفوائد على السواء

كنعان: تم وضع خطة لإعادة استقطاب نحو 300 ألف سائح أردني خسرهم لبنان
تشكّل السياحة «شرياناً رئيسياً» في الاقتصاد اللبناني، وتُعتبر الفنادق قلب هذا القطاع، وكلّما تَراجع «نبض» الحركة فيها كان ذلك المؤشر الأقوى الى ان «بلاد الأرز»... تئنّ.

واذا كانت السياحة في لبنان تخوض منذ العام 2005 «معركة بقاء» تحت وطأة الأزمات السياسية «المتوالدة» والاهتزازات الأمنية المتعددة التي شهدتها البلاد، مع بعض «الوقت المستقطع» الذي كان يسمح بـ «التقاط الأنفاس»، فإن دخول المنطقة ابتداء من العام 2011 منعطفاً «لاهباً» مع انفجار الثورة في سورية وبلوغ «تشظياتها» الواقع اللبناني على شكل تفجيرات ارهابية وانتكاسات متتالية في العلاقات بين بيروت ودول الخليج، وصولاً الى دخول لبنان منذ مايو 2014 في مأزق سياسي نتيجة الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، وضع القطاع الفندقي امام أزمة غير مسبوقة جعلته يقرع «ناقوس الخطر».

وفيما مارست الفنادق في الأعوام الأخيرة سياسية «العضّ على الجرح»، فإن التراجع الكبير والمتدحرج في نسب الحجوز والأسعار، جعل المشكلة أكبر من امكان احتوائها على طريقة «غيمة وتمرّ»، وبدأت بعض المؤسسات بالإقفال التام أو الجزئي أو حتى تسريح بعض العاملين، الى ان شكّل انكشاف الأزمة التي يعيشها فندق «فينيسيا» أخطر إشارة الى ما يواجهه القطاع الفندقي وسط تقارير عن ان «فينيسيا» صرف نحو 60 من موظّفيه وعن وجود خطة إنقاذية لجدْولة ديونه ومساعٍ تُبذل لتفادي وضع اليد على ضمانات عقارية لقاء هذه القروض وهي فندق «فاندوم» التابع لشركة «الفنادق اللبنانية» الكبرى (تملك فينيسيا) وقطعة أرض إلى جانب «فاندوم» (مساحتها ألفا متر مربع كانت قد اشترتها الشركة لتوسيع الفندق).

ذلك ان «فينيسيا» هو بمثابة «جوهرة» القطاع الفندقي في لبنان، هو الذي تجاوز عمره «نصف قرن» تحوّل خلاله هذا الفندق «الميزان» لحال لبنان في زمن الحرب كما السلم، زمن الازدهار كما الانكسار، علماً ان «بلاد الأرز» تضمّ نحو 460 فندقاً تحتوي على 23 الف غرفة تقريباً. وعلى وهج أزمة لبنان والمنطقة، انخفضت أسعار الغرف منذ عام 2011، لتتراجع حالياً الى نحو 40 في المئة، وبنسبة إشغال تراوح بين 25 و45 في المئة، وهو ما أفضى الى اختيار نحو 10 فنادق الاقفال الاضطراري.

واذ لم يفصح رئيس نقابة أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر عن أسماء الفنادق التي أقفلت نهائياً مكتفياً بالقول «إن عدداً بسيطاً لجأ إلى هذا الحل، وغالبية هذه المؤسسات تقع في المناطق الريفية، ولم تكن تفتح أبوابها أمام السياح أصلاً إلا في الصيف»، أشار عبر «الراي» الى أنَّ الأعوام الخمسة الماضية شكّلت «إحباطاً بالنسبة إلى هذه المؤسسات، بدليل أنَّ مداخيلها تراجعت بنسب تصل إلى 40-60 في المئة عن 2009 و2010، فأصبح ما بين 90 الى 95 في المئة منها مقفلاً جزئياً، وخصوصاً تلك الواقعة في مناطق عاليه، بحمدون والجبل»، مضيفاً «أنَّ عدداً من مطاعم هذه الفنادق استسلم أمام هذا الواقع أيضاً».

ولفت إلى أنَّ «غالبية الفنادق في لبنان ترزح تحت الدين، فضلاً عن أنَّها تواجه تراكماً في الخسائر والفوائد على السواء»، مشدداً على أنَّ «ليس بمقدور النقابة القيام بالكثير من الخطوات الانقاذية، في ظل عدم إعفائها من الضرائب».

وقد طالبت النقابة بمساعدة الفنادق عبر تأجيل مستحقاتها، فلاقى ذلك تجاوباً من بنك لبنان المركزي والمصارف الأخرى، لكن المشكلة تكمن في أنَّ هذا التأجيل «سيمتدّ على 6 سنوات، بما سيزيد حجم هذه المستحقات»، حسب الاشقر الذي حرص في الوقت نفسه على الاشادة «بسياسة البنك المركزي المالية التي جنّبت البلاد الانهيار».

ورأى أنَّ خلاص القطاع الفندقي وعودة الاستثمارات إليه يبقى في انتخاب رئيس للجمهورية، وتحقيق أي توافق سياسي في المنطقة، خصوصاً إيراني - سعودي، لأنَّ ذلك كفيل بتحصين القطاع و«إعادة الاستثمارات الخليجية التي كانت تشكّل بين 60 الى 70 في المئة من مجمل الاستثمارات في القطاع». والواقع ان الانكماش الكبير الذي أصاب القطاع الفندقي جاء كنتيجة طبيعية لانتهاء مرحلة «الفورة السياحية» المرحلية التي كانت أدّت في العام 2010 إلى بلوغ عدد الوافدين الى لبنان مليونين و167 ألفاً و989 زائراً، مع تسجيل تقدّم في عدد الوافدين من الدول العربية بنسبة 14 في المئة، وتالياً رفع عددهم إلى 894.724، قبل ان يبدأ التدهور الدراماتيكي يلتف حول عنق القطاع في الأعوام التالية.

وقد بيّنت الأرقام التي أعطاها الأمين العام لنقابة الفنادق وديع كنعان لـ «الراي»، أنَّ عدد السياح الذين زاروا لبنان في العام 2015 بلغ نحو مليون ونصف مليون سائح، منهم 500 ألف من الدول العربية. ووفق دراسة نشرتها شركة «غلوبال بلو»، واستناداً إلى إحصاءات وزارة السياحة اللبنانية، فإنَّ السائح السعودي احتلّ المرتبة الأولى في ترتيب الإنفاق السياحي في العام عينه، بنسبة 15 في المئة، تلاه السائح الإماراتي بـ 14 في المئة، الكويتي بـ 6 في المئة والقطري بـ 4 في المئة.

ولقيت الاستثمارات في القطاع نصيبها من التراجع، إذ يشرح كنعان أنَّ «أعوام 2010-2015 عرفت تدنّياً لافتاً في الحركة الاستثمارية الخليجية في البلاد بنسبة أكثر من 40 في المئة بسبب التوترات السياسية والأمنية والاضطرابات في المنطقة»، مضيفاً أنَّ «القرار الذي صدر في العام 2012، والذي قضى بحظر سفر الرعايا السعوديين إلى لبنان، تسبّب بتراجع الحركة السياحية الخليجية خلال الفترة عينها بأكثر من 50 في المئة».

وتدخل صناعة السياحة في لبنان حالياً أزمة جديدة، وفق كنعان الذي يشدّد على أنَّ ذلك يعود إلى «طلب خمس دول خليجية قبل نحو شهرين من رعاياها عدم التوجه الى لبنان وحض الموجودين فيه على المغادرة، باستثناء الحالات الطارئة التي تستدعي بقاءهم». وقد أتى هذا القرار في الوقت الذي كانت وزارة السياحة اللبنانية وعدد من مؤسسات القطاع الخاص، التي تعتمد على السياحة كمصدر رئيسي لدخلها، تنفذ خطوات وحملات ترويجية لزيارة البلاد، بسبب تراجع الوفود السياحية.

وإذ رأى أنَّ «القطاع السياحي اللبناني متضرر أصلاً، وسيزداد ضرراً في ظل الأزمة مع دول الخليج»، اكد «ان الوقت غير مناسب لانتكاسة جديدة في صناعة السياحة، علماً أنَّ تراجع أعداد السياح الخليجيين في لبنان، ليس وليد الأزمة الأخيرة مع المملكة العربية السعودية»، كاشفاً عن سلسلة من الخطوات لإنعاش القطاع السياحي، وتالياً إعادة الحياة إلى الفنادق. ولفت في هذا السياق إلى أنه «تم وضع خطة لاعادة استقطاب نحو 300 الف سائح أردني خسرهم لبنان بسبب إغلاق الخط البري الوحيد بين الأردن ولبنان عبر سورية»، موضحاً أن «290 ألف زائر من الاردن كانوا يزورون لبنان سنوياً، 220 الفا منهم كانوا يزورون لبنان عبر الطريق البري في حين ان نحو 70 الفا لا يزالون يأتون إلى البلاد جواً». وفي الإطار نفسه، اعتبر رئيس نقابة أصحاب المجمعات السياحية والبحرية في لبنان جان بيروتي عبر «الراي» أنَّ إقفال الطريق البرية تَسبّب بخسارة البلاد نحو 50 من مجمل السياح الذين كانوا يتدفقون إلى ربوعها قبل الحرب السورية، مشدداً على «أنَّ غالبية الموظفين الذين تركوا عملهم لم يخضعوا لأي صرف، بل قدّموا استقالاتهم بإرادتهم»، وموضحاً تعليقاً على المعلومات عن ان 10 فنادق تقريباً عمدت إلى الإقفال التام أنَّ «هذه المؤسسات تواجه، بغالبيتها الساحقة، تعثراً مالياً أفضى إلى لجوء بعضها إلى الإقفال الجزئي».

أما بالنسبة إلى كنعان، فإنَّ الأمور في مجال الصرف «لا تزال مضبوطة، ولا أخطار على هذا الصعيد، لاسيما أنَّ الموظف يحصل على تعويضاته كاملة، ولم يسجل أي اعتراض أو مراجعة على هذا الصعيد حتى تاريخه»، خاتماً بأنَّ «الموظف هو ابن هذا القطاع، وهو على علم أن ما يجري لا يتم عمداً أو تعسفاً، بل إنَّ المؤسسات الفندقية تضطر إلى الاستغناء عن بعض موظفيها، لما تفرضه الظروف من حاجة إلى التقشف».

شريان حيوي وداعم للاقتصاد



| بيروت - «الراي» |

معلوم ان أهمية القطاع السياحي بالنسبة إلى الاقتصاد اللبناني تمكن في كونه شرياناً حيوياً وداعماً أساسياً له. وتبيّن ذلك من جديد في التقرير الذي أصدره المجلس العالمي للسفر والسياحة WTTC بعنوان «التأثير الاقتصادي لقطاع السفر والسياحة لسنة 2016»، والذي قيّم من خلاله التداعيات الاقتصادية لقطاع السفر والسياحة عبر مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص عمل في 184 دولة ضمن 24 منطقة في العالم.

وفي التفاصيل التي نشرها التقرير الأسبوعي لـ «بنك الاعتماد اللبناني»، صنّف لبنان في المرتبة 30 في العالم لجهة المساهمة الإجمالية، أي المباشرة وغير المباشرة لقطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي الاجمالي لعام 2015، والتي بلغت 22.1 في المئة، أي ما قيمته نحو 9.9 مليار دولار، متخطية بذلك المتوسط العالمي البالغ 9.8 في المئة.

ووصلت المساهمة المباشرة لقطاع السفر والسياحة في إجمالي الناتج المحلي اللبناني إلى 8.1 في المئة، أي 3.6 مليار دولار مقارنة بمتوسط عالمي بلغ 3 في المئة، ليحتل بذلك لبنان المرتبة 31 عالمياً.

أما لجهة سوق العمل، فبلغ إجمالي عدد الوظائف في القطاع 326.8 الف وظيفة في العام 2015، أي ما يشكل 21.3 في المئة من سوق العمل في لبنان، كذلك وصل إجمالي الاستثمارات في هذا القطاع إلى 1.3 مليار دولار، أي ما يعادل 9.9 في المئة من مجموع الاستثمارات الرأسمالية في لبنان.