حروف باسمة

مصارع العقول

1 يناير 1970 11:19 ص
الحياة يكتنفها صراع، وهو يختلف في شكله ونوعه واتجاهه... فهناك صراع بين الحق والباطل والخير والشر، والكل يتخذ وسائل كي يوصل هدفه ليحقق ما يتمناه، فعاقبة اصحاب الخير مأمونة تهدي الى الحق وسبيل مستنير، أما اصحاب الباطل فإنهم يتصارعون في ما بينهم ليحققوا أغراضاً شخصية ولو كان ذلك يودي بمصالح شعب او خيرات أمة او مكتسبات وطن.

كل هذا أساسه الطمع، وترى بعضهم يكدح ويصرف الوقت ويخرق الحق ويزخرف الباطل كي يحقق حفنة من المال تاركاً المصلحة العامة ويضع أمام عينيه مصلحته الخاصة.

وكثير من الاحاديث والقصص والروايات تظهر كل يوم لنماذج من الطمع، فهذه خدعت الناس واخرجت الملايين من ما يملكه اناس غرر بهم حتى غادرت، وكثير من الذين دفعهم الطمع لاعمال عقولهم في الحصول على الاموال من دون وجه حق، فهم كثر في رحاب الديرة والعالم بأسره.

حقا ما قاله الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) ان اكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع.

والمتأمل لهذا القول يضع قلبهُ على معنى مصارع العقول وتدرك بصيرته ما هية الطمع.

وإن ما شاهدته ساحة هذه الديرة الطيبة من إضراب اتحاد عمال البترول، يجسد صورة من صور الطمع والاستحواذ على بدائل غير ضرورية، ونحن في وضع اقتصادي يوجب على الجميع ان يساهم في وضع حلول منطقية والابتعاد عن التأزيم.

فلو كان الاضراب هو للحصول على حق انتزع، على اثر انتزاعه يحدث اضراراً في المعيشة او خللاً في الحصول على امور اساسية، لكان ذلك حقاً، انما هو مطالبة لاقامة مخيم او استغلال سيارة او تذكرة لطائرة او دورة خارجية من اجل النزهة.

هل هذه المطالب تعمل على شرعية الاضراب وتشل الحركة واحداث الخلل في عمليات الغاز والكهرباء واحداث خلل في معاملات الدولة والتزاماتها مع دول العالم.

أهكذا التضحية من أجل الوطن والعمل على ازدهاره ونكران الذات من اجل نموه وتقدمه ورفاهية أهله؟

ترى من المسؤول عن هذا العمل؟ ومن المحرض عليه؟ ومن يشجعه؟

وكلما انتهى اضراب وباء بالفشل، جاء اضراب آخر ليكون له المصير نفسه، لأن هذه الديرة محفوظة بإذن الله. وأهلها راغدون بالخير في كنفها وهم سور لها ضد من يحقد عليها أو يفكر بث الفوضى في ربوعها.

يا بلادي وأنتِ غرة عيني

طبتِ نفسا على الزمان وعينا

ستفوزين رغم أنف الليالي

عجل الدهر بالمنى أو تأنى