صدى / المجتمع الافتراضي... أبعاد ووقائع

1 يناير 1970 04:05 م
وسط مشهد التطوّر المتسارع لوسائل الاتصال الحديثة والمعاصرة من نواحي ما تعايشه الشعوب برمتها تغيّرت ملامح الحياة البشريّة بشكل جوهريّ وملموس ما يترك جملة تساؤلات حيال ما تصبو اليه النقلات النوعية وما الانعكاسات التي ستتأثر بها الأمم مع الوقت ؟

ومع التقدم التقني والتكنولوجي لم يعد للمجتمع الواقعي في العصر الحالي المكانة التي كان يحتلها في السابق، وبظهور القارة السابعة (الإنترنت) أصبح من الممكن إيجاد مجتمعات أخرى من نوع جديد تتشكل داخلها مجموعات من الأشخاص تربطهم سلسلة عوامل وتفرق بينهم عوامل أخرى، وفي ظل إطلالة هذا الوسيط الاتصالي «الإنترنتي» أصبحت البشرية تعيش في مجتمعين وفق رأي عدد من الباحثين أحدهما أطلق عليه المجتمع الواقعي، وهو المجتمع القائم على التواصل عبر الاتصال الشخصي بين الأفراد، والآخر أطلق عليه المجتمع الافتراضي وهو القائم على التواصل بين الأفراد عبر شبكة الإنترنت.

ومع التطور الطبيعي للثورة المعلوماتية، أسس المجتمع الافتراضي نمطاً جديداً من التعامل والتفاعل والتواصل ضمن سياق معولم، وبات شديد الحضور في حياة الفرد باعتباره يشكّل مجتمعاً قائماً بذاته يفرض قواعد اجتماعية خاصة وآداباً سلوكية ينبغي مراعاتها، وبالتالي حلّت الرسائل الإلكترونيّة على سبيل المثال محلّ الرسائل الخطيّة، وزاحمت غرف الدردشة الإلكترونيّة الجلسات والمجالس العائليّة والاجتماعيّة، ولم يعد السفر شرطاً لرؤية الأصدقاء أو سماع أصواتهم أو للبيع والشراء أو الدراسة.

إنه عالم جديد يكاد يسلب العقول بعد أن قام بفتح باب واسع من المعارف والمعلومات وخلق علاقات مع أفراد آخرين من مختلف أنحاء العالم، وصار من الممكن التخلي عن العالم الواقعى والاستغناء عنه بالعالم الافتراضي لظروف معينة مثل بُعد المسافة والرغبة فى التعامل مع جنسيات مختلفة وتبادل الثقافات أو معالجة الخجل لكن لفترة معينة للخروج بعدها بالعلاقات والصداقات للعالم الواقعي.

إن المجتمع الافتراضي الذي يضم العديد من الأشخاص من مختلف دول العالم، باختلاف لغاتهم وأوطانهم وثقافاتهم وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، واختلاف المكان والزمان لم يظهر فجأة وإنما حدث نتيجة عدد من العوامل التي مهدت لظهوره من أهمها الشبكة الدولية للمعلومات وتشكل الفضاء الرمزي ولتحقيق عدد من الغايات هي غايات دينيّة أخلاقيّة، تجاريّة، سياسيّة، تعليميّة، ترفيهيّة، أدبيّة، نفسيّة اجتماعيّة،عاطفيّة.

إن المجتمعات الافتراضية ليست مجرد مجموعة موقتة من الأفراد، ولكنها عبارة عن تجمعات اجتماعية تشكلت من أماكن متفرقة من أنحاء العالم لا تربطهم بالضرورة حدود جغرافيّة أو أواصر عرقيّة أو قبليّة أو سياسيّة أو دينيّة، وإنما تربطهم اهتمامات مشتركة، وبيئة برامج تواصل حديثة وهي مواقع التواصل الاجتماعي مثل (تويتر، فيس بوك، واتس اب، انستغرام الخ...) ويدخلون في علاقات وتفاعلات اجتماعية، ولأنَّ حدود الجغرافيا لم تعد تلعب دوراً في تشكيل المجتمعات الافتراضيّة، فهي مجتمعات لا تنام يجد فيها المرء من يتواصل معه على مدار الساعة.

* كاتبة كويتية

[email protected]

suhaila.g.h

suhailagh1