اتصالات برّدت «الحرب» بين جنبلاط والمشنوق
«التشريع» في لبنان عالِق بين «البلديات» والتصلّب المسيحي والسباق الرئاسي
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
10:48 ص
لم يعد ضجيج المعارك الكلامية والسجالات اليومية بين عدد من الأفرقاء السياسيين الأساسيين في لبنان يحجب انشغال القوى السياسية باستحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية التي ستبدأ دورتها الاولى في 8 مايو المقبل وتتواصل حتى نهاية الشهر نفسه، باعتبار ان هذه الانتخابات حلّت كـ «ضيف ثقيل» على غالبية هذه القوى، إن لم يكن جميعها، من دون استثناء.
ومن هنا، بات هذا الاستحقاق يمثّل بدوره عاملاً إضافياً مرشّحاً لتجميد سائر الملفات خلال شهر مايو على الأقل، وهو الأمر الذي تَنبّه اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري في الضغط الذي يمارسه على القوى السياسية في موضوع عقد جلسات تشريعية للبرلمان تحت عنوان تشريع الضرورة. ولكن نتائج هذا الضغط لم تكن موفّقة كما أثبتت نتائج الجولة الأخيرة التي عقدتها هيئة الحوار الوطني في مقر بري في عين التينة (اول من امس) إذ إن الأفرقاء المسيحيين خصوصاً خرجوا كما دخلوا بمواقف ثابتة من شأنها ان تعرقل انعقاد جلسات التشريع وتزيد حدة الانقسامات حول هذا الملف.
وقالت مصادر نيابية بارزة ومشارِكة في المساعي لتقريب وجهات النظر في هذا الملف لـ «الراي» انه «ستترتب خطورة كبيرة على لبنان اذا لم تُعقد جلسات للتشريع الشهر المقبل، لانه بعد انقضاء العقد العادي للبرلمان الذي ينتهي بعد مايو لن يكون متاحاً فتْح دورة استثنائية لعدم وجود رئيس للجمهورية، وتالياً فان تعطيل إقرار عشرات المشاريع والقوانين الملحّة للدولة والمواطنين سيمثّل ضربة قاسية لبلد، يعاني خطر الانهيارات على كل الصعد والمستويات والقطاعات».
وإذ تختلف منطلقات القوى المسيحية في التحفظ عن جلسات التشريع، فإنها تلتقي على وضع إدراج قانون الانتخابات الجديد وضرورة إقراره ضمن اولويات اي جلسة تشريعية ولو ان حزب «الكتائب اللبنانية» يتميز بموقف راديكالي عن «التيار الوطني الحر» (يتزعّمه العماد ميشال عون) و«القوات اللبنانية» (بقيادة سمير جعجع) برفْض التشريع مطلقاً قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
وإذا كان النائب سليمان فرنجية وحده يتخذ موقفاً مرناً لا يعارض التشريع قبل الانتخابات الرئاسية، تقول المصادر نفسها ان «ذلك سيثير مزيداً من الظلال على مسعى بري في استعجال عقد جلسة تشريعية سريعة في مطلع مايو، لان مواقف الثنائي عون وجعجع ستذهب الى مزيد من التصلّب حيال هذا المسعى وسط عامليْن: الأوّل يتعلّق بالسباق الرئاسي والتنافس بين عون وفرنجية، والثاني يتّصل بالمعارك الانتخابية التي انصرفت الماكينات الحزبية اليها بكل قوّة بعدما سقطت آمال غالبيتها في تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية وباتت بحكم الأمر الواقع». ولذا تتوقّع المصادر ارتفاع وتيرة التجاذبات بقوة في الايام المقبلة حول هذا الملف الذي من شأنه ان يزيد حماوة التوترات السياسية، نظراً الى ما أثارته وتثيره ملفات الفساد المفتوحة من احتدامات وكان آخرها التراشق الإعلامي الحاد بين زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط ووزير الداخلية نهاد المشنوق، حول مجموعة امور تتصل بضباط محسوبين على جنبلاط او بملف الانترنت غير الشرعي، وهو سجال أُخضع لتبريد في الساعات الأخيرة، في ظل ما تَردّد عن تدخل من زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري الموجود في الرياض، ما أدى الى إعادة وضع الأمور في سياق التهدئة.
وذُكر في هذا الإطار أن اندفاع المشنوق الى إتمام إجراءات الانتخابات البلدية كان من عوامل التوتر والانفجار مع جنبلاط، لأن الأخير كان يرغب ضمناً في تأجيل الانتخابات البلدية لمجموعة عوامل حزبية وسواها، ولكن الاوساط الاشتراكية تنفي ذلك جملة وتفصيلاً. وفي اي حال تتسم الأيام المقبلة بتعقيدات كبيرة تتداخل فيها الأولويات التي تفرضها ملفات الانتخابات البلدية المقبلة مع الصعوبات التي تعترض انعقاد جلسات التشريع وموضوع قانون الانتخابات النيابية، بما يجعل البلاد أمام لوحة جديدة من الحماوة المرتقبة على كل المستويات.
وفي موازاة ذلك، عبّر النائب سليمان فرنجية في حديث لصحيفة «النهار» عن مقاربته للملف الرئاسي معلناً «أنا أو غيري... المهمّ يمشي البلد»، رافضاً اعتبار نفسه في منافسة مع العماد عون، ذلك أن «ظروفه غير ظروفي»، لكنه شدد على انه «في مكان، ثمة أمر يجب ان يحرك الامور»، لافتاً الى ان «للمسيحيين دوراً أساسياً في تحسين وضعهم اذا أحسنوا اغتنام الفرصة ولعب هذا الدور في شكل صحيح... واذا لم يصل شخص محدد الى رئاسة الجمهورية فهذا لا يعني ان المسيحيين انتهى دورهم وان المسلمين لا يريدونهم». واذ أكد انه ليس ضد انتخاب عون، اشار الى ان «الوقائع تشير إلى وجود مرشحيْن الآن هما فرنجية وعون والطرح الذي سيأتي برئيس هو الوفاق الوطني وبموافقة الجميع».