رفَع النبرة بوجه «المرْجلة الطائفية»... وإشادة الراعي بكلام المشنوق طمْأنتْه

لبنان: سلام «يسير بين الألغام» فهل تمرّ جلسة الحكومة اليوم بـ ... سلام؟

1 يناير 1970 10:48 ص
اختار رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام «المخاطرة» بعقد جلسة مجلس الوزراء غداً من دون ان يكون سبقها تَفاهُم على «تفكيك لغم» بند جهاز أمن الدولة، رافضاً التسليم بتعطيل عمل مجلس الوزراء وتعليقه على هذا الملف الذي كان دخل في الأسابيع الماضية دائرة التجاذب الطائفي الذي تَداخل في جانبٍ منه مع مأزق الانتخابات الرئاسية وحساباتها.

وبدا واضحاً ان سلام يراهن على إمكان فصل ملف «أمن الدولة»، الذي يشكل جوهره الخلاف المستحكم بين رئيس هذا الجهاز (مسيحي - كاثوليكي) ونائبه (الشيعي) على الصلاحيات، ما أوقف بتّ اعتمادات مالية ضرورية، عن سائر بنود جدول الأعمال، بمعنى مناقشة عدد من المواضيع الملحة مثل أمن المطار وبنود متّصلة بقوى الامن الداخلي والامن العام وإنجازها ثمّ استكمال البحث في قضية «أمن الدولة»، على ان يكون بحثه من منطلقٍ تقني وبما يخدم مصلحة هذا الجهاز وانطلاقاً من معيار العمل المؤسساتي، وبعيداً عن اي مزايدات طائفيةٍ كان قابَلَها بكلام عالي النبرة سأل فيه «ما علاقة الطائفة بوضع تنظيمي - إداري في داخل مؤسسة أمنية رسمية؟ ولماذا الزجّ باعتبارات طائفية في ملف كهذا؟ (...) وليت العصَب المسيحي يشتد لانتخاب رئيس الجمهورية، وليس لإضاعة الوقت والعنوان، من خلال خوض معارك جانبية في التوقيت الخاطئ والمكان الخاطئ. وأعتقد أن التركيز على انتخاب رأس الدولة يجب أن يكون أهمّ للأطراف المسيحية من تعبئة قواعدها نصرة لجهاز أمن الدولة غير المستهدَف أصلاً، أو رفضا لتوطين وهمي لا أساس له (...) ونحتاج الى أن تثبتوا مراجلكم في ساحة الاستحقاق الرئاسي وليس في ساحات وهمية».

وفيما بدا ان كلام سلام يشي بحجم الاحتقان الذي سبّبته المقاربة الطائفية لملف «أمن الدولة» الذي التقتْ غالبية الأطراف المسيحية الوازنة على الوقوف «صفاً واحداً»في التعاطي معه ورفْض ما تعتبره محاولة تمهيدية لحلّ هذا الجهاز، فإن هذه «السخونة» تزيد من مستوى «الأعصاب المشدودة» في ملاقاة الجلسة التي لم يُحسم كيف سيتعاطى معها الوزراء المسيحيون لا سيما من «التيار الوطني الحر» (بقيادة العماد ميشال عون) واذا كانت الاتصالات ستفضي أقلّه الى تمرير بعض البنود قبل بحث قضية «أمن الدولة» التي لم يُصَر بعد الى تفاهم على حلّ لها.

واذا كانت المخاوف سادت عشية الجلسة من إمكان ان تفضي «القلوب المليانة» الى «انفجار» مجلس الوزراء، مع ما يعينه ذلك من تداعيات سلبية على صورة الرئيس سلام قبيل توجّهه غدا الى اسطنبول للمشاركة في القمة الاسلامية على أمل عقد لقاءٍ مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، علّه يفتح الباب امام ترميم العلاقة المهتزة في شكل غير مسبوق مع المملكة ودول الخليج، فإن اوساطاً سياسية اشارت الى وجود رهان على ان «الرؤوس الحامية» لن تتجاوز «الخطوط الحمر» التي يشكّلها الحفاظ على الحكومة وعدم فرْطها، معتبرة ان رئيس الوزراء اختار «السير بين الألغام» عوض التسليم المسبق بالتعطيل، حرصاً منه على إبقاء صورة حيّة، ولو بالحد الأدنى، عن المؤسسات قبل ايام من وصول الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى بيروت السبت المقبل، ليؤكد دعم المجتمع الدولي الاستقرار السياسي والامني في لبنان الذي يستقبل «قنبلة موقوتة» عنوانها 1.5 مليون نازح سوري يشكلون نحو ثلث عدد سكانه.

وما يجعل رئيس الحكومة «مطمئنّ البال» حسب هذه الأوساط، هو ان «تاريخه» وإرثه السياسي من ايام والده الراحل الرئيس صائب سلام، يجعله لا يحتاج الى اي «فحص دم» بابتعاده عن اي مناكفات طائفية وبأنه لا يتعاطى مع اي ملف الا من منطلق مؤسساتي بحت.

وجاء الثناء الكبير الذي أطلقه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على الكلام الذي قاله وزير الداخلية نهاد المشنوق خلال تدشين القصر البلدي الجديد في بلدة جعيتا وصولاً الى الدعوة لاعتبارة «وثيقة وطنية رائعة» يوافق على مضمونها كاملاً كما يدعو لتوزيعها «لما تضمنته من أسس وقيم وطنية»، بمثابة عامل طمأنة ولو غير مباشر لرئيس الحكومة، اذ كان المشنوق اعلن انه «(...) مثل فزاعة التوطين، هناك فزاعة الحضور المسيحي في الدولة، وخرافة الرئيس الاقوى في طائفته»، معلناً عن «تقدير إصرار بكركي وسيدها أنها في كل مرة تأتي على ذكر عبارة انتخاب رئيس للجمهورية تضيف اليها بموجب الدستور (...) وتالياً لنذهب الى انتخاب رئيس بمواصفات الكنيسة المارونية التي طالبت برئيس يلملم الشمل وينتخب وفقا لسيرته بناء على ماضيه وحاضره ومستقبله»، مضيفاً: «كلي رجاء ألا يبالغ المسيحيون في التعبير عن المظلومية، بما يجعل من موظف في وزارة عنوانا للوجود المسيحي في بلد أو في المنطقة، كما أرجو ألا يبالغ المسلمون في القفز فوق موجبات الحد الطبيعي الذي يشعر المسيحيين بشراكة عادلة».

يُذكر ان «الراعي توجّه بعدها الى المشنوق:»بسبب زياد بارود ابن جعيتا، بات اللبنانيون يحبون كل وزير للداخلية، لذلك نحن نحبك».