حبْس أنفاس بعد كاريكاتور ساخر من نصرالله في «العرب» اللندنية

لبنان يستعد لإحياء الذكرى الـ 41 للحرب مستعيداً... ترسيماتها

1 يناير 1970 10:47 ص
بري في القاهرة... فهل تعقد لقاءات لبنانية - سعودية؟
... هو أسبوع «الحرب - الذكرى»، أسبوع الزيارات الدولية واللقاءات «المرصودة»، أسبوع «الوقت المستقطع» لمجلس الوزراء الذي يعيش سباقاً بين «ألغام موقوتة» ومحاولات تعطيلها قبل ان «تنفجر» آخر المؤسسات العاملة بالحدّ الأدنى في النظام «الفارغ الرأس».

وعلى أهمية كل المحطات البارزة في الأيام الطالعة، فإن الرمزية الأكبر تبقى للذكرى الـ 41 لحرب الـ 15 عاماً التي انفجرتْ في 13 ابريل 1975 بعدما كانت «مكوّناتها» الداخلية والخارجية تتراكم منذ أعوام.

وفي 2016، تتكرّس مفارقةٌ سوريالية تتمثّل في ان لبنان الذي تحوّل العام 1975 «ملعب نار» لـ «حروب كثيرة» خيضت فيه «بالنيابة» عن ساحات المنطقة، يواجه حالياً قراراً دولياً بإبقائه على «مقاعد الاحتياط» في الصِدامات الكبرى التي يشهدها الإقليم، من دمشق وبغداد الى اليمن وغيرها، في حين يبدو المشهد الداخلي للمرة الاولى منذ اتفاق الطائف (1989) وكأنه على مشارف استعادة ترسيمات حرب 1975 بخلفياتها الطائفية التي تتشابك مع صراعٍ كبيرٍ على التموْضعات الإستراتيجية للبنان على خط الزلازل في المنطقة، وهو ما أفرز منذ 2005 حروباً مذهبية مقنّعة، تارة تتخذ شكل اغتيالات سياسية وطوراً شكل «عمليات انقضاض» في السياسة، وسط الانقسام خلف «خطوط تماس» متعددة بين معسكريْ «14 و 8 آذار»، اللذيْن يشكّل قاطرتهما «تيار المستقبل» و«حزب الله».

وسيكون معبّراً ان يحيي لبنان ذكرى الحرب فيما أزمة الفراغ الرئاسي تقترب من طيّ سنتها الثانية، وحكومة «ربْط النزاع» تصارع للخروج من «عنق الزجاجة» الذي دخلتْه مع انفجار الخلاف حول جهاز أمن الدولة الذي سرعان ما اتخذ منحى طائفياً نافراً وسط اصطفاف مسيحي داعم لرئيس الجهاز (الكاثوليكي) الذي يدور «كباش صلاحيات» بينه وبين نائبه (الشيعي) وسط إصرار من الأطراف المسيحية الوازنة على صرف اعتمادات «أمن الدولة» أسوة بالأجهزة الأخرى، رافضين اي محاولة لـ «خنقه» تمهيداً لحلّه.

وبدا واضحاً امس، ان هذا الملف صار «القفل والمفتاح» لاستئناف جلسات الحكومة، وسط استمرار استبعاد عقد جلسة لمجلس الوزراء بعد غد، ما لم يتم التوصل الى حلّ لقضية «أمن الدولة» ولا سيما ان أيّ «انفجار» للجلسة وتالياً تعريض الحكومة لهزّة غير محسوبة سيضع رئيسها تمام سلام في موقع محرج ومربك قبل ايام من وصول الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى بيروت وعشية توجّه رئيس الحكومة إلى إسطنبول للمشاركة في القمة الاسلامية وسط رصْد لما اذا كان سيعقد اللقاء المنتظر مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.

ويتم التعاطي مع حصول هذا اللقاء او عدمه على انه سيسمح برسم تصوُّر واضح حيال مستقبل العلاقة بين لبنان والمملكة وسائر دول الخليج في ضوء الأزمة المتدحرجة سياسياً واقتصادياً وإعلامياً منذ أسابيع على خلفية موقف وزارة الخارجية اللبنانية الذي خرج عن الإجماع العربي في التضامن مع الرياض بوجه الاعتداء على سفارتها في طهران، الامر الذي وضعته السعودية في سياق «مصادرة حزب الله إرادة الدولة».

وفي حين يتم التعاطي مع اللقاء الذي عُقد اول من امس، بين السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري ووزير الخارجية جبران باسيل - وهو الاول بينهما منذ انفجار الأزمة مع المملكة - على انه في إطار المساعي لتحسين العلاقات بين البلدين، وسط معلومات عن ان أجواء اللقاء كانت «مشجّعة» بعد الشروح التي قدمها باسيل عن الموقف اللبناني، فإن اوساطاً سياسية تعتبر ان الحكم غير العادي الذي أصدرته محكمة التمييز العسكرية بحق الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة، الذي كان حين توقيفه العام 2012 مستشاراً للرئيس السوري بشار الأسد، وقضى بسجنه 13 عاماً (مخفِّفاً عقوبة الإعدام) مع الأشغال الشاقة وتجريده من حقوقه المدنية، جاء ليعزّز امكانات ترميم العلاقة مع السعودية.

وتذكّر هذه الاوساط بأن الرياض كانت اعتبرت إطلاق سماحة في يناير الماضي (بعد انتهاء محكوميته وفق الحكم الاول المخفف الذي قضى بسجنه اربع سنوات ونصف السنة) أحد «الشواهد» على «مصادرة حزب الله إرادة الدولة». علماً ان «النصف الآخر» من ملف سماحة يرتبط باللواء السوري علي المملوك الذي سبق ان ادعى عليه القضاء اللبناني في قضية المخطط الفتنوي الذي كان يُعدّ لشمال لبنان، هو الذي سلّم سماحة المتفجرات التي نقلها في سيارته، فيما سُمع الوزير السابق يقول في أحد الأشرطة المسجّلة ان الرئيس الأسد كان على علم بالمخطط.

وفي سياق متصل، برزت امس الزيارة التي بدأها رئيس البرلمان نبيه بري للقاهرة على رأس وفد نيابي. وفيما افادت تقارير ان الزيارة تأتي تلبية لدعوة رسمية من رئيس البرلمان المصري، فان دوائر سياسية استوقفها تزامُنها مع وجود خادم الحرمين الشريفين في مصر، وسط رصْد لما اذا كانت ستحصل ايّ لقاءات لبنانية - سعودية خلال وجود بري في القاهرة.

ولم تحجب مجمل هذه العناوين الأنظار عن زيارة التضامن مع لبنان التي يقوم بها الرئيس الفرنسي لبيروت السبت المقبل والتي ستتخلّلها لقاءات واسعة تشمل بري وسلام والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى ممثلي مختلف الاحزاب والقوى السياسية في مأدبة تقيمها السفارة الفرنسية في مقرّها في «قصر الصنوبر».

وتتم مقاربة هذه الزيارة التي لن تفضي الى اي اختراقات في ملف الانتخابات الرئاسية، التي تضرب موعداً في 18 الجاري مع «لا جلسة انتخاب» جديدة، على انها ستكرّس استمرار المظلّة الدولية للاستقرار في لبنان كضرورة لاحتواء ملف النازحين السوريين الذي يرعب اوروبا، وتفادياً لجعل بيروت تدفع أثماناً كبرى في لحظة دخول ملفات المنطقة الساخنة مساراً جديداً سيشكل المؤشر الأبرز إليه نجاح المفاوضات اليمنية - اليمنية في الكويت 18 الجاري.

وفي موازاة ذلك، انشغلت بيروت بنشر صحيفة «العرب» اللندنية في نسختها امس، رسماً كاريكاتورياً يسخر من الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي يظهر داخل كيس يحمله مواطن لبناني وهو يركض مبتسماً خلف شاحنة نفايات مكتوب عليها «نفايات بيروت»، لرمي الكيس فيها.

وساد حبس أنفاس لردّ فعل جمهور «حزب الله» على الكاريكاتور، وسط خشية ان يتكرر المشهد الغاضب والفوضوي الذي ساد في الشارع قبل اسابيع بعد تجسيد نصرالله في برنامج كوميدي ساخر على شاشة «ام بي سي»، علماً ان مؤشرات لاحت لاحقاً، الى امكان قطع طرق احتجاجاً من مناصري «حزب الله».