سكتة قلبية داهمته خلال علاجه في ألمانيا
فؤاد الشطي... رحل عن مسرح الحياة
| كتب المحرر الفني |
1 يناير 1970
12:55 م
جثمانه يصل مساء اليوم... ويوارى الثرى صباح غد في مقبرة الصليبخات الجعفرية
الوسط الفني والمسرحي اكتسى بثوب الحداد
علي اليوحة:
ترك أثراً عميقاً في تاريخ المسرح الكويتي والخليجي والعربي
حياة الفهد:
كان رائداً ومعلماً ومحارباً من طراز رفيع
سعد الفرج:
رحيله أحزنني وأبكاني... «واللي خلّف ما مات»
محمد المنصور:
كان خلوقاً يحبه الجميع وأثرى المسرح بعشرات الأعمال
داود حسين:
كان بمثابة الأخ الكبير والمعلم والأب الروحي بالنسبة إلي
طارق العلي:
تعلمت منه الكثير... وسعدت بالتعامل معه
أحمد السلمان:
الكويت خسرت فناناً كبيراً أفنى عمره للارتقاء بالمسرح
جمال الردهان:
طوال مسيرته لم يسئ لأحد وكان متسامحاً وطويل البال
سليمان الياسين:
كان مثالاً نادراً للفنان العظيم الخلوق
هيفاء عادل:
فنان لا غبار عليه
نبيل الفيلكاوي:
هرم من أهرامات المسرح الجاد
برحيل المخرج والمبدع المسرحي الكبير فؤاد الشطي، الذي غيّبه الموت مساء أول من أمس عن عمر يناهز 65 عاماً، فقد المسرحان الكويتي والخليجي أحد أعمدتهما الرئيسية وطويا صفحة ناصعة من صفحاتهما... فهو مؤسس وصانع فاعل في الحركة المسرحية الخليجية، ومسرحي من طراز فريد رفع لواء المسرح الخليجي إقليمياً وعربياً ودولياً.
الشطي، الذي داهمته سكتة قلبية في ألمانيا خلال رحلة علاجية، سيصل جثمانه أرض الكويت مساء اليوم، ليوارى الثرى في مقابر الصليبخات الجعفرية عند التاسعة من صباح غد السبت.
هو، صاحب الرحلة العملية التي امتدت لسنوات طوال، بدأها من فرقة المسرح العربي العام 1963، وظل منافحاً عن المسرح الخليجي ورافعاً للوائه في المحافل العربية والدولية، وحصد العديد من الجوائز ونال الكثير من التكريمات، وأسس وساهم في تأسيس العديد من المنابر التي حفظت لـ«أبو الفنون» مكانته.
ولد الراحل في 4 سبتمبر من العام 1951، وحصل على دبلوم الدراسات المسرحية في الكويت العام 1969، وسافر إلى الولايات المتحدة لدراسة الإعلام في جامعة كولومبيا التي تخرج منها العام 1974. والتحق الفقيد الراحل بفرقة المسرح العربي العام 1963 وأخرج لها الكثير من المسرحيات.
وتولّى الشطي الكثير من المهام الفنية والإدارية في فرقة المسرح العربي، حيث أصبح عضواً في مجلس إدارة الفرقة في العام 1968، ثم أميناً للسر، ومن بعدها رئيساً لمجلس الإدارة. وساهم الراحل في تأسيس كل من الاتحاد العام للفنانين العرب واتحاد المسرحيين العرب، واللجنة الدائمة للفرق المسرحية الأهلية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وانتخب من قبل المسرحيين الكويتيين ليمثلهم في اللجنة العليا للمسرح بالكويت في بادرة هي الأولى من نوعها. والراحل هو صاحب فكرة ومؤسس الاتحاد الكويتي للمسارح الأهلية والمساهم الرئيسي في إشعاره، وشغل منصب أمين سر ورئيس الاتحاد في دورات عدة. وهو مؤسس المركز الكويتي والإقليمي للهيئة العالمية للمسرح ورئيس لمجلس إدارته منذ تأسيسه، وانتخب كأول عربي عضواً في المكتب التنفيذي للهيئة العالمية للمسرح «ITI» لثلاث دورات متتالية ومقرها باريس.
رفاق الدرب
واكتسى الوسط الفني والمسرحي بثوب الحداد وأصيب بالصدمة لرحيل الشطي.
فقد رثاه الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة، قائلاً: «بكل الحزن والأسى ننعي رائداً من رواد المسرح العربي استطاع من خلال موهبته الإخراجية الفذة أن يحفر اسمه من النور داخل قلوب جماهير المسرح». وأضاف أن المخرج الكبير ترجّل بعد رحلة عطاء تجاوزت 53 عاماً، تاركاً أثراً عميقاً في تاريخ المسرح الكويتي والخليجي والعربي، ولكنه بإرثه الفني باق في الوجدان إلى ما شاء الله. وأشار اليوحة إلى أن حياة المخرج المبدع فؤاد الشطي رحلة فنية طويلة وشاقة مليئة بالكفاح والإصرار على تخطي كل العقبات في سبيل الوصول إلى غايته السامية، وهي المساهمة في بناء حركة فنية ونهضة مسرحية كويتية متطورة، وخلق جيل جديد من الكفاءات الشابة التي تعقد عليها الآمال في مواصلة مسيرة الإبداع المسرحي.
وأعربت الفنانة القديرة حياة الفهد عن حزنها وأسفها، قائلة لـ"الراي": «كان رائداً ومعلماً للمسرح ومحارباً من طراز رفيع وواجهة كويتية عربية مشرفة أينما ذهب، حيث يعد من رواد الحركة المسرحية ليس في الكويت ولكن في منطقة الخليج واستطاع من خلال إبدعاته ونشاطه الفني والإداري أن يكون صوتاً مسموعاً في كل العالم العربي بما يملكه من علم وخبرة، مشيرة إلى أن فؤاد الشطي سيظل في ذاكرة المسرحيين والفنانين في الكويت بمساهمات وتضحياته التي قدمها لهم.
كما عبّر الفنان القدير سعد الفرج في تصريح خاص لـ«الراي»، عن أسفه الشديد وحزنه العميق لرحيل رئيس فرقة المسرح العربي فؤاد الشطي، مؤكداً أن الساحة الفنية الكويتية اتشحت بالسواد منذ تلقيها الخبر المفجع الذي هبط كالصاعقة على مسامعنا عشية يوم الأربعاء. وقال الفرج: «رحيل الشطي أحزنني وأبكاني، كما أدمى قلوب أهله ومحبيه»، مردفاً بالقول: «ظل حتى آخر أيامه شاباً متوقداً، ولم تنطفئ شعلة الحماسة في داخله قط». واختتم بالقول: «سيبقى فؤاد الشطي خالداً في ذاكرة المسارح الكويتية خاصة، والمسرح العربي بشكل عام، وإن غادر هذه الدنيا فإنه لم يمت، لكونه ترك إرثاً كبيراً، كما أن أولاده وتلامذته هم سائرون على نهجه، واللي خلّف ما مات».
ولم يخف الفنان محمد المنصور مشاعر الحزن والأسى لرحيل هرم فني من الأهرام الكويتية الحقيقية، التي ستبقى حاضرة معنا وإن غيّبها الموت، على حد قوله. واستذكر المنصور في تصريحه لـ «الراي» مآثر الشطي، كاشفاً عن تعاونهما في أحد الأعمال المسرحية الوطنية، إضافة إلى مرافقته في كثير من الفعاليات والندوات والأبحاث التي أضاءها الشطي وحاضر فيها عن المسرح الكويتي. وقال: «كان خلوقاً، يحبه الجميع سواء من داخل الوسط أو خارجه، كما أنه أثرى الحركة المسرحية بعشرات الأعمال، التي لا تزال عالقة في ذاكرة الجماهير».
وقال الفنان سليمان الياسين: «منذ فجعت بخبر رحيله وشريط الذكريات يمر أمامي، وأي كلمات لن تعبر عما يجيش في صدري أو عن قيمة الراحل ومكانته في قلوبنا وقلوب جميع محبيه كقيمة فنية وإنسانية كبيرة، فعلاقتنا امتدت على مدار 55 عاماً، إذ عرفته في سن الصبا وكنا سوياً في السراء والضراء وكان مثالاً نادراً للفنان العظيم الخلوق واحتل مكانه متميزة ومتفردة في عالم الإبداع الفني في عالم المسرح والتلفزيون والإذاعة، ليس فقط في الكويت، ولكن في أنحاء الخليج العربي، ولعل أعماله في المسرح وفي الدراما التلفزيونية تؤكد موهبته وإبداعه، وشاركت معه في العديد من الأعمال الفنية التي استمتعنا بها كثيراً منها (رحلة حنظلة) و(قضية خارج البلاد) وغيرها من الأعمال التي لن تتكرر».
وقال الفنان داود حسين: «الراحل كان بمثابة الأخ الكبير والمعلم والأب الروحي بالنسبة إليّ، فقد تعلمت منه كيف أقف على خشبة المسرح وشاركته أعمالاً مسرحية منها (مراهق في الخمسين)، وكنا معاً تحت مظلة فرقة المسرح العربي، وجمعتني مع (أبو أسامة) ذكريات ومواقف وأحداث لن تنسى، وأعزي أسرته وكل محبيه وسيظل في قلبي».
وبصوت حزين ودموع تنهمر، نعته الفنانة هيفاء عادل قائلة: «فقدناه الله يرحمه ولا اعتراض على حكم الله، فالراحل فؤاد الشطي فنان لا غبار عليه بتاتاً، وشخصياً كنت لا أناديه سوى عمّي فؤاد. الراحل كان إنساناً بكل معنى الكلمة، ويمتاز بالرقة والإنسانية، وأذكر أنه عندما كان يرى أحداً ما حزيناً يهرع إليه ليعرف السبب ويخفف عنه ألمه، فعلاً يعجز لساني عن نعي إنسان غال جداً». وأكملت: «لا أعرف ماذا أقول من كلمات، لكن (كل كلمة زينة إهي فيه)، أذكر أنه خلال رحلة علاج حفيدي، كان هو أيضاً مسافراً للقيام ببعض الفحوصات الطبية، لكن بالرغم من ذلك منحني من وقته كثيراً، فكان دائم السؤال والاطمئنان عني وعن صحة حفيدي بالاتصال أو بطريق الواتساب، وكان يحرص على إرسال الآيات القرآنية والأدعية (ما أحد سوّى مثله، لكن فؤاد الشطي سواها الله يرحمه)».
كما قال الفنان طارق العلي: «تعلمت الكثير من الراحل، وسعدت بالتعامل معه من خلال مسرحية (طار الفيل) في التسعينات وكان رحمه الله شخصية جميلة، وله مكانة كبيرة في قلوبنا، ورحل عنا عند رب العالمين في مكان أحسن من هذه الدنيا الفانية، ومثواه الجنة إن شاء الله».
من زاويته، قدم رئيس فرقة المسرح الكويتي الفنان أحمد السلمان خالص تعازيه ومواساته لعائلة الراحل، ولرواد وعشاق المسارح الكويتية كافة. وقال في تصريح خاص لـ«الراي»: «لقد كان الشطي رافداً من روافد المسرح الكويتي، إذ ترك بصمة قوية لا تخفيها تجاعيد الزمن، كما قدم المرحوم الكثير للحركة المسرحية، ولعل مسرحية (رحلة حنظلة) هي إحدى الأعمال المسرحية التي ستبقى عالقة في الذاكرة، عطفاً عن مسرحية (قضية خارج الملف)، وغيرها الكثير من الأعمال. وأوضح السلمان أن الكويت خسرت فناناً كبيراً، أفنى عمره وقدم كل ما يملك بغية الارتقاء بالمسرح الكويتي.
كما عبر الفنان جمال الردهان عن حزنه الشديد، قائلاً: «رحم الله الفقيد ونتمنى من الله أن يتغمده في رحمته ويدخله فسيح جناته ويصبرنا على مصابنا، فقد أثرى الراحل الساحة الفنية بأعماله وإبداعاته، وكان بمثابة الأب لنا جميعا وحالفني الحظ منذ بداياتي بمشاركته في العديد من التجارب الفنية التي أفتخر بها لاعتباره من جيل العمالقة الذي تربينا واستفدنا منه الكثير». وتابع الردهان: «طوال مسيرته الفنية لم يسئ لأحد فكان إنساناً مسالماً وحريصاً على أصدقائه وزملائه في العمل وإنجاز عمله بطريقة لائقة، وكان متسامحاً جداً وطويل البال لأبعد حد مع الجميع، الله يرحمه ويصبرنا على فقدانه».
ونعاه الدكتور نبيل الفيلكاوي قائلاً: «باسمي وباسم نقابة الفنانيين والإعلاميين نعزّي أنفسنا والمسرح العربي والمسرح الكويتي عامة بفقدان هرم من أهرامات المسرح الجاد، وعلى الصعيد الشخصي أرى أنني كنت محظوظاً جداً كوني تعاملت معه قبل ابتعاده عن الميدان، وكنت أنا في بداياتي كمهندس ديكور، وذلك في مسرحية (القضية) التي حصدت جوائز على صعيدي الإخراج والديكور بمهرجان (قرطاج)، وأيضاً من خلال مسرحية (سارة)، ولأنه كان رمزاً فنياً كبيراً أذكر أننا كرمناه في الدورة الأخيرة وكانت السابعة من مهرجان (الخرافي) المسرحي، لأن إنساناً مثله كان يستحق التكريم فعلاً».
وتابع الفيلكاوي: «بو أسامة كان بمثابة الأب لنا تدربنا على يده وتعلمنا الكثير، ومن خلال احتكاكنا الدائم معه أحببنا المسرح الجاد (ألف رحمة تنزل على قبره)، نعم لقد كان من مؤسسي الحركة المسرحية في الكويت، واسمه سيبقى محفوراً في قلوبنا، وسيتناقله الشباب المسرحي الذي لطالما كان داعماً له على جميع الأصعدة».
محطات
تكريمات
رُصِّعت رحلة الفقيد الراحل بالعديد من الجوائز والتقديرات والتكريمات محلياً وخليجياً وعربياً ودولياً. فعلى الصعيد المحلي، فاز الفقيد الراحل بجائزة الدولة التشجيعية في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية للعام 1989. وكرمته جهات علمية وثقافية وفنية عديدة في الكويت بشهادات تقدير، كما كُرّم في حفل تكريم الإعلاميين بدولة الكويت العام 2003. وكُرم في مهرجان الكويت المسرحي في دورته السابعة في أبريل 2004، وكُرّم أيضاً في مهرجان أيام المسرح للشباب في دورته الثانية (ميدالية الشباب) في سبتمبر 2004.
وخليجياً، حصل الشطي على جائزة أفضل عرض مسرحي لإخراجه مسرحية «رحلة حنظلة» في مهرجان بغداد المسرحي العام 1985. وكُرّم في الدورة السادسة للمهرجان المسرحي للفرق المسرحية الأهلية بدول مجلس التعاون الذي أقيم في سلطنة عمان في مايو 1999، ببادرة هي الأولى من نوعها في دول المجلس، وذلك بإجماع من فرق ومسرحيي هذه الدول. وكُرِّم في مهرجان أيام الشارقة المسرحية في أكثر من دورة، كما كرمته إمارة الفجيرة العام 2002.
وعربياً، نال الفقيد الراحل العديد من الجوائز والتكريمات، حيث حصل على جائزة أفضل مخرج في يوم المسرح العربي لتكريم الفنان المسـرحي العام 1980، وحصل على جائزة أفضل تقنية مسرحية عن مسرحية «القضية خارج الملف» من مهرجان قرطاج العام 1989، وتم تكريمه في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي العام 1992، ومهرجان أيام قرطاج المسرحية في دورته السادسة العام 1993 لإسهاماته البارزة في مجال المسرح، وفي مهرجان المسرح الأردني.
ودولياً، كان للشطي بصماته التي وضعت المسرح الخليجي على خريطة الاهتمام العالمي، حيث تم تكريمه في مدينة بيشيليي الإيطالية العام 1998، كما كرمه حاكم ولاية تامبيكو المكسيكية بشهادة تقدير ومواطنة شرفية أثناء المؤتمر الدولي العام للهيئة العالمية للمسرح بالمكسيك العام 2004. وتم تكريمه في مهرجان المسرح لدول البحر المتوسط في إيطاليا في سبتمبر من العام نفسه.
مسرحياته
قائمة مسرحيات فؤاد الشطي طويلة، فقدم على الخشبة الكثير من الأعمال التي حققت نجاحات وتركت بصمة واضحة في مسيرة المسرح الكويتي. ومن مسرحياته: «سلطان للبيع»، «نورة»، «عشاق حبيبة»، «احذروا»، «الثمن»، «رحلة حنظلة»، «القضية خارج الملف»، «فرحة أمة»، «خروف نيام نيام»، «دار»، «طار الفيل»، «مراهق في الخمسين»، «الثالث» و«المناصب».