نسمات
تسونامي بنما!
| ?د. وائل الحساوي ?|
1 يناير 1970
05:10 ص
عجيب هذا العالم الذي نعيش فيه اليوم، فلم يعد فيه شيء مخفي. فقد كشفت ملايين الوثائق المسربة من «ويكيليكس» وغيرها عن أسرار غريبة لشخصيات كانت تملأ العين، وكشفت عن مدى نذالتها وفسادها، ولم يستطع أحد الدفاع عنها، فالحقيقة تدمغ كل ما تحتها!!
لقد حاولت الدول التي نالتها التسريبات والشخصيات التي طالتها الفضائح تغطية عوراتها والدفاع عن نفسها، لكنها فشلت جميعاً وانكشف كذبها ومخادعتها!!
كان آخر تلك الفضائح ما اصطلح على تسميته بـ «وثائق بنما» المسرّبة من مكتب المحاماة البنمي (موساك فونسيكا) والتي تقع في 11.5 مليون وثيقة طالت آلاف الاشخاص وأكثر من سبعين من الحكام في دول العالم كافة والتي تكشف عن عمليات غسيل أموال وفساد مالي كبير!!
كانت ردات الفعل في العالم على تلك الفضائح المدوية متفاوتة، فدولة مثل ايسلندا التي تحترم شعبها اضطر رئيس وزرائها إلى الاستقالة بعد أن تبين بأنه أسس وزوجته شركة في الخارج بملايين الدولارات!!
أما الرئيس الروسي بوتين فقد اعتبرها مؤامرة تستهدفه ومن معه بعد أن كشفت الوثائق ضلوعه في تهريب ملايين الدولارات إلى الخارج!! بعض الدول مثل الصين أنكرت فضيحة فساد سبعة مسؤولين في الحزب الشيوعي السابق، وبعضها وعد بالتحقيق حالما ينكشف له أي معلومات مثل تونس، ومن بينهم المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي السابق!!
القناة الفرنسية تحدثت في نشرة واحدة من نشراتها الإخبارية عن أسماء العديد من الحكام العرب الذين تم كشف أسمائهم في تسريبات بنما، ونوعية غسيل الأموال المتعلقة بهم، لكن العجيب هو أن القناة لم تكرر تلك الأخبار وكأنما نالها نوع من التهديد إن لم تتوقف عن كشف الفضائح!!
وماذا عن الأميركان والكويتيين؟!
ما أثار تعجب الكثير من الناس هو عدم احتواء التسريبات البنمية على أي أسماء أميركية مع أن الأميركان هم أبطال غسيل الأموال على مستوى العالم، فهل ستكون هذه هي الوجبة المقبلة لتسريبات بنما أم أن للمسربين مصلحة في التغطية على الأميركان؟
ما كنت أتمناه هو أن يتم نشر بعض أسماء الهوامير الكويتيين الذين يعلم الجميع عن تهريبهم لملايين الدنانير إلى الخارج وضلوعهم في سرقة أموال البلد، لكنني مطمئن إلى أن سلسلة الفضائح المالية (تسونامي) لن تتوقف وأنها لابد أن تكشف كل من تآمر على البلد وفرط في حماية أمواله!!
المهم هو أن تبادر الحكومة بايقاع العقوبة المناسبة على كل من يثبت تورطه في أي عملية غسيل أموال كما فعلت مع مدير التأمينات السابق، وكما أوصى مجلس الأمة في شأن هيئة الاستثمار ومكتب لندن، وقد وصلتنا أخبار سارة عن قرب طرد عبدالحميد دشتي من مجلس الأمة ونائب آخر طويل اللسان زوّر عشرات الجنسيات لعائلته!!
إن النزاهة المالية والسياسية هي عنوان تقدم الأمم، ومتى استبيحت وتم الدوس عليها، فإن الفساد سيعم كل شيء وسيصبح من العبث التحدث عن النهضة والتقدم!! يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد».