رسالتي

النجاح... ووجه الحسناء

1 يناير 1970 10:11 م
لا تحزن إذا هاجمك الناس لنجاحك وتميّزك، فلا يُقذف من الشجر إلا المثمر. ولا تحزن إذا انتقصوا من نجاحاتك وابداعاتك وتقدمك، فالناس لا تهاجم إلا الأحياء، وأما الأموات فلا أحد يعبأ بهم.

لا تحزن إذا اتهموك في ما ليس فيك، فقد اتُّهِمت أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، وهي الطاهرة المطهرة.

ولا تحزن إذا تم تشويه انجازاتك، لعدم قدرتهم على الوصول لأمثالها:

حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه... فالقوم أعداء له وخصوم

كضرائر الحسناء قلن لوجهها.... حسداً وبغياً إنه لدميم

ولا تحزن إذا شتمك نذل أو سفيه، فلقد تعرض لأكثر من ذلك - خير الخلق كلهم - سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يزدد عند الله تعالى بعفوه، إلا عزة ورفعة.

لا تستغرب إذا مكر بك أقرب الناس لك، فلم يَقْذِف يوسف عليه السلام في البئر إلا أخوته.

ولا تتعجب إذا جاءتك الطعنة من أعز أصدقائك، فلقد قُتل المظفر قطز على يد ساعده الأيمن الظاهر بيبرس.

يقول صاحب لامية العجم:

أعدى عدوك أدنى من وثقت به... فحاذر الناس واصحبهم على دخل

لك الحق إذا ما اتهمت بما ليس فيك أن تدافع عن نفسك، فالله تعالى يقول: «لا يُحِبُّ اللهُ الجهرَ بالسوء من القول إلا من ظُلِم...».

ولست مجبرا أن تعتذر عن شيء لم تفعله، أو تندم على أعمال تفتخر بها، ويراها غيرك من العيوب.

إذا محاسني التي أدل بها... كانت ذنوبي فقل لي كيف أعتذر

تعامل مع خصومك بأخلاقك التي تعلمتها من إسلامك ودينك وأخلاق نبيك عليه الصلاة والسلام، ولا تتعامل مع الناس بأخلاقهم التي لم يراعوا فيها الأدب. يقول الله تعالى «خذ العفو وأْمُر بالعرف وأعرض عن الجاهلين».

وكما قيل، لا ترد على الأحمق بمثل أسلوبه حتى لا يُخطئ الناس في التفريق بينكما.

يقول الشافعي:

يخاطبني السفيه بكل قٌبح... فأكره أن أكون له مجيبا

يزيد سفاهة وأزيد حلما... كعودٍ زاده الإحراق طيبا

ويقول:

إذا نطق السفيه فلا تجبه... فخير من إجابته السكوت

فإن كلمته فرجت عنه... وإن خلّيته كمدا يموت

من أعظم الوصايا في التعامل مع المسيء اليك، قول الله تعالى: «ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم».

ومن أفضل الردود على من تعرض لك بالأذى، أن تُحرجه بحِلمك وصفحك ونُبْل أخلاقك.

دخل الحسن بن الحسن على زين العابدين علي بن الحسين، رضي الله عنهم أجمعين، فأساء له بالكلام وهو مع أصحابه في المسجد، فتركه حتى انتهى من كلامه ولم يرُد عليه، حتى انصرف.

فلما كان من الليل، أتاه إلى بيته، فتفاجأ الحسن بابن عمه عند الباب، وظن بأنه أتى ليأخذ حقه، لكن علي بن الحسين، قال: «يا أخي إن كنت صادقا في ما قلت لي فغفر الله لي، وإن كنت غير ذلك غفر الله لك، والسلام»، ثم انصرف.

فتبعه الحسن وهو يبكي نادما والتزمه من خلفه، وقال: «لا عُدت إلى ما تكره مرة أخرى»، فقال علي بن الحسين: «وأنت في حِلٍّ مما قلت».

Twitter:@abdulaziz2002