حوار / «الدولة تجاهلت تكريمي 35 سنة وأخاف أن يتكرر الأمر مع الشباب»

عامر الزهير لـ «الراي»: أخجل عندما يسألونني عن سينما الكويت

1 يناير 1970 12:14 م
الشعب الكويتي عاشق للسينما بطبعه ورغم هذا لا توجد لدينا صناعة

العالم العربي يتساءل أين الكويت وقد يمر عام كامل من دون أن نرد ولو بفيلم واحد

المهرجانات العربية احتفت بثلاثية «عندما تكلم الشعب» والرقابة عندنا منعتها بحجة التعارض مع المصلحة العامة

فيلم «اغتيال سعد حلاوة» أحد أحلامي وما زلت أتمنى تنفيذه
مؤلم أن يأتي التكريم متأخراً، لكن ربما يكون الأشد إيلاماً أن يأتي من خارج حدود الوطن!

هذا ما شعر به المخرج عامر الزهير، وهو واحد من الأسماء اللامعة كأبرز مؤسسي السينما الوثائقية، وصاحب ثلاثية «عندما تكلم الشعب» التي احتفت بها مهرجانات دولية عديدة، فيما لا يزال هو يحلم بعرضها في الكويت. الزهير الذي بدأ رحلته مع أوائل الثمانينات عقب حصوله على بكالوريوس الفنون المسرحية من الولايات المتحدة، بفيلم قصير يحمل اسم «جرعة حب» قبل أن تتوالى الأعمال التي قدمها ومنها «زيت على قماش» و«قصة شهيد وصحوة» وفيلمه الدرامي «القرار»، ثمّن تكريمه في مهرجان الأقصر السينمائي الأخير، إلا أن شعوراً بالمرارة خالط فرحة التكريم الأول بداخله.

وعبّر الزهير الحاصل على جائزة «التانيت البرونزي» من مهرجان قرطاج السينمائي الدولي، عن الشعور بالأسى أن ثلاثيته «عندما تكلم الشعب» التي يعتبرها أحد أهم ما قدّم عبر مشواره من أعمال، وحصد بها أكثر من جائزة على مستوى العالم العربي، لم يتم إجازة عرضها في الكويت حتى الآن. كما عبّر عن الألم من أنه وبعد كل هذه السنوات الطويلة يخجل عندما يتم سؤاله عن السينما الكويتية، معرباً عن الأسف لم تلقاه من ضيم، رغم أن الشعب الكويتي عاشق للسينما بطبعه. وهذا نص ما دار معه من حوار:

• كيف تنظر إلى تكريمك الأخير من جانب الدورة الرابعة لمهرجان الأقصر السينمائي في مصر؟

- شعرت بسعادة غامرة به، وربما تتعجبين عندما أقول لك إنه التكريم الأول لي بالرغم من أن مسيرتي الفنية تعدت 35 عاماً. وبالنسبة إلى الأقصر، فهي مدينة ساحرة، وسبق أن قمت بزيارتها كسائح أكثر من مرة، آخرها كانت بصحبة أسرتي منذ نحو ثلاث سنوات وأنا سعيد بتكريمي وسط جمهور الأقصر الطيب، ومصر دائماً هي الداعمة لكل المواهب على مستوى العالم العربي وتستقطب الفنانين وتحتضنهم والتاريخ يشهد على ذلك.

• ولماذا تم اختيار ثلاثية «عندما تكلم الشعب» بالتحديد ضمن تكريمك بالرغم من أن لك أعمالاً أخرى كبيرة سواء في الدراما أو السينما؟

- هذا جاء بناء على طلبي أنا شخصياً، لأني أعتز جداً بهذا العمل بالرغم من أنه من أواخر الأعمال التي قدمتها. فالثلاثية ربما لم تأخذ حظها في العرض داخل الكويت وهي شبه ممنوعة، لكنها في المقابل حظيت باستقبال رائع في المهرجانات الفنية في العالم العربي التي احتفت بها وحصدت أكثر من جائزة، ومنها مهرجان الخليج الذي حصلت منه على جائز لجنة التحكيم الخاصة العام 2009، كما سبق وحصدت أيضاً جائزة أفضل فيلم وثائقي العام 2008 من المهرجان نفسه. لذلك، فأنا أتمنى أن يرى كل العالم العربي هذا العمل، لأنه يعبّر عن إرادة شعب.

• لكن ما سبب منع عرض ثلاثية «عندما تكلم الشعب» في الكويت؟

- الرقابة هي التي منعت عرض العمل بحجة أنه يتعارض مع المصلحة العامة، لذلك لم أطلب منهم مرة أخرى أن يعرضوه لأنهم بهذا يتهمونني في وطنيتي. لكن في المقابل، تم استقبال العمل بشكل جيد جداً من جانب شباب الجامعات، الذين قالوا لي إنهم للمرة الأولى يرون عملاً فنياً من دون «تطبيل» ويعبر عنهم بشكل مشرف. وهم عبروا عن هذا الرأي من خلال المدونات، لأن مواقع الإعلام مثل «فيسبوك» و«تويتر»، وقت إنجاز العمل لم تكن حققت الانتشار الكبير الذي نراه حالياً. وعرضت الثلاثية أيضاً في جمعيات النفع العام والسفارتين البريطانية والأميركية، وها هي تُعرض في مصر.

• بالرغم من أن عمر السينما في العالم العربي تعدى المئة عام، إلا أن السينما الكويتية لم تنتج سوى عدد محدود جداً من الأفلام الروائية على مدار تاريخها، فما السبب من وجهة نظرك؟

- الشعب الكويتي عاشق للسينما بطبعه، ومع هذا فالسينما في الكويت لا نستطيع أن نعتبرها صناعة مثل بقية الدول الأخرى، وما قدم فيها لا يتعدى مجرد محاولات فردية. وأنا أخجل عندما أكون متواجداً في أي مهرجان فني ويسألونني عن السينما في الكويت وعدم منافستها بشكل قوي. فهذا الأمر يحزنني كثيراً لأني غيور على سينما بلدي، والسينما الكويتية تعاني من ندرة شركات الإنتاج المختصة التي تعمل ضمن خطة تراكمية واضحة، هذا بجانب غياب الدعم الحكومي المنتظم لتقديم أفلام روائية طويلة وقصيرة. وعندما أنتجت برنامجاً لتغطية فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وتصوير فعالياته في إحدى الدورات، أصررت أن يثار الحديث عن السينما الكويتية لعلي أُذكِّر بها المسؤولين لدينا. فالعالم العربي يتساءل أين السينما الكويتية، بينما قد يمر عام كامل من دون أن يُنتج فيلم واحد نستطيع أن نقول من خلاله إننا موجودون.

• وهل ترى أنه تم تجاهل تكريمك في الكويت حتى الآن عن قصد؟

- لا أعلم، لكن الدولة تجاهلت تكريمي 35 سنة وأخاف أن يتكرر هذا مع الشباب، فما ذنبهم!

• نلاحظ اهتمامك بالشباب والحديث الدائم عنهم، فماذا ترى فيهم؟

- أرى فيهم المستقبل، فلا بد من الأخذ بيد الشباب وتطوير قدراتهم، وهنا لا أقصد فقط شباب السينمائيين وإنما الشباب في كل المجالات.

• بالرغم من عدم الاهتمام بالسينما، لكن في المقابل الدراما الكويتية تلقى اهتماماً. فما السبب؟

- لأن الناس يقبلون عليها ويتم إنتاج معظم الأعمال الدرامية التي تكون رسالتها الأولى هي التسلية، لكن في رأيي إذا تم إنتاج أفلام جادة وتعبر عن الواقع الكويتي سيقبل عليها الناس بالقدر نفسه.

• على مدار تاريخك قدمت أعمالاً روائية ووثائقية ودراما... فأي هذه المجالات أقرب إلى قلبك؟

- قد تفاجأين أنني أميل أكثر إلى الدراما، ولديّ أعمال أعتز بها مثل «القرار»، كما أعتز أيضاً بمشروع التخرج الذي قدمته وأنا في أميركا ويحمل اسم «جرعة حب»، ويحكي قصة حب جمعت بين فتاة إسكندرانية وشاب إيطالي كان يدرس في الإسكندرية، وعندما أنهى دراسته قرر أن يتركها.

• حدثنا عن فيلم «اغتيال سعد حلاوة» والذي رُفض من قبل السلطات المصرية في أثناء حكم الرئيس الأسبق مبارك؟

- أعتبر أن هذا الفيلم من أحلامي المهمة ومازلت أتمنى أن يخرج للنور، وترجع فكرته لسنة 1985 عندما قرأت تحقيقاً صحافياً للكاتب المصري شفيق علي أحمد، كان منشوراً في جريدة «الوطن» الكويتية، يحكي فيه عن شاب مصري تم اغتياله من قبل وزارة الداخلية المصرية، بسبب رفضه لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل ودخول السفير الإسرائيلي للقاهرة، حيث قام بالاعتصام واحتجاز رهائن يوم دخول السفير الإسرائيلي مصر، وتم التعتيم على هذه القضية فقررت إنجاز فيلم تسجيلي عن هذا الشاب، لكن وقتها رفضت الرقابة في مصر هذا المشروع.

• وهل ما زالت فكرة الفيلم تراودك؟

- بالتأكيد، خصوصاً أن النظام تغيّر في مصر، وقد تجددت الفكرة وعرضت الموضوع على صديقي الناقد علي أبوشادي فقال لي إنه من الممكن أن تتم الموافقه عليه. وأنا قمت بكتابة معالجة للفيلم وسبق أن حصلت على موافقة كاتب القصة شفيق علي أحمد، وأرى أنها تصلح لتقديمها بأكثر من صورة سواء تسجيلية أو روائية.

• وهل هناك مشروع آخر تتمنى أن يخرج للنور؟

- بالفعل هناك مسلسل أتمنى تقديمه عن أسطورة «جحا» للمؤلف المصري صلاح كامل، وهو كان يكتب في صحيفة «البيان» الإماراتية، حيث يجمع هذا العمل بين الظرف والفكاهة من ناحية ومن ناحية أخرى الحكمة. وهذا المشروع عمره 20 عاماً وقمت بعرضه على أكثر من جهة إنتاجية لكنهم يعتذرون، ومع هذا لديّ أمل أن أقدم هذا العمل.

• حدثنا عن هواياتك؟

- تستهويني بشكل كبير في السنوات الأخيرة القراءة في الأديان والتاريخ. كما أعشق الاستماع إلى الموسيقى الطربية في أغاني عبدالحليم وعبدالوهاب وأم كلثوم وفيروز، وأيضاً أحب جورج وسوف وكاظم الساهر، وبشكل خاص القصائد.