وفقاً لنتائج دراسة حذرت تحديداً من البنسلين والسيفالوسبورين والكوينولون والماكروليد
الإفراط في المضادات الحيوية يزيد خطر الإصابة بالنمط الثاني من السكري
|ملف أسبوعي من إعداد: عبدالعليم الحجار|
1 يناير 1970
06:10 م
يمكن للمضادات الحيوية أن تتسبب في إحداث تغييرات بآلية عمل منظومة بيئة الجهاز الهضمي
نسبة الإصابة وصلت إلى 37 في المئة لدى المرضى الذين تعاطوا جرعات مضادات كبيرة ومتقاربة
لأن «النبض» يضخ عنفوان الحياة في البدن والنفس، ...
ولأنه هو سر سريان «العافية» التي تتجلى في تمتعهما بالصحة السليمة، ...
فإن «الراي» تضع بين أيديكم هذه المختارات المتنوعة تحت العنوان التالي:
حذّرت نتائج دراسة بحثية طبية أميركية من أن الإفراط في تعاطي المضادات الحيوية يؤدي في كثير من الحالات إلى زيادة احتمالات خطر الإصابة بالنمط الثاني من مرض السكري.
ووفقا لما خلُصت اليه نتائج تلك الدراسة المهمة، التي أجرتها اقسام أمراض الجهاز الهضمي وطب الأورام في جامعة بنسلفانيا الأميركية، فإن «هناك ثمة حاجة ماسة إلى التأكيد على ضرورة التحذير من كثرة استخدام المضادات الحيوية وتوعية الأطباء إلى أنه من المهم جداً ألا يلجأوا إلى وصف مضادات حيوية لمرضاهم إلا في أضيق الحدود وفي حالات الضرورة المُلحة فقط».
وأوضح الباحثون الذين شاركوا في إجراء الدراسة أنهم قاموا خلالها بمتابعة ومراجعة تاريخ كميات وتأثيرات جرعات المضادات الحيوية التي أعطيت لأكثر من 200 ألف مريض في بريطانيا وذلك خلال السنة التي سبقت اكتشاف وتشخيص اصابتهم بالنمط الثاني من مرض السكري، وقام الباحثون بمقارنة البيانات التي استاقوها مع كميات وتأثيرات جرعات المضادات الحيوية التي كانت قد أعطيت لنحو 800 ألف مريض آخرين لم يصابوا بالسكري.
وفي سياق تقرير علمي نشرته «الدورية الأوروبية حول أمراض الجهاز الهضمي»، كتب الباحثون موضحين أنهم لاحظوا من خلال دراسات استقرائية واكلينيكية أن احتمالات الاصابة بالنمط الثاني من مرض السكري كانت أعلى بنسبة وصلت إلى 37 في المئة لدى المرضى الذين تعاطوا جرعات كبيرة ومتقاربة من أنواع معينة من المضادات الحيوية وعلى الأخص المضادات التي تعتمد تركيبتها على البنسلين والسيفالوسبورين والكوينولون والماكروليد.
وبشكل أكثر تحديداً، كشفت نتائج الدراسة عن أن تعاطي 2 إلى 5 وصفات علاجية على مدار سنة من مضادات البنسلين الحيوية - على سبيل المثال - يؤدي إلى ارتفاع خطر الإصابة بالنمط الثاني من مرض السكري بنسبة تصل إلى 8 في المئة، وهي النسبة التي ترتفع إلى 23 في المئة بالنسبة إلى المرضى الذين يتعاطون أكثر من 5 وصفات من ذلك المضاد الحيوي على مدار السنة. وتصل نسبة الخطر ذاته إلى 15 في المئة بالنسبة إلى المرضى الذين يتعاطون من 2 إلى 5 وصفات من أي مضاد حيوي يتألف من الكوينولون الذي يستخدم عادة لعلاج إصابات والتهابات المسالك البولية والجهاز التنفسي، بينما ترتفع تلك النسبة إلى 37 في المئة في حالات المرضى الذين يتعاطون أكثر من 5 وصفات كوينولون على مدار سنة.
وأشار الباحثون إلى أن قياس مستويات الخطر أخذ أيضاً بعين الاعتبار عوامل خطورة إضافية أخرى لدى المرضى الذين شملتهم الدراسة، مثل السمنة والتدخين وتاريخ أمراض القلب بالإضافة إلى تاريخ حالات الإصابة السابقة لدى المريض.
وتعليقاً على مغزى تلك النتائج، قال الدكتور «بن بورسي» الذي أشرف على إجراء الدراسة: «الواقع أن دراستنا انطلقت من فرضية مفادها أن البكتيريا التي تعيش في الأمعاء لدى الانسان والحيوان تؤثر على الآليات المسببة للسمنة والسكري ومقاومة المضادات الحيوية. وفي هذا الصدد، كانت دراسات سابقة قد كشفت عن أنه يمكن للمضادات الحيوية أن تتسبب في إحداث تغييرات في آلية عمل منظومة بيئة الجهاز الهضمي».
وشدد الدكتور بورسي على خطورة الافراط في وصف المضادات الحيوية قد بات مشكلة متفشية حول العالم، محذرا من أن ذلك بات يسهم على نحو متزايد في جعل بكتيريا الأمعاء أكثر مقاومة لتأثيرات تلك المضادات، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة احتمالات الإصابة بأمراض عدة من بينها السكري.
ومن جانبه قال الدكتور «يو-تشياو يانغ» الذي شارك في إجراء الدراسة ذاتها: «على الرغم من أن دراستنا هذه لم تهدف أساسا إلى التركيز على توضيح الأسباب والنتائج، فإننا نستطيع التأكيد من خلال ما توصلنا اليه على مسألة مهمة جدا ألا وهي أن تنوع وتغير مستويات بكتيريا الأمعاء يمكن أن يفسر لنا العلاقة الارتباطية المباشرة بين المضادات الحيوية وبين خطر الإصابة بمرض السكري».
وأضاف الدكتور يانغ قائلا: «إن النتائج التي توصلنا اليها تنطوي على أهمية كبيرة، ليس فقط لأنها تساعدنا على فهم الكيفية التي يمكن بها لمرض السكري أن ينشأ، ولكن أيضا لأنها تعتبر جرس إنذار يدعو الأطباء والمرضى على حد السواء إلى ضرورة تقليص اللجوء إلى تعاطي المضادات الحيوية التي قد يفوق ضررها نفعها في حالات كثيرة».