«حزب الله يهدّد الأمن السعودي ويذهب إلى الكويت والبحرين والإمارات... ماذا يمكن أن يكون هذا غير عمل إرهابي»؟
الحريري... من تحريك المياه الراكدة إلى «تحرير» الرئاسة في لبنان!
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
09:25 ص
جنبلاط استكشف في باريس آفاق الوضعين اللبناني والإقليمي
أثارت المواقف المتفائلة بإجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية في وقت قريب وخلال شهر ابريل المقبل تحديداً والتي أطلقها الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري في مقابلة تلفزيونية ليل أول من أمس، كثيراً من اللغط والاجتهادات المتناقضة والقراءات المتنوعة حيال المعطيات او الدوافع التي اتكأ اليها في تفاؤله.
ولعلّ ما جعل تفاؤل الحريري يتحوّل المادة السياسية الأكثر إثارة للجدل والاهتمام في الساعات الأخيرة، هو ان تفاؤلاً مماثلاً برز لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تحدّث عبر إحدى الصحف اللبنانية عن اقتراب نضج الثمرة الرئاسية، الأمر الذي طرح السؤال حول اذا كان ثمة فعلاً تطورات تجري علناً او ضمناً من شأنها ان تحمل نهاية للأزمة الرئاسية في لبنان عشية بلوغها سنتها الثانية في 25 مايو المقبل.
والواقع ان أوساطاً سياسية واسعة الاطلاع تلفت عبر «الراي» الى ان تأكيدات الحريري بإمكان انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة المقبلة في 23 مارس الجاري او التي تليها في أبريل المقبل، لا يمكن فصلها عن المعطى الآخر الذي يتمثّل في حضور أكثر من 73 نائباً الجلسة الانتخابية الأخيرة التي كان موعدها في 2 الجاري وتالياً سعي الحريري الى رفْع العدد في الجلسة المقبلة الى ما يقترب كثيراً من نصاب الثلثين الإلزامي لجلسات الانتخاب اي 86 نائباً.
وتقول الاوساط انه يمكن إدراج تفاؤل الحريري في إطار السياسات الضاغطة والتصعيدية التي يتبعها منذ عودته الى بيروت قبل شهر تماماً والهادفة بشكل واضح الى إمساك زمام المبادرة بالعمل بقوّة لانتخاب رئيس الجمهورية.
وتعرب الأوساط عن اعتقادها ان الحريري حقّق خطوات كبيرة وملحوظة في تحريك المشهد الداخلي المتصل بالرئاسة وان ما جعله يذهب أول من امس، الى المغامرة بتحديد مواعيد مبدئية لانتخاب رئيسٍ جديد، هو امتلاكه معطيات كافية عن تَوافُر أكثرية مؤكدة لمرشحه الرئاسي الزعيم «الزغرتاوي» النائب سليمان فرنجية. حتى ان الأوساط نفسها تربط النبرة الواثقة للحريري التي أطلّ بها عبر المقابلة التلفزيونية بارتفاع نسبة التأييد لمرشحه فرنجية بفعل الحملات التي أدارها الحريري بعد عودته الى بيروت، وبأقلّ الأحوال فإنّه نجح في تعرية الفريق المعطّل للانتخابات اي «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» (يقوده العماد ميشال عون) من خلال إحجام الحزب عن حسْم موقفه وإنجاز الاستحقاق الرئاسي رغم انه يملك ورقة ثمينة للغاية عبر ترشيح اثنين من أكبر حلفائه في قوى «8 آذار» (عون وفرنجية). لكن السؤال الذي تطرحه الأوساط نفسها أسوة بالكثير من المهتمّين هو: هل يكفي «الدفعُ الحريري» لتأمين اكتمال نصاب الثلثين لانتخاب رئيس جديد في الجلستيْن المقبلتيْن؟
بطبيعة الحال، تقول الأوساط ان ذلك لن يكفي وان تفاؤل الحريري يبدو من هذه الناحية أقرب الى ممارسة أقصى الضغوط المعنوية والإعلامية والسياسية الى حد اللعب على حافة المغامرة في حال لم تَتحقق أهداف الحريري قريباً. ولكن هذا الأخير لا يبدو خاسراً هنا مهما تكن النتائج المحتملة لانه يكفيه القول إنه قام بكل المحاولات ولم يوفّر شيئاً من اجل انتخاب رئيسٍ، ولكن الآخرين الذين يعطّلون الانتخاب هم المسؤولون.
ومع ذلك، لا تقلّل الأوساط أهمية التناغم القوي والمتصاعد بين الحريري وبري وكذلك النائب وليد جنبلاط الذين باتوا يشكلون ثلاثياً دافعاً بقوّة نحو استعجال الانتخابات، علماً ان غالبية المؤشرات توحي بأنهم يسيرون في خيار فرنجية.
ولعلّ أكثر ما استوقف هذه الاوساط في هذا السياق زيارة جنبلاط لباريس حيث يفترض ان يكون التقى امس، الرئيس فرانسوا هولاند وبحث معه في الملف اللبناني والوضع الاقليمي واستكشف نتائج محادثات «سيّد الاليزيه» مع كل من الرئيس الايراني حسن روحاني وولي العهد السعودي الامير محمد بن نايف بن عبد العزيز، مستطلعاً امكان ان تلعب فرنسا دوراً في تسريع التوافق الاقليمي - المحلي على انتخاب رئيس جديد.
وتشير الاوساط الى ان الاسبوعين المقبلين سيتسمان بأهمية ملحوظة في شأن بلْورة التوقعات والاتجاهات الداخلية المتعلقة بالأزمة الرئاسية وسط انتعاش الرهانات على التهدئة الاقليمية سواء في اليمن، مع التقارب بين الحوثيين والسعودية، او في سورية عبر انطلاق المفاوضات واستمرار الهدنة ولو مهتزّة.
ومع ذلك، فإن الأوساط نفسها تبدو حذرة للغاية من الإفراط في الاتجاهات المتفائلة سلفاً، وتقول ان الكثير من الخط البياني للأزمة الرئاسية سيتضح أكثر بعد خروج العماد عون عن صمته اللافت منذ فترة في خطابٍ سيلقيه غداً لمناسبة ذكرى 14 مارس 1989 التي أعلن فيها «حرب التحرير» على القوات السورية التي كانت تحتلّ لبنان.
وكان الحريري أعلن خلال مقابلته ثبات تحالف «14 آذار» معلقاً على الخلاف بينه وبين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع حول الملف الرئاسي (جعجع يدعم عون) بأن «الحكيم بيمون»، مؤكداً ان «لا شيء يفرّقني عن حلفائي إلا الموت».
واذ لفت الى استمرار الحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، توجّه الى الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله قائلاً: «أنا عدتُ الى لبنان واتمنى ان تعود أنت أيضاً الى لبنان».
وإزاء توصيف «حزب الله» بالإرهابي من دول مجلس التعاون الخليجي، سأل: «يذهب (حزب الله) إلى اليمن ويهدد الأمن السعودي ويذهب إلى الكويت والبحرين والإمارات ويلعب بالأمن الخليجي، ماذا تريد من الناس أن يقولوا عنه؟ ماذا يمكن أن يكون هذا العمل غير عمل إرهابي»؟ مضيفاً: «كيف يمكن أن يصبح قتال (حزب الله) في اليمن أشرف من قتال إسرائيل وأشرف من تحرير أرضك وناسك؟». وتابع: «لا يمكن لحزب الله أن يقوم بما يقوم به في الخليج وهو غير حاصل على الإجماع اللبناني (...) يذهب ويفعل (العشرة وذمتها) ويقول (بدك تدافع عني. لا حبيبي ما رح دافع عنك)، ما تفعله خطأ و60 ألف خطأ، وعندما ذهب (حزب الله) إلى اليمن والبحرين والكويت هل فكّر بالوحدة الوطنية؟».
وفي حين وصف الإجراءات الخليجية ضد «حزب الله» بأنها «أحرجت كل اللبنانيين وجميعهم متضررون منها»، اعتبر أن «(حزب الله) إذا نظر إليها بأنها لا تعنيه فإن في الأمر مشكلة»، سائلاً رداً على قول الوزير جبران باسيل إنه بين الوحدة الوطنية والإجماع العربي يفضّل الوحدة الوطنية: «عن أي وحدة وطنية يتحدث إذا كان (حزب الله) يقوم بأعمال عسكرية خارج البلاد، فنحن ضد حرب (حزب الله) في الخارج، ولا أحد (يحكينا) بالوحدة الوطنية، فهذا كذب».