ضوء

المرأة الفلسطينية

1 يناير 1970 04:35 م
لمناسبة شهر مارس العظيم، شهر المرأة، حيث يحتفل العالم في 8 مارس بيوم المرأة العالمي، وفي 21 مارس بعيد الأم، أتوجه للقراء بمجموعة مقالات تخص المرأة، وأبدأها بمقال تحية للمرأة الفلسطينية.

المرأة الفلسطينية لها تاريخ نضالي طويل، وتوجد نماذج نسائية قيادية مشرفة أثرت تأثيرا كبيرا على الوضع الاجتماعي والسياسي، أمثال سميحة خليل وعصام عبدالهادي وليلى خالد وأم جهاد وسلوى ابو خضر وغيرهن عشرات، لكن بحكم إن الشعب الفلسطيني لا يزال يقبع تحت براثن الاحتلال، فإن ظروف المرأة الفلسطينية صعبة ومعقدة جدا بتعقيد القضية، والمرأة تناضل على كل الجبهات، فهي وطن مكثف، لأنها أولا إنسانة ومواطنة تحمل هموم وطنها وشعبها وهي أم وابنة وزوجة، وهي طبيبة ومحامية وموظفة، تدافع عن مكاسبها بانتماء وطني عال، لكن إلى الآن لم تأخذ مكانتها المناسبة في المواقع القيادية، وعندما تتولى المرأة موقعا قياديا حتما تكون أكثر صبرا وتحملا.

عندما أشاهد تظاهرات باسم بعض المنظمات اليسارية في فلسطين، خصوصا غزة، أرى كثيرا من النساء المشاركات منقبات وأتساءل عن السبب... والملاحظة الغريبة إن أكثر التظاهرات يتقدمها الرجال وتسير النساء خلفهم وكأنهن توابع. وتجيب الدكتورة مريم من غزة: «بالطبع لا يخفى على المرء سيطرة الفصيل الإسلامي المتشدد في غزة، الذي يجبر المواطنات الفلسطينيات على ارتداء الحجاب والنقاب بأساليب مختلفة، سواء في شكل مباشر أو غير مباشر، ويحارب السافرات، والواقع أكثر مرارة، فالتعليم تأسلم، فصغار الإناث محجبات، حيث أول سؤال يوجه إلى هذه الطفلة عندما يرونها سافرة، هو: أأنت مسيحية؟ وكذلك ضعف التيارات الوطنية الأخرى القومية والليبرالية واليسارية لمواجهة المد تيار الإسلام السياسي، واعتبار قضية المرأة قضية ثانوية، وغياب الديموقراطية والعدالة الاجتماعية والمواطنة الحقة في المجتمع الفلسطيني والعربي عامة».

وتقول الأخت هناء من فلسطين: المرأة هي الضحية الأولى لكل تيارات الإسلام السياسي، السني والشيعي، ولكل الحركات التي تدعي أنها حركات إلهية وتعتبر نفسها الناطق الأوحد باسم الدين، والقضية أعمق من حجاب أو نقاب، فهما مظهر لمشكلة حقيقية، ألا وهي التهميش الواضح والمتعمد للمرأة في مختلف مناحي الحياة، ويشمل قوانين الأحوال المدنية من الزواج والطلاق والحضانة والعمل، فقيمة الأجر الذي تتقاضاه المرأة عن عمل واحد، أقل مما يتقاضاه الرجل في أغلب الأحيان، وتستبعد المرأة عمدا عن مواقع اتخاذ القرار، إلا قلة منهن ممن تكون أفكارهن مطابقة تماما للفكر الذكوري السائد، وبسبب معارك التكفيريين الذين حرّفوا البوصلة، بعدت القضية الفلسطينية عن الساحة الجماهيرية، وكذلك دور المحطات الفضائية العربية السلبي في ذلك.

المرأة الفلسطينية شاركت في تحمل أعباء الأسرة في ظل غياب الزوج أو الأب، حين يعتقل أو يستشهد، تحملت الفقد والحزن والعذاب، وتقدمت صفوف للنضال ضد الاحتلال الصهيوني، لكن للأسف الفصائل القومية والليبرالية واليسارية التي تؤمن بالمشاركة والديموقراطية لم تنصف المرأة أيضا، ولم تواجه الجماعات التكفيرية والمتأسلمة في شكل مباشر بل فضلت الخنوع والانحناء لهم خوفا من تهمة التكفير، إضافة إلى حالة الشرذمة التي تعيشها الفصائل الفلسطينية، فلا يمكن الحديث عن أي شيء قبل أن تتم الوحدة الوطنية على أرض الواقع، فالتيارات الليبرالية كانت دائما رافعة للعمل الوطني الفلسطيني، والدور الهامشي الذي أصبحت عليه انعكس سلبا على المرأة خصوصا في مختلف المجالات، وعلى ثقافة المجتمع في شكل عام، والوضع مؤلم وكارثي على الأصعدة كافة، فإن نهضت المرأة ينهض المجتمع كله، ثم تأتي مهمة النهوض بالتعليم والمناهج والبيئة التعليمية.

المساومة تأتي دوما على حقوق المرأة، بسبب عجز التيارات الليبرالية، والمشكلة إن الصراع بين التيارات الفلسطينية المتأسلمة والليبرالية للتسابق على احتلال المناصب والمواقع القيادية، يأتي على حساب القضية الوطنية، وكأن الاحتلال قد زال، ويتناسون ان المحتل هو المستفيد الأول من هذا الصراع، وأعتقد ان أهم المقاييس لتحضر أي مجتمع من المجتمعات هو نظرته للمرأة ومدى مشاركتها في التنمية المجتمعية.

إضاءة:

مناشدة امرأة من غزة المحاصرة: «وامعتصماه... طبول الحرب تدق على مسامعنا، والموت يتربص في كل الزوايا، والناس تنتظر بقلق العدوان الجديد، مع ان العدوان القديم لا يزال ماثلا أمام الأعين، فأصحاب البيوت المدمرة ما زالوا في العراء والرعب يملأ القلوب، الوضع كارثي ومخيف، الأسرى يتعرضون للموت البطيء والبيوت تدك والأراضي تسرق على مرأى ومسمع العالم واللاجئون يتعرضون للموت، والأمم المتحدة ما زالت تعبر عن قلقها! كل ما نريده أن يشعر العالم بنا لفضح سياسة المحتل العدوانية، فك الحصار ومنع أي عدوان صهيوني جديد على شعبنا المحاصر في غزة. فهل لنا من يسمع»؟

[email protected]