التلويح الجدّي لسلام بالاستقالة «يستنفر» القوى السياسية
أزمة النفايات المتمادية في لبنان تهدّد بـ «طمْر» الحكومة
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
07:20 ص
الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تقرير مصير الحكومة بقاءً أو استقالة
وضعتْ تطورات أزمة العلاقات بين لبنان والدول الخليجية من جهة وتَفاقُم أزمة النفايات في لبنان بصورة شبه مستعصية على أيّ حلٍ من جهة أخرى، رئيس الحكومة تمام سلام أمام واقعٍ بات يبدو معه راغباً بشدة في إشهار فشل الحكومة، وتالياً إعلان استقالته في ما يصفه الوزراء القريبون منه بأنه قرار أكثر من جدي وحازم.
ويؤكد وزراء وسياسيون كانوا على اتصال دائم مع سلام في عطلة نهاية الاسبوع بان الأيام القليلة المقبلة بدءاً من اليوم ستكون حاسمة في تقرير مصير الحكومة بقاءً او استقالة، في ظل ما يردّده رئيس الحكومة من انه ينتظر الأجوبة النهائية من القوى السياسية المعنية بإقرار خطة اعتماد لتوزيع المطامر على عددٍ من المناطق والشروع في إنهاء أزمة النفايات، وإلا فانه ذاهب الى الاستقالة هذه المرة نهائياً.
وحتى البارحة، لم تكن صورة الموقف قد اكتملت بما يعني ان سلام لم يتسلّم الأجوبة النهائية، ولكنه متريّث في انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة التي ستُعدّ اختباراً اخيراً امام القوى السياسية لإثبات اتجاهها الى تحمل مسؤولياتها في إنهاء الازمة مهما صعبت التعقيدات، كما للرئيس سلام في امتحان جديته وقدرته على قلب الطاولة في وجه الوسط السياسي برمّته.
وأكد الوزراء أنفسهم ان الزعامات السياسية الكبيرة تأخذ تلويح سلام بالاستقالة على محمل الجدية التامة وتخشى واقعياً انفراط عقد الحكومة، ما لم يحصل استدراك للموقف بالسرعة اللازمة. ولذا كثّف كلٌّ من الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، وحتى قيادة «حزب الله»، مساعيهم من اجل التوصل الى توافقات نهائية تضمن بقاء الحكومة بإقرار خطة المطامر في مطلع الاسبوع الجديد، وفي حال استمرار بعض العقبات، إقناع الرئيس سلام بالتريث وقتاً اضافياً نظراً الى خطورة استقالة الحكومة في هذه الظروف، وما يمكن ان تستدرجه من تداعيات سلبية اضافية على مجمل الوضع في لبنان.
حتى ان ثمة مؤشراً برز في اطار تخوف الجميع من استقالة الحكومة مع عدم إثارة اي مشكلة من جانب وزير الخارجية جبران باسيل، بعد تكليف الرئيس سلام وزير البيئة محمد المشنوق، الأقرب الى سلام، تمثيله في قمة الدول الاسلامية في جاكرتا امس بدل باسيل. واكدت اوساط كل من سلام وباسيل ان الامر حصل بالتنسيق بينهما.
وبدا واضحا ان سلام أراد توجيه رسالة واضحة بانه يرغب في تخفيف التداعيات على لبنان فانتدب المشنوق بدلا من باسيل الى القمة الاسلامية، استناداً الى انه تلقى دعوة شخصية الى القمة وبإمكانه انتداب اي وزير لتمثيله. كما ان باسيل لا يرغب في التسبب بمشكلة اضافية كتلك التي تحمل تبعتها في الغضب الخليجي على لبنان، بعدما خرج عن الإجماع العربي في إدانة الهجوم على السفارة السعودية في طهران في اجتماعيْ وزراء الخارجية العرب والمؤتمر الاسلامي اللذين عُقدا في القاهرة وجدة.
وفي اي حال، تقول أوساط سياسية واسعة الاطلاع ان معالجة الموقف الحكومي هذا الاسبوع ستشكل محور الاتصالات والجهود السياسية، سواء من خلال محاولات منع الوصول الى استقالة الحكومة في الساعات المقبلة، او من خلال جولة الحوار الوطني الجديدة التي ستعقد بعد غد في مقر رئيس مجلس النواب في عين التينة.
ومع ان الاوساط لا تزال تستبعد السماح بانهيار الحكومة، فإنها لا تخفي الخشية من أمرٍ غير محسوب في لحظةٍ ما، بما يضع البلاد امام صفحة مجهولة بحال تحول الحكومة الى تصريف الاعمال وسط تراكُم الأزمات والاستحقاقات الضاغطة.
ولاحظت الاوساط نفسها ان ثمة واقعاً دراماتيكياً على صعيد الواقع الاداري والمؤسساتي والخدماتي، اتخذ أحد تجلياته السبت بانفجار علني لأزمةٍ تعتمل منذ سنة داخل هيئة التفتيش المركزي من خلال مبادرة رئيسها القاضي جورج عواد الى عقد مؤتمر صحافي وكشفه لفضيحة فساد داخل الهيئة وإعلانه تقديم استقالته من مركزه، متهماً المفتش المالي العام صلاح الدنف، اي اكبر الموظفين في الهيئة، بملفات الفساد العائلي. كما ان التمادي في أزمة النفايات بات يفجر فضائح متراكمة لا يمكن السكوت عنها في ظل تناوُلها يومياً عبر وسائل الاعلام، الامر الذي يضع تهديد رئيس الحكومة بالاستقالة في موضعٍ أكثر من جدي ما لم يجرِ التوصل الى صيغة ما تلملم ما يمكن لملمته لمنع انهيار الواقع الحكومي.