حوار / أنهى مشاهد مسلسله «بين ليلة وضحاها» ويتأهَّب للفيلم السينمائي «عتيج»

خالد البريكي لـ «الراي»: رياح «التأنيث»... تجتاح الدراما الكويتية!

1 يناير 1970 12:49 م
الدراما الكويتية تهمش الرجل... لمصلحة المرأة

«ما أطق الطار مقلوب»... والفن الكويتي توقف عند 2010

ليست لدينا في الخليج العربي شركات لصناعة النجوم

معظم الكتاب يمكنهم العطاء أكثر فكرياً وثقافياً لو وجدوا التوجيه السليم

3 ممثلات شابات يتقاضين أجراً مرتفعاً لأن الشركات الراعية رشحتهن... وأنصحهن باستغلال الفرصة المتاحة

الكاتب حالياً يفتقر إلى الرؤية المستقبلية عكس كتاب الماضي
يراقب بامتعاضٍ رياح «التأنيث» التي يراها تهب على الدراما الكويتية، ليس من منطلق الانحياز إلى الذكورة، أو معاداة العنصر النسائي، بل لاستيائه من أن «هذه الرياح تصيب الأعمال الفنية بالسطحية والتكرار وتهميش الرجل»!

إنه الفنان خالد البريكي الذي تغيّب عامين عن الساحة الدرامية، بمحض إرادته (رغم حاجته إلى العمل)، معرباً عن أنه لم يكن يرضى بالنصوص التي تُعرَض عليه، انتظاراً لدور مؤثر يضيف إلى مسيرته، ويرضي به هوايته التي توشك أن تكون إدماناً على التمثيل.

«الراي» حاورت البريكي، ففتح لها قلبه وعقله، بدءاً من مسلسل «بين ليلة وضحاها» الذي فرغ منه أخيراً، ومروراً بامتداحه كتّاب الدراما الشباب «الذين يمتلكون القدرة على الإبداع شريطة أن يتلقوا التوجيه اللازم». كما عاتب البريكي القائمين على الساحة الفنية في الخليج، لعدم وجود شركات أو مخرجين يعملون من أجل «صناعة النجوم».

البريكي لم يدخر فرصةً ليعرض وجهات نظره في قضايا فنية كثيرة، من بينها أجور الممثلين، والفارق بين مؤلفي الدراما أمس واليوم، متمنياً أن تتسم الكتابات المطروحة حالياً بالعمق والجمال والابتكار... وتطرق إلى قضايا أخرى كثيرة بصراحة وجرأة تبلغان أحياناً حد الصدمة، وتستوجبان التوقف طويلاً عند هذا الحوار الذي تأتي تفاصيله في هذه السطور:

• انتهيتَ أخيراً من تصوير مشاهدك في مسلسل «بين ليلة وضحاها» في السعودية... ماذا عن قصة العمل؟

- قضيتُ شهرين في المملكة العربية السعودية، قبل أن أنتهي من تصوير مشاهدي في مسلسل «بين ليلة وضحاها»، من إخراج الأردني رائد عودة، والنص لمؤلف تركي كتبه متوافقاً مع التقاليد الخليجية، بينما تولت كتابته ورشة مؤلفين من سورية والسعودية، لتحويل حواره إلى اللهجة الخليجية، وتدور أحداثه حول عائلة كويتية تتكون من شاب أُجسّد أنا شخصيته وابنتين تجسد شخصيتيهما كل من إلهام علي ويامور، إضافة إلى الأم التي تجسد دورها شفيقة يوسف، ويذهب الجميع للعيش في مكة بطلب من رب الأسرة الذي كان في أواخر أيامه، وهناك ترتبط العائلة الكويتية بعلاقة نسب ومصاهرة بعائلة سعودية تتكون من عبدالمحسن النمر وفخرية خميس وميسون، ومن هنا تتوالى الأحداث وتتصاعد.

• ما الذي شدّك إلى هذا العمل؟

- بصراحة، العمل بعناصره كلها نال إعجابي، خصوصاً أن صياغة النص كانت رائعة، كما يحمل قضية إنسانية كلاسيكية، ممزوجة بلمحة رومانسية محترمة، وتجري الأحداث في إطار الطابع الخليجي (الكويتي-السعودي)، وهي تجربة غنية أحببتها للغاية، وأتمنى أن تنال إعجاب الجمهور.

• لماذا الحاجة إلى قصة تركية، خصوصاً أن منطقة الخليج العربي زاخرة بالكثير من القصص والقضايا؟

- الأفكار والآفاق مفتوحة، لكن إن أردت أن تترجم أي ثقافة غير خليجية إلى الخليجية فسوف تواجه صعوبات وكثيراً من الأمور التي لا تتماشى مع ثقافتك وبيئتك، وهو أمر طبيعي، لكن في حال قدرتك على ترجمة تلك الفكرة القريبة إلى الأجواء الخليجية نوعاً ما، وتمكنت من إخضاعها لتقاليدنا وعاداتنا، فهذا في حدّ ذاته يُعتبر إنجازاً لشباب ورشة الكتابة في مسلسل «بين ليلة وضحاها»، وأعتقد أن كاتب المسلسل، مع أنه تركي، فإنه في الواقع كتب النص أساساً وخصيصاً للواقع الخليجي، فوضع نصب عينيه تجنب ملامسة الأمور الممنوعة في مجتمعنا الخليجي أو انتهاك العادات والتقاليد.

• هل تعتقد أن منطقة الخليج العربي فيها كتّاب ناجحون؟

- للأمانة، لدينا مجموعة من الكتّاب الشباب الذين باتوا نجوماً في الساحة ومطلوبين من أكثر القنوات التلفزيونية، وأصبح يحق لهم طلب بعض الممثلين بالاسم، خصوصاً أنهم عندما يكتبون النص يرسمون الشخصيات بناءً على رؤيتهم الخاصة، لكن إن تناولنا الموضوع من ناحية الفكر فأتوقع أن معظم الكتّاب الموجودين على الساحة في إمكانهم العطاء أكثر على الصعيدين الفكري والثقافي، لو أنهم تلقوا التوجيه بالشكل السليم والصحيح، فأنا أرى أن أكثرهم يمتلكون ملكة الكتابة والإبداع، لكنهم في الأغلب يطرحون قضايا سطحية، وهو أمر يعود - في تقديري - إلى نقص خبرتهم في تجربة الحياة، وضيق مساحة وعيهم بوضع البيئة التي يعيشون بها محلياً وإقليمياً.

• في تقديرك، هل أخذ الرجل حقه درامياً؟

- كلا، الرجل لم يأخذ حقّه، وما يحصل اليوم هو «تأنيث» للدراما، وهو حقّ مشروع أن تتناول الدراما المرأة بصورة أساسية، لكن غير المشروع ولا المقبول أن يظهر الرجل بشكل هامشي، لدرجة أنك قد ترى شخصية أو اثنتين أساسيتين فقط في العمل من الرجال، بالرغم من أن معظم الذين يكتبون هم من جنس الذكور، بصراحة ألاحظ أن رياحاً تهب على الدراما وتحاول تأنيثها بمبرر وبلا مبرر!

• وهل الكاتبة المرأة أنصفت الرجل؟

- من خلال المسلسلات القديمة في حقبة الثمانينات وأول التسعينات ثبت أن الكاتب الرجل عندما يكتب عن النساء يعطيهن حقهن، لكن اليوم عندما أصبحت المرأة هي الكاتبة اتضح أنها تغلب عليها السطحية في معرفة جوهر الرجل، ولا تمتلك ذلك العمق الذي يكفل لها الكتابة عن سيكولوجية الرجل في حياته العادية، فهي إما تظهره خائناً وإما شخصية سلبية، وكأنها تعاني من ذلك الأمر فتعكسه على أحداث المسلسلات كلها، وهذا ما لاحظتُه على أكثر من كاتبة، وهنا لا أعفي أيضاً الكتّاب الذكور، لأنهم بدورهم اتخذوا الخط نفسه المتعلّق بتهميش دور الرجل الشاب والأب والجد، وهو أمر مرفوض وغير واقعي.

• من وجهة نظرك... ما الاختلاف بين كتّاب الماضي واليوم؟

- الكاتب في الماضي كانت لديه رؤية مستقبلية للأحداث التي ستحصل سواء على صعيد الدراما أو المسرح، ومع الأسف كتّاب اليوم ليس لديهم اطلاع على ما يحصل في الوقت الحالي بصورة دقيقة، ويتجاهلون الكثير من النقاط الأساسية والمهمة في حياتنا.

• هل هذا يعني أن سبب غيابك عامين عن المشاركات الدرامية هو عدم عثورك على النص المناسب؟

- النصّ أحد الأسباب، إلى جانب الأجر والاسم، ففي بداية العامين الماضيين رفضتُ الكثير من الأعمال لأنها لم ترق لي ولم تشدّني على صعيد الكتابة والأفكار، ولا أنكر أنني في حاجة إلى المشاركة في أعمال، كي أزاول هوايتي التي أعشقها كالإدمان، لكنني في المقابل أعتبر نفسي مسؤولاً أمام الجمهور عما سأقدمه، لذلك دائماً ما أبحث عن عمل يطرح قضايا مهمة، ومصوغة بصورة صحيحة وسليمة من دون تجاهل أي أطراف.

• ما الفكرة التي تتمنى طرحها؟

- أتمنى أن تُطرَح قضية المرأة أو الحب - على سبيل المثال - لكن بصورة بعيدة عن السلبية والسطحية والتكرار التي نشاهدها حالياً، بل أرغب في أن يراها المشاهد بشكل قويم، ولعل هذه الأمنية تحصل قريباً.

• ما الذي ينقص الكتّاب من وجهة نظرك؟

- اليوم لم نعد نرى في نصوص الكتاب تلك الدلالات أو الرمزيات التي تُعتبر «بهارات» و«حليات» العمل، وأنا على يقين أن معظم المخرجين والكتّاب الموجودين في الساحة حالياً لا يعرفون هذه «الحليات» أساساً، ومع الأسف ما نراه من أعمال درامية هو «خبط لزق»، ما يعكس نقصاً في الرؤية الجمالية والحوار، وقد لا ترى من كل «ألف مشهد» سوى مشهد واحد هو الصحيح والكامل.

• أرى أنك تشنّ هجوماً شرساً على الكتّاب الشباب؟

- كلا، ليس هجوماً على الإطلاق، بل أوجّه إليهم شكراً جزيلاً على المجهود الذي يبذلونه دوماً، لكنني فقط أعتب عليهم، وفي النهاية هي مجرد نصيحة لهم بأن يطّلعوا أكثر ويثقّفوا أنفسهم، كي يقدموا لنا مادة غنيّة مكتملة النضج، حتى يتسنى لبقية فريق العمل من مخرج وممثلين أن يعملوا عليها، ويكملوا بها المشوار.

• ألا تخاف، بعد رفضك المشاركة طوال عامين، أن يغضّ المنتجون والمخرجون النظر عنك في المستقبل؟

- بحكم «الميانة» مع المخرجين والمنتجين هم يعرفونني جيداً، ويعلمون أنني أرفض النصوص التي تُعرَض عليّ بحثا عن شيء جيد، وليس لأنني لا أريد العمل مطلقاً.

• إن تكلمنا عن أجور الفنانين، فسنجد أنها مرتفعة عند البعض ومنخفضة لآخرين، بالرغم من أنهم من الجيل نفسه... ما تفسيرك؟

- أتمنى من شركات الإنتاج أن تتعاون مع وزارة الإعلام في قضية التصنيف، لأن أجور الفنانين اليوم فيها لعبة، ففي الساحة حالياً - على سبيل المثال - هناك ممثلتان أو ثلاث من جيل الشباب يتقاضين أجراً مرتفعاً، لأن أسماءهن رُشّحت من الشركات الراعية للعمل، ونصيحتي لهن أن ينتهزن الفرصة المتاحة حالياً، لأن الأجر لن يبقى مرتفعاً، والدليل أن إحداهن قد عاد سعرها منخفضاً، وأيضاً هناك البعض من الممثلين والممثلات قد ارتفع أجرهم بعد الحصول على فرصة والمشاركة في عمل أو عملين، ومن ثم لا يعتبر هذا هو أجرهم الرسمي. أما بقية الممثلات الشابات فأجورهن عادية وليس مبالغاً فيها، وأتحدى أي واحدة منهن أن تثبت أنها تتقاضى أجراً مرتفعاً.

• بعد كل ما صرّحتَ به... كيف تقيّم الفن بالكويت اليوم؟

- معروف أنني «ما أطق الطار مقلوب»، وبالمقابل لا أريد هضم حق من اجتهد، فأنا الآن أرى أن الفن الكويتي قد توقّف عند العام 2010، وما قُدِّم بعد ذلك التاريخ أعتبره بمنزلة محاولات جيدة، لكنها ليست بالمستوى السابق، والسبب وجود أيدٍ خفية تسعى إلى تدمير الفنان ومنعه من الإبداع وتقاوم تطويره لأدواته، ولا تدعم الفن في الكويت.

• وما الحل الذي تراه للنهوض به مجدداً؟

- أبسط شيء أن تكون هناك مصداقية في اختيار الممثلين، ومنح كل واحد الشخصية التي تناسبه بعيداً عن المجاملات. كذلك، أتمنى عودة «بروفة الطاولة» لجميع فريق العمل قبل بداية التصوير، لما لها من أهمية في شرح الشخصيات والتعمق في أبعادها، إلى جانب تبادل الأفكار، ما يصبّ في مصلحة العمل ككل.

• هل لدينا صناعة نجوم في منطقة الخليج؟

- مع الأسف لدينا في منطقة الخليج العربي اكتشاف لمواهب جميلة جداً، لكن لا توجد صناعة نجم عن طريق شركات إنتاج أو حتى مخرجين، فترى الممثل الشاب يجتهد بنفسه ويتعلم حتى يبني نفسه ومن ثمّ يصبح نجماً بصنع يديه.

• ختاماً... هل من عمل جديد؟

- بعد نجاح الفيلم السينمائي «كان رفيجي» نجهز لفيلم آخر يتبعه لناحية الفكر فقط، وهو يحمل عنوان «عتيج» من تأليف يعرب بورحمة وإخراج مشعل الخلف، ويتناول قضية العطاء، وسأجسد فيه شخصية عتيج.