اجتهادات

تسع سنوات للحل!

1 يناير 1970 12:53 ص
أعرب وزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور بدر العيسى، عن امله في القضاء على الدروس الخصوصية بحلول عام 2025، (إلا إذا كان للمدرس الخصوصي حيلة أخرى يدخل من خلالها... فكما تتطور وسائل الغش، تتطور طرق الدروس الخصوصية) - «الراي» في عددها الصادر يوم الخميس الموافق 25 فبراير 2016.

جميل جداً أن يدرك الوزير العيسى، على غير عادة اسلافه من الوزراء السابقين، أن هناك مشكلة اسمها الدروس الخصوصية، وأنها تحتاج إلى حل للقضاء عليها نهائياً، لكن أن يصرح الوزير بأن إنهاءها بالحلول المقترحة يتطلب تسع سنوات مقبلة، فهو أمر غير معقول وبالعامي «ما يدخل المخ». وإذا كانت مشكلة الدروس الخصوصية - البسيطة في رأيي - تحتاج إلى هذه المدة، فإن بقية مشاكل البلد، كالصحة والإسكان وغيرها، قد تحتاج إلى مئات السنين لمعالجتها، وذلك إذا ما أخذنا مقياس الوزير الزمني في مدى حاجة صانع القرار للوقت في حل مشاكل البلد!

وحتى ندرك أين المشكلة، فلنسأل أنفسنا، لماذا يلجأ ولي الأمر الى الدروس الخصوصية؟ الكل يعرف تماماً أن مستوى التعليم ليس كما كان في السابق رغم أن المناهج التعليمية نوعا ما مميزة، والكل يعي أن الهيئة التدريسية وكفاءتها ليست كما كانت في السابق، وبالتالي تكون قدرتها على غرس المفاهيم العلمية وتوصيل المعلومة بالطريقة الصحيحة، صعبة نوعا ما، وفوق كل ذلك، يُلاحظ أيضا الإهمال والتسيب الحاصل في المدارس الحكومية وكل ذلك من صُنع الهيئة التدريسية والإدارة المدرسية. وفي ظل كل هذه المعطيات وغيرها، لا يجد ولي الامر بُداً من أن يوفر لأبنائه الدروس الخصوصية لتغطية هذا النقص!

وفي المقابل، لماذا يلجأ المدرس لإعطاء الدروس الخصوصية، ببساطة لأهداف مادية بحتة، من دون أي رقابة من قبل وزارة التربية ومن دون أي وازع ذاتي من قبل المدرس. لنأخذ عزيزي القارئ مثالا لمدرس غلبان (حتى لا نكون متجنين) يعطي أربعة دروس خصوصية في اليوم، بواقع عشرة دنانير في الساعة. هذا المدرس الغلبان سيجني وبحسبة بسيطة، مبلغا يفوق 1200 دينار، وهو مبلغ يزيد بكثير على راتب هذا المدرس، حتى ندرك أن التدريس في المدارس الحكومية ما هو إلى وسيلة لجني ثروة أضخم من خلال الدروس الخصوصية، وحتى ندرك تماما أن الغلبان حقا هو ولي الأمر وليس المدرس، الذي بنى ثروته على ظهورنا!

معالي الوزير، ما نحتاجه حقا هو أن نعيد النظر في نوعية الكادر التدريسي وخلفياتهم العلمية وقدراتهم، وأن يتم اختيارهم بطريقة علمية وذلك بالنسبة الى الكويتي والأجنبي أيضا، فلا أعتقد أن هناك قطاعا أهم من القطاع التعليمي في البلد! ولا أجد سببا لتدني مستوى التعليم المدرسي في الكويت سوى تردي مستوى الكادر التدريسي دون غيره، وأنه متى ما ارتقينا بمستوى المدرسين، قلت الحاجة للدروس الخصوصية.

معالي الوزير، أدعوك الى أن تتصفح إحدى الصحف الإعلانية الاسبوعية، لترى الكم الهائل من الإعلانات عن خدمات تقديم الدروس الخصوصية. أغمض عينيك وضع اصبعك على أحد هذه الإعلانات، ارفع سماعة التلفون واتصل بالشخص وادعوه لتدريس أحد أقاربك، وستعرف بكل سهولة من هو هذا الشخص، وفي أي مدرسة يُدرس وكم يأخذ، وتستطيع بذلك أن تتخذ بحقه هو وغيره الإجراءات اللازمة والرادعة، حتى لا يتجرأ الآخرون للقيام بفعلته! فهل هذا صعب على وزارتكم؟

Email: [email protected]