الموقعون على رفض المشاركة بقانون «الضرورة» يبحثون عن العودة بقرار جماعي

المستمرون بالمقاطعة يواجهون «خيانة الرفاق» بالصوت والصورة !

1 يناير 1970 09:53 ص
جبهة رفض المشاركة تستعد لتنظيم ندوة جماهيرية تلزم المقاطعين بإعلان المقاطعة مجدداً التزاماً بالوعد والعهد

الأنظار تتجه تحديداً إلى موقف الحركة الدستورية الإسلامية التي تجيد الميكافيلية على اعتبار أن التاريخ يسجل الغايات ولا يتطرق للوسائل

«التيارات الانقلابية» بدت مستعدة جداً «لوضع نضال الشباب» في محرقة التاريخ حتى تمضي في طريقها ومصالحها

الحراك الشعبي رصد «إشارات» عن النية لخوض الانتخابات بحجة التغيير من الداخل
لم يُفلح جناح «المشاركة» في كتلة «الغالبية» حتى الآن، في الخروج من مأزق بيان المقاطعة التاريخي الذي أصدرته احتجاجاً على تعديل قانون الانتخابات، ووقعه 27 عضواً، تعهدوا جميعاً أمام الشعب الكويتي بعدم الترشح والمشاركة في انتخابات جاء قانونها بمرسوم ضرورة.

ورغم محاولات التمهيد بأفكار تنطلق من قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات» شكّل شبح «خيانة الرفاق» والانقلاب على المبادئ والكذب السياسي، وانعدام المصداقية، عناوين موجعة وضعت «المتلهفين» إلى العودة بعد سنوات مؤلمة من الغياب في خانة التردد والانكسار وانعدام الثقة بالنفس، في حين بدا أن فكرة صدور «القرار الجماعي» التي تخفف من حدة الضغط النفسي الذي يواجه المنفردين بالقرار لاتزال تتسيد قائمة مبررات انهاء المقاطعة داخل الاجتماعات الجانبية التي تعقدها «تيارات» عقدت العزم على المشاركة من دون ان تعلن القرار رسمياً.

وفي مقابل هذه الفكرة التي بدأ التسويق لها والمتوقع أن تتبلور قريباً وتطرح في اجتماع كتلة الغالبية المقبل، ثمة جبهة مضادة يجرى التحضير لها في الدوائر الشبابية التي دفع رموزها أثمانا باهظة من أجل الأحلام الوردية التي قدمها «المخضرمون»، منها اجبار أعضاء الكتلة «الصامتين» على اعلان رفض المشاركة بمرسوم الضرورة من خلال ندوة جماهيرية التزاما بالوعد والعهد والتذكير بقول الله تعالى «وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً».

وشكل جناح زعيم كتلة «الغالبية» أحمد السعدون الأكثر قدرة على تحريك هذه الجبهة التي ستنطلق بشعارات لايمكن دحضها والتشكيك بها باعتبارها تنطلق من قاعدة التضحية من أجل المبادئ والالتزام بالعهد.

ويأتي «الأرشيف» الذي يرصد مواقف المقاطعين بالصوت والصورة والصرخات والشيلات مادة دسمة تدعم تحركات الجبهة في فضح كل من سيعلن المشاركة وينقلب على صرخاته المدوية في الندوات والتجمعات مهما كان المبرر والهدف من العودة،على ان يكون المشهد معروضا بالصوت والصورة وحاضرا لبيان الموقف «قبل وبعد» حتى يخرج بشكله الجديد مضحكاً... وموجعاً ايضاً.

ويتحدث أحد الشباب الفاعلين في الحراك لـ «الراي» عن «بشاعة هذا المشهد عندما يسقط السياسي في بئر الانهزام أو أن يكون طرفاً في خيانة الرفاق»، لافتا إلى ان «من سيبيع مسلم البراك وبقية الشباب المعتقلين ويتخلى عن مبادئه الرامية للإصلاح السياسي سيكون عرضة لحرب مفتوحة وعليه ان يدفع ثمن الخنوع».

ويبقى السؤال الأكثر ترديدا بلا إجابة قاطعة.

هل سيستمر «المقاطعون» في مقاطعة انتخابات 2017، وماذا سيكون موقف قواعدهم الشعبية في حال قرروا المشاركة من دون أن تتحقق مطالبهم التي قاطعوا الانتخابات لأجلها ؟

يجيب شاب آخر «حين يقبع رمز الحراك وقلبة النابض في السجن، ويمهد بعض النواب السابقين الأرضية أمام قواعدهم الانتخابية ستكون الانتهازية عنوان المرحلة، وتاليا ليستعد هؤلاء لاستقبال الهجمة المرتدة عند إعلانهم خوض الانتخابات المقبلة».

ويضيف: «ستتجه الأنظار تحديدا، إلى موقف الحركة الدستورية الاسلامية التي تجيد الميكافيلية التي تقودها دوما نحو الازدواجية السياسية، على اعتبار ان التاريخ يسجل الغايات ولايتطرق للوسائل، الا أنها ستصطدم بمواجهة بيان المقاطعة الذي لا يمكن الخلاص منه، وفي أحسن الأحوال سيخسر من يرغب في خوض الانتخابات الكثير من القواعد الشعبية فضلا عن المصداقية».

ورغم إعلان بعض التيارات السياسية التزامها الراسخ بمبادئها، وضرورة تحقيق مطالب محددة منها «وقف حالة التدهور التي تواجهها الكويت، وتحقيق الاصلاح المنشود في مختلف المجالات واستكمال التطور الديموقراطي وصولا الى اقامة نظام برلماني كامل، وتحقيق مطالب مثالية رفعت بعد المقاطعة الثانية» إلا ان «التيارات الانقلابية» بدت مستعدة جداً «لوضع نضال الشباب» في محرقة التاريخ حتى تمضي في طريقها وأهدافها ومصالحها تاركة برامج ائتلاف المعارضة وبيانات حشد الجماهير شاهدة على «الصدمات وخيبات الأمل».

وفي موازاة بقاء المطالب بيضاء لم يتحقق منها شيئا حتى الآن، تبقى مضامين ماورد في بيان المقاطعة التاريخي الصادر من كتلة «الغالبية» في 23 يونيو 2013 ووقعه 27 عضواً بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بدستورية مرسوم الصوت الواحد، شاهدا على كلمات «العزيمة والاصرار» بما حمله من عناوين لايمكن محوها تحت تأثير اللهفة والعودة الى الاضواء مجددا.

ويرفض المقاطعون آنذاك وفقا لما ورد في البيان المشاركة ترشيحا وانتخابا لأن «الأسباب قائمة وفي مقدمتها مرسوم الصوت الواحد وانسداد أفق العمل البرلماني وتفاقم الأزمة السياسية، وتاليا نحن ملتزمون بذات الموقف المبدئي بمقاطعة هذا العبث السلطوي وعدم المشاركة بانتخابات صورية لإضفاء شرعية شكلية عليها، وندعو المواطنين والقوى المجتمعية الحية لدعم هذا المسار الذي نشارككم فيه».

ووقع على هذا البيان 27 عضوا هم: أحمد السعدون، مسلم البراك، فيصل المسلم، جمعان الحربش، فيصل اليحيى، عبدالرحمن العنجري، محمد الخليفة، خالد السلطان، مبارك الوعلان، نايف المرداس، عبدالله البرغش، عبداللطيف العميري، محمد الكندري، حمد المطر، محمد الدلال، وليد الطبطبائي، علي الدقباسي، خالد الطاحوس، أسامة المناور، أسامة الشاهين، محمد الهطلاني، عبيد الوسمي، خالد شخير، فلاح الصواغ، سالم النملان، بدر الداهوم، عادل الدمخي.

وكان هذا البيان سبقه «بيان استباقي» وقعه 10 أعضاء من كتلة الغالبية في 22 مايو 2013 وهم وليد الطبطبائي، محمد هايف المطيري، بدر الداهوم، عبيد الوسمي، محمد الهطلاني، اسامة المناور، عادل الدمخي، سالم النملان، محمد الكندري، نايف المرداس. وفيه «نعلن نحن الموقعين وإدراكاً منا لخطورة هذه المرحلة المفصلية من تاريخ الكويت عدم خوض أي انتخابات في حال الاستمرار بالعمل في نظام انتخابات مراسيم الضرورة».

وإذ يعتبر المراقبون، أن البيانين قد حجما من طموحات البعض من خوض أي انتخابات مقبلة ما لم يتحقق «الحد الأدنى» مما جاء فيها، فإن فترة العام المتبقية من عمر مجلس الأمة الحالي، كافية لحسم خيارات القوى السياسية من الانتخابات، وقد تعطي متسعا من الوقت أمام هذه القوى لمراجعة مواقفها مرات عدة قبل الإعلان عنها، وإلا فإن قادم الايام ينذر بتصادم شعبي مازال متمسكا بمطالبه وعلى أقلها الوفاء للمعتقلين بخروجهم قبل الحديث عن المشاركة.

وكان لافتا حضور الترويج الدعائي لفكرة المشاركة، عبر شعارات تتناقض عما كان يطرح في السابق من حيث عدم جدوى خوض الانتخابات بالإضافة إلى ابراز عيوب نظام الصوت الواحد، وذلك من خلال إرسال «اشارات» عن النية لخوض الانتخابات بحجة التغيير من الداخل بعد الحديث عن ضعف «مجلس بوصوت» وهو التكتيك الذي تم رصده من قبل الحراك الشعبي ووصف داعموه بالانتهازية وخيانة الرفاق.

وبينما يشير «الحائرون المترددون» من اعلان نواياهم الانتخابية، إلى أن الابتعاد عن قاعة عبدالله السالم أضحى نوعا من السلبية ادت إلى حالة التردي التي تعيشها البلاد حاليا، بدأ مؤيدو استمرار المقاطعة يتصدون عبر مواقع التواصل الاعلامي لأي فكرة من هذا النوع، باسترجاع ارشيف نواب الغالبية الساخطين سابقا على «مجلس بوصوت» وما قدم من نماذج.

ويعزو داعمو المقاطعة، أن سبب الردة على المقاطعة من بعض النواب السابقين والناشطين، ضعف تحليل التيارات السياسية وموقفها من الصراع الطبقي على اعتبار انه صراع انتخابي أو ديني تدعمه اصدار فتاوى تحض على التصويت لمرشح معين للدفاع عن طائفته، وهو ما قد يتكرر باستخدام الخطاب الديني لوقف المقاطعة والدعوة للمشاركة في الانتخابات المقبلة من خلال المكينة الاعلامية التي تملكها احدى الحركات السياسية الاسلامية.

هل حققت المقاطعة أهدافها ؟



يرى مؤيدو فكرة المقاطعة... في الرد على سؤال «هل حققت المقاطعة أهدافها وهل هناك ضرورة لاستمرارها»، أن المقاطعة احدى أهم مراحل الحراك الشعبي في التاريخ السياسي الكويتي، ولابد من تطوير هذه المرحلة لتصل بوعي المواطن إلى أفكار نادى بها المقاطعون الأوائل «من اقرار الأحزاب السياسية وتحقيق الحكومة البرلمانية المنتخبة».. وفي حال الرغبة في المشاركة لابد من تقييم علمي لتاريخ المقاطعة والزخم الذي مر به الحراك الشعبي منذ العام 2009، والذي توج بمقاطعة الانتخابات في نظام الصوت الواحد.

ويستخلص رافضو فكرة المشاركة في الانتخابات المقبلة، أنه اذا كانت المقاطعة قد كشفت «العناصر الطفيلية والانتهازية التي جفت منابع مصالحهم»، فإنها ستقدم لا محالة تطورات للشعب الكويتي وان كانت ضئيلة تعزز دور الناخب من مؤيد للنواب إلى صانع قرار، بالإضافة إلى أنها كانت منافذ مباشرة للتعبير عن الرأي في المشاركة بقرار ادارة الدولة خارج القنوات الدستورية ومصالح بعض النواب السابقين الذين وصفوها بـ «الانتهازية».