لقاء / آمر لواء الشهيد وعمر الظفيري خرجا عن صمتهما لمواجهة «التشكيك في القادة العسكريين والضباط» ولينزعا «بطولات عن آخرين استغرقوا في نسب أدوارها إليهم»

«الجسور»... معركة العبور إلى الحقائق الوطنية

1 يناير 1970 12:25 م
|   كتب حسين الحربي   |


في مواجهة «تزوير الحقائق وتشكيك البعض بالقادة العسكريين والضباط» الذين كانوا على رأس المؤسسة العسكرية اثناء مرحلة الغزو والمقاومة والتحرير، أصر آمر لواء الشهيد اللواء الركن المتقاعد سالم مسعود والعقيد الركن المتقاعد عمر ناصر الظفيري ان يخرجا عن صمتهما، في «كلمة حق» يعيدا من خلالها الحق الى اصحابه، ولينزعا «بطولات» عن اخرين استغرقوا في نسب ادوار وبطولات غيرهم الى انفسهم.
واذا كان اللواء المتقاعد سالم مسعود الذي لم تتمكن 18 عاما مرت على الغزو ان تمحو من ذاكرته «بطولات مشرفة وحقائق» يكشف عنها للمرة الاولى عبر «الراي»، ويستذكر لحظة بلحظة مجريات معركة الجسور في الجهراء «يوم خاض العسكريون معركة الدفاع عن تراب الكويت والوطن واطلقوا شرارة المقاومة»، فان العقيد الركن المتقاعد عمر ناصر الظفيري لم يتوان عن أن يسند «الفضل لراعي الفضل صاحب القرار في حرب الجسور والمقاومة اللواء سالم مسعود»، من دون ان يتردد في الكشف عن اخرين «شوهدوا وهم يغادرون ويتجهون جنوبا نحو المملكة العربية السعودية».
وتطابقت معطيات اللواء مسعود والعقيد الظفيري، اللذين يؤرخان معركة الجسور من موقع الشريك في الفعل والمواجهة والتضحية، في تأكيد ان «اللواء سالم مسعود هو من اتخذ القرار التاريخي باستمرار المقاومة ضد القوات العراقية يوم
توجه الى ساحة المعركة وطلب من القوات أن تتبعه، فمنحنا الشرف في الدفاع عن الكويت».
واكدا ان «أبطالا كثيرين قدموا تضحيات كبيرة في ساحة المعركة منهم المقدم فهد الشويع والمقدم الركن فهد الحشاش الذي أصيب والنقيب غسان سليمان والنقيب طالب جويعد الشمري والملازم أول فيصل المخيال»، مستذكرين كذلك ان «احدى طائرات سلاح الجو الكويتي «سكاي هوك» قدمت الدعم في معركة الجسور، حيث قامت بقصف الارتال العراقية على طريق السالمي، وقد اتضح فيما بعد أنها كانت بقيادة المقدم الركن الطيار ماجد الأحمد»، جازمين بان «التاريخ لن ينسى هؤلاء الرجال من جميع الوحدات العسكرية الذين دافعوا عن الكويت، وغير ذلك من يتحدث عن نفسه بأنه قدم بطولات على حساب الآخرين فهو يرتكب جريمة وتزويرا في تاريخ الحياة العسكرية يجب ان يحاسب عليهما».
وفي ما يلي نص لقاءين مع اللواء الركن المتقاعد سالم مسعود والعقيد الركن المتقاعد عمر ناصر الظفيري حول مجريات معركة الجسور، والبداية مع اللواء مسعود:
• حدثنا كيف وقع عليك خبر وحدوث الغزو وهل كنتم على استعداد لذلك، وما كانت ردة فعلك الاولى؟
- لم يدر في خلد أحد في العالم من قادة ومواطنين وعسكريين في التاريخ الحديث، وهم يتابعون أحداث الأزمة السياسية التي افتعلها النظام العراقي مع الكويت في صيف عام 1990، وما واكبها من تكديس للحشود العراقية على الحدود الشمالية للبلاد، أن الأمور ستأخذ هذا المنحى الخطير من التصعيد الذي انتهى الى غزو بربري واحتلال كامل تراب الكويت، خصوصا أن هذا النظام العراقي المخادع الذي كان يضمر الشر للكويت، اعطى وعوداً زائفة لبعض القادة العرب بأنه لن يلجأ الى القوة لحل مشكلاته المفتعلة مع الكويت.
وكانت حالة الاستعداد لدى القوات العسكرية الكويتية، ومنها قوات اللواء الخامس والثلاثين المدرع الذي سمي فيما بعد «لواء الشهيد المدرّع الخامس والثلاثين» عادية، حتى مساء ليلة الخميس 2 اغسطس 1990، وعلى الرغم من عدم جاهزيتنا فقد استطعنا أن نتقدم ونقاتل في معركة الجسور، وفي تلك الأثناء حضر أحد العسكريين الى الموقع منفعلاً، وقال ان العراقيين الغزاة تمركزوا في احدى مدارس الجهراء، وأنهم طلبوا اليه أن يرمي ملابسه والا قتلوه، ولكنه استطاع الافلات منهم ليلتحق باللواء، فثارت ثائرة الجميع، وسارع آمر اللواء الى الاتصال بمركز عمليات اللواء طالبا «المدد»، حتى يتمكن من التصدي للعدو وقطع الطريق عليه، فالتقط الاشارة آنذاك المقدم الركن أحمد الوزان آمر الكتيبة السابعة، حيث كانت لديه قوة وسارع بها لينضم الى آمر اللواء في المقدمة».
وشاركت احدى طائرات سلاح الجو الكويتي «سكاي هوك»، فقدمت لنا الدعم في معركة الجسور في الجهراء، حيث قامت بقصف الارتال العراقية على طريق السالمي، وقد اتضح فيما بعد أنها كانت بقيادة المقدم الركن الطيار ماجد الأحمد، فالتاريخ لن ينسى هؤلاء الرجال من جميع الوحدات العسكرية الذين دافعوا عن الكويت، وغير ذلك من يتحدث عن نفسه بأنه قدم بطولات على حساب الآخرين تعتبر جريمة وتزويرا في تاريخ الحياة العسكرية.
• معركة الجسور سطرت مثالا عن احتدام المواجهة العسكرية ومقاومة قوات الغزو، ماذا تذكر عن هذه المعركة وما كان دورك فيها؟
- يوم الأربعاء 1 اغسطس عام 1990 تلقيت اتصالا في الساعة الحادية عشرة ليلا من مركز العمليات، وكان من الرائد محمد المذن، قائلا: «يا سيدي اللواء السادس راح «يحركونهم» وراح «يحركونكم» انتم «فخلكم» جاهزين!»، طبعا في ذلك الوقت لم نكن على استعداد لان الغالبية مجازون، بعدها بنصف ساعة تلقيت اتصالا من مساعد آمر القوة البرية آنذاك العقيد يوسف عبيد طلب مني أن أتجه الى اللياح و«أنتشر» هناك، فكانت هذه المهمة الثانية التي أتلقاها في أقل من ساعة، وتلقيت الأمر على الرغم من أنني لا أملك الامكانية! بعدها بـ 15 دقيقة اتصل العقيد يوسف عبيد وطلب أن اعود واسيطر على منطقة «كراع المرو» بمواجهة الشمال والغرب، ثم تلقيت برقية بأن اتجه الى مدرسة «المقداد بن الأسود» في الجهراء وأطوقها لان قوة عراقية دخلت المدرسة وتمركزت فيها».
بعد ذلك جاءنا اتصال من العميد فالح الشطي في الرئاسة يطلب منا ارسال فصيل دبابات لحماية رئاسة الأركان، وفي تلك الأثناء لم نكن على استعداد، وفي الساعة الخامسة صباحا جهزنا الصواريخ والمدرعات وانطلقت مع القوة وابلغت الضباط وليد السني وسليمان الحويل وفاضل الهزاع ورائد عبدالله الغانم انني متوجه لتلبية طلب البرقية الأخيرة، وعلى من يجهز الالتحاق بي الى ساحة المعركة.
وكان برفقتي النقيب سعود الشمري ضابط الاشارة، وأثناء تقدمنا شاهدنا الطائرات المعادية تقصف «قاعدة علي السالم الجوية»، فجاءني اتصال من سليمان الحويل يخبرني بأن الرئاسة سقطت، وان آخر برقية جاء فيها أنه يجب علينا تأمين
«قاعدة علي السالم الجوية»، فأبلغت النقيب رائد الغانم، بأنه «سوف تنقسمون الى قسمين الأول يتجه الى القاعدة والآخر مفرق الأطراف، وأكملت بالمدرعة والجيب الى موقع المعركة قرب تقاطع الجسور بين واحة الغانم وصفاة الابل، بعدها لم يكن بامكاني أن أفعل شيئا فقد كنت أسمع صوت جحافل العدو تتقدم؟
واذكر انه جاءني عسكري من الجهراء كان غاضبا جدا لان الاعداء دخلوا وتهجموا على محارمهم، فغضب العسكر الذين كانوا معي، وقالوا ان علينا أن نقاتل ولا نستطيع أن نراهم يتقدمون ولا نفعل شيئا، بعدها توجهت الى الجيب وامسكت «ميكروفون جهاز اللاسلكي» وطلبت من اللواء أي ذخيرة جاهزة للقتال أن تتجه الى تقاطع الجسور، فكان المقدم أحمد الوزان موجودا على موجة اللاسلكي، فقال أنا جاهز أين موقعكم فقلت بين صفاة الابل وواحة الغانم تقاطع الجسور، فقال لي ما هي الخطة والموقف فقلت لا توجد خطة والمطلوب الآن الدفاع عن الوطن ومحاربة العدو، بعدها طلبت من الوزان أن نبتعد عن الشارع ونذهب الى زاوية المقبرة (مقبرة الجهراء) لأنها مرتفعة ومن خلال الموقع نستطيع أن نكشف العدو بكل وضوح.
كانت الساعة 6.45 صباحا فأمرت المقدم الوزان آمر الكتيبة السابعة بأن يفتح النار على العدو، فكانت أول دبابة أطلقت النار هي دبابة النقيب طالب جويعد الشمري وأحرق آلياتهم، فأبلى بلاء منقطع النظير».
بعدها بثلث ساعة حضر المقدم علي الملا آمر الكتيبة الثامنة، فقلت له موقعك من واحة الغانم الى ذخيرة الجهراء على امتداد 8 كيلو مترات وكنا نحكم كل هذه المسافة ولم نترك فرصة للعدو بان يأخذ زمام المبادرة منا، بعدها التحقت بنا وحدات الألوية الأخرى كالمدفعية والاشارة والهندسة والمقاتلة والادارية، والتحق الضباط الموجودون وليد السني وفاضل الهزاع وناصر الزعابي ووليد العدهان وكانوا من الأساس موجودين والكل كان يتقدم الى الأمام ويقاتل.
• ماذا تذكر من مواقف تسجل للقيادات العسكرية اثناء حرب التحرير؟
- هناك موقف للنقيب طالب الجويعد الشمري والملازم أول فيصل المخيال، علما بأن المخيال كان مجازا وقتها وبامكانه أن يعود الى منزله، الا أنه ذهب الى اللواء وملأ دبابته بالذخيرة والتحق بنا، وكان باللباس العسكري والشماغ، وتقدم الى الصفوف الأمامية ووقف بدبابته الى جانبي وكان يرتدي «شماغ» على رأسه، وقال لي هناك عراقيون تحت الجسر أريد أن أقاتلهم، فقلت له اذا نزلت نحن سوف نرميك لأن المكان خطر من المحتمل أن قذيفة أو صاروخا يسقط عليك «فينهيك»، فرفض وكان مصرا وأنا رفضت وقلت قاتل بجانب الكتيبة، ثم قال لي كلمة لم أستطع أن امنعه بعدها، قال «يا سيدي محد يموت قبل يومه»، فنزل بدبابته تحت الجسر في لحظتها لم يكن في ذهني الا هو وعيني عليه!، فعلا رماهم وأحرقهم وكنت أرى أشلاءهم تتطاير ولله الحمد لم تصب دبابته بأي رصاصة، بعدها عاد أدراجه وانضم الى صفوفنا.
فالكل قاتل بشراسة والعدو يشهد بذلك، بعد ذلك ابلغني الضباط بأن الذخيرة ستنفد ويجب أن نلتحق بلواء 15 عريفجان، فكان العدو يتكاثر هناك فأمرت قائد المدفعية أن يتقدم من الخلف الى الأمام لضرب العدو لأن الأهداف كانت سهلة ومكشوفة وتعتبر فرصة، فاستدعى فهد الحشاش ضباط المدفعية غسان سليمان وعمر الظفيري وفهد الشويع وفؤاد الوهيب ثم هاجموا وأحدثوا خسائر كبيرة بالعدو.
وقال اللواء المسعود في الساعة الثالثة عصرا شاهدنا العدو يحاول أن يطوقنا ويقضي علينا، فذهب كل من الضابطين سليمان الحويل وناصر الزعابي لاستكشاف الطريق المؤدي الى اللواء 15.
• كيف تستر العدو بقوات درع الجزيرة للتسلل الى ساحة المعركة؟
- في هذه الفترة شاهدنا القوات المعادية تتقدم من طريق السالمي نزولا الى الجهراء تجاهنا، فأعتقد الجميع أنهم قوات «درع الجزيرة»، فاتصل بي النقيب غسان سليمان من المدفعية في الخلف، قال لي «يا سيدي تم استدعاء قوات درع الجزيرة؟ فقلت «لا يجب أن أتأكد، كنت خارج المدرعة وكان سعود الشمري والطاقم على اتصال مع مركز العمليات، فقال لي بالحرف الواحد: «يا سيدي هؤلاء غير ولباسهم غير وبساطيرهم حمر!»، فقلت: «هم العراقيون».
كانوا يستخدمون آليات مدنية ومدرعات، فوصل لنا رأس الرتل! فوجهنا عليهم النيران وقاتلناهم في هذه الفترة وأصيب فهد الحشاش، بعدها بقليل التقيت به فرأيته ملقيا على الأرض، فذهبت اليه وقد أصيب اصابة بليغة في كتفه الأيسر والدماء تنزف منه بغزارة، فاستدعيت فاضل الهزاع والضابطين الموجودين حسن مضحي وفؤاد الوهيب، وطلبت أن يأخذاه الى مستشفى الجهراء، بعدها لم أسمع عنه خبرا.
• وماذا عن «حجاج المدينة» و«فرقة حمورابي»؟
- من المشاهد التي رأيناها أن جرحى العدو لم يسعفوا من قبل قواتهم، بل كانوا يرمونهم بطلقات أو يدهسونهم بالمدرعات.
احتدم القتال بيننا وأسرنا منهم عددا وقام بتفتيشهم الضابط سليمان الحويل وأخذ أسلحتهم ووجد معهم بطاقات صفراء مكتوب عليها «حجاج المدينة»، وسألناهم: «لم أنتم هنا ولم تحاربوننا؟ قالوا: نحن جئنا لكي نساعدكم من أجل الثورة القائمة، وطبعا هذا «كلام كاذب» ولا أساس له من الصحة، وقلنا لهم: من هم الذين هاجمونا من جهة الشمال، فقالوا: هذه «فرقة حمورابي»، بعدها تمركزت آليات فرقة حمورابي، فقاموا يرموننا بالهاون وجرح منا الكثير، فأسعفنا جرحانا وتوسل الينا بعض جرحاهم أن نسعفهم فأسعفناهم، واشتد القتال واستشهد منا أربعة هم الشهيد الرقيب محمد قعيد سمير العنزي والشهيد العريف صفنان مزعل رميح الظفيري والشهيد العريف حمود سحل رشدان الشمري والشهيد وكيل عريف فريح بلهان عواد الشمري،وسقط تسعة جرحى هم: المقدم ركن فهد الحشاش والرقيب علوان محمد عوض العنزي ووكيل ضابط صالح فلاح حمد ووكيل عريف خالد ملعب مناور الظفيري والرقيب عويد ابراهيم الدليهان والرقيب مرشد عتوان حنتوش والعريف صطام نزال الظفيري وعريف طلال محمد العمر الشمري وعريف كريم حسن هدروس.
بعدها انسحبنا لأنها لم تكن معركة متكافئة، ومن الأشياء اللافتة عندما كنا نقاتل العدو كانت بعض آلياته تنفجر والبعض الآخر لا ينفجر، فيما بعد، علمنا أن العدو يريد أن يوهمنا ويخدعنا ويبث الخوف في نفوسنا فلم يكن «تسديدة» كاملا، أي أن هناك آلية ممتلئة بالذخيرة والبنزين وآلية خالية.
• كيف كان تواصلكم مع القيادة السياسية اثناء المعركة وماذا عن موقفها؟
- جاءتنا أوامر سامية أن ننتقل الى مدينة الملك خالد العسكرية، وفي ذلك الوقت كان لدي مطلبان: الأول أريد أن اتصل بالقيادة السياسية لأشرح لهم وضعي. والثاني أن يسمحوا لي أن ابقى في مكاني الحالي وذلك لامتلاكي السلاح والذخيرة وكان يوجد معي رجال. وأي أمر يطلب منا نؤديه في مكاننا. ولكوني مساعد آمر قوة درع الجزيرة في عام 1985، ولهذا كنت اعرف النظام وسوف يكون وضعنا صعبا، وبعد أسبوع جاءنا مندوب وقال لي أنت مطلوب الى القيادة السياسية في الدمام.
توجهت الى القيادة السياسية، وقبل أن أكمل حديثي، أريد أن أقول كلمة بحق الدكتور جهاد كامل حيث عندما كان في موقعنا، وأثناء الانسحاب تعرضنا لموجة من الحر والشمس وضربات الشمس أثرت علينا وكان لا يوجد لدينا أي شيء بارد، وعندها قال لي الدكتور كامل بعدما التحق بنا عقب قيامه بعلاج الجرحى: «أثناء اقامتكم بهذا الموقع أكثر من أسبوع سوف تموتون لعدم وجود الماء وتعرض الأدوية لحرارة الشمس»، وعلى الفور طلبت من المقدم صالح البلوي من السعودية ارسال ثلاجة كبيرة فيها كل الأدوية.
• اين الدكتور جهاد كامل اليوم؟
- لا بد من مطالبة القيادة السياسية بدور في اعادة الدكتور جهاد كامل الذي شارك معنا في حرب الدفاع عن الكويت في معركة الجسور.
• لنتابع الحديث، ماذا جرى مع القيادة السياسية؟
- بعد الانسحاب توجهنا وكان برفقتي المقدم محمد الوزان والنقيب محمد عبيد الشمري الى الدمام حيث التقينا بسمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، وشرحنا له الوضع وطلبنا منه معدات عسكرية.
• تتكلم من واقع معايشتك والامك، لكن نسمع بعض الاصوات التي تتحدث عن معطيات ومعلومات مغايرة؟
- انني أتكلم بلواء الشهيد والأسير والرجال الذين أدو الأمانة على أكمل وجه في الدفاع عن الكويت وهذا ليس فيه منة، ومن يتبنى العمل لنفسه وعمل البهرجة في الدفاع عن الكويت يعتبر نفسه بعيدا عن الواقع ولا يراعي شعور أهل الكويت من الشهداء والأسرى والرجال الذين دافعوا وضحوا في سبيل الوطن الغالي.
وعلى المشككين في الآلية العسكرية وفي أداء القادة أن نقول لهم: «لا يوجد اصدق من الحقيقة، والصدق هو المنجي، والذي لا يذكر الحقيقة فهو مجرم في حق نفسه وأيضا وطنه الذي كونه وكون غيره.
• هل ما زلت تحتفظ بادلة مادية عن طبيعة مجريات المعركة؟
- بعد هذا الوقت الطويل من غزو الكويت الكل يملك الأدلة، والبعض يعتقد انه فرعون في امتلاك هذه الأدلة ولكن نحن نقول ان الحقيقة موجودة من 2 اغسطس لدى الجيش الكويتي والمملكة العربية السعودية، واذا هذا الشخص الذي يشكك أنه لم ير المعركة ولم يشارك بها فهذا أمر آخر، ونطلب له الهداية، واذا كان مشاركا فهذه مشكلة ليس لها حل ويعتبر هذا الشخص مجرما بحق نفسه.
لكن يجب ان يكون للقيادة العسكرية موقف حازم حول من يشكك برجال الوحدات العسكرية، خصوصا الذين دافعوا عن الكويت واستحقوا «شرف العسكرية»، وأنا أرى أن التشكيك في هذا الشرف هو جريمة كبيرة ويجب أن يعاقب المتلفظ بها.
العقيد المتقاعد عمر الظفيري
• حدثنا عن اللحظات الاولى للغزو كيف عرفت ومن اخبرك وماذا كان رد فعلك الاول؟
- كنت مترددا جداً في التحدث في الفترة الماضية أو ان أكتب عنها لسببين: الأول أن ذكر الغزو يضايقني جداً، لأننا فقدنا فيها الكويت، وأنا من الناس الذين فقدت شقيقا لي، والسبب الآخر أنه لم يكن في نظري مهما عملنا لا يستأهل أن نؤرخه لأن الكويت قد احتلت.
أقول وأنا مضطر هذه الأيام، وأكشف عن مشاركتي في معركة الجسور أثناء دخول العدو العراقي والدفاع عن الوطن في 2 اغسطس 1990.
بداية في الاول من اغسطس عند الساعة العاشرة مساء كنت عائدا من الديوانية، وعند دخول منزلي جاءني اتصال من النقيب حينذاك غسان سليمان، حينها أيضاً كنت في أجازه سنوية وقد عدت من النمسا، وعلى الفور قال لي وبالحرف الواحد: «يا بو فواز التحق»، رديت عليه: ما السبب؟ قال: القوات العراقية دخلت الحدود.
بعد اغلاق الهاتف قمت بالاتصال بضابط الخفر فرد علي رقيب اسمه فاضل مضحي كان مساعد ضابط الخفر، وقد أبلغني أن الخبر صحيح وأن القوات العراقية دخلت الحدود، وعلى الفور حزمت حقيبتي، وقبل خروجي من المنزل شاهدني والدي وقال: الى أين انت ذاهب؟ أجبته: أن القوات العراقية دخلت.
وعلى الفور توجهت الى لواء الشهيد، وعند وصولي واجهت المقدم فهد الحشاش والضباط في غرفة العمليات وكان اتصالنا في ذاك الوقت مع ملازم أول في الداخلية سعود ثاني العنزي من مركز العبدلي، وكانت تصل المعلومات عن طريق ابن عمه الضابط عيد عنيف العنزي في لواء الشهيد، وفي ظل هذه المعلومات كانت الكتيبة تجهز والضباط يقومون بتحميل الذخيرة وتجهيز المدافع، وعند الساعة الرابعة فجراً في يوم 2 اغسطس جاءنا المقدم فهد الحشاش، واجتمع معنا في ساحة الكراجات وكنا جميعا متواجدين ضباطا وأفرادا، وقال لنا بالحرف الواحد: «القيادة العسكرية في جيوان سقطت»، وطلب أن نشبك أيدينا ببعض ونقول: «نحيا مع بعض أو نموت مع بعض في سبيل الكويت»، وهنا صرخنا صرخة واحدة وارتفعت معنوياتنا، وعلى الفور أخرجنا المدافع خارج المعسكر وكل ضابط مسؤول عن مدفعه وكان الرائد نبيل عيسى مسؤولا عن ترتيب المدافع.
كنت على أحد المدافع وكان معي عسكري اسمه شريد العجمي، ومرت احدى الطائرات المعادية وكانت قريبة جداً وطلبت من الرائد نبيل عيسى اطلاق النار عليها، الا أن الرائد عيسى رفض الأمر، وقال: «انتظر لربما الطائرات تعود وتقصفنا»، وكنت في وقتها برتبة نقيب وجاء فوراً المقدم فهد الحشاش متسائلاً: من يأخذ الموقع؟ وعلى الفور تقدمت بطلب قيادة الموقع فوافق على الطلب، وأيضاً تقدم فهد الشويع ليأخذ مواقع المدافع فتمت الموافقة أيضاً على ذلك وتم تقسيم الضباط على النحو التالي: النقيب غسان سليمان والملازم فؤاد الوهيب مع القائد في الأمام والرائد نبيل عيسى مع الضابط داخل اللواء لارسال المسلحين الى الامام والاهتمام بالشؤون الادارية، وأيضاً عند وصول الملتحقين تقدموا للأمام في الجبهة.
• كيف سارت مجريات المعركة بعد ذلك؟
- أثناء تسلمي المواقع والتحرك جاءنا أمر عسكري بوقف المقاومة، واذكر أنني سمعت على جهاز القيادة الانسحاب الى حدود اللواء وبعد عشر دقائق سمعت قيادة اللواء العقيد سالم مسعود، وجاء الأمر أنه لا يوجد وقف لعمليات المقاومة والالتحاق في ساحة المعركة، وفعلاً توجهت الى موقعي وكانت منطقة الفريدة، وكان معي وكيل عريف عودة عاجم وخلف شلال اللذان كانا يوجهان المدافع، وعند مسيرنا فوجئنا بطائرة هليكوبتر عراقية تحلق فوقنا وأخذت تحلق وتدور الى أن ذهبت بعد قليل، وعندما تقدمنا رأينا «كارجوات الكتيبة السابعة» في المنطقة الادارية، واحتللنا الموقع بطريقتنا الفنية.
وأتصل بي المقدم الحشاش وسألني: لماذا تأخرتم بتسلم المدافع؟ فقلت: لم يصلني شيء حتى الآن، وبعدد قليل وصلتني المدافع ثم اتصل بي النقيب غسان وقال: جهزوا المدافع، وبالفعل جهزناها وأدخلناها في العمل، وكان عدد المدافع ستة فقط وجاءني الأمر باطلاق النار بتحديد الاحداثيات وموقع الجسور «تقاطع الجسور 10400 متر من الموقع»، وبدأ القصف بتعديل المدافع بشكل سريع ومتتابع وهذا يكثف النيران على العدو، ولاحظت تخلف واحد من المدافع التي كانت تتحرك يميناً بشكل ملحوظ وكانت شاذة عن باقي المدافع، وأبلغته أن يكون دقيقا في تحديد الاحداثيات وجاءني الرد أن المدفع به خلل فني، وعلى الفور تم اخراجه من العمل.
• هل اشتبكتم بشكل مباشر مع العدو؟
- في ظل هذا القصف لم نشاهد العدو على حد النظر، بل كنا نطلق النيران بتحديد الاحداثيات فقط، وكنا نستقبل العائدين من «الكارجوات» لنأخذ الأخبار منهم ومن أجهزة اللاسلكي لنتلقى الأوامر، وكنت أسمع المقدم الحشاش وهو يمرر لنا الأوامر وكانت أوامره واضحة ودقيقة، وهذا ان دل على شيء فانما يدل على حكمته وثقته، وأنه غير مشتت وكأننا في مناورة تدريب.
كان معنا في ذلك الوقت النقيب فهد الشويع والملازم أول عوض فالح وجابر غانم ومنصور الحربي وطلال الخيوطي الحربي والملازم أول محمد العساف وعبدالرزاق الطيار ونواف عبيد وعيد عنيف وثنيان سعود ومحمد علي العنزي والملازم فيصل العنبري.
• ماذا عن معركة الجسور؟
- كانت القوة انذاك بقيادة العقيد سالم مسعود تقاتل بشراسة في معركة الجسور عند مدخل الجهراء، وكانت تصلنا أخبار يرقص لها القلب سروراً وتدمع لها العين فرحاً عن بطولات الشجعان هناك، خصوصاً النقيب البطل طالب جويعد الشمري الذي كان في مقدمة الجيش ممطراً العدو بنيران دبابته التي لم يفارقها قط، وكانت طلقاته دقيقة ومتتالية، وفوجئنا بتلك الأخبار عن النقيب الشمري الذي عرفناه بطبيعته المرحة والشقاوة الزائدة والهزل الدائم، الا أن الحرب بيّنت لنا من هم الرجال الحقيقيون، والنقيب الشمري كان أحد الأبطال الذين سجلوا لنا قصة أبطال دافعوا بكل عنفوان وشجاعة عن الوطن، وأتذكر أن سائق دبابته يروي لنا أن النقيب الشمري طلب منه أن يجلب له من بقالات الشارع العام «عصير سانكيست» و«قطع من البسكوت»، لأنه كان يقول: «لا أريد أن أموت وأنا جائع، وللأسف الشديد أن الكويت لم تنصف هذا البطل لا قبل الغزو ولا بعده».
وللأمانة التاريخية أقول ان اللواء سالم مسعود آمر لواء الشهيد قد «ستر ماء وجهنا» عندما اتخذ قرار المقاومة ضد القوات العراقية على مسؤوليته، وما زلنا كأفراد وقوات لواء الشهيد نفتخر فيه خلال الـ 18 سنة الماضية، فاللواء مسعود «صاحب قرار المقاومة»، ومن يقول غير ذلك غير صحيح، ولو أن اللواء مسعود لم يتخذ القرار لأصبحنا أسرى في ذلك الوقت، ويكفي أن اللواء سالم مسعود أول شخص توجه الى ساحة المعركة، وهذه هي صفات القادة حيث يتوجه القائد الى المعركة قبل الجنود، والله لا أجامل هذا الرجل انما شاهدت بطولات في ساحة المعركة وهو الرجل الذي يعتبر «صاحب قرار المقاومة»، وهو الذي سترنا وجعل لنا تاريخا عسكريا نفتخر به، أيضاً هناك عسكري «ظلم من الدولة» ويجب علينا تكريمه وأن نقول فيه كلمة حق وهو النقيب طالب جويعد الشمري.
• هل طلب منكم فعلا وقف المقاومة ومن طلب ذلك ولماذا، هل خوفا عليكم؟
- نعم سمعت الأوامر العسكرية بوقف المقاومة، ولكن في الجانب الآخر سمعت اللواء سالم مسعود اتخذ القرار باستمرار المقاومة والتوجه الى ساحة المعركة، وطلب من الوحدات الالتحاق به الى موقع المعركة.
واذكر هنا حادثة وقعت في الساعة الثانية عشرة ظهراً تقريباً حصل أمر يجب ان اذكره للتاريخ، فقد كان النقيب البطل غسان سليمان من واجبه ان يكون في المنطقة الخلفية للواء وذلك لتغطية أي تقدم للقوات المعادية من ناحية الطريق الآتي من السالمي الى الجهراء، وكان مكانا قريبا من موقع المدافع في الفريدة، وقد شاهد رتلا على الطريق فبادر بسؤاله للقيادة في الأمام اذا كان هناك اي معلومة عن قوة درع الجزيرة، فكان الجواب بالنفي، فأبلغهم بالارتال القادمة على طريق السالمي فأمره آمر اللواء ان يتأكد ويقطع الطريق عليهم اذا كانوا من القوات المعادية.
وكان في هذه الأثناء النقيب سليمان على الطريق المعاكس، فغير وجهته وسلك الطريق الى الجهراء، فأصبحت الارتال خلفه وكانت تقود الارتال سيارة «لاند كروز» كويتية، وعندما اقتربت السيارة وأصبحت خلفهم قال مأمور اللاسلكي وهو الرقيب صافي بندر هذه السيارة لوحاتها كويتية وأظنهم «درع الجزيرة» فقام النقيب سليمان بالاتصال بآمر اللواء وابلاغه عن مشاهدته عن السيارة والاعلام الخضراء وأنه يعتقد بأنهم من قوة درع الجزيرة، فقال له الآخر ايضاً تأكد منهم فأن كانوا «درع الجزيرة» ابلغهم بأن تدخل فقط سرية دبابات مع آخر القوة، فزاد من سرعته في الجيب وتبعه جيب لاند كروز ووقف على جانب الطريق فوقف خلفه ونزل النقيب سليمان ونزل من كان جالسا في الخلف وهو عسكري اما سائق الجيب فيرتدي اللباس الوطني (دشداشة وشماغ)، وعند بدء الكلام معه وسؤاله عن القائد مرت الارتال فعرف النقيب غسان ان الآليات عراقية، فقال خير ان شاء الله وذهب الى الجيب وتبعه سائق جيب غسان سليمان عريف عيد عيادة وعند ركوبه السيارة «مرر» واذكر صوته حتى الان وهي كعادة غسان اذا كان غاضباً ومستعجلا
«عراقيين، عراقيين، عراقيين»، وتسلمت القيادة المعلومة ولاي سبب او لآخر تجمعت الارتال في منطقة محطة لوزن الشاحنات ورصدها النقيب سليمان ومرر لي احداثيات التجمع كهدف وتمت الرماية بكل المدافع ثم اعطاني تعديل تحت 800 متر ورميت.
وفي هذا الاثناء انفتحت الدبابات خلف مواقعنا من ناحية الغرب وبدأوا بالرماية ومحاولة محاصرتنا وظهر الطيار الكويتي الذي عرفنا فيما بعد انه ماجد الأحمد بطائرته «سكاي هوك» على الرتل وقصفه واشتعلت النيران ببعض الآليات من القوة المنفتحة وكان طيرانه فوق موقعنا.
ويطلب النقيب سليمان تنفيذ امره الأخير «كرر» فرد عليه الملازم طلال، وابلغه ان الطيران يقصفنا ظنا منه ان الطيران عراقي فأبلغه الرائد نبيل بالتوجه الى الموقع للانسحاب فالتحق سليمان وتم الانسحاب الى رحية، وذلك تطبيقاً لأمر الرائد نبيل عيسى.
• كيف سارت الامور بعد ذلك؟
- تلقينا أوامر بالانسحاب الى منطقة رحية حيث توجهنا الى هناك، وفي لحظات الانسحاب تعرض المقدم الحشاش للاصابة من العدو العراقي، وأثناء التباحث بين الضباط كان معهم النقيب سليمان الذي تلقى أوامر من الرائد نبيل عيسى بان يحتل موقعا حتى يؤمن انسحاب القوات الى الجنوب، وفعلا انسحبنا، وطلب الرائد نبيل عيسى أن أقود الجيش معه أثناء الانسحاب.
واذكر تماما انه في وقت كنا ننشغل بالمعركة، وجدنا جيب لاند روفر عائد الى النقيب (النائب) ناصر الدويلة طلب أن يصلحه، ولكن اعتذر الضباط لأنهم كانوا مشغولين بالمواجهة، وشوهد النقيب الدويلة يركب احدى السيارات ويتجه الى الجنوب، ولم يعد الى القيادة، وكان الدويلة مساعد الكتيبة السابعة في لواء الشهيد وكان معه النقيب عباس والنقيب محمد الصالح.
كما اذكر ان الرائد عيسى قام بتغيير ترددات اللاسلكي واخذ المخطط من جيب النقيب الدويلة عندما تركه وركب سيارة واتجه الى الجنوب أثناء الانسحاب، وبعدها واصلنا الانسحاب وأثناء ذلك سمعنا خبرا أزعجنا جداً وهو استشهاد الشيخ فهد الأحمد، واثناء مسيرنا وجدنا سيارة «كارجو» عند احدى الشركات من الكتيبة السابعة وسألنا قائدها ماذا تفعل هنا؟ فقال: «ان العامل رفض أن يزودني بالـ «ديزل» وتوجهنا اليه وسألناه: لماذا لم تعطهم؟ قال العامل: لا يوجد «ديزل». فرجعت الى العسكري فقال: «أن العامل يكذب بل لديه ديزل، وعلى الفور عدت وأخرجت المسدس وهددته، فأعطاني «ديزل» بالفعل، وواصلنا طريقنا الى السعودية ولكن بعد أن وصلنا تأخر عسكري وطلبت العودة وأصر احد الضباط أن يرافقني وهو الملازم جابر غانم الحسيني.
• ما تعليقك على تشكيك البعض باداء القادة العسكريين؟
- أيام معركة الجسور كنت برتبة نقيب وتنقصني الخبرة ولا استطيع أن أقيم القادة العسكريين مثل ما يقوم البعض بتقييمهم والتشكيك فيهم، وهذا غير صحيح لان هؤلاء القادة خاضوا حروبا في مصر وسورية قبل أن ندخل نحن العسكرية، وأرجو عدم الخوض في الأمور العسكرية، فمن وجهة نظري أن كل القادة العسكريين اجتهدوا أثناء الغزو العراقي بالدفاع عن الكويت، وهناك بعض وجهات النظر التي اختلفت بين القادة العسكريين حيث ان هناك من أيد استمرار المقاومة وهناك من رأى أن استمرارها خطر على حياة المدنيين.
جميع الوحدات من الجيش والحرس الوطني والداخلية أثناء الغزو عملت بجد، ودافع الجميع عن الكويت ونفتخر بذلك، ولا نريد أن يزايد احد في هذا الموضوع ويجعل من نفسه بطلاً، الكل دافع عن الكويت ويجب أن يسند الفضل لراعي الفضل وهو صاحب القرار في حرب الجسور والمقاومة اللواء سالم مسعود. وانا اردت من لقاء اليوم مع «الراي» ان اقول «كلمة حق»، أريد أن أقولها في قادتي وعلى رأسهم اللواء سالم مسعود وضباط لواء الشهيد الذين قاتلوا في 2 اغسطس، وأتوجه للضباط الذين شاركوا في هذه الحرب وتقاعدوا أن يتكلموا ويذكروا الحقيقة وأن يقولوا كلمة الحق في الرجال الذين دافعوا عن الكويت.



صائد الدبابات... رجل الشدائد


قال آمر لواء الشهيد اللواء سالم مسعود «اذهلني ذلك الشاب النقيب طالب الجوعيد الشمري في ساحة المعركة، حيث انني كنت اسمع عنه انه «شقي» وله «مقالب» وغير جاد في عمله، الا ان هذا «الشقي» تحول إلى «بطل شرس» عندما كنت في المعركة ولمحته وهو يتقدم بدبابته في مقابلة العدو اذ كان هو اول من اطلق قذيفة واستطاع ان يعطب ما يقارب ثلاثين دبابة»، معتبرا ان «هذا البطل صائد الدبابات اكد ان الشدائد لها رجالها».

«محد يموت قبل يومه»


ذكر اللواء سالم المسعود ان الملازم اول فيصل المخيال فاجأ الجميع عند دخوله ساحة المعركة وهو يقود دبابته ملثما بالشماغ الاحمر، وعرفت انه مجاز وقد التحق بالمعركة بعد سماعه دخول القوات العراقية، وقد طلب مني الامر بقصف موقع عراقي تحت الجسر، ورفضت لان الموقع مكشوف، الا انه عاد مرة اخرى واصر وقال لي: محد يموت قبل يومه، وبهذه الكلمات اعطيته الامر وكنت اراقبه عندما نزل بدبابته تحت الجسر وكنت خائفا عليه الا انه كان بطلا حيث استطاع ان يدمر الموقع بالكامل ويعود سالما.

«العودة»


طالب اللواء سالم مسعود القيادة السياسية بتثمين البطولات التي قدمها الدكتور جهاد كامل في معالجة الجرحى الكويتيين في معركة الجسور، حيث تواجد مع الجيش وحمل السلاح ولم يترك الجيش الا بعد الانسحاب للاراضي المملكة العربية السعودية ثم واجهته مشاكل عائلية واستدعى ذلك المغادرة إلى الاردن ولكن للأسف إلى الآن لم يعد.

«سكاي هوك»


روى العقيد عمر الطفيري انه «بعد ان تعرضنا للقصف من كتيبة عراقية على طريق السالمي فوجئنا بطائرة منخفضة اعتقدنا انها طيارة معادية ولكن عندما اقتربت اتضحت انها طائرة من نوع «سكاي هوك» كويتية حيث قامت بقصف الارتال العسكرية واسكتت النيران واكتشفنا لاحقا ان قائد الطائرة هو المقدم ركن ماجد الاحمد.



الدويلة اتجه جنوبا ولم يعد الى القيادة


أكد العقيد عمر الظفيري ان عددا من الضباط الذين شاركوا في معركة الجسور بالقرب من الجهراء وجدوا سيارة النقيب ناصر الدويلة نوع جيب في ساحة المعركة، وعلى الفور قام الضباط بتغيير ترددات اللاسلكي الموجود في سيارة الدويلة خوفا من استيلاء العراقيين عليها، وعرف لاحقا ان الدويلة اتجه إلى الجنوب حيث ركب احدى «الكارجوات» المتجهة إلى الجنوب في عملية انسحاب، ولم يعد إلى القيادة بالرغم من استمرار معركة الجسور.

«فرعون»


اعتبر اللواء سالم مسعود انه «بعد انقضاء فترة طويلة على الغزو العراقي، البعض يعتقد انه «فرعون» وينسب البطولات لنفسه، ولكن التاريخ مؤرخ والجيش يعرف الابطال الذين ضحوا في سبيل الوطن وعلى القيادة العسكرية ان تحاسب من يشكك في شرف القادة العسكريين الذين قدموا التضحيات في 2 اغسطس.


ضباط معركة الجسور


النقيب فهد الشويع، الملازم طلال الخيوطي الحربي، الملازم عوض فالح البذالي، الملازم مناحي شلال الشمري، الملازم عبدالرزاق الطيار، الملازم خالد منصور الحربي، الملازم ثنيان سعود العدواني، الملازم خالد الرشيدي، الملازم محمد علي الشمري، الملازم نواف عبيد الشمري، الملازم صالح عبدالله المطيري، الملازم فيصل سعود العنبري، الملازم محمد حمود المطرقة، الملازم جابر غانم الحسيني، الملازم محمد عساف الظفيري، والملازم مروان الكندري.


قبلة... على الرأس


قال العقيد عمر الظفيري ان اللواء سالم مسعود هو من اتخذ القرار بمقاومة العراقيين في معركة الجسور، إلا ان القيادة اعطته اوامر بالانسحاب لكنه رفض وتقدم بالجيب و«الكارجو» إلى المعركة، وطلب من الكتائب المجهزة الالتحاق به، وهذا عمل لا يفعله إلا القادة الشجعان وانه «سترنا» ومنحنا شرف المعركة، ولو لم يعطنا الامر بالمقامة لكنا اسرى جميعا. وافاد «عندما شاهدته على الحدود الجنوبية قبلت رأسه على منحنا شرف المقاومة».