مفاجأة لمحبّيه في الذكرى الثانية لرحيله... ابنته ستقرأها وهبة القواس تغنّيها
أنسي الحاج «يعود إلى الحياة»... بكتاب يضم نصوصاً غير منشورة
| بيروت - من آمنة منصور |
1 يناير 1970
07:21 ص
كان يودّ نشر هذه الأعمال في حياته لكن الظروف لم تساعده
«كانت لي أيام ولم يكن لي عمر»... هكذا أوجز رائد قصيدة النثر أنسي الحاج ما عاشه قبل الرحيل. لعلّه أحصى هذه الأيام بعدد القصائد التي كتبها، أو المقالات التي نشرها. أو ربما اختزل عقوده وأبقى على المناسبات العائلية التي لوّنت روزنامة سنواته، والمحطات الشخصية التي أغنت سيرة حياته. أغلب الظن أن الأيام التي اصطفاها مزيجٌ من العائلة والمهنة، من الحب والشغف، من ماضٍ عاشه، وحاضرٍ يسكنه دائماً، ومستقبل ستذكره أجياله.
في الذكرى السنوية الثانية لوفاة أنسي الحاج، الذي يظل عصيّاً على الغياب، حاضراً بكل عوالمه وأعماله، خالداً على السطور وفي ما بينها، تجيب الذاكرة عن أسئلة النسيان بالأسئلة: هل يرحل الشعراء وقد تركوا أبياتاً تتنفس وصوراً تنبض بخفقات قلب؟ ألا يُولد الكتّاب كلّما تُليت أعمالهم بحُب؟ ألا تعيش الكلمات في الحدقات وتتناسل الجمل على الشفاه؟ فمتى يكون الموت وأين يكون، إن كان في الأوراق ما يدحض الفراق؟ ففي القصائد البكر، رائحة تبغ أنسي، وهي ما زالت تتألم لآلامه وتبتسم لآماله.
بعد عامين على الوداع الأخير، يزداد حضور أنسي الحاج إشراقاً، توهّجاً، ودفئاً في قلوب محبيه. وهو الذي قال: «لم يدفئني نور العالم بل قول أحدهم لي اني، ذات يوم، أضأت نورا في قلبه».. أضاء برحيله شموساً في ذاكرة كل مَن عرفوه، لتظهر هامات كتاباته وانعكاس ظلّ كلماته، فإذا به الحاضر دائماً والساطع في كل حين.
العام الماضي، وفي الحفل الذي جمع إلى عائلته قراءه ومحبيه، أطلقت الشاعرة ندى الحاج ابنة أنسي «مؤسسة أنسي الحاج»، وأقامت عدداً من الأنشطة تكريساً لـ «حضوره»، هو الذي ترك «بصمات» في النهضة الأدبية والثقافية اللبنانية والعربية، ولاسيما من خلال دواوينه: «لن»، الرأس المقطوع«،»ماضي الأيام الآتية«،»ماذا صنعت بالذهب، ماذا فعلت بالوردة«،»الرسولة بشعرها الطويل حتى الينابيع«،»الوليمة«، وكتبه:»خواتم«،»كلمات كلمات كلمات«.. فضلاً عن عمله في الصحافة، ومساهمته في تأسيس مجلة»شعر«في العام 1960 مع كل من الشاعرين يوسف الخال وأدونيس.
هذا العام وإحياءً لذكرى أنسي، وضعت ابنته ندى اللمسات الأخيرة على الكتاب الذي سيضمّ نصوصاً غير منشورة من أعماله، على أن يتم إطلاقه في 16 مارس المقبل في بيروت عن دار أنطوان نوفل.
أنسي كان يودّ نشر هذه الأعمال» في حياته«، لكن الظروف لم تساعده على تحقيق رغبته ولا سيما أن المرض أنهكه في أيامه الأخيرة. فحملت ندى هذه الرغبة التي أوكلها إياها الوالد، وقطعتْ له وعداً بالاهتمام بهذه النصوص وإخراجها إلى النور ليقرأها محبّوه.
وبالأمس أنهت تصحيح الكتاب الذي صار جاهزاً للحفل الذي ستقرأ فيه ندى شعر أنسي وتغنيه المؤلفة الموسيقية والسوبرانو هبة القواس. وبعدما باتت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق رغبة والدها ومثلها الأعلى وتنفيذ وعدها له، تقول لـ»الراي«:»الكتاب يعني لي كثيراً، وأعتقد أنه يعني للكثيرين من محبي أدب أنسي الحاج وشعره، وهم ينتظرون إطلاقه من «مسرح المدينة» الشهر المقبل«.
رغم أن سنة أخرى مرّت بعد رحيل أنسي، إلا أن ندى الحاج تشعر بأنه بات حاضراً أكثر وأنه موجودٌ إلى جانبها ويعيش معها. فهي تعمل على أوراقه ومسودّة كتاباته وخط يده.»فلا أحس بأنه مات، بل حاضرٌ أكثر، ولا سيما أن هناك مسؤولية كبيرة جداً أحملها على كتفيّ، وهي تجسدت هذه السنة بنشر الكتاب الذي يضم نصوصاً غير منشورة من أعماله«.
وتضيف سليلة البيت الثقافي ووريثة الكلمات:»أعتقد أن والدي فرحٌ وراضٍ بنيّتي نشر الكتاب، وأتصوّر أن هذه المناسبة ستكون مهمة جداً«.
كما العام المنصرم، تتذكر الصحافة اللبنانية حضور أنسي الحاج ورحيله بصفحات تفرد لها كلمات كتبها وأخرى كُتبت عنه تأبيناً في ذكراه. وفي هذا الإطار تقول ندى الحاج:»يعني لي كثيراً تذكّر الصحف والأحبة لوالدي في كل عام، وأنا أقوم بكل هذه الأنشطة إحياءً لذكراه ليبقى حياً بيننا».