مناخ متشائم بإمكان استجابة السعودية سريعاً لمساعي المعالجة

لبنان أمام أسبوع الاختبارات الداخلية وفي أزمته مع دول الخليج

1 يناير 1970 05:54 ص
الجراح: من غير المجدي استمرار الحوار الثنائي مع «حزب الله» وهناك حرص على بقاء الحكومة
بعيداً عن الأجواء الصاخبة التي غلب فيها التهويل السياسي والإعلامي طوال الأسبوع الماضي، يشهد لبنان مع الأسبوع الطالع محطات اختبارية يمكن ان تؤدي الى توضيح الخط البياني لأزماته التي تتصدّرها منذ عشرة ايام تقريباً أزمة العلاقات اللبنانية مع السعودية ودول الخليج.

واللافت في هذا السياق، انه لم يعد في إمكان الحكومة ولا القوى السياسية تقديم أزمة على أخرى، لان البلاد وصلت الى مستويات من التدهور باتت فيها كل الاولويات متراكمة دفعة واحدة. كما ان الأيام الأخيرة شهدت موجات إشاعات وتكهنات كثيرة حول الوضع الأمني وإمكان ان تكون البلاد امام احتمالات خطرة.

واذا كان كل ذلك يُعتبر من عوارض التأزيم السياسي والديبلوماسي الواسع الذي نشأ مع تَصاعُد الإجراءات السعودية والخليجية ضدّ لبنان، فان مصادر وزارية بارزة قالت لـ «الراي» ان الواقع اللبناني فتح شهية الكثيرين على إطلاق العنان للتوقعات والتكهنات الأشد قتامة، ولكن ليس من موجبات واقعية ابداً لغالبية ما يُطلق على سبيل التهويل او التخويف من اضطرابات أمنية مثلاً، لأن ليس هناك ابداً على المستوى الحقيقي والعميق ما يضع لبنان امام خطر كهذا. ولكن المصادر خشيت من الأثر المعنوي السلبي الذي تتركه موجات كهذه ما لم يحصل في وقت قريب اختراق ما في اي من ملفات الأزمات المفتوحة.

وكشفت ان ثمة سعياً محموماً فعلا من جانب رئيس الحكومة تمام سلام وجهاتٍ سياسية داعمة له ابرزها الرئيس سعد الحريري من اجل إحتواء العاصفة الخليجية بأسرع وقت، وان الاسبوع الحالي يفترض ان يبلور الاتجاهات الواضحة التي يمكن سلوكها، ولو ان ثمة مناخاً متشائماً بإمكان استجابة السعودية سريعاً لمساعي المعالجة اذ تبدو الرياض كأنها تجاوزت كل الخطوط القديمة المتبعة لبنانياً بما يصعب الأمر كثيراً على الحكومة.

ولا تستبعد المصادر الوزارية ان تتخذ الأزمة مع السعودية والدول الخليجية طابعاً طويل الأمد بلا حسم قريب. اذ ان الحكومة في وضع أشبه ما يكون بتصريف الأعمال، ولم تعد تقوى على اتخاذ مواقف من مثل تلك التي يتطلبها الحلّ الجذري للأزمة الخليجية، لان ذلك سيعني الاصطدام الحتمي مع حزب الله «وحلفائه وانفراط الوضع الحكومي. وفي حال تصعيد الدول الخليجية إجراءاتها اكثر مما فعلت حتى الآن، فان الثمن الكبير سيرتدّ على الاستقرار الاقتصادي، الذي لن يمكن الحكومة ان تفعل شيئاً حياله لعجزها التام عن تلبية كل ما تطلبه السعودية والدول الخليجية».

وتبعاً لذلك، تقول المصادر ان حركة المشاورات والرسائل التي وُجهت الى السعودية خصوصاً تركز على التمني عليها تفهّم الواقع اللبناني، في ظل الالتفاف الكبير الذي أبداه حلفاء المملكة في لبنان في الاسبوع الماضي، والذي رسم مشهداً بارزاً لا يمكن تجاهله ابداً في تظهير الحجم الكبير لرافضي سياسات «حزب الله»، ولو ان هذه المشهدية لم ترض بعض الاتجاهات التي تعبّر عن السياسة السعودية، باعتبار ان المملكة باتت تطلب ما يفوق التعبير الكلامي عن رفض سياسات الحزب ضدها.

وبدت بيروت في حال ترقب للقاء الذي يفترض ان يحصل لقاء بين رئيس البرلمان نبيه بري والرئيس سعد الحريري لتحديد مصير الحوار الثنائي الذي يرعاه الاول بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، والذي يُخشى ان تطيح به تداعيات الازمة بين لبنان ودول الخليج وتفاعلاتها الداخلية، ولا سيما ان الجولة الاخيرة الخميس الماضي انعقدت بـ«شق النفس» واقتصرت على ممثل عن كل من الجانبيْن بعد اتصالات ماراتونية لمنْع «إعلان موت» هذا الحوار، الذي تم التعاطي معه منذ بدايته في ديسمبر 2014، باعتباره واحداً من «أحزمة الامان» التي تخفف الاحتقان المذهبي وتفعّل حال «ربْط النزاع» السياسية المكرّسة داخل الحكومة.

واذا كان بري ومعه أطراف لبنانيون آخرون مثل النائب وليد جنبلاط يسعون جاهدين للحؤول دون انهيار حوار«المستقبل»-«حزب الله»، فان أصواتاً من التيار ما زالت ترتفع لافتة الى عدم جدوى استمراره، وسط علامات استفهام حول اذا كان سقوط هذا الحوار قد يكون «الأقل تكلفة» من تطيير الحكومة، ام ان انتهاء الاول يمكن ان يطيح بـ«خطوط الدفاع» التي حالت حتى الساعة دون تداعيها.

وكان لافتاً ما اعلنه النائب جمال الجراح (من كتلة الرئيس الحريري) امس من «أن الحوار الثنائي لم يحقق أي تقدم ملموس ولاسيما في النقطتين اللتين يبحث فيهما، وهما تخفيف الاحتقان في الشارع ومحاولة التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية»، معتبراً أن «من غير المجدي استمراره بعد اليوم»، مشدداً في الوقت نفسه الى أن «هناك حرصاً على بقاء الحكومة على الرغم من عدم انتاجيتها».

الى ذلك، تلفت المصادر الوزارية البارزة نفسها الى ان الحكومة تسعى بقوة الى تحقيق اختراق نهائي هذا الاسبوع في ملف أزمة النفايات، التي لم يعد من المبالغة التأكيد انها تقترب من تهديد الامن الاجتماعي والصحي للبنانيين كما انها باتت عنوان بقاء الحكومة او السبب الحاسم لرحيلها واستقالتها.

وتقول المصادر ان الرئيس سلام ما كان ليعلن في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء ربط مصير الحكومة بحل أزمة النفايات، لو لم يكن مقبلاً فعلاً على الاستقالة ورمي كرة النار في مرمى القوى السياسية في حال لم يتحمّل كل الافرقاء المسؤولية السياسية عن فتح المطامر في المناطق اللبنانية المحددة، واتخاذ القرارات الحاسمة بإنهاء أزمة النفايات. ولا تستبعد المصادر ان يحصل الاختراق المطلوب قبل جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل بحيث تكون الجلسة تتويجاً للجهود التي تبذلها اللجنة الوزارية المكلفة هذا الملف والتي تعقد اجتماعاتها بكثافة برئاسة سلام ولا تسرب معلومات عن النتائج في انتظار إنضاج الحل.