مذكرات طالب
| د. زياد الوهر |
1 يناير 1970
04:38 م
نظريا، أنا لم أعد طالبا منذ فترة طويلة من الزمن ولذلك فهذه ليس يومياتي ولا ذكرياتي، ولكني أتحدث عن واحد من أشهر الكتب التي حققت مبيعات خرافية في السوق العالمي لمؤلفه جيف كيني، وهو مصمم مشهور لألعاب عبر الإنترنت، والذي صنفته صحيفة نيويورك تايمز كواحد من أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم حيث تم اعتبار الكاتب الأكثر مبيعا لكتاباته في العام 2009.
إلى هنا تعتبر هذه المقدمة أمر طبيعي للمتميزين والمبدعين في حقل الكتابة والثقافة، ولكن هذا الكاتب قد تفرد بعدة ميزات تمكن من خلالها أن يحقق المكاسب التي يتمناها أي مبتدئ أو حتى مخضرم في عالم التأليف.
لقد استطاع هذا الكاتب أن يوفق بين اللغة السهلة وفق قاعدة «السهل الممتنع» وبين أسلوب الرسم الكاريكاتوري الذي يجبرك على الاستمرار بالقراءة بشهية مفتوحة وكأنك أمام مائدة عامرة بما لذ وطاب من أطايب الطعام وأنت تتضور جوعا، بالإضافة إلى قدرته على مجاراة الأطفال بأسلوب ينم عن ذكاء فطري تمكن من خلاله من مخاطبتهم بلغتهم التي يفهمونها وأسلوب حياتهم الذي يعيشونه.
هذا هو الحال الذي مر به أولادي أثناء قراءتنا سويا وبشكل شبه يومي لمجموعة من الأجزاء من كتاب مذكرات طالب وجميعها تمتاز بالتشويق من البداية حتى النهاية، وما من شك لدي أيضا أن أسلوب القراءة ذاته الذي اتبعته مع أبنائي قد زاد من المتعة أثناء القراءة اليومية التي يحرص عليها أبنائي بشكل ملفت للنظر إلى القدر الذي حقق فيه الكتاب لدى أبنائي الرضا الكامل وعاشوا مع شخصية الكاتب الرئيسية «غريج هيفلي» وأخويه «رودريك و ماني»، ووصل الأمر بهم إلى تقليد الرسوم الكاريكاتورية التي تغطي كل صفحات الكتاب.
الشاهد في الموضوع أن هذا الكاتب المرموق استطاع أن يحقق النجاح تلو الآخر عبر سلسلة متميزة من كتابه وبعناوين مختلفة مثل «الحقيقة المرة، أيام الكلاب، قوانين الأخ الأكبر، القشة الأخيرة» وغيرها الذي لم يتم ترجمته بعد للغة العربية.
ولذلك فهذه دعوة مفتوحة للفتيان والشباب في العالم العربي لخوض غمار هذه التجربة ومن بنات أفكارهم وبمشيئة الله سيحالف المجتهد منهم التوفيق ويكون نموذجا يحتذي به الشباب من بعده.
النموذج الداعشي
زادت هذه الأيام وبشكل ملفت للنظر ظاهرة شديدة الخطورة على مجتمعاتنا ومبادئنا التي نعتنقها وتعلمناها من ديننا الإسلامي الحنيف، إنها ظاهرة التعميم في كل الأوجه السلبية.
فالمراقب الجيد لما يدور على ساحاتنا السياسية والحوارية يكتشف وبدون لبس أن «مثقفينا» وبعض ساستنا يستخدمون التعميم في نعت الطرف المخالف مذهبيا أو عقائديا أو حتى مناطقيا ووصمه بكل القبائح والأوصاف ولا يكاد يترك أحدا إلا وأصابه بسهام لسانه.
فإن كان هذا هو سلوكنا مع أبناء أوطاننا فليس غريبا أن يتهمنا الغرب بأننا جميعا دواعش ونعتنق نفس الفكر التكفيري والسلوك الهمجي والعقول المتحجرة، حتى وصل الأمر بأحد الأجانب أن سأل وزير خارجية عربي كيف يفسر سلوك الدواعش وهم يستقون فكرهم وعقيدتهم من القرآن والسنة النبوية الشريفة، ولكن لحسن الحظ أن ذلك الوزير كان محنكا جدا وأجرى الله على لسانه الحكمة وألهمه جوابا كافيا شافيا لا مجال بعده للجدال، وبصراحة فوجئت بفصاحته وقدرته على ترتيب أفكاره وصياغة كلماته بالشكل الذي قد يعجز عنه بعض علماء الدين الموقرين.
قال الوزير: أن هذا غير صحيح فالله قال في كتابه الكريم {لكم دينكم ولي دين} وقال جلت قدرته أيضا {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} واستطرد الوزير قائلا: هل هنالك نموذج أكثر من ذلك على التسامح ويؤكد خطورة استباحة دماء النفس.. أي نفس كانت مسلمة أو غير مسلمة! وأضاف: وإذا طبقنا قاعدة التعميم فهل يجوز لنا أن نقول أن منظمة «كوكلوس كلان» منظمة مسيحية..؟ وهم يحملون الصليب على صدورهم ويدعون لقتل كل من كان من أصل أفريقي... واستمر حديث الوزير في تفنيد الادعاءات الباطلة والشبهات التي تحوم دائما حول الدين الإسلامي بسبب شيوع ظاهرة الدواعش وفكرهم الدموي في بلادنا فكان رده رائعا وكافيا فشكرا له ولأمثاله.
ويبدو أن البعض يلجأ للتعميم لأنه أقرب الحلول وأكثرها بساطة، فهو لا يكلف نفسه مطلقا البحث عن الحقيقة، ويساعده في ذلك القنوات الفضائية والإعلام الفاسد الذي يروج لتلك الأمراض بشكل فاضح وواضح، وإن لم نعمل كمثقفين ورجال دين ومعلمين ومؤسسات المجتمع المدني على محاربة هذه الظاهرة بكل وسيلة ممكنة فسيفلت زمام الأمر من بين أيدينا ونضيع وتغرق بلادنا في الفتن الطائفية المنتنة وسنندم على ما كنا ننعم به من أمن وأمان... أعاذنا الله وإياكم من شر الفتن والابتلاءات.
خاطرة:
ماذا آكل...؟ سؤال أطرحه على نفسي كثيرا من أجل تناول وجبة صحية لا تسبب السرطان ولا التلبك المعوي ولا تؤدي إلى الطفح الجلدي أو غيرها من الأمراض العضوية والنفسية والسياسية وشيوع ظاهرة الطلاق.