حلقة يوم أمس الاثنين من مذكرات الكبير الدكتور أحمد الخطيب في جريدة الجريدة، ذكرتني بمشواري مع الصديق العذب بدر ششتري قبل نحو أسبوع. وبدر شاب كويتي صغير عاد للكويت هذه الأيام ليقضي أجازته الدراسية من مصر التي يدرس في إحدى جامعاتها، لكنه ليس ككل الشباب، أبدا، وإنما هو وطن جميل على هيئة شاب، وصادق صدوق لا يخشى في حب الوطن لومة لائم، وهو صاحب الجملة الشهيرة التي تناقلها الناس بعدما نقلها عنه الغائب الحاضر وليد الجري في الندوة الانتخابية الأخيرة للزعيم أحمد السعدون، وكتب عنها الزميل سعد العجمي مقالة ولا أروع في جريدة الجريدة، ويقول فيها بدر لوليد الجري: «كلنا نعيش داخل الكويت، لكن وللأسف القلة منا تعيش الكويت بداخلهم»، وهي جملة تُرمى لها العقل (جمع العقال)، وتصفق لها الأيدي بحرارة، وتتمايل لها العقول إعجابا بجزالتها، وتدمع لها مقل القلوب حزنا لصدقها...
قلت لبدر بعدما خرجنا من عزاء الدكتور حسن جوهر الذي توفي قريبه رحمه الله -: تلقيت الكثير من الدعوات لزيارة الدواوين، وأحرص على تلبية الدعوات تلك، بحسب سماحية الوقت، لكن الأولوية الليلة لديوانية رجل يحب الكويت، فعلا لا قولا، وموقفه مشهود ومؤرخ في صفحات الشجاعة والوطنية، وهو النائب السابق الدكتور خالد الوسمي الذي ساهم في المحافظة على الدستور من التنقيح عام 81، لله دره ما أكبره وما أجمل كلامه عندما اجتمع مع النواب العوازم وكانوا ستة وهو سابعهم، ليحضهم على رفض التنقيح، فقال كلمته الصريحة الشهيرة (وأنا هنا أنقل كلام الوسمي كما جاء في مذكرات الكبير أحمد الخطيب حرفيا وبالفاصلة والنقطة، وإن كانت غالبية الناس تعرف مضمونه): «لم تكن لنا نحن العوازم أية قيمة سياسية أو اجتماعية عند النظام في السابق، كنا نجلس في آخر مجالس النظام عند الباب بقرب الأحذية المركونة هناك، وكنا نذهب دائماً إلى دواوينهم في أفراحهم وأتراحهم ولم نشاهد أي واحد منهم يردّ لنا التحية. وبعد صدور الدستور ودخولنا المجلس صرنا نتصدر مجالسهم وصاروا يأتون إلى دواويننا وقت أفراحنا وأتراحنا. وصارت لنا قيمة سياسية واجتماعية وصار منا الوزراء والنواب. فإذا فرّطنا بالدستور فسوف نرجع إلى الوضع البائس القديم. فعزّنا من هذا الدستور وحذار التفريط به». هذا ما قاله الوسمي، وهو كلام ينسحب على أبناء القبائل كلهم الذين لا يفرق بعضهم الآن للأسف بين «مجلس الأمة» و«شاعر المليون».
زرنا الديوانية ووجدنا الابن المحامي وسمي الوسمي، لكن ومع الأسف تبين أن الدكتور خالد الوسمي خارج البلاد، وحتما سنزوره لنقبل رأسه الشامخ... آه ما أجمل القبيلة يا دكتور عندما تهب لنصرة البلد وأهله.
***
رسائل العتب من موظفي ديوان المحاسبة لم تتوقف بعد مقالتي التي كانت بعنوان «ديوانية المحاسبة»، فظن بعض الأخوة موظفي الديوان بأنني أطعن في أدائهم، وهو ما لم يخطر ببالي أبدا، إذ كان حديثي منصبا على نقد تصريح وأداء وكيل الديوان، فقط وكيل الديوان. واعتذاري لهم إن أساءوا فهمي.
تعليقات ورسائل أخرى كثيرة وصلتني تدافع عن النائب المليونير الذي تحدثت عنه في مقالات سابقة، والذي يلقب نفسه بالزاهد، ويقسم بعض أصحاب الرسائل بأن النائب هذا «على قد حاله» و «طرق المعاش»، أقول لهؤلاء: لم أسمع يوما أن زاهدا اشترى لابنه سيارة «بنتلي» جاءت من الخارج كـ «طلبية خاصة»! ولو أنه لم يستغل منصبه للثراء لقلنا «بالعافية عليه». ثم إذا كان هذا النائب زاهدا، فماذا نسمي طيب الذكر وزير الإعلام السابق الدكتور أنس الرشيد، الذي يسكن الآن في شقة بالإيجار، وهو الذي لو اشتهى لكان يسكن الآن في فيلا تحيط بها الحدائق من الجهات الخمس، والذي رفض أيضا أشياء أخرى كان يستحقها ولن يجادله أحد فيها، وأخشى أن أذكرها فيعتب عليّ أبو أحمد؟ هذا هو الزاهد الحقيقي، والذي ستعلق الأجيال صورته في الدواوين تحت صور عظماء الكويت، بدءا بأبي الدستور الشيخ عبد الله السالم، ومرورا بالخالد حمود الزيد الخالد والزعيم أحمد السعدون والكبير أحمد الخطيب وجاسم القطامي وأحمد الديين وأحمد الشريعان وعباس مناور وغيرهم من كبارنا الأفذاذ، الذين ترتفع هاماتنا بذكرهم وذكراهم.
محمد الوشيحي
[email protected]