استقبال رئاسي لزعيم «المردة» في دارة الحريري

«حزب الله» لا يمانع انتخاب فرنجية في حال وافق عون

1 يناير 1970 07:19 ص
طاولة الحوار طغى عليها ملفا النازحين السوريين وترحيل النفايات
رغم أن الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله تعمّد في اطلالته ليل اول من امس تَجاهُل الدينامية السياسية الصاخبة التي أطلقتها عودة زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري في ما خص الانتخابات الرئاسية ووضْع حد للفراغ في سدّتها، فان الأنظار شاخصة لالتقاط إشارات محتملة من «حزب الله» يمكن ان تؤشر الى موقفه من الاستحقاق الرئاسي في ضوء المعطى الجديد المتمثّل بضغوطٍ تمارسها قوى «14 آذار» على اختلاف مكوّناتها، اضافة الى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط بضرورة النزول الى البرلمان لانتخاب احد المرشحين الثلاثة، زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون مرشّح «حزب الله» المدعوم من رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية المدعوم من الحريري، والنائب هنري حلو مرشّح جنبلاط.

ومن المرجّح ان تتحوّل الدعوة الى عدم مقاطعة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية «كرة ثلج» في الفترة الفاصلة عن جلسة البرلمان المقررة لهذه الغاية في 2 مارس المقبل والتي تحمل الرقم 36 نتيجة إفقاد الجلسات السابقة وعلى مدى نحو 21 شهراً النصاب القانوني لعملية الانتخاب بقرارٍ بـ «التكافل والتضامن» بين «حزب الله» ومرشّحه العماد عون.

واذا كانت أوساط واسعة الاطلاع تستبعد حصول تطورات على جانب من الاهمية قبل جلسة الثاني من مارس من شأنها كسْر التعطيل والذهاب تالياً لانتخاب احد المرشحين الثلاثة، فإنه سيكون من الصعب في رأي هذه الاوساط، تَجاهُل الزخم الجديد في الحراك الرئاسي وما أحدثه من تضييقٍ لهامش المناورة لدى فريق «8 آذار» المنخرط في لعبة المفاضلة بين المرشحيْن من صفوفه اي العماد عون والنائب فرنجية.

وقالت مصادر بارزة في «8 آذار» لـ «الراي» ان «حزب الله» لا يمانع بمجيء فرنجية رئيساً للجمهورية في حال وافق عون، موضحة ان «حزب الله» يعتبر فرنجية حليفاً لكنه هو الآن مرشح الحريري لا الحزب الذي كان رشّح العماد عون، مؤكدة ان «حزب الله» ليس في الموقع الذي يجعله يمارس ضغوطاً على فرنجية للانسحاب من السباق الرئاسي او يحمل رئيس البرلمان نبيه بري على تغيير موقفه الداعم لفرنجية.

ولم تستبعد هذه المصادر ان يكون الحريري أكثر انفتاحاً على مناقشة خيار السير بالعماد عون بعد جلسة 2 مارس، لاعتقاد المصادر عيْنها ان زعيم «المستقبل» يستعجل عودته الى رئاسة الحكومة، مشيرة الى ان «حزب الله» وعون لا يمانعان في مجيء الحريري رئيساً للحكومة، وملاحِظة ان عامل الوقت لا يصبّ في مصلحة العماد عون، وتالياً من المهمّ التوصل الى توافقات في مقاربة الاستحقاق الرئاسي.

ورأت مصادر «8 آذار» ان من العبث رهان البعض في لبنان على تدخّل بَرّي سعودي - تركي لتعديل موازين القوى في سورية، مشيرة الى ان «حزب الله» يدرك من جهته انه ومهما حقّق من انتصارات في الميدان السوري فلا يمكنه استثمارها على المستوى الداخلي المحكوم بتوازنات لا يمكن كسْرها او تجاوُزها.

والأبرز يوم امس كانت الزيارة التي قام بها النائب فرنجية للرئيس الحريري في «بيت الوسط» حيث حرص زعيم «المستقبل» على إقامة مراسم استقبال «رئاسية» لزعيم «المردة» اذ انتظره في الباحة الخارجية قائلاً للصحافيين انه ينتظر شخصية مهمة وستصبح أهمّ. وبوصول فرنجية لاقاه الحريري بعيد نزوله من سيارته وتبادلا القبل وتصافحا امام عدسات الكاميرات قبل ان يدخلا لعقد اللقاء الذي استُكمل على مائدة الغداء.

وقبيل لقاء الحريري - فرنجية، وهو الاول بينهما في بيروت بعد لقاء باريس في نوفمبر الماضي الذي خلص الى مبادرة غير رسمية من زعيم «المستقبل» بتأييد زعيم «المردة» للرئاسة بناء على تفاهُم سياسي أفضى الى خلْط أوراق داخلياً، كرّر الحريري في دردشة مع الصحافيين أنه ملتزم بترشيح فرنجية، مشدداً على أن «خطابي كان واضحاً أكان بالتزامي به أو بالتعاطي مع الحلفاء او بالمبادرة»، وموضحاً انه سيشارك في جلسة الانتخاب الرئاسية في 2 مارس المقبل.

ووصل زعيم «المردة» الى «بيت الوسط» آتياً من مقرّ رئيس البرلمان نبيه بري حيث كانت تُعقد الجلسة رقم 15 للحوار الوطني التي برز الغياب المتكرر للعماد عون عنها، فيما امتنع جنبلاط عن الحضور للمرة الثانية على التوالي. اما الرئيس الحريري، فلم يحضر انسجاماً مع ما كان أعلنه من ان الرئيس فؤاد السنيورة هو الذي يمثّل «تيار المستقبل» على هذه الطاولة.

وكان لافتاً ان «طاولة بري» التي شكّل بنْد الانتخابات الرئاسية المحور الرئيسي في مناقشاتها عند انطلاقها، لم تتناول إطلاقاً هذا الملف امس رغم التطورات التي شهدها منذ عودة الحريري وتفاهُم قوى 14 آذار على إدارة هذا الاستحقاق، رغم التباين حيال المرشحيْن عون وفرنجية، على قاعدة وجوب ترْك اللعبة الديموقراطية تأخذ مجراها ونزول جميع الكتل الى البرلمان انتخاب واحد من المرشحين الثلاثة على «ان نهنئ الفائز»، وهو ما تَلاقى عليه الحريري والدكتور جعجع في لقاء معراب الذي جمعهما ليل الاثنين، مع حسْم «المستقبل» ان لا فيتو على اي مرشّح في اشارة الى عون وانه ليس في وارد مقاطعة اي جلسة انتخاب.

وقد طغى على جلسة الحوار التي رُفعت الى 9 مارس ملفا النازحين السوريين حيث لفتت مطالبة بعض المشاركين بعودتهم الى بلادهم حين يحصل وقف لإطلاق النار، والنفايات في ضوء التعثر الذي أصاب خيار الترحيل الى روسيا عبر شركة «شينوك» البريطانية وذلك بعد إثارة وسائل إعلام روسية مسألة حصول تزوير في الأوراق حول موافقة السلطات المعنية في موسكو على استقبال نفايات لبنان الذي حدد امس 24 ساعة للشركة لتقديم كل المستندات الرسمية الضرورية لتوقيع العقد معها، وسط معلومات عن ان المتحاورين في عين التينة أوحوا بان الأمور في هذه القضية عادت الى «نقطة الصفر» وان خيار المطامر والمحارق عاد الى الطاولة، على ان تُحسم الأمور اليوم في مجلس الوزراء.