«المستقبل» يصوّب ما اعتُبر إساءة لجعجع في احتفال «البيال»

الحريري ملتزم بفرنجية ... حتى النهاية

1 يناير 1970 05:34 ص
الحريري:

لا أحد يلعب بعلاقتي مع «الحكيم» او الشيخ سامي

ستريدا جعجع:

لن نعلّق ... هيدا سعد الحريري «ستايل»
أحدثتْ عودة الرئيس السابق للحكومة اللبنانية زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري إلى بيروت، والخطاب الذي ألقاه في الذكرى الـ 11 لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، اول من امس، دينامية سياسية كبيرة على خطّيْ محاولة تفعيل المسار المتعلق بالانتخابات الرئاسية والمساعي للملمة صفوف قوى «14 آذار» في ضوء التصدّع الذي أصابها على خلفية الملف الرئاسي.

وغداة تحديد الحريري في خطابه في «البيال» موجبات مبادرته الى تأييد اسم زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية كمرشّح رئاسي، مع توجيهه رسائل قاسية الى «حزب الله»، ووسط ترقُّب للردّ الذي ستحمله كلمة الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله اليوم، أطلق زعيم «المستقبل» أمس، جولة لقاءات لتزخيم مبادرته الرئاسية، اتخذت شكل زيارات واستقبالات قام بها، فيما كانت الاتصالات تنصبّ على إخماد «العاصفة السلبية» التي انفجرت بين «القوات اللبنانية»، التي كانت رشّحت العماد ميشال عون إلى الرئاسة، وبين «المستقبل»، وهي «العاصفة» التي اشتعلت على خلفية نقطتين رافقتا ذكرى جريمة 14 فبراير: الاولى هي الكلام الذي توجّه به الحريري الى رئيس «القوات» سمير جعجع، في معرض شرح حيثيات دعم فرنجية وتداعياته، حين قال ان هذه الخطوة «أدّت بحلفائنا (القوات اللبنانية) إلى أن يتوصلوا بعد 28 سنة، إلى مصالحة تاريخية مع (التيار الوطني الحر)»، مشدداً على «أننا كنّا أوّل الداعين وأكثر المرحّبين بهذه المصالحة»، مضيفاً: «بس يا (حكيم) يا ليتها حصلت قبل زمن بعيد، كم كنتَ وفّرتَ على المسيحيين وعلى لبنان».

أما النقطة الثانية، فهي المشهد الذي ارتسم خلال التقاط الصورة الجامعة لقيادات «14 آذار» إذ حصل ترتيب الوقوف بطريقة جعلت زعيم «المستقبل» يتوسط الرئيس أمين الجميل (على يمينه) ونجله النائب سامي الجميل (على يساره) فيما بدا جعجع بعيداً.

وفي الملف الرئاسي، بلْور الحريري - الذي استهلّ زياراته امس، بلقاء كل من رئيس الحكومة تمام سلام ثم النائب سامي الجميّل - موقفه بوضوح على قاعدة 3 ركائز: الاولى انه ملتزم بالنائب سليمان فرنجية مرشحاً «وانا ماشي بهذا الالتزام حتى النهاية»، والثانية ان «لا فيتو رئاسياً على أحد، ومَن يُنتخب سنهنئه ولو كان العماد عون»، والثالثة دعوته كل الكتل الى النزول الى البرلمان لانتخاب رئيس ووقف لعبة التعطيل «لا سيما ان اثنيْن من المرشحين هما من (8 آذار)، وتالياً ما سبب تأخير الانتخابات غير ما يمكن قراءته حول ان البعض يريد الفراغ؟»، مع تشديده على انه «لا يمكن إجبارنا على مرشح واحد مع احترامنا للجنرال عون، وكيف يمكن لمرشح الا يشارك في الجلسات؟».

واذا كان الحريري كشف أن إقامته في بيروت «ستطول هذه المرة» في مؤشر الى انه سيواكب عن كثب الملف الرئاسي والتحضيرات للانتخابات البلدية والمساعي لرأب الصدع بين مكوّنات «14 آذار»، فإن اللافت كان تأكيده انه لن يزور اياً من المرشحين الى الرئاسة ولكن «يللي بحب يجي لعندي اهلاً وسهلاً»، وهو ما ترافق مع معلومات عن زيارة وشيكة سيقوم بها فرنجية لزعيم «المستقبل» غداة الاتصال الهاتفي الذي أجراه «رئيس المردة» بالحريري وايفاده للمرة الاولى ممثلاً له الى احتفال «البيال».

وفي ما خص التوتّر الذي تصاعد بين جمهور «القوات» و«المستقبل» بعد ذكرى اغتيال الحريري، وترافق مع مقالات في وسائل إعلام تابعة لفريق «8 آذار» وظّفت ما حدث، فقد حرص «المستقبل» على المسارعة الى احتواء المناخ المتشنّج من خلال بيان مبكّر صدر عن الأمانة العامة لـ «المستقبل» جاء فيه:«إن الدكتور سمير جعجع كان وسيبقى محل احترام (تيار المستقبل)، ورفيق مسيرة وطنية طويلة جسدتها انتفاضة الاستقلال في 14 آذار. وإن العبارة التي توجه بها الرئيس سعد الحريري اليه، في احتفال 14 فبراير، لم تقصد من قريب او بعيد، تحميل (القوات اللبنانية) مسؤولية تأخير المصالحة المسيحية، إنما قصدت التعبير، بكل محبة وامانة، عن تمنيات الرئيس بحصولها منذ سنين. وهو ما نأمل ان يكون موضع تفهّم كل المعنيين والحريصين على تفويت الفرص امام مستغلي المناسبات، والمصطادين في المياه العكرة».

ولاحقاً أوضح الحريري شخصياً على دفعتين ما قصده بكلامه، إذ اعلن بعد لقائه سلام أن«خطابي كان واضحاً وهذا الكلام لم يكن موجها لـ (الحكيم -جعجع)، بل قصدتُ انه لو حصلت مصالحات فعلية بين كل اللبنانيين ليس فقط المسيحيين لكان لبنان بألف خير، وكل الانقسام الذي نعيشه اليوم يعود إلى الحرب الاهلية وإلى ما بعدها. وأنا لا أحمّل المشكلة لا للحكيم ولا لأحد آخر، بل يجب ان يكون منظارنا للوطن في ان تحصل المصالحات، فلماذا نؤخرها، في النهاية ألم يدفع لبنان ثمن التأخير 28 سنة؟».

وفيما كانت كل التوقعات تشير الى لقاء قريب بين الحريري وجعجع، اوضح زعيم«المستقبل»بعد زيارته النائب الجميّل خلفية الصورة التي توسّط فيها الجميّل الاب والابن ووقوف رئيس«القوات»بعيداً، فأكد ان«هذا النوع من الحركات غير موجود عندي، وخلفية الدعوة لالتقاط الصورة كانت القول انه رغم الاختلافات او الخلافات فإن (14 آذار) ستبقى صفاً واحداً في الامور الاساسية. وما حصل كان صدفة، ولا أحد يلعب بعلاقتي مع (الحكيم) او الشيخ سامي»، موضحاً ان العلاقة مع الأخير«ستتطوّر».

وكانت«القوات اللبنانية»حاولت بدورها احتواء«غضبة»جمهورها الذي اعتبر ما حصل في«البيال»إساءة تعامُل من الحريري مع جعجع، فأشارت النائبة ستريدا سمير جعجع الى«مضمون كلمة الرئيس سعد الحريري في (البيال) والايجابيات التي تناولها لا سيما في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي وضرورة ملء الفراغ بأسرع وقت، من ضمن الأطر الديموقراطية وبالتالي نزول النواب الى المجلس لممارسة حقهم الديموقراطي، وكذلك تأكيده أن لبنان أولاً ولبنان فوق الجميع».

ورداً على سؤال لإذاعة«لبنان الحر»حول كلام الحريري عن المصالحة المسيحية، أجابت جعجع:«هيدا سعد الحريري ستايل، ولن نعلّق، كي يبقى التركيز على مضمون كلمته، فما يجمعنا هو سيادة لبنان ودماء شهداء (14 آذار)».

وفي موازاة ذلك، وفيما كانت الاوساط السياسية تترقب زيارة الحريري لرئيس البرلمان نبيه بري، لفت عدم استبعاد زعيم«المستقبل»ان يحضر جلسة الانتخاب الرئاسية في 2 مارس المقبل، وسط توقُّع دوائر متابعة عند اعلان النائب وليد جنبلاط (بعيد زيارته بري اول من امس) تعليقاً على خطاب الحريري:«سمعنا كلامه، وكان أيضا ممتازاً ويفتح الطريق على اللعبة الديموقراطية التي نؤيدها ونحن نتفق مع كلامه».

إشادة سعودية وأميركية بخطاب «البيال»



| بيروت - «الراي» |

أشاد السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري بخطاب الرئيس سعد الحريري في ذكرى 14 فبراير 2005، معتبراً ان «هذا الخطاب ينطلق من ذات النهج والثوابت ومن تأكيد واضح على المحافظة على لبنان الدولة والمؤسسات والهوية العربية وعلى الانفتاح على كل مسعى طيب يؤدي الى تحقيق مصلحة لبنان وشعبه».

وقال عسيري بعد زيارته الحريري امس: «ان النهج الوطني الذي رسمه الرئيس الشهيد رفيق الحريري والثوابت التي دافع عنها وفي مقدمها العيش المشترك والسلم الاهلي وتطوير الدولة، اضافة الى البصمات الايجابية العديدة التي تركها لا سيما في مجال تقريب وجهات النظر بين القوى السياسية والانفتاح على كافة الافرقاء والحوار البناء، لا تزال ماثلة في ضمائر اللبنانيين كافة، والحضور السياسي والشعبي الذي شهدناه في الذكرى الحادية عشرة لإستشهاده من كافة الاتجاهات والمناطق والطوائف خير دليل على محبته والوفاء له».

وأمل ان «يشكل خطاب الرئيس الحريري خطوة اولى في مسيرة حوار ومصارحة تفضي الى التوصل الى الحلول المطلوبة، وان تتم ملاقاته من كافة القوى السياسية بروح منفتحة تساهم في اطلاق دينامية جديدة تنهي الشغور في موقع رئاسة الجمهورية وتحصن لبنان من الأخطار الاقليمية المحيطة به».

كما أشاد القائم بالأعمال الاميركي السفير ريتشارد جونز بعد زيارته الحريري بخطاب الأخير اول من امس في «البيال» معتبراً «أنه كان خطاباً قوياً أوصل رسالة واضحة بأنه حان الوقت لانتخاب رئيس للجمهورية، وهذا بالتأكيد أمر لطالما عملت الولايات المتحدة لانجازه. لذا، آمل أن تصل هذه الرسالة الى الناس في لبنان لأنه بالتأكيد حان الوقت لانجاز الانتخابات».

وهل يعتقد أن الانتخابات الرئاسية ستحصل قريباً؟ اجاب: «الأمر يعود إلى الأفرقاء ليقرروا ذلك. ولكن ألا تظنون أن 21 شهراً من الشغور في موقع الرئاسة تشكل مدة كافية للجميع ليقرروا ذلك؟ اذ انه كلما اسرعوا بانجاز الاستحقاق في وقت قريب كلما كان ذلك أفضل».