نواف الركاد: نؤيد مقررات مؤتمر الرياض والحلّ السياسي المتفَق عليه دولياً

«شباب الثورة» السورية يطلقون من غازي عنتاب مشروعهم الوطني: توحيد فصائل «الجيش الحر» والتزام قيم الحرية والكرامة والعدالة

1 يناير 1970 05:35 ص
العدو يخطط لخنق الثورة وقطع طرق إمدادها وصولاً إلى مطاردة كل الفصائل الثورية في الوسط والجنوب والساحل لتصفيتها

قيادة الجبهة الشمالية يوكل إليها تشكيل محكمة عسكرية تختص فقط في شؤون ا?سرى والمعتقلين والمنشقين والقتلى والشهداء والمسيئين من العسكر

هذه المبادرة سياسية ذات مضمون عسكري وجاءت استجابةً لنداءات النشطاء والثوار على ا?رض حول ضرورة التوحد
يجدّد شباب الحراك الثوري في سورية محاولاتهم لإنقاذ «الثورة» التي تكاد أن تعيش عشية مرور خمسة أعوام على انطلاقتها تحديات «قاتِلة». فأولئك الذين نزلوا إلى الشوارع متحدّين الخوف والقمع وتجاوزوا الخطوط الحمر بالدعوة إلى رحيل نظام الرئيس بشار الأسد، يريدون استعادة نبض الثورة ووضع الأمور في نصابها بعد التعرجات والآفاق المسدودة التي أوشكت أن تصطدم بها في ظل ما تعانيه المعارضة من إرباك نتيجة قراراتها غير الموحدة، وحال الانفصال الكامل بين الداخل والخارج، وبين السياسة والعسكر.

وهذا الواقع، دفع بعدد من الشباب الذين كانوا من العاملين الناشطين لتنظيم التظاهرات في المدن السورية بين عامي 2011 و2012 إلى التحرك، كأفراد وأعضاء في منظمات مدنية وسياسية بهدف رص الصفوف من جديد. وهم قاموا بإطلاق حملة تحت عنوان «مبادرة شباب الثورة نحو مشروع وطني جامع» وسيعملون على تقديم وثيقة سياسية في مؤتمر يُعقد خلال أيام في مدينة غازي عنتاب في تركيا، في سياق السعي لتوحيد فصائل «الجيش السوري الحر» ضمن إطار عسكري وطني واحد، يلبي مطالب الثوار ويحقق طموحاتهم وأهداف ثورتهم،لا سيما أن هذا الموضوع صار أكثر حيوية مع العمليات العسكرية الروسية الأخيرة في حلب.

وتحذّر المبادرة مما حصل في المنطقة الشمالية السورية المهمة استراتيجياً وأمنياً. مشيرة إلى «حجم تخطيط وجرائم العدو في هذه المنطقة أملاً منهم في خنق الثورة، وقطع طرق إمدادها وصولاً إلى مطاردة كل الفصائل الثورية في الوسط والجنوب والساحل لتصفية الثورة بشكل نهائي»، وداعية «جميع الفصائل الثورية العاملة في الشمال السوري للاندماج في ظل قيادة عسكرية واحدة تحت مسمى «الجبهة الشمالية للجيش السوري الحر» وتحت مظلة علم الاستقلال السوري الذي جعله الثوار كفناً لشهدائهم ورمزاً لثورتهم».

ووفق المبادرة فإن «تشكيل الجبهة الشمالية للجيش السوري الحر، يوجّه رسالة قوية وصفعة معنوية للعدو والمحتل الروسي بأننا مستمرون في النضال حتى تحقيق كامل أهداف الثورة، ويؤكد رغبة السوريين في مشروع الديموقراطية المدنية أمام العالم بأسره، ويعزز القناعة لدى المجتمع الدولي بأننا سائرون حتماً نحو دولة العدالة والحرية ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى قطع الطريق على بطء الاستجابة في الرد العسكري الحاسم والمناسب وتقويض فكرة الفزعة العسكرية لتحلّ محلها الأوامر العسكرية الصارمة والمدروسة، وإغلاق الأبواب على الدعم الانتقائي لفصائل عسكرية دون الأخرى ما يؤدي لمزيد من التشرذم على مستوى الفصائل ويضعف أداءها بشكل مستمر ويجعلها عرضة للابتزاز السياسي من الأطراف والجهات الداعمة، ناهيك عن الوقوف من خلال هذا المشروع الوطني بوجه المشاريع التوحيدية غير الوطنية والهشة والتي تفضي إلى مزيد من الخسائر والانهزامات على الأرض وفي ميدان السياسة أيضاً»، مضيفة: «كما أن تشكيل قيادة عسكرية واحدة للجيش الحر في شمال سورية يُعتبر الخطوة الوحيدة الصحيحة والقادرة على الوقوف بوجه هذه الهجمة الدموية للنظام وحلفائه ويمهد فعلياً لخطوات توحدية على نطاق أوسع لتأسيس نواة الجيش الوطني».

وحددت المبادرة العمل على «تشكيل الجبهة الشمالية للجيش السوري الحر بناء على اندماج جميع الفصائل والحركات والتجمعات العسكرية والثورية في الشمال السوري من المؤمنين بمشروع الثورة وعلم الاستقلال و(خاصة حلب) كخطوة أولى مستعجلة، تحت اسم قيادة المنطقة الشمالية في الجيش السوري الحر، والانصهار الجديد لا يعني قيادة مشتركة للفصائل وهو خطأ فادح شربنا مآسيه مراراً، وإنما يعني الذوبان الكامل في الجسد الجديد. وينتدب كل فصيل من الفصائل التي أعلنت رغبتها بالاندماج تحت مظلة الجبهة الشمالية للجيش السوري الحر عدداً من الضباط لتشكيل المجلس العسكري، وقيادة أركان الجبهة الشمالية. ويتشكل مجلس ثوري أعلى في الشمال السوري مؤلف من أبرز القادة الثوريين للفصائل التي اندمجت تحت مظلة الجبهة الشمالية ممن عُرفوا بوطنيتهم ودفاعهم عن ثورتهم، ليلعب هذا المجلس الدور التشريعي والرقابي والاستشاري للجبهة الشمالية ضامناً لعدم انحراف قيادة الجبهة عن أهداف وثوابت الثورة السورية، وتختفي كل ا?سماء القديمة للألوية والكتائب وتحلّ محلها صفات تحددها هيئة أركان الجبهة الشمالية.

ويُمنع نسب أي عمل عسكري سوى لقيادة الجبهة الشمالية حصراً. وتُحل جميع المكاتب الإعلامية للفصائل السابقة، وتُشكل هيئة إعلامية محترفة واحدة للكيان العسكري الجديد. وتُعزل قيادة الجبهة الشمالية عن الشؤون المدنية والخدمية والقضائية تماماً، ويتم إيكال هذه الشؤون إلى مجالس الإدارة المحلية في المدن والبلدات المحرَّرة والمحاكم المدنية، لأنها صارت تشكل عبئاً مادياً وإدارياً كبيراً على الفصائل، وتقوم قيادة الجبهة الشمالية بتشكيل محكمة عسكرية مختصة فقط في شؤون ا?سرى والمعتقلين والمنشقين والقتلى والشهداء والمسيئين من العسكر، ويحظر عليها النظر في أي قضية مدنية أو محاكمة أي مدني بل إحالته إلى القضاء المدني. إضافة إلى التأكيد على قيم الثورة في الحرية والكرامة والعدالة، ومحاسبة كل المجرمين الموغلين بالدم السوري والحفاظ على وحدة وسلامة سورية أرضاً وشعباً وتحقيق الاستقلال الناجز من أي محاولة لإخضاع سورية لأي وصاية دولية. ودعم هذا الكيان الجديد لمخرجات مؤتمر الرياض والمؤسسات السياسية للثورة السورية، والهيئة العليا للمفاوضات».

وأوضحت المبادرة أنه بعد إنجاز المرحلة الأولى فإن الطريق سيصبح ممهَّداً للتقدم بثبات نحو مرحلة ثانية تتوج الأولى من خلال تشكيل نواة الجيش الوطني السوري: «فيتم العمل والتنسيق بين قيادتيْ الجبهة الشمالية والجبهة الجنوبية للجيش السوري الحرّ مع بقية الفصائل والتشكيلات الثورية بكل أطيافها في الوسط والساحل وبقية المناطق السورية للعمل على تحديد آليات عمل وإعداد برنامج لدمج هذه التشكيلات تحت مسمى الجيش الوطني السوري».

وسيُعتبر هذا الجيش نواة حقيقية وصلبة لجيش سورية المستقبل والضامن الرئيسي والوحيد لنيل شعبنا لحريته وكرامته وخصوصاً بعدما ثبت للشعب السوري كذب كل الضمانات الدولية التي أكدت وقوفها مع قضية الشعب السوري، وسيتم اعتماد ميثاق شرف لهذا الجيش، يجدد فيه تمسكه بثوابت الثورة السورية في نيل الحرية والعدالة والمساواة والعيش المشترك لكل أبناء الشعب السوري، ويؤكد التزامه وخضوعه للسلطة السياسية المدنية التي سينتخبها الشعب السوري بعد سقوط نظام الأسد وحلفائه».

ويوضح الناشط السياسي نواف الركاد الذي وضع نص المبادرة مع زميله محمد قنطار لـ «الراي» ان هذه المبادرة سياسية ذات مضمون عسكري «وجاءت استجابةً لنداءات النشطاء والثوار على ا?رض حول ضرورة التوحد، عبر ترجمة هذه النداءات إلى خطة وبرنامج عمل مشفوع بالمبررات وا?سس والآليات، وتأتي ضرورتها من الحاجة الموضوعية الملحة التي تنبع من حدة الهجمة الروسية - الإيرانية الشرسة على شمال سورية من أجل خنق الثورة تماماً. وكذلك لعدم ثقة شعبنا بوعود مجموعة فيينا حول إرساء السلام في سورية والدخول في عملية سياسية انتقالية».

ويوضح ان «المبادرة أُطلقت قبل يومين إلى الرأي العام السوري عبر صفحات التواصل الثورية بالتعاون مع حشد كبير من النشطاء في الداخل والخارج، وتم إرسالها إلى مجموعة من الشخصيات السياسية المعارضة في الائتلاف السوري وقوى المعارضة ا?خرى وجرى دعمها وأعلن البعض تأييده لها. كما قمنا بالتواصل المباشر مع عدد مهم من قادة الفصائل العسكرية للجيش السوري الحر والذين تحمسواً كثيراً لتلقفها كأساس نظري يمكن أن يكون إطاراً لمساعيهم العملية في هذا الشأن».

وعن الفائدة من مثل هذه المبادرة يشرح الركاد ان الفكرة «خرجت إلى حيز الوجود وستُحدِث نقلة نوعية هائلة في العمل العسكري تنظيماً وتنسيقاً، كما ستساهم في إنشاء نواة للجيش الوطني السوري الذي سيحرر سورية ويخرجها من أي حالة وصاية دولية وسيكون هو الضامن الحقيقي لحفظ ا?من وجمْع السلاح وسحق قوى الإرهاب في المرحلة الانتقالية».

وقال: «حالياً نعمل على تعميم المبادرة بوسائل عدة: أولاً، عبر وسائل الإعلام الإلكترونية وهناك فريق من النشطاء يعملون ليل نهار من أجل ذلك. وعبر إقامة مؤتمر سياسي في غازي عنتاب التركية بحضور عدد كبير من النشطاء وا?حزاب والتيارات وبرصد وسائل الإعلام الثورية والعربية. وعبر وسائل الإعلام المتعددة من مرئية ومسموعة ومكتوبة».

وعن موقف الائتلاف الوطني السوري من المبادرة، أمل الركاد أن «تحظى بدعم الائتلاف، إذ كنا قد حصلنا على وعود كبيرة من شخصيات سياسية وازنة ولها ثقلها المعنوي بدعم المبادرة ضمن جميع ا?طر السياسية السورية. كما أننا على تواصل مع أصدقاء في الهيئة العليا في الرياض بشأنها».

وأكد الركاد «نحن كشباب ثورة على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسيين، وندعم بقوة مخرجات مؤتمر الرياض والحل السياسي المتفَق عليه دولياً. وشباب الثورة هم القوة العظيمة الكامنة في أحشاء الثورة، وما زال الجميع من طبقة سياسية وعسكرية يكنّ لهم كل احترام وتقدير، ونحن نراهن على ذلك».