«فرقة الغناء القديم» أوسعت جمهور مهرجان القرين... طرباً

«منارة عبدالله الفضالة» أضاءت المكتبة الوطنية

1 يناير 1970 06:46 ص
حمد الهباد:
الفضالة أثرى المكتبة الكويتية بمختلف ألوان الغناء الأصيل

محبوب العبدالله: اسطوانة «العجائز» كانت تباع بأسعار فلكية والسلطات منعت بث الأغنية عام 1960
أمسية كويتية خالصة، عبقها الأصالة وعنوانها الطرب الغنائي الرفيع، أحيتها فرقة الغناء القديم مساء أول من أمس في مكتبة الكويت الوطنية، مستحضرةً موروثات الزمن الجميل ومحتفية بالفنان الكبير الراحل عبدالله الفضالة. واستهدفت الأمسية التي أقيمت تحت لواء مهرجان القرين الثقافي في دورته الــ22، تسليط الضوء على المسيرة الفنية الحافلة والزاخرة التي طرزها الفضالة بمقطوعاته الموسيقية الخالدة، وأغانيه التي تحفظها الجماهير عن ظهر قلب. وشهدت الاحتفالية حضوراً جماهيرياً لافتاً، تقدمه الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة إلى جانب باقة من المثقفين ومحبي الموسيقى، واستهلت بمنارة ثقافية للفنان عبد الله الفضالة بعنوان «الإبداع الفني والإعاقة البصرية»، وهي ندوة نقاشية أدارها الدكتور محمد الخلف، واستعرض من خلالها الدكتور حمد الهباد ومحبوب العبدالله مسيرة الفنان عبد الله الفضالة، كما تخللها بعض المداخلات من جانب الجمهور.

وصنّف المنتدون الفنان عبدالله الفضالة ضمن من تجاوزوا مفهوم الأداء التقليدي للأغنية الشعبية (البدوية)، مضيئين على محاولته استخدام أساليب مبتكرة في غناء (المجرور) أو (جرة الربّابة) في الفنون البدوية حيث قام بتوظيف آلة الكمان عوضاً عن آلة الربابة ليقوم بآداء دور (رباب الشاعر). كما برز الفنان الراحل بأسلوب الغناء الكوميدي الذي حقق شهرة واسعة باجتذاب الجماهير لسماع هذا اللون المحبّب، الذي انفرد به الفضالة في شكل محاورة بين السيدات السمر والبيض أو بينه وبين العجائز بأسلوب كوميدي، حظِيَ بقبول المجتمع الكويتي والخليجي ضمن غناء الترفيه الذي تميز به.

واعتبر الدكتور حمد الهباد أن الفضالة أحد أبرز رواد الحركة الغنائية الكويتية الذين أثروا المكتبة الوطنية بمختلف ألوان الغناء الكويتي القديم الأصيل، حيث عمل على تطوير هذه الفنون التي أصبحت أساساً لأصول الأغنية الكويتية الآن، كاشفاً عن أن الفضالة كان يتمتع بموهبة كتابة القصيدة باللغة العربية الفصحى وبالعامية المحلية، كما كان يتمتع بموهبة التلحين والغناء، وتراوحت أغلب أعماله بين الصوت والسامريّ أو الأغنية الخفيفة.

وأوضح أن الفضالة أول ملحن كويتي أدخل آلة البيانو في الأغنية الكويتية المطوّرة، كما استعمل كثيراً من الإيقاعات الكويتية القديمة، حيث غنّى حوالي 500 أغنية في مختلف المجالات، نسبة كبيرة منها من تأليفه وتلحينه، لافتاً إلى أن الفضالة هو أول من غنّى «السامري»، ومن أشهر أعماله فيه «ألا يا أهل الهوى واعزتالي» و«جزى البارحة جفني عن النوم» هذا بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من السامريات الناجحة، وكذلك كان أول من غنّى وعزف ألحان الربابة على آلة الكمان وسجلها للإذاعة، فضلاً عن أنه من أوائل الفنانين الذين سجلوا اسطوانات في القاهرة عند شركة «بيضافون» في العام 1929، ومنها «شدّوا الضعاين»، «قلت آه من لهيب النار»، و«استماع»، و«إن هندا يرق منها المحيا».

من جانبه، لفت محبوب العبد الله إلى أن الفنان عبدالله الفضالة قدم الكثير من الأعمال الغنائية الأصيلة للمكتبة الغنائية الكويتية الإذاعية منها والتلفزيونية وفي شتّى المجالات، ومن أبرز أعماله «رب الملا، خذوني معاكم، سيدي يا زين، طول الدهر سهران، كان الروض يجمعنا، طال هجر الحبايب، دنياك لو طالت، عيدنا عيد الوطن، ياللي أسرت الفؤاد، الصبر أجيبه منين، تمر الليالي، أنا ودي ولكن ما حصل لي، أسمر عشقته، مر الزمان وفات، أعلّل نفسي في الغرام، هلّت دموع العين، أيا معشر الأحباب، أنا البارحة، أحمد الله وأشكره»، وأعمال أخرى كثيرة. ومن مصر غنّى له المطرب كارم محمود «الصبر أجيبه منين».

وأشار العبد الله إلى أن الفضالة كانت لديه قدرة متميزة على تلحين الأغاني الشعبية الخفيفة، منوهاً إلى أن سعر اسطوانته «العجائز» وصل إلى ثلاثين روبية وكان سعراً خيالياً في تلك الفترة من تاريخ الكويت، وقد سجلت هذه الأغنية عند شركة «طه فون» وأحدثت بعد بثها من الإذاعة ضجة كبيرة في أوساط العجائز، مما حدا بالمسؤولين توقيف إذاعتها في العام 1960م.

وأعقب الندوة النقاشية وصلة غنائية لفرقة الغناء القديم، بقيادة الفنان سلطان المفتاح الذي قدم عدداً من المقطوعات الغنائية، منها «طال هجر الحبايب»، مروراً برائعة «باركوا يا أحباب»، فأغنية «ارفعي البوشيه»، فيما اختتمت الاحتفالية بواحدة من الأغاني الكوميدية الخالدة «السمر والبيض».