نسمات

... وغرقت!

1 يناير 1970 05:11 ص
شعب صغير كان يعيش في جزيرة جميلة محاطة بالأشجار الوارفة والأنهار والثمار، ويأتيه رزقه رغداً من كل مكان، وصلته انباء عن اشتداد عاصفة قوية خلال ساعات ستكتسح جزيرته وتدمر كل شيء!

اجتمع الشعب في مكان لبحث سبل التصدي للعاصفة والتدابير الواقية، وظل يتناقش ويتناقش ويتناقش، وابدى كل فرد رأيه، ثم تناقشوا وتقاتلوا ووضعوا خططا لا يخترقها الماء، لكن لم يقم احد من الشعب بتنفيذ اي من تلك الخطط او التحرك من مكانه، الى ان اجتاحتهم العاصفة ودمرت جزيرتهم الجميلة.

من يصدق بأننا في الكويت وبعد ان اجتاحتنا عاصفة هبوط اسعار النفط التي حولت نفطنا الى ارخص من سعر الماء، وبعد ان تداولنا الحلول لعشرات السنين وتكلمنا عن خفض دعومات الكهرباء والبنزين وغيرها ثم لم ننفذ شيئا من تلك الخطط، بدأت كل جهة تتخبط وتجتهد في طرق خفض الانفاق، ولم يجدوا الا وقف البعثات والاجازات الدراسية للماجستير والدكتوراه، بينما الرحلات السياحية للعلاج التي تكلف الملايين من الدنانير لم تمس ولم يحاسب من تسبب بها.

بل ماذا عن رواتب شركات النفط التي حدثت في غفلة من الناس وبلغت ارقاما فلكية، ثم لم يتم مراجعتها او تقليل المُبالغ فيه منها، وقد قرأت بالامس عن مستشار وافد في وزارة النفط يتقاضى رواتب خيالية فراتبه 4 الاف دينار ومكافأته السنوية 6 آلاف وتعليم مجاني لأبنائه وبدل سفر وسيارة وعلاوات وبدل اجتماعات 6 الاف دينار وهكذا!

اذا فالبند الذي اثقل كاهل الدولة وكان لا بد من ايقافه هو البعثات الدراسية التي تمثل الاستثمار الحقيقي للدولة!

وقد اقر مجلس الامة الاسبوع الماضي وقف «الأوفر تايم» في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي للمدرسين للساعات الزائدة عن النصاب التدريسي بقيادة المايسترو عدنان عبدالصمد الذي تحدى رابطة اعضاء هيئة التدريس بأن يوقف كل زيادة تصلهم على الساعات التدريسية التي يدرسونها وليت الامر اقتصر على ذلك ولكننا تابعنا الصراع الذي يدور في الجامعة على اختيار عميد كلية الشريعة وكأنما هو منصب للتحكم في ادارة قيادة الجيش والشرطة او المسؤول عن المنظومة الصاروخية.

فقد نقلت جريدة القبس (1/‏ 2/‏ 2016) عن مصادر مطلعة ان هناك ضغوطا خارجية من رئيس الوزراء ووزراء ونواب لتغيير قرار اللجنة التي رشحت الاسماء، وتسببت تلك الضغوط في استقالة الاخ بدر الحميضي - رئيس اللجنة - فهل تصدقون بأن ذلك المنصب العلمي البسيط الذي من المفترض ان يزهد الجميع فيه قد تحول الى حلبة للصراع في بلد يعيش اسوأ احواله الاقتصادية وينتظر قرارات حاسمة!

? جزى الله خيرا الاخ عادل الصرعاوي - رئيس ديوان المحاسبة - على رفضه مناقصة انشاء صالة الركاب في مطار الكويت، ونحن ننتظر من الدكتور علي العمير ان يمارس نفوذه لإلغاء تلك الصفقة، فكفانا مآسي في بلدنا لا سيما بعدما تبين ان ثروتنا ما هي إلا أحلام النائمين!