الاستحقاق اللبناني إلى الثلّاجة حتى إشعار آخر
لوحة «الموناليزا» الرئاسية لنصر الله أفرحت عون وأراحت فرنجية
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
05:54 ص
جعجع: لماذا لا ينزل فريق «حزب الله» إلى جلسة 8 فبراير ويترجم «ربحه السياسي»؟
أفضى خروج «حزب الله» عن صمْته حيال المجريات الدراماتيكية في الملف الرئاسي الى رسم معادلة جديدة، تولى أمينه العام السيد حسن نصرالله في إطلالته ليل أول من أمس، وضْع قواعدها، وهي تقوم على 4 مرتكزات: دعْم حاسم لترشيح زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، لن يوصله الى الرئاسة، طمأنة كافية لرئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية تتيح له الاستمرار في ترشحه، تكريس الربح السياسي لـ «حزب الله» بأن الرئاسة أصبحت من حصة معسكره، والدعوة الى عدم الاستعجال، ما أوحى بأن الفراغ الرئاسي مرشح للاستمرار الى أجَل غير مسمى.
ورأت أوساط واسعة الاطلاع في بيروت ان «نصرالله رسم لوحة تشبه الموناليزا، التي شعر عون، الذي كان تحدث قبل يومين عن تكامله الوجودي مع نصرالله، بأنها تبتسم له، وارتاح لأساريرها فرنجية، الذي سارع الى القول ان السيد نصرالله سيّد الكلّ»، لافتة الى ان «الأمين العام لحزب الله لم يخف زهوته حين أوحى لخصومه (زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع) بأنها أينما أمطرت الرئاسة فإنها تصبّ عنده».
وإذ لاحظت هذه الأوساط ان نصرالله «لم يُبْدِ قلقاً من تفاهم عون مع جعجع ولم يُبْدِ حماسة لتفاهم فرنجية مع الحريري»، فإنها توقفت عند الواقع الجديد الذي تَكرّس معه عون، المرشح الأول لـ «حزب الله»، وتحوّل في ظلّه فرنجية مرشحاً رديفاً، الامر الذي يشكّل توازناً سلبياً، نتيجته إطالة أمد الفراغ الذي لن يتم الإفراج عنه إلا في توقيت وظروف يحددها «حزب الله».
ورغم محاولات رمي الكرة في ملعب «حزب الله» لحمْله على حسم الخيار داخل فريقه بين عون وفرنجية، كان لافتاً ان نصر الله حرص على منح عون فائضاً من الثقة بالتزامه «بالأساسيات» وللنائب فرنجية فائضاً من الاحتضان من خلال وصفه بالصديق والحليف و«نور عيني»، وهو ما فُسّر بأنه محاولة لتأكيد الوقوف مع عون من دون خسارة فرنجية.
وتوقفت الأوساط الواسعة الاطلاع عند نقطتين بارزتين في كلام نصر الله، اولاهما التشديد على المضي في التزام دعم ترشيح عون «إلا في حالة واحدة اذا قال عون انه لم يعد مرشحاً»، مع التمسّك بـ «حقنا في مقاطعة الجلسات» وصولاً الى الدعوة «الى مزيد من الحوار والنقاش والتواصل وعدم الاستعجال كي نسعى جميعا الى تفاهم حقيقي وانتخاب رئيس بأكبر نسبة من التواصل، بحيث لا يشعر أحد بأنه كسر أحداً، وعلى قاعدة حل داخلي وعدم انتظار الخارج».
اما النقطة الثانية فتمثّلت في قوله في معرض الردّ على مَن يتهّون «حزب الله» بأنه محرج ولا يريد انتخابات «لينزلوا غداً إلى مجلس النواب لانتخاب العماد عون ونحن جاهزون (للمشاركة) بلا تعديل للدستور وبلا سلّة، علماً ان ما نريده من السلة أخذناه» من خلال ترشيح اثنين من «8 آذار».
واكتفى «التيار الوطني الحر» بالتعليق على كلام نصر الله عبر رئيسه الوزير جبران باسيل، الذي قال إن «خطاب السيد نصرالله أكد المؤكد، إلا لمن لا يريد أن يسمع أو يفهم». علماً ان ما اعلنه باسيل جاء بعد ساعات قليلة من استقباله مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيّد نادر الحريري، حيث جرى البحث في الاستحقاق الرئاسي وتأكيد تمسّك الحريري بخيار النائب فرنجية.
على ان الموقف اللافت جاء من جعجع، الذي ردّ على نصر الله، في سلسلة تغريدات عبر «تويتر»، فسأل: «اذا كان السيد نصرالله يعتبر ان فريقه قد حقق ربحاً سياسياً في الترشيحات الرئاسية، فلماذا لا ينزل فريقه الى جلسة 8 فبراير ويترجم هذا الربح السياسي؟». أضاف: «أما قوله إنه (اذا انعقد مجلس النواب غداً لانتخاب عون، فنحن جاهزون للمشاركة)، فهذا أمرٌ يتعلق بهم، لأن المرشح الآخر للرئاسة من صفوفهم، والذي أكد البارحة تحديداً ان السيد نصرالله هو سيّد الكل». وتابع:«أما قول السيد نصر الله بأنهم لا يستطيعون فرض أي شيء على حلفائهم، فأين كان من هذا القول عندما فرضوا على غير حلفائهم تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة؟»
وبدا موقف جعجع استكمالاً لمحاولة إحراج «حزب الله» لحضّه على ممارسة تأثيره على كل حلفائه في 8 آذار لضمان سحب فرنجية ترشيحه والحصول على تأييد الرئيس نبيه بري لانتخاب عون، وهو ما حرص نصر الله على رفْضه، راسماً صورة لعلاقة الحزب مع حلفائه القائمة على قاعدة «الاحترام المتبادل فنحن نتبع لهم وليس هم من يتبعون لنا، كلانا نحترم بعضنا ونعترف ببعضنا ونقدّر بعضنا ونفهم على بعض وعكس هذا الكلام إهانة لهم ولنا».
وفي موازاة ذلك، برز كلام، نُقل عن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من انه «أحب عليه أن يكون الرئيس من بين الأقطاب (الموارنة) الأربعة (عون، جعجع، فرنجية او أمين الجميّل)، ولكنه كان يؤمن منذ البداية أن المسألة ستصل الى حيث وصلت اليوم، أي أن الأربعة سيعطّلون بعضهم البعض لأن أياً منهم لا يريد للآخر أن يكون الرئيس، والدليل في الحماسة الزائدة التي نراها اليوم لدى النائب فرنجية والتي يعتقد البعض أنها ستزول».