مقال / تجاهل علاج المدمنين
| جاسم الراشد العبود* |
1 يناير 1970
09:51 ص
أكدت استشارية علاج الإدمان أمين عام الرابطة الكويتية للأمن الأسري الدكتورة غنيمة حبيب أنه يوجد في الكويت 70 ألف مدمن، و هذه الإحصاءات و الأرقام التي ذكرتها الدكتورة غنيمة غير دقيقة، و إنني أرى أن الأرقام أكبر من هذه الإحصاءات، وقد تصل من 75 إلى 80 ألف مدمن، وذلك بحكم أنني ناشط في مجال التوعية بأضرار المخدرات و مهتم بهذه القضية الحساسة و متابع لشؤون التائبين و المدمنين و مراقب لأوضاع و أحوال هذه الفئة وأعلم بأن كثيرا من المدمنين لا يدخلون المصحات و المستشفيات الحكومية للعلاج لحساسية وضعهم الاجتماعي و سمعتهم، فيتم علاجهم خارج الكويت، لأنهم فئة في المجتمع لا تقبل بعلاج أبنائهم أو حتى أحد من الأسرة داخل الكويت للأسباب التي ذكرتها مع أن هذا المرض لا يعرف شريحة أو طبقة أو مجتمعا معينا - أسأل الله السلامة وأن يحفظ الجميع من آفة المخدرات ـ و لذلك لا تدرج أسماء هذه الفئة من ضمن الإحصاءات، وكذلك هناك فئة ليست بقليلة لم تحصل لها قضايا جنائية و بالتالي لا تدرج أسماؤهم من ضمن إحصاءات المدمنين.
ومن خلال متابعتي لشؤون هذه الفئة أعلم أن كثيرا من التصريحات غير دقيقة مثال في سنة 1996 م كان تصريح وزارة الداخلية بأن عدد المدمنين 20 ألفا ولم يكن هذا الرقم صحيحا للأسباب التي ذكرتها، وللأسف هذه التصاريح تأتي من جهات متخصصة في هذا المجال و منها جمعية بشائر الخير، مع أن الأرقام و الأعداد شاهدان على أن مشكلة المخدرات – هذه الآفة المدمرة – تحتاج رجال مواقف يخافون على الكويت و مصلحة شعبها، وتحتاج وقفة جادة من الحكومة و مجلس الأمة الذين يرون للأسف أنه لا توجد مشكلة حقيقية، و أنها تحت السيطرة مع أنني على ثقة بأن الجميع حريصون على الكويت و شعبها مع أن هناك جهودا من وزارة الداخلية و إدارة الجمارك و لكن مشكلة آفة المخدرات المدمرة تحتاج تكاتف كل مؤسسات الحكومة و الهيئات و الجهات الأهلية بل تحتاج جهودا مكثفة بحكم انتشارها بين أوساط الشباب خصوصا طلبة المدارس بنين و بنات، وهذا للأسف واقع، وهذه اعترافات الطلبة أنفسهم و انتشارها بين أوساط المثقفين والتربويين و العسكريين يجعلنا نواجه هذه الآفة بكل ما نملك من إمكانات، و ذلك بعمل حملة توعوية مستمرة طوال السنة، و نسخر كل الجهود المتاحة لصد و مكافحة انتشار آفة المخدرات من خلال الحملات التوعوية لتعزيز الوعي المجتمعي، و للأسف الشديد لم نر اهتماماً من الحكومة أو مجلس الأمة بطرح هذه المشكلة الحساسة بل نرى تجاهلا واضحا لخطورة هذه المشكلة و عدم الإيمان بوجودها حتى يضعوا لها الحلول مع أن الجميع يدرك خطورتها، حقيقة هناك علامات استفهام كثيرة لعدم الاهتمام بهذه القضية المهمة و المدمرة للشعب و الدولة و مقدراتها خصوصا فئة الشباب الذين هم عماد البلد و ثروته، و لو رجع المسؤولون و أعضاء مجلس الأمة إلى الضبطيات و القضايا المخيفة لتجار و متعاطي المخدرات و الإحصاءات و الأعداد الكبيرة للمتعاطين الشباب لأدركوا أن هذه الآفة لا تخص فئة أو طبقة في المجتمع، و أنها قد تصل إلى أي فرد سواء من الحكومة أو المجلس أو عامة الشعب لا قدر الله و لتغير كثير من الحلول و الاهتمام بل يجعلونها من ضمن أولويات المجلس، لأن المخدرات تدمر كما أسلفت الشعب و الاقتصاد و مقدرات البلد و تقتل أهم شيء في البلد و هم الشباب و أسرهم و خسائر كثيرة لا يتسع المجال لذكرها إن كانت هناك جهود من مركز بيت التمويل لعلاج الإدمان، ولكنه ليس بالمستوى المطلوب و النتائج المرجوة لعلاج الإدمان، و هذا ليس قصورا من الكوادر التي تعمل و لكن لقلة الاهتمام من الدعم و النظرة الجادة لتلك الشريحة من المجتمع، وكذلك الفكر و الاستراتيجية العلاجية الحديثة و التأهيل العلاجي المناسب لهذا المرض الخطير و الاهتمام برجوع هذه الفئة من المجتمع أفرادا صالحين متوافقين مع أنفسهم و مجتمعهم، ولذلك أصبح لزاما كما ذكرت في لقاءات ومقالات سابقة إنشاء هيئة عامة متخصصة لعلاج الإدمان، و كذلك إنشاء مصحات لعلاج الإدمان في جميع المحافظات، كما أنني أرى أن هذه الهيئة لا تقل أهمية عن أي هيئة من الهيئات خصوصا و أن الكويت مستهدفة و لقدر الله تعالى موقعها بين الدول المجاورة و المشجعة لاستثمار المخدرات ماديا و غيرها من الأغراض و المطامع الأخرى لذلك يجب تسخير و تجنيد كل الإمكانات لصد و مكافحة و انتشار هذه الآفة المدمرة.
و في النهاية أسأل الله – عز وجل – أن يحفظ الكويت أميراً و حكومة و شعباً من كل مكروه، و أن يهتم المسؤولون بمكافحة آفة العصر ( المخدرات ).
* ناشط في مجال التوعية بأضرار المخدرات