قائد قاذفة «بي - 52» أميركي متقاعد يسترجع ذكرياته في حرب تحرير الكويت
| إعداد عبدالعليم الحجار |
1 يناير 1970
08:02 م
صاح ضابط الحرب الالكترونية على متن قاذفة «B-52» قائلاً: «أيها الطيار، نحن بصدد عملية تعقُّب من جانب صاروخ الآن».
عند ذلك، صَرّ قائد القاذفة الكابتن «جيم بوولز» أسنانه ونظر في اتجاه الأسفل وسرعان ما شاهد صاروخ أرض - جو من طراز «SA-6» منطلقا في اتجاهه.
بالنسبة إلى معظم طياري قاذفات «B-52»، فإن احتمال اسقاطهم بصاروخ خلال تحليقهم فوق أرض معادية ليس حقيقة تنطوي على إثارة للقلق، لكن بالنسبة إلى «بوولز» وطاقمه كان من الممكن لذلك الاحتمال أن يتحقق على أرض الواقع في سواد سماء العراق في تلك الليلة الظلماء.
ومرت دقائق بدت كل واحدة كأنها دهر. ثم حبس بوولز أنفاسه وفكر في ذهنه قائلا: «هذه هي النهاية، قد تكون هذه هي النهاية».
كان بوسع بوولز أن يرى الصاروخ المقبل من أسفل. لكن ما لم يكن باستطاعته أن يراه هي منظومات التشويش التي كانت تحاول إنقاذه هو وأفراد طاقمه. ولأن التشويش كان يعمل بشكل مثالي، فإنه استطاع أن يوجه الصاروخ المهاجم إلى اتجاه آخر.
بوولز – الذي يعمل الآن محللا للبرامج في إدارة عمليات قيادة الضربات العالمية التابعة لسلاح الجو الأميركي – كان يخدم آنذاك ضمن القوات التي أرسلت لدعم عملية تحرير الكويت التي عرفت باسم «عملية عاصفة الصحراء». وطوال أيام تلك العملية الحربية، لم تفارق أسرته مخيلته.
وفي مناسبة مرور 25 عاما على بدء حرب تحرير الكويت، استعاد بوولز ذكريات مفارقته لأسرته قبل مغادرته إلى السعودية للمشاركة في طرد قوات صدام حسن من الكويت قائلا: «رغم أنه كان يداخلني بعض الشعور بالرهبة من أنني قد اذهب إلى القتال مع احتمال ألا أعود مطلقا إلى الوطن، كانت هناك أيضاً ثقة في أننا سنستطيع إنجاز مهمتنا بنجاح أنا ورفاقي».
وتابع الطيار العسكري قائلا إن الطلعات والمهام الجوية التي قام بها آنذاك مضت دون أي مشاكل نسبيا ولم تشهد اي أحداث خطيرة، إذ أنه كان يقوم بإسقاط قنابل على أهداف حيوية، واصفاً تلك المهمات بأنها كان أشبه بجولات لتوصيل وجبات سريعة.
وأضاف: «كنا نقوم أيضا بتنفيذ طلعات لشق طرق وسط حقول الألغام، حيث كنا نقوم بإسقاط قذائف مفجرة للألغام على منطقة تبعد كيلومترات قليلة عن الحدود الكويتية السعودية. وبسبب الارتفاع وتوقيت الاسقاط، كانت قذائفنا ترتطم بحقول الألغام التي كانت قوات صدام حسين قد زرعتها هناك».
وما زال بوولز يتذكر أن جيش صدام حسين أرسل ذات مرة ثلاثة وحدات عسكرية مدرعة كي تتقدم في اتجاه مدينة الخفجي السعودية وكان عليه أن يقصف تلك الوحدات، مشيراً إلى أن كل ما أعطاه اليه قادته آنذاك كان مجرد ورقة عليها احداثيات المدينة واتجاه تقدم القوات العراقية.
ووصف بوولز تلك المهمة قائلا: «في ذلك الوقت، كانت أرتال صدام المدرعة مكشوفة لنا فأمطرناها بوابل من القذائف بطائرتين من طراز (Mk-82) علاوة على طائرة كانت محملة بقنابل عنقودية. ولدى عودتنا وهبوطنا بطائراتنا المقاتلة، تلقينا تقريرا أكد أننا قد قضينا على تلك القوات».
وإذ نفذ 25 مهمة قتالية في غضون 10 اسابيع خلال مشاركته في حرب تحرير الكويت، فإن بوولز ما زال حتى الآن يرى أن عملية عاصفة الصحراء كان «لحظة فارقة» مهمة في مسيرته العسكرية برمتها.
واختتم بوولز ذكرياته قائلا: «عندما أعود بذاكرتي إلى عملية عاصفة الصحراء، يبدو الأمر وكأنه كان بالأمس إنها ذكرى راسخة عميقا في نفسي وفي أنفس أفراد أسرتي رغم أنها كانت قبل 25 سنة.