ندوة مهرجان «القرين» الرئيسية ناقشت تأثيرها على الشباب

متخصصون وأكاديميون: أدوات التواصل الاجتماعي ... مفيدة إلا أنها محفوفة بالمخاطر

1 يناير 1970 04:55 م
اتجهت ندوة مهرجان القرين الرئيسية إلى الشباب من خلال الحديث في قضية حيوية ذات علاقة وثيقة بهم...لا يمكن المرور عليها سريعا، لأن تأثيرها مباشر على حياتهم ومستقبلهم... كي تنظم جلسات تحدث فيها أكاديميون ومتخصصون عن «الشباب وأدوات التواصل الاجتماعي... الغرض والمخاطر»، والتي أقيمت في فندق «مارينا».

وعرج المشاركون في الندوة في أوراقهم البحثية إلى العديد من القضايا المتعلقة بهذه التقنية الحديثة «التواصل الاجتماعي»، وما تمثله من مساوئ ومحاسن، والطرق السليمة لجعلها آمنة الاستخدام لدى الشباب، والندوة استمرت ليومين متتاليين في جلسات صباحية ومسائية.

وفي كلمته الافتتاحية أكد الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة على منافع الشبكة العالمية للمعلوماتية، ودورها في اختصار الجغرافيا وحدودها واستحضار التاريخ ومساراته، واحتضان العلم والأدب والفن، مؤكدا أنها فتحت لنا العالم على مصراعيه، إلا أنه على الرغم من كل هذه المزايا المتعددة، فإنها ينبغي ألا تشغلنا عما يمكن أن تثيره هذه الشبكة من خطر وما تشعله من حرائق.

مشيرا إلى أن أهمية هذه الندوة تتضاعف مع بدء احتفال دولة الكويت باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2016م، وأن هذا يستدعي النظر إلى الشبكة العالمية للمعلوماتية بوصفها تحديا حضاريا وثقافيا وأخلاقيا، واكتشاف التأثيرات السلبية والإيجابية الواقعة على ثقافتنا العربية والإسلامية، للوصول إلى صيغة موائمة للتفاعل مع ثقافات أخرى بشكل يؤدي إلى الاستفادة من الإرث الإنساني المتراكم.

وقال المنسق العام للندوة الدكتور محمد الرميحي، في كلمته: نحن نعيش في هذا العصر الرقمي في بيوت من زجاج، بسبب الثورة غير المسبوقة في وسائط التوصل التقني، أي نحن في وسط الزلزال الأكبر، حيث أصبح يتوافر اليوم لفلاح نيجيري يقف على ضفة نهر كروس قدرة هائلة للتواصل مع العالم لم تتوافر مثلها منذ سنوات قليلة للرئيس الأميركي رونالد ريجان، بيت الزجاج هو في المكتب والبيت والسيارة والطائرة، لم يعد شيء يخفى عن الآخر.

وأكد أن تلك الثورة تحمل تغيرا جذريا للاقتصاد والعلاقة الاجتماعية والفن العسكري والعلاقات السياسية والدولية واللغة، وحتى حياتنا في البيت، مشيرا إلى أنه منذ عامين فقط، نشرت شركة رقمية تسمى «مانديانت» أن الجيش الأحمر الصيني يقوم بشكل منظم بسرقة معلومات تجارية وعلمية من شركات غربية، وفي أغسطس 2012، تعرضت شركة أرامكو العملاقة لتخريب رقمي هائل، حيث نزعت معلومات من 30 ألف كمبيوتر، وأصبحت غير قابلة للاستخدام.

وفي الجلسة الأولى من الندوة ناقش المحاضرون واقع ودلالات المحتوى الرقمي العربي، والتي حاضر فيها الصحافي جمال غيطاس، والباحث د. الحسن مصدقني؛ لينفرط حبل النقاش حول الشبكات الاجتماعية وصولا إلى نقد مجتمع المعلومات والاتصالات من أجل الوصول إلى خارطة طريق معرفية لتأهيل الشباب العربي لقيادة الثورة التكنولوجية والفكرية.

وأكد خبير المعلوماتية والكاتب الصحافي في جريدة الأهرام ومؤسس مجلة لغة العصر جمال غيطاس، من جمهورية مصر العربية، خلال محاضرة قدمها أثناء حديثة في المحور الأول من الجلسة الصباحية الأولى، تحت عنوان «الواقع والدلالات للمحتوى الرقمي العربي»، إن المحتوى المعلوماتي المجتمعي يتنوع ما بين عسكري أمني، واجتماعي، وفكري وسياسي، واقتصادي وخدمي، وعلمي وبحثي.

وقال مدير أبحاث ودراسات مركز دراسات العالم العربي والشرق المعاصر بجامعة السوربون د. الحسن مصدقني، من المملكة المغربية، خلال محاضرة قدمها تحت عنوان «الشبكات الاجتماعية ونقد مجتمع المعلومات والاتصالات»، إن شبكات التواصل الاجتماعي تندرج تحت الانترنت التشاركي، مبينا أنه يقصد بها التفاعلات الجموعية التشاركية التي يقوم بها رواد الانترنت عندما يتفاعلون من خلال الشبكات أمثال فيس بوك، ماي سبيس، ديلي موشن، تويتر، يوتيوب، وفليكر، وغيرها.

وفي الجلسة الثانية ناقشت الندوة محور اهتمامات الشباب العربي بالمحتوى الرقمي والتواصل الاجتماعي «الحقائق والخرافات» شاركت فيها بسمة البناء من مملكة البحرين، ود. بشاير الصانع من الكويت، ود. أنور الرواس من سلطنة عمان.

بداية تحدثت بسمة البناء عن شبكات التواصل الاجتماعي: «تعتبر شبكات التواصل الاجتماعي في عصرنا الحالي من أهم الأدوات التي يحصل منها الأفراد على المعلومات والأخبار، كما تمثل وسيلة مهمة وفاعلة في التواصل ما بين الأفراد والجماعات، فقد أسهمت في انبثاق منظومة تفاعلية إلكترونية، سمحت للجمهور (المتلقي) لأول مرة بلعب دور «المرسل»، وأصبح باستطاعته أن يصنع المحتوى الإعلامي، من خلال الإمكانات التكنولوجية المتوافرة لديه.

وقال د. أنور الرواس في ورقته الشباب وأدوات التواصل الاجتماعي- الفرص والتحديات: عندما قررت الدول الدخول في المنظومة العالمية، وتحديدا تحت مظلة الأمم المتحدة، ومن خلال الهيئات الدولية، كانت تدرك التغييرات القادمة وما يمكن أن يحدث من تطورات مذهلة قد تصل إلى زعزعة النظام العام في حدود تصورها وإدراكها لمفهوم التطور. فالعالم الذي كنا نسمع عنه أو عشنا بعضا من مراحله السابقة قد أفل، واستوسدت الأفكار الجديدة التي تحمل التقارب بين الشعوب، واختزلت المسافات بفضل الأقمار الاصطناعية. فلم يعد هناك سري، وسري للغاية، ومحدود التداول، ولم يعد لها وجود في عالم السماوات المفتوحة، فالتقنية تطورت وفرضت معطيات جديدة على الساحة بفضل الاتصالات الحديثة من خلال المعلومات التي تتدفق بكل سهولة ويسر.

وتحدثت د. بشاير الصانع عن تكنولوجيا الاتصال بين الواقع والوهم... في البداية قالت: تكنولوجيا الاتصال ليست منتجا محليا أو حكرا على أي مجتمع يستطيع أ‍ن يدعي أنه هو من طوره، لافتة إلى أن وسائل الاتصال هي منتج عالمي، مؤكدة أن تطور واستخدام هذه التكنولوجيا هما عملية تراكمية وتشاركية من قبل الجميع وعلى مر الفترات الزمنية التي تم فيها تطوير هذه التقنية.

البنية التحتية لوسائل الاتصال الحديثة «واقعها العربي ومستقبلها العالمي والتنظيم القانوني للتواصل الاجتماعي العربي- الدولي»... كانا محور الجلسة الثالثة من ندوة القرين الرئيسية «الشباب وأدوات التواصل الاجتماعي»، وتحدث فيها كل من الباحث يحيى إبراهيم من الأردن والمحامي حسين عبدالله من الكويت.

وقال المحامي حسين عبدالله- الكويت المتخصص في الصحافة القانونية إنه لمواجهة الإساءات أو السلوكيات غير المحمودة على برامج التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، قامت العديد من الدول بإصدار تشريعات جزائية لمواكبة التطور الذي تشهده تلك المسائل المتطورة والمتجددة بسبب تطور وسائل التقنية الحديثة، والتي لم تسعف قوانينها الموجودة على ملاحقتها، ومثال على ذلك المشرع الكويتي الذي أصدر قانون المعاملات الإلكترونية رقم 20 لسنة 2014 وقانون هيئة الاتصالات رقم 37 لسنة 2014 وقانون جرائم تقنية المعلومات رقم 63 لسنة 2015. وأضاف: أن بعض الدول عملت على تطبيق نصوص وقواعد قانون الجزاء أو العقوبات المطبق لديها على الجرائم العادية على تلك الأفعال، وبالتالي اكتفت بما لديها من قوانين تقليدية سابقة، والمثال على ذلك المشرع المصري الذي مازال يطبق قانون العقوبات المصري على الجرائم التي تقع على شبكات التواصل الاجتماعي.

وناقشت الجلسة الرابعة لليوم الأول الدور الاقتصادي لوسائل الاتصال الاجتماعي.. وحاضر فيها كل من د. محمد نادر سراج ود. خالد عزب وشادي فؤاد وأدارها م. مظفر راشد. في البداية قال أستاذ اللسانيات في الجامعة اللبنانية د. محمد نادر سراج: إن تفاقم استعمال وسائط التواصل الحديثة بلا رقيب أفضى إلى أعراض سلبية نجم بعضها عن الفجوة التي نشأت بين امتلاك المهارات التكنولوجية والقدرة على الوصول إلى مصادر المعرفة من جهة، وضعف الإمكانات التعبيرية اللغوية اللازمة عند المستخدمين لإيفاء عملية التواصل أغراضها من جهة ثانية.

وأكد الدكتور شادي فؤاد خوندنه رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات اسبيشال دايركشن إنه بحلول 2020 سيكون حجم سوق إنترنت الأشياء أكبر من سوق الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب والأجهزة اللوحية مجتمعين بمقدار الضعفين! حيث سيصل عدد أجهزة إنترنت الأشياء إلى 35 مليار جهاز متصل بالإنترنت. متوقعا أن تصل إيرادات سوق إنترنت الأشياء إلى أكثر من 600 مليار دولار في عام 2020.

وتطرق الدكتور خالد عزب إلى الجدل العميق على الساحة الدولية حول مستقبل الثقافة، ففي كل دولة يبدأ الحوار من دور المثقفين إلى هل هم فئة مهمة إلى دور الثقافة في بناء خصوصية المجتمع والدولة.