الحصاد المر
إسماعيل ياسين... أضحكنا وحصد الدموع / 3
1 يناير 1970
05:07 ص
| القاهرة - من نهى الملواني |
قبل عقود قليلة، كان الفن بحرا بلا شطآن، أو سفينة بلا ربان... وكان فطاحل النجوم، الذين ملأوا الدنيا فنا وإبداعا، يموتون، كما خرجوا إلى الحياة... أول مرة... فكم كان مأسويا ومفجعا ومؤلما... المشهد الأخير في حياة عدد محدد من الفنانين المصريين والعرب، الذين أثروا الوجدان العربي، وأبدعوا على خشبة المسرح، وتألقوا في السينما المصرية... حيث فارقوا معدمين فقراء، لا يملك ذووهم تكاليف تشييع جثامينهم إلى المثوى الأخير.
فمن يصدق أن كوميديانا مبدع... مثل نجيب الريحاني أو إسماعيل ياسين أو عبدالسلام النابلسي أو حسن فايق أو زينات صدقي... يفارق، وقد أدارت الدنيا ظهرها لهم تماما، وخاصمتهم، وأعلنت عليهم الحرب، وشحذ الفقر والمرض أسلحته، للقضاء على البقية الباقية منهم؟
تلك هي الحقيقة المرة... التي سنقرأها في سطور تلك الحلقات، التي تعرض جوانب غير معروفة في حياة 16 فنانا ومبدعا، عاشوا للفن ومن أجل الفن، وأخلصوا له، ولكنهم لم يحصدوا في نهاية المطاف سوى... الحصاد المر.
ربما يتحملون بعضا من المسؤولية فيما آلت إليه مصائرهم، فتوهموا أن الدنيا عندما تقبل... لا تدبر، وعندما تضحك لا تبكي، أخطأوا لأنهم لم يأمنوا غدر الأيام... وربما هذا ما دفع الأجيال اللاحقة لهم من الفنانين إلى أن يعيدوا حساباتهم، فيبالغون في أجورهم، ويتعاملون مع الفن بمنطق تجاري بحت، وليس كما كان يتعامل معه إسماعيل ياسين وعلي الكسار والنابلسي وغيرهم، وهو ما دفعهم أيضا «الأجيال الجديدة» إلى تأمين أنفسهم بمشروعات تجارية، منفصلة عن الفن... ذلك الغدّار غير مأمون الجانب.
أوراق مجهولة وأسرار ننشرها لأول مرة... نعرضها حصريا على صفحات «الراي» في تلك الحلقات... التي تبدو أحداثها ميلودرامية سوداء، ولكنها من طرف خفي... تبرز لنا جوانب مضيئة في حياة أبطالها... الذين قضوا حياتهم من أجل إمتاع الناس، وإحساسهم بالبهجة والسعادة، جيلا بعد جيل.
إنها الحياة... لا تترك للإنسان مفرا، ومن صعود إلى صعود... حتى يصل إلى النقطة التي بدأ منها، فتسلبه الدنيا بلا قسوة أو رحمة كل شيء... فما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع.
وفي النهاية... لا نجد إلا أن نستنزل من الله الرحمة على هؤلاء الفنانين الحقيقيين المبدعين... الذين أناروا سماء الفن العربي، بمواهبهم الفذة والمتوهجة... رحم الله الريحاني وإسماعيل ياسين وجورج أبيض وعلي الكسار... وغيرهم... بقدر ما أمتعونا... ولايزالون... وبقدر ما عانوا وقاسوا وتألموا في أيامهم الأخيرة.
كثيرون هم... ممثلو الكوميديا... الذين تواتروا على الشاشة الفضية... ولكن القليل فقط... الذي بقي في الذاكرة، وظلت أعماله خالدة... تزيدها السنون بريقا، ولعل الممثل المصري الكبير إسماعيل ياسين... أحد هؤلاء بحق.
فهو... ظاهرة فنية غير قابلة للتكرار... لم يكن أحد يظن عندما بدأ نجمه يخبو منتصف الستينات من القرن الماضي... أنه سيعود ويحقق هذا الحجم من التأثير والاهتمام للصغار والكبار... الأثرياء والفقراء، حضور طاغ ومتابعة متزايدة لأفلامه بالرغم من بساطتها وأفكارها البسيطة غير المعقدة.
الفيديو والفضائيات التي تعددت وتنوعت في الأعوام الأخيرة... أعادا اكتشاف هذا الفنان الكوميدي... وأكدا - محليا - أنه فنان لكل العصور، لأنه تمكن من انتزاع الضحكة ورسم البسمة بخفة ظل مصرية، تفرد بها.
عندما لفظ أنفاسه الأخيرة منذ 36 عاما، كان «سمعة»... يعاني من الجحود وقسوة الزمن، فاضطر للعودة لغناء المونولوج الذي بدأ به حياته لمواجهة متطلبات الحياة، تكاتلت عليه الظروف والمحن والضرائب تطارده لسداد مستحقات سنوات مضت، حينما كانت السينما بدأت تنحاز لنجوم كوميديا جدد، والمسرح الذي أسسه باسمه استنزف ثروته... فعاد من حيث بدأ.
التلفزيون - هذا الوافد الجديد في ذلك الوقت - لم يدرك حتمية استثماره، حتى المسرحيات التي سجلوها تم سحبها في ظروف غامضة.
إسماعيل ياسين - الذي تربع على القمة بمفرده «20» عاما، بعد أن حفر بإخلاصه وجهده، وموهبته طريقا شاقا - واجه سقوطا خاطفا، لكن الجماهير التي رفعته للقمة، أعادت له الاعتبار ورفعت عنه الظلم الذي تعرض له حيا وميتا، يكفي أنه كان ولايزال نجما لكل العصور.
بداية ونهاية
ولد إسماعيل ياسين في الـ 15 من سبتمبر العام 1912 بمدينة السويس «100 كيلو متر شرق القاهرة» توجه إلى القاهرة في بداية الثلاثينات، ودخل المجال الفني كمطرب، ثم برع في فن آخر، هو فن المنولوج، الذي تمكن من أن يحرز به الكثير، فوقف على العديد من المسارح، ليقدم الاسكتشات الفنية، وتضمنت أفلامه العديد من الأغاني والمونولوجات الخاصة به، والتي اشترك في بعض منها مع عدد من النجوم، الذين قدموا فن المنولوج وتألقوا به مثل: سعاد مكاوي وشكوكو.
أبدع ياسين في فن المنولوج وأصبح أحد رواده، نظرا لخفة ظله، وتعرضه لبعض المشاكل الاجتماعية في شكل كوميدي لطيف يجذب الجمهور.
وقضى نحبه في ساعة متأخرة من ليل 24 يوليو العام 1972 إثر أزمة قلبية.
ولكن نهايته كانت قبل هذا التاريخ بسنوات، عندما أدارت السينما وجهها، وتنكر له المنتجون والمخرجون، الذين صنع ثرواتهم وشهرتهم.
في منتصف الستينات أصبح إسماعيل ياسين يعيش بجسده على الهامش، فتم إغلاق مسرحه وتوقف رغم أنفه عن دخول الاستوديوهات... قبل أسبوع فقط من وفاته.
تطييب خاطر
اختاره المخرج أحمد ضياء الدين لمشاركة محمود المليجي وهند رستم فيلم «لعبة الشيطان»، رشحه لدور عم رشدي أباظة، وافق إسماعيل الذي كان يشعر بالخوف والسعادة والرهبة من العودة للعودة أمام الكاميرا بعد غياب دام 7 سنوات متصلة، توجه حاملا هذه المشاعر إلى موقع التصوير في فيللا على طريق الأهرامات بالجيزة، فوجئ بدفء وحرارة الاستقبال، لم يتمالك دموعه، وظل يبكي أكثر من نصف ساعة، متأثرا بتصفيق العمال والفنانين داخل موقع التصوير.
الذين شاهدوه في هذه اللحظات النادرة... أجمعوا على أنه كان أكثر وقارا واتزانا، ولا تفارقه سحابة من الحزن، لكنها لم تمنعه من الضحك وإلقاء النكات، وكان يتأثر بصورة واضحة بكل كلمة إعجاب وتقدير.
حالة غريبة
لا توجد مبررات واضحة لحالة التحليل الفني والإنساني التي تعرض لها إسماعيل ياسين في السنوات السبع الأخيرة من حياته، لكن ما حدث معه يؤكد... وجود أيد خفية ساهمت في التعتيم عليه، هو نفسه صرح في هذه الفترة لإحدى المجلات متسائلا: «هل من المعقول أن يتحول إسماعيل ياسين إلى شخص يقرع باب عبد الحميد جودة السحار ليطلب منه فرصة عمل في السينما، أو أتصل بالمسؤولين عن المسرح من أجل فرصة عمل بمسارح الهيئة؟ إنني أفضل الموت على أن ألجأ إلى أبواب المسؤولين، لقد قررت تحويل مسكني إلى مطعم لبيع الفول والطعمية بدلا من دق الأبواب، لقد ساهمت في صناعة ثروات منتجي القطاع السينمائي الخاص لكنهم نسوني».
ثم أضاف: «لا أشكو الفقر أو الجوع، أعيش في حدود المعقول، القضية ليست أكل العيش، بل هي قضية فنان قادر على العمل».
إسماعيل ياسين قال هذا الكلام عندما كان عمره 52 عاما فقط، رغم أن نجوم الكوميديا الحاليين، مازالوا في قمة عطائهم وقدرتهم ولياقتهم الفنية... وأغلبهم تجاوز الستين عاما بسنوات... مثل عادل إمام وسمير غانم.
متناقضات في حياة سمعة
في حياته الشخصية... اجتمعت العجائب والغرائب والمتناقضات... تخللها فقر وجوع وتشرد، في مقابل ثروة وشهرة وسعادة ونجومية... وانتهت حياته مثلما بدأ جحود وأزمات مالية ومرض.
صرح إسماعيل ياسين لإحدى الصحف: «مرت بي ظروف مريرة، لكنني لم أفقد إيماني بالله كلما اشتد الظلام، اشتد أملي في المستقبل».
في السويس... كان ميلاده وسنوات الطفولة والشباب، قبل أن يضطر للهروب إلى القاهرة، فرارا من قسوة زوجة الأب، كان هذا في التاسعة عشرة من عمره، لم ينتظم في التعليم فقضى نحو 4 سنوات فقط في المدرسة.
جاء إلى القاهرة وجيبه خاو، كان يجوب الشوارع طوال النهار، ثم يتسلل بعد صلاة العشاء إلى ضريح السيدة زينب، يرقد إلى جوار أحد الأعمدة، ويستسلم للنوم حتى قبل صلاة الفجر، ليستيقظ على مطاردة خدم المسجد للمشردين من أمثاله.
عاش الفقر والجوع في أبشع صوره... لدرجة مطاردة قطة تحمل سمكة وتحمل الخربشة والألم حتى يخطف منها السمكة، وبلغ قمة المجد والثروة حتى أن إيراده الشهري من الأفلام وصل إلى نحو 12 ألف جنيه أواخر الأربعينات، وعندما ابتسمت له الدنيا ظل يقاوم مرض النقرس الذي افترس عظامه، كان يبكي من الألم، ويفسد المكياج فوق وجهه بتأثير الدموع وعندما تأتي لحظة رفع ستار المسرحية - يحمله زملاؤه إلى خشبة المسرح ويسارع بمسح دموعه، ويقول نكتة حتى يضحك ومعه زملاؤه ثم يبدأ العمل 3 ساعات لإضحاك المشاهدين وبعدها يتفرغ لآلامه.
كان يظن أنه المنافس الوحيد لعبد الوهاب في السويس أيام الطفولة والتشرد، سمع صوته من راديو داخل مقهى كان يقف أمامه، بدأ يقلده وأصبحت أحلامه تسير في اتجاه واحد، الهروب للقاهرة.
الخطوة الأولى
تعلم الموسيقى في حي العباسية بالقاهرة حصل على أول فرصة... وقف يغني داخل فرح أغنية عبد الوهاب «أيها الراقدون تحت التراب» إلا أن أهالي العروسين أنزلوه وانهالوا عليه ضربا، ثم بدأ يتعلم أول درس، حيث اقترح عليه الزجال المصري محمد عبد المنعم أداء أغاني عبد الوهاب بكلمات وأداء كاريكاتيري ساخر... وكتب له مونولوجا على وزن أغنية «يا وردة الحب الصافي».
مونولوجست
اكتشف إسماعيل ياسين أن موهبته الحقيقية في أداء المونولوج، وليس في الغناء... اثنان دفعاه لبداية الطريق، قدري باشا... اقتنع بموهبته وقدمه لحفلات الأثرياء، وخليل المحامي الذي ألحقه بمكتبه... وساعده على توفير نفقات يومه ثم قدمه للمؤلفين والملحنين.
مشوار البداية الصعب... جعل حياته بعد ذلك تقوم على هدف وحيد، العمل بأقصى طاقة لتوفير حياة سهلة لأسرته الصغيرة، ابنه الوحيد - الذي رحل منذ شهور قليلة - كان محور ومركز كل أحلامه، لم يكن له أصدقاء... تحول العمل بالنسبة له إلى جهد يشبه الانتحار، خلال شهور الصيف كان يغادر الإسكندرية فجرا بعد عرض مسرحيته، ليدخل الاستوديو في القاهرة في التاسعة صباحا لتصوير مشاهد أكثر من فيلم، وقبل العصر يسارع بالسفر للإسكندرية لعرض مسرحيته في العاشرة مساء، حتى عندما بدأ يهاجمه مرض النقرس وآلام المعدة العام 1960، ظل يعمل بنفس القدر من الجهد والحماس والإخلاص.
عاد للقاهرة للمرة الثانية بعد أن جمع له أصدقاؤه ستة جنيهات، قرر الاستفادة من أخطاء تجربته الأولى عندما هرب للعاصمة لأول مرة، وعاد إلى السويس، مقهورا بائسا، توجه لمحل ملابس مستعملة، اشترى بخمسين قرشا «بدلة سموكن سوداء» وذهب إلى مؤلف... وأعطاه جنيها مقابل كلمات مونولوج، وأعطى الملحن جنيها آخر... بـ «250» قرشا أصبح يملك بداية مشروع صناعة، توجه إلى احدى صالات الغناء التي كانت منتشرة في القاهرة خلال الثلاثينات من القرن الماضي، وقف يغني المونولوج الجديد أمام صاحب الصالة، فقرر تعيينه مقابل مرتب شهري قدره 4 جنيهات.
ها هي الدنيا بدأت تبتسم له، بدأ يعمل في الأفراح والحفلات الخاصة، ويغني في الإذاعات الأهلية... إلى أن بدأ بث الإذاعة المصرية الحكومية 1934 فتعاقد معهم على أداء 3 منولوجات شهريا مقابل «4» جنيهات.
كان خلال هذه الفترة من حياته يسابق الزمن... لإيجاد مكان له وسط نجوم المونولوج في الثلاثينات أمثال: سيد سليمان وحسين المليج، وكان يدخر ما يحصل عليه من أموال ويدفعها للمؤلفين والملحنين لكتابة منولوجات جديدة له، وقد كتب منولوجاته فتحي قورة وعبد العزيز سلام وجميل البنداري، ولحنها محمد فوزي وعبد العزيز محمود ومنير مراد.
ضد التيار
أنفق إسماعيل ياسين... أرباحه من السينما على المسرح من أجل تحقيق حلمه الفني من دون إدراك كامل لمتغيرات واقع كان يتحرك حوله بسرعة جيل جديد من نجوم الكوميديا منهم: محمد عوض وفؤاد المهندس وأمين الهنيدي... وتيارات مسرحية جديدة بدأت تغزو الواقع الصافي له تحركها مواهب وأفكار مؤلفين أمثال نعيم عاشور وسعد الدين وهبة وميخائيل رومان... ومخرجين جدد تلقوا بعثات دراسة المسرح في الخارج وقبل ذلك رعاية الدولة الكاملة للخطاب المسرحي الجديد إلى جانب فرق التلفزيون.
حاول إسماعيل ياسين السباحة بفرقته المسرحية ضد التيار، قبل أن يضطر للاستسلام والانسحاب ليغلق الفرقة التي حملت اسمه العام 1966، التي كانت تضم أبرز نجوم التمثيل والكوميديا مثل محمود المليجي وزينات صدقي وتوفيق الدقن ولولا صدقي وعقيلة راتب وجمالات زايد وتحية كاريوكا وشكري سرحان والسيد بدير.
بدأت هذه الفرقة العام 1954 في قمة مجده، حيث كانت تملك مقومات النجاح والاستمرار، لكن اعتماد إسماعيل ياسين على مؤلف واحد هو أبو السعود الإبياري كان أول أسباب التراجع.
قدمت فرقة إسماعيل ياسين خلال هذه الفترة 50 مسرحية كلها من تأليف الإبياري، في موسمها الأول عرضت «عريس تحت التمرين» و«الستات عايزة كده» و«في كل بيت حكاية»، وكانت الموضوعات وأساليب الكوميديا مناسبة للمناخ السائد في الخمسينات.
وعندما جاءت حقبة الستينات بما تحمل من تيارات وأفكار مسرحية جديدة كان من الطبيعي السقوط المادي والجماهيري لإسماعيل ياسين ومسرحه، لكن من غير الطبيعي ما حدث بعد ذلك مع مسرحيات إسماعيل ياسين، تعامل المسؤولون في التلفزيون في فترة الستينات والسبعينات معها بمنتهى الاحتقار والازدراء لدرجة مسح جميع شرائط مسرحياته وسواء كان بعمد أو جهل أو لتوفير نفقات شرائط جديدة وهو ما اعتبره كثيرون... جريمة ضد تراث مسرحي يستحيل تعويضه.
هذا إلى جانب تجاهل القائمين على مسرح التلفزيون في الستينات لنداء إسماعيل ياسين المتكرر بانقاذ فرقته وضمها إلى مسارح التلفزيون.
المدهش أن المسؤول الأول عن هذه المسارح كان السيد بدير أحد الأعضاء السابقين لفرقة إسماعيل ياسين.
علاقته بنجيب الريحاني
بدأ سمعة يعرف طريقه للشهرة عندما كان يعمل في صالة بديعة مصابني بأجر شهري قدره 6 جنيهات في العام 1936... كان نجيب الريحاني يقدم مسرحية «حكم قراقوش»، وكانت المسارح في هذه الفترة تستعين بمونولوجست يؤدي هذا الدور، واعتذر المونولوجست ذات ليلة لأسباب خاصة فلجأ الريحاني إلى زوجته بديعة مصابني لإنقاذ الموقف، فأرسلت له إسماعيل ياسين وعندما شاهده لأول مرة تنبأ له بمستقبل كبير وطلب من بديعة رعايته فرفعت أجره إلى 10 جنيهات.
نجومية سينمائية
كانت الفترة من 1939 إلى 1942 بداية صعود نجمه بعد العمل في السينما، وافق توجو مزراحي على ترشيح علي الكسار له لمشاركته فيلم «علي بابا» رغم أن توجو تنبأ له بالفشل عندما شاهده قبلها بسنوات، إلا أن موهبة إسماعيل ياسين أكدت العكس وكان فيلم «علي بابا» 1942 بداية الصعود إلى قمة نجومية السينما.
كان خلال هذه الفترة من حياته تنقل بين الفرق الموسيقية، فرقة يوسف عز الدين، حورية محمد وأمين عطا الله الذي سافر معه في جولات فنية للدول العربية، كما طاف مع بديعة مصابني في الرحلات الفنية التي كانت تقوم بها.
وخلال هذه الرحلات توثقت علاقته بأبو السعود الإبياري، وساهمت صداقتهما ورسالتهما في تحديد مستقبله الفني.
عندما بدأ نجم إسماعيل ياسين في الصعود... فكر أنور وجدي في استغلال نجاحه في عمل فني فريد، فيلم يجمع نجيب الريحاني وإسماعيل ياسين ويكتبه أبو السعود الإبياري ووافقت جميع الأطراف إلا أن وفاة الريحاني أسدلت الستار على هذا المشروع المهم.
ولا شك أن أفلام إسماعيل ياسين بسيطة، مسلية، تجمع الأسرة بمختلف أعمارها وأذواقها الفنية، يضحك معه وعليه الكبير والصغير، المثقف والجاهل، تنأى عن الابتذال أو أي اشارات أو إيحاءات مرفوضة.
رائد الكوميديا
نجوم الكوميديا الذين ظهروا بعده لم يقدموا شيئا أفضل منه... شخصياته التي قدمها على الشاشة نجحت في دخول قلوب الناس، فهو غالبا الإنسان البسيط الساذج، لكنه ليس محروما من الذكاء والحيلة ليستعير قناع الأراجوز ليقدم الشخصيات في قالب يجمع بين الكاريكاتير والتهريج من دون أن يسقط في الإسفاف، ويوظف سماته الشكلية، الفم الواسع والشفاه الغليظة لتجسيد الصورة الساخرة التي رسمها لشخصياته.