الجهود الحثيثة لـ «تعويم» الحكومة تصطدم بشروط عون

«المستقبل» قرّر الردّ وجهاً لوجه على تهديدات «حزب الله» للحريري

1 يناير 1970 02:07 ص
انتهت عملية التقييم التي أجراها «تيار المستقبل» للهجوم «الناري» الذي شنه رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد على الرئيس سعد الحريري والذي اعتُبر بمثابة تهديد مباشر بمنعه من العودة الى لبنان وإسقاطاً لمبادرته الرئاسية بترشيح النائب سليمان فرنجية، لمصلحة شن هجوم مضاد على الحزب وعدم الاستكانة لحملته.

وقالت مصادر قريبة من تيار «المستقبل» وقوى 14 آذار لـ «الراي» ان هذا التقويم أفضى الى قرار مبدئي بالاستمرار في الحوار الثنائي بين المستقبل وحزب الله وتالياً حضور الجولة المقبلة لهذا الحوار مساء الاثنين المقبل، ولكن مع جملة خطوات سياسية أخرى ستشكل في مضمونها وواقعها رداً قوياً على الحزب الذي سيتبلّغها مباشرة من خلال الحوار او بشكل غير مباشر من خارج الحوار.

وتشير هذه المصادر الى ان ممثلي «المستقبل» سيتولون في جولة الحوار المقبلة الردّ مباشرة على كلام رعد وتفنيده «واعتباره استعادة إفلاسية لأنماط التهديد الفارغة التي لم تعد تجدي وتنفع في اي معادلة داخلية، بل ان ممثلي المستقبل سيصارحون ممثلي الحزب بأنهم يعتبرون هذا النوع من التهديد انعكاساً لواقع شديد الحشرة والإحراج يعاني منه الحزب داخلياً واقليمياً ودولياً، ولن يفيده في إخراجه من معالم العزلة التي يعانيها مع راعيته الاقليمية ايران».

وتضيف المصادر ان ممثلي «حزب الله» سيسمعون ايضاً ان «الرئيس سعد الحريري سيمضي في اي مبادرة من شأنها ان تحرّك الأزمة الرئاسية ولا سيما منها مبادرته الأخيرة التي طرح فيها اسم النائب سليمان فرنجية مرشحاً متقدماً للرئاسة. وسيلمحون الى انه ستكون للحريري في المدى المنظور مبادرات من شأنها تأكيد مضيّه في هذه المبادرة الرئاسية وعدم التخلي عنها».

وبحسب المصادر نفسها، فان اتجاه تيار «المستقبل» الى منحى الاستمرار في الحوار ومواجهة مناورات «حزب الله» في الوقت نفسه، تستند الى معطيات واقعية ومنطقية تفترض التعامل بحزم ومرونة في الوقت نفسه مع موضوع الحوارات الداخلية ومن أبرزها الحوار بين «المستقبل» و«الحزب».

واذ أكدت المصادر ان رئيس مجلس النواب نبيه بري بالدرجة الاولى وأفرقاء آخرين سواه وضعوا ثقلهم في الأيام الأخيرة لمنْع انفراط عقد حوار الفريقين، وحمْل تيار «المستقبل» على عدم قطع الشعرة الأخيرة لهذا الحوار، كشفت ان نوعاً من التبرير اُبلغ الى «المستقبل» عن كلام النائب محمد رعد وأدرجه في إطار ردة فعل على كلامٍ تناول السيد حسن نصرالله، بما يُفهم منه ضمناً انه ليس قراراً بالتصعيد مقدار ما كان ضمن ظروف معينة.

وفي كل الأحوال، فان تيار «المستقبل» وقوى 14 آذار، كما تقول مصادرهما، يعتبران ان «حزب الله يبدو في واقع حرج للغاية جراء انفجار المواجهة الأخيرة بين السعودية والدول الخليجية عموماً من جهة وإيران من جهة اخرى، وان الحدّة البالغة التي تطبع مواقف قادته تعكس تخبطاً حيال الخط البياني الذي يتبعه الحزب في الأزمات الداخلية والتي تتسم بازدواجية حادة وواضحة، وهو الامر الذي كشفه الإرباك حيال مبادرة ترشيح النائب فرنجية الذي تَعامل معه الحزب بتخبّط غير معهود لديه وانتهى الى السقوط في خطأ هائل استعدى معه الحزب المرشح فرنجية مجاناً فيما هو يُعدّ من اول حلفائه الحقيقيين».

وتعتبر هذه المصادر ان «الحزب لم يضِف شيئاً على معادلة دعم زعيم التيار الوطني الحر النائب العماد ميشال عون، ولو تمسّك به، لأنه يدرك تماماً ان اي شيء ايجابي لن يتحقق لعون او يغيّر معادلة منْع الانتخاب الرئاسي التي تختبئ وراء شعار عون او لا أحد، فيما كشف تعامله غير الحكيم مع ترشيح فرنجية ان الحزب لا يخدم سوى معادلة الفراغ التي تتمسك بها ايران حتى إشعار اخر»، علماً ان «عدّاد» الجلسات الفاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية رسا على الرقم 34، اذ تم إرجاء جلسة امس الى 8 فبراير المقبل بعدما تَكرر عدم توافر النصاب بفعل مقاطعة نواب «حزب الله» وعون.

وفي مقابل هذا الملف، أكدت مصادر وزارية مطلعة لـ «الراي» ان المساعي جدية للغاية من اجل عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل تكون إيذاناً بتفعيلٍ نسبي للعمل الحكومي اذا نجحت الجهود في حمْل فريق العماد عون على الموافقة على هذه الجلسة.

وقالت المصادر ان خلاصات الأيام الأخيرة التي شهدت مشاورات بين رئيس الحكومة تمام سلام وعدد من القوى السياسية، لا توحي بتسهيلات قريبة بعد لانعقاد الجلسة، مع ان سلام يطرح جدول أعمالٍ يقوم على الأمور الملحة فقط ولا يستفز احداً. ولكن الفريق العوني عاد ليتمسك بقوّة بشروطه القديمة لإحياء جلسات مجلس الوزراء وفي مقدمها الاتفاق على آلية توافقية جماعية لاتخاذ القرار وأولوية بت التعيينات الأمنية والعسكرية التي يعتبرها غير شرعية.

واشارت المصادر نفسها الى ان الجهود ستتواصل في الأيام القليلة المقبلة لتذليل العقبات أمام تفعيل العمل الحكومي، ويبدو واضحاً ان الرئيس نبيه بري يساند الرئيس سلام بقوة في هذا المسعى وخصوصاً بعدما اصطدمت الازمة الرئاسية بتعقيدات جديدة بات يُستبعد معها اي انفراج قبل فترة لن تكون قصيرة، وسط تقديرت بان تكون جولة الحوار الوطني الجديدة التي تُعقد الاثنين برعاية بري مناسبة لمحاولة الوصول الى مخارج للإفراج عن الحدّ الادنى من عمل مجلس الوزراء.