روسيا قالت للأسد: دع «التحالف» يستنزف التنظيم وتَفرّغ لقتال الطرف الآخر

قائد في غرفة عمليات دمشق لـ «الراي»: لن نشن هجمات واسعة على «داعش»

1 يناير 1970 07:14 ص
يكثر التساؤل عن السبب الذي يدفع روسيا وسورية وايران و«حزب الله» الموجودة قواتهم على أرض الشام، إلى مهاجمة المعارضة السورية أكثر بكثير مما تهاجم قوات تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش). الجواب جاء من قائد في غرفة العمليات المشتركة في دمشق، قال لـ «الراي» ان «الاسباب التي تدفع النظام السوري وحلفاءه الى عدم حصر مجهودهم الحربي ضد (داعش) متعددة، أهمها أن داعش هو عدو الدول والمنظمات كلها، يشار اليه كجرثومة على الجميع اقتلاعها، ولا يريد أحد من الدول الراعية لتنظيمات متعددة في سورية ان يزجّ باسمه مع هذا التنظيم، وتالياً فهو يمثّل مشكلة للجميع».

ويضيف القائد: «لا أفق سياسياً للتنظيم، ولذلك فانه خارج اي تسوية محتملة في سورية، ويعمل على جذب عداء كل مَن لا يناصره، حتى من أصحاب عقيدته أنفسهم، وكذلك لا غطاء سياسياً لداعش ولا احد من المعنيين بالملف السوري يدعمه او يدافع عنه سراً او علانية».

ويتابع: «لا دعم مالياً خارجياً لهذا التنظيم، إلا من خلال موارد يحصل عليها عبر بيع النفط والاثار وفرض الضرائب، وكلها تتم عبر موارد مسروقة وغير مشروعة داخل فلك مناطقه، إضافة إلى عدم وجود تدريبات لمقاتليه خارج مناطقه، فهو لا يتلقى مثلاًَ تدريبات من اميركا او بريطانيا او من الدول العربية في المنطقة، وتالياً لا سلاح جديداً فتّاكاً يحصل عليه بل يحاول الشراء من السوق السوداء بأسعار مرتفعة ترهقه».

ويكمل القائد: «لا غرف عمليات مشتركة تغذي هذا التنظيم بالمعلومات الاستخباراتية، وتخطط له للهجوم، وتدله على نقاط الضعف والقوة عند الخصم، وتساعده في تجديد بنك الأهداف والمتحركات على الارض للقوى المضادة، وتسهّل له الدخول وتنقل له القوات، ولا مكاسب سياسية على طاولة المفاوضات المستقبلية اذا خسر داعش أراضي يسيطر عليها في سورية».

بعد عرض هذه المعطيات، يسأل القيادي: «في ضوء ذلك، لماذا يهدر الجيش السوري وروسيا وايران وحزب الله طلقة واحدة ضد قوات وفصيل داعش؟». ويتابع: «ها هي القوات الكردية تتقدم على حساب داعش بشكل لا يستفز النظام أبداً، بل على العكس، فالنظام يدعم كل خطوة يقوم بها الأكراد ضد التنظيم، وداعش لا يوجد في مناطق حيوية وغنية مثل إدلب، وفيها سكان عقائديون يدافعون عن المعارضة، فهو في الرقة التي أصبح سكانها كالرقيق تحت حكمه المستبدّ، ولهذا فاننا نريد تثبيت المعركة في وجه داعش ودعم خطوط التماس، ولا نريد القيام بعمليات هجومية واسعة ضده، لاننا لا نريد استنزاف قوانا العسكرية في مواجهته».

ويشرح القيادي في غرفة العمليات أن «ما حصل في مهين في ريف حمص مثلاً، هو إعادة تثبيت الموقع من جديد، لأن وجود داعش يشكّل تهديداً في خاصرة حمص. واستعيدت مهين لتحصينها فقط، ودخلت اليها فرق الرضوان للبقاء فيها، كما ثبّتنا الخطوط حول تدمر، وأنشأنا محاور تقدم عميقة وخطوطاً دفاعية لمنع تمدد التنظيم، مع الاحتفاظ بخطط للقيام بتقدم استراتيجي يستفاد منه لمعارك أخرى، مثل مطار كويرس العسكري لاستخدامه، كما هو الحال بالنسبة الى مصادر الطاقة شمال كويرس، إذ يجري العمل حالياً لاستعادتها، وتالياً فإن داعش في متناول اليد، على عكس جبهة النصرة وحلفائها».

وأردف القيادي لـ«الراي» أن «كل ما لا يملكه داعش موجود في صفوف النصرة وحلفائها، مثل أحرار الشام وغيرها من القوى السلفية الجهادية، وكذلك مكوّنات جيش الاسلام وجيش الفتح، وكلها فصائل تحصل على دعم مادي وعسكري وتدريبي واستخباراتي ولوجستي وأسلحة فتاكة جديدة توضع بين ايديها وتستخدمها دول المنطقة والولايات المتحدة كحصان طروادة لضرب النظام السوري، وكل تقدم يُسجَّل داخل المناطق التي يسيطر عليها هؤلاء هو مكسب اضافي لنا على طاولة المفاوضات».

ويكشف القيادي انه «عندما اعترض النظام السوري على الضربات الجوية الفرنسية والبريطانية لعدم التنسيق معه، قالت روسيا للرئيس (بشار) الاسد: دعهم يستنزفون داعش وتَفرّغ لقتال الطرف الآخر، فالوقت لم يحن بعد للاعتراض». وهكذا انصبّ الجهد الأكبر على ضرْب المعارضة الموجودة في مناطق استراتيجية، التي تنازع النظام على مناطق حيوية، كريف اللاذقية مثلاً، والاشراف على البحر المتوسط، ما يهدد الكيان السوري، كما حصل عندما أدخلت تركيا قوات المهاجرين والقاعدة من الحدود التركية - السورية واحتلت سلمى ووصلت الى البحر، وهكذا قامت روسيا ايضاً بتوجيه ضربة للقوى السلفية الجهادية وحلفائها ومَن يدعمها، وخصوصاً عندما اعتبرت انهم ارهابيون لا مكان لهم على طاولة المفاوضات، ما يتناغم مع تصريح الرئيس بشار الاسد بأن هؤلاء ليسوا بكيانات سياسية لتجلس وتحاورنا على طاولة المفاوضات. ومن هنا تقاطعت الاهداف بضربهم وضرب زهران علوش حول دمشق ايضاً وليس فقط في الأرياف الشمالية والجنوبية.