السفير الأميركي السابق في الكويت رأى أن المنطقة تمر بوضع مزرٍ وأن الحل ليس سهلا... وأبدى تشاؤمه
إدوارد غنيم: واشنطن ستدعم السعودية وإيران تعتمد الدعاية السوداء
| كتب خالد الشرقاوي |
1 يناير 1970
07:25 ص
• دوغلاس سيليمان: «مختلق ولا وجود له في كتابها» ما نسب إلى هيلاري كلينتون من وقوف أميركا وراء وجود «داعش»
• علاقاتي في المنطقة قوية لأنها تكونت خلال فترات عصيبة
• أتذكر اصطفاف الكويتيين لاستقبال بوش الأب بعد تحرير الكويت بهتافات «هلا بوعبدالله»
• الموقف الأميركي من الحرب على الكويت لخصه الرئيس بوش... «لن نسمح بحدوث ذلك أبداً»
• إيران ليس لديها القدرة على خلق مشاكل في المنطقة ولكنها بارعة في الاستفادة من الفرص للسيطرة عليها
• التوترات موجودة بين الحين والآخر بشكل طبيعي وما نعول عليه هو الحكمة في التعامل معها
• لم نحتج النفط يوماً لكي نبني مواقفنا في المنطقة ولم ولن نتوانى يوماً عن الدفاع عن الأصدقاء
وسط ما تعج به المنطقة من تسارع في حدة التوتر بين السعودية وإيران وإلقائه بظلاله على تداعي الدول العربية لتأييد المملكة إثر قطعها علاقاتها بإيران، أكد السفير الاميركي السابق لدى الكويت إدوارد غنيم أن الإدارة الأميركية ستقف مع السعودية في أزمتها الديبلوماسية الحالية مع إيران.
واتفق السفيران الأميركيان الحالي دوغلاس سيليمان والسابق إدوارد غنيم خلال مؤتمر صحافي عقد في السفارة الأميركية أمس، في شأن اعتماد إيران على «الدعاية السوداء» لرسم صورة منافية للواقع عن الولايات المتحدة الأميركية، ففي حين دلل سليمان على صحة ذلك، بما نسب إلى المرشحة للرئاسة الأميركية المقبلة هيلاري كيلنتون من اتهام للادارة الأميركية بصناعة «داعش»، قائلا: «إن هذه المقاطع مختلقة» و«وردت في الترجمة العربية ولا أساس لها في النسخة الأصلية من كتابها وهي في مجملها جزء من الدعاية الإيرانية السوداء»، أيده غنيم الذي نفى بشدة أن يكون ذلك الأمر ورد في كتابها، مبينا أن «اتهام الولايات المتحدة بخلق داعش محض افتراء ينفيه الواقع».
وفي شأن الموقف الأميركي من الاحداث الاخيرة المتعلقة بالعلاقات الإيرانية- السعودية، التزم سيليمان الصمت مكتفيا بما أعلنته وزارة الخارجية الأميركية في بيان أول من أمس من دعوة جميع الأطراف إلى التهدئة، بينما أجاب غنيم عن سؤال يتعلق بالجانب الذي ستدعمه بلاده في هذه الازمة بالتأكيد على أن «الإجابة عن هذا السؤال لن تكون صعبة، فالادارة الأميركية ستدعم المملكة العربية السعودية في أزمتها مع ايران حيث تجمعهما علاقات قديمة واهتمامات مشتركة»، مستدركا: «إلا أننى ادرس طلابي ضرورة بناء علاقات جيدة مع ايران لأنها دولة مهمة في المنطقة وعلى إيران أن تمتلك زمام المبادرة حيال ذلك»، لافتا إلى أن «المنطقة حاليا تمر بوضع مزرٍ والحل ليس سهلا، ولست متفائلا بخصوص ما تحمله الأوضاع المقبلة».
وذكر أن «مثل هذه الأوضاع تضع أعباء ثقيلة على كاهل الحكومة الكويتية وخصوصا فيما يتعلق بالتعامل مع الدول الكبرى في المنطقة، وهذا يتطلب اتباع سياسة مميزة وعلاقات طيبة مع الجميع، وخصوصا في مجال التعامل مع ملفات الارهاب والعنف والعديد من الكوارث التي تهدد المنطقة، وفي ظل جهود سمو الامير الشيخ صباح الأحمد المشهودة في هذا الصدد»، وعلى كل «التوترات موجودة بين الحين والآخر بشكل طبيعي الا ان ما نعول عليه هو الحكمة في التعامل معها».
وفي ما يخص تأثير الدعم الاميركي لموقف السعودية في أزمتها مع إيران على العلاقات الاميركية-الإيرانية والتي تشهد تحسنا ملحوظا ظاهريا، قال «هذا امر دقيق فعلا، ومن المحتمل ان يؤثر ذلك على العلاقات، وسيخلق بعض المشاكل ولكن الرئيس الاميركي مصمم على وقف النشاط النووي الايراني ولن يتخذ اي قرار في شأن رفع العقوبات على ايران في حال وجود اي موقف سلبي، وعلى الجانب الاميركي مسؤولية كبيرة للحفاظ على الاتفاق النووي في الطريق السليم، وهذا الامر يعني الكثير للجانب الايراني الذي يرغب في رفع العقوبات لأغراض اقتصادية وديبلوماسية، ولذلك فالجانب الإيراني حريص على أن تسير العلاقات الديبلوماسية في الطريق المرسوم له».
وعن دور الكويت كوسيط في الازمة بين السعودية وإيران، قال: «من الأهمية بمكان ان تتمتع اي دولة بعلاقات مميزة مع جيرانها في المنطقة ولكن ذلك ايضا يمثل جانبا من الخطورة ويخلق العديد من المشاكل، ولذلك يجب على الكويت الحذر الا أن ذلك في حد ذاته يعتبر مبادرة إيجابية»، مشددا على ان «وجود الكويت مرتبط بعلاقاتها الخارجية الدولية التي ساهمت بشكل مباشر في تحريرها من براثن العدوان الغاشم، ولذلك عليها ان تكون حذرة في هذا الشأن».
ورفض غنيم الإجابة عن سؤال عما إذا كان قطع العلاقات الديبلوماسية بين المملكة وإيران وما يتبع ذلك من خطوات من دول مجلس التعاون سيسهم في إيقاف التدخل الايراني في شؤون دول المجلس، معلقا بالقول: «عندما حاول بعض المحتجيين الايرانيين حرق السفارة السعودية في مشهد كانت القوات الإيرانية تتدخل لمنعهم وهذا يعتبر تعبيرا على التزامها بحماية الديبلوماسيين»، معربا عن إيمانه الشديد بأهمية «الحوار لحل اي أزمة ديبلوماسية بين بلدين».
وعلق على التدخل الايراني في دول مجلس التعاون، بالقول: «نحن امام دولة كبيرة مثل ايران تحاول بناء نفوذها والسيطرة على دول المنطقة، والجانب الايراني ليس لديه القدرة على خلق العديد من المشاكل في المنطقة ولكن لديه قدرة بارعة على الاستفادة من الفرص التي تخلقها الظروف للسيطرة على المنطقة، فعلى سبيل المثال الحوثيون في اليمن هم يمنيون والايرانيون استغلوا هذه الأحداث لصالحهم من خلال تقديم يد العون لهم كما انهم يعتمدون بشكل كبير على الدعاية السوداء حول تراجع الدور الاميركي في المنطقة والحقيقة لدينا العديد من القوات والسفن الحربية الموجودة بالفعل، وأميركا لن تتخلى عن المنطقة كما يروج الجانب الايراني، ومن خلال حديثي مع أصدقائي العراقيين وجدت أن هذه الدعاية تساهم في خلق فتور في العلاقات بين أميركا وحلفائها».
وفي شأن اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة، شدد غنيم على ان «اهتمام بلاده بالمنطقة لا يزال موجودا ولم يتغير ولا علاقة لذلك بالنفط برغم جهود دول العالم للبحث عن مصادر بديلة للطاقة الا ان الاعتماد على النفط ما زال يمثل جانبا كبيرا من احتياجات مختلف دول العالم فلم نحتج النفط يوما لكي نبني مواقفنا في المنطقة ولم ولن نتوانى يوما عن الدفاع عن الأصدقاء في المنطقة».
وفي رده على سؤال عن الاتهامات التي توجه لبعض أجهزة المخابرات الغربية في أنها تقف خلف تنظيم «داعش»، قال «لقد قرأت الكثير من هذه الاتهامات لكني حقيقة لا أؤيدها او ادعمها لاني ارى ان لديهم القدرة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبث افكارها لعدد كبير من الناس بجهد قليل»، مضيفا: «لقد أثبتوا قدرتهم على ذلك حيث إنهم لا يحتاجون إلى الملايين ليدعموهم، وجل ما يفعلوه هو وضع الدعوة عبر الإنترنت ليستقبلها الجميع فهم لا يحتاجون لإقناع الكثير من الناس بأفكارهم، ولو نظرنا إلى عدد من انضم إلى داعش وقام بعمليات انتحارية في مختلف دول العالم فسنجده قليلا لكنه كان ذا تأثير وضحايا كثيرين».
وتدخل سليمان في الحديث قائلا: «إن أعضاء التنظيم الإرهابي باتوا لا يحتاجون إلى معدات ضخمة أو تكنولوجيا متطورة لبث سمومهم فربما يجلس بعضهم في كهف أو في غرفة صغيرة ويعمل الكثير وبسرعة فائقة».
وعلى صعيد ذكريات السفير غنيم بالكويت وعلاقته بالسفير الحالي، أعرب سيليمان عن سعادته بوجود غنيم الذي كان سفيرا لبلاده في الكويت قرابة 25 عاما، موضحا ان للسفير غنيم تأثيرا كبيرا على حياته المهنية كما انه استفاد كثيراً من نصائحه لما له من خبرة عريقة في هذه المنطقة حيث عمل في ظروف صعبة وعاصر فترة الغزو العراقي وتحرير الكويت.
بدوره، رحب غنيم بعودته للكويت التي يحمل لها ذكريات كبيرة وتجمعه علاقات شخصية وطيدة مع مختلف ابناء الشعب الكويتي بصفة خاصة والمنطقة بصفة عامة حيث تكونت هذه العلاقات في ظروف عصيبة مرت بها المنطقة، مشيرا إلى ان رحلته من مطار الكويت إلى مقر إقامته اثارت في مخيلته ذكريات عديدة حيث استذكر العديد من المشاهد التي صاحبت تحرير الكويت ولاسيما زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش (الاب) وحرارة استقباله واصطفاف ابناء الشعب الكويتي على جانبي الطريق ترحيبا به حيث تعالت الهتافات بـ«هلا بوعبدالله»،ودمعت عيونه وهو يسرد ذكرياته عن الكويت.
ولفت غنيم إلى انه يتذكر الأحداث التي صاحبت تعيينه سفيرا لبلاده لدى الكويت قبل 25 عاما كما لو انها حدثت بالأمس القريب، موضحا ان الرئيس الاميركي جورج بوش (الأب) قد اختاره سفيرا لبلاده في الكويت في ربيع عام 1990 قبل الغزو العراقي إلا أن اعتماده قد تأخر الى ما بعد الغزو.
وأشار إلى رفض الرئيس الاميركي جورج بوش «الخضوع لضغوط المقبور صدام حسين من خلال اللعب على ورقة السفارة خشية ان يتم اعتقال اعضاء البعثة الديبلوماسية لذلك انتقل للطائف مع الحكومة الكويتية الشرعية»، ملمحا إلى أن «هذه الفترة شهدت توترا وقلقا كبيرا بين صفوف الكويتيين على مستقبل بلادهم».
وبين أنه قضى الكثير من وقته في هذه الفترة متحدثا مع المجموعات المختلفة والمعنية، شارحا موقف الولايات المتحدة الأميركية الصلب تجاه الأزمة والذي لخصه الرئيس بوش في عبارة واحدة: لن نسمح بحدوث ذلك ابدا. مشددا على الجهود الكبيرة التي بذلتها بلاده من اجل حل الأزمة بالطرق السلمية قبل اللجوء الي الحل العسكري غير أن المحاولات باءت جميعها بالفشل.
وأشار غنيم إلى اللقاء السري الذي جمع وزير خارجية بلاده آنذاك جيمس بيكر والامير الراحل الشيخ جابر الأحمد لإبلاغه ان الولايات المتحدة قد حسمت الامر واتخذت القرار لتحرير الكويت عسكريا بعد فشل المحاولات السلمية دون تحديد الموعد النهائي للعملية لدواع أمنية.
واستذكر غنيم رحلة وزير خارجية بلاده جيمس بيكر للقاء نظيره العراقي آنذاك طارق عزيز لتسليمه رسالة من الرئيس الاميركي لنظيره العراقي، لافتا إلى أن عزيز «رفض تسلم الرسالة بيده مما اضطر بيكر إلى وضعها أمامه على الطاولة وكانت هذه آخر مراحل المحاولات السلمية التى دفعت الظروف لاتخاذ الخيار العسكري رغم حالة القلق لدى اعضاء الكونغرس عن الخسائر المتوقعة من جراء العملية العسكرية».
وردا على سؤال من السفير الاميركي الحالي عن ملابسات وصول السفير غنيم للكويت لأول مرة عقب التحرير، أفاد غنيم بأنه وصل الكويت بعد ايام قليلة من التحرير في الاول من مارس علما انه حاول دخول الكويت اكثر من مرة غير انه لم يستطع نظرا لأسباب فنية تتعلق بإضاءة مدرج مطار الكويت مما اضطره إلى العودة الى مطار الظهران في السعودية والعودة منها بطائرة مروحية هبطت في مواقف السيارات لدى مقر السفارة الأميركية القديم والكائن بمنطقة بنيد القار حيث كانت الشوارع مليئة بالكويتيين الذين يلوحون بأعلام الكويت وأميركا.
وعن العلاقات الكويتية - الاميركية، قال إنها «كانت متينة وقوية جدا إبان الغزو حيث استخدمت الحكومة الكويتية جميع مقدراتها للمساهمة في بناء التحالف الدولي، وبالرغم من تغير المواقف التي صاحبت احتلال وتحرير الكويت وتغير اهتمام الدولتين حول ملفات وقضايا معاصرة تركزان عليها حافظتا على الحد الأدنى وأسس العلاقات الديبلوماسية المشتركة التي لم تحيد عنها قيادات البلدين وهذا ما بدا جليا في التعاون الاقتصادي والأمني بين البلدين».
نصائح
ردا على سؤال عن النصائح التي قدمها غنيم لسيليمان قبل توليه مهام منصبه في الكويت، قال «قلت له انك قادم الى بلد رائع وشعب جميل»، وقاطعه السفير سيليمان بالقول: «إن أبرز النصائح كانت الا آكل كثيراً وشجعني ان أكون نشطا هنا بالكويت، والعمل على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين بشكل كبير».
أسوأ أيام الديبلوماسي
أجاب غنيم عن سؤال يتعلق بمستقبل العلاقات الأميركية - الإيرانية بعد الانتخابات الرئاسية ضاحكا: «لن أعلق على هذا ولكن أسوأ الأيام التي يعيشها الديبلوماسي تكون خلال الحملات الانتخابية التي تسبق الانتخابات الرئاسية لأنهم يذكرون الكثير من الوعود والأمور الأخرى ويجيبون عن العديد من الأسئلة منها على سبيل المثال هل ستنقلون العاصمة الإسرائيلية من تل أبيب إلى القدس واجابات أكثرهم تكون بنعم إلا أنها مازالت في تل ابيب لذلك هناك فرق كبير بين ما يقال قبل الانتخابات وما ينفذ بعدها والسياسة الخارجية الأميركية ثابتة إلى حد ما ودائما تراعي مصالحها واصدقاءها بالخارج».
الشيخ جابر لـ «بوش»: ساعدني في إعمار بلادي
سرد السفير غنيم ما جرى في لقاء جمع الامير الراحل الشيخ جابرالأحمد في مقر الامم المتحدة في سبتمبر عام 1990 بالرئيس الاميركي بوش الاب،مبينا ان «بوش قال للشيخ جابر: ماذا نستطيع أن نفعل لأجلكم؟ فأجاب: ساعدني في اعادة إعمار بلادي. وفي اليوم التالي تشكلت لجنة عمل مشتركة تجمع المتخصصين في مجالات البنية التحتية والكهرباء وبمشاركة ثلاثة وزراء من الكويت والولايات المتحدة».