الحكومة و برنامج التائبين «البدون»
| جاسم الراشد العبود |
1 يناير 1970
07:56 ص
لا أحد ينكر الدور الأكاديمي و دور العلم في تطوير جميع مجالات الحياة، لأن العلم نور يجعل المتعلم على بصيرة من أمره و يدرك الحق من الباطل، و يطور حياته و يواكب التطور السريع، و الجميع يتفق على أن صاحب السمو الوالد الأمير حفظه الله و رعاه يحرص دائما على العلم و حث الشباب على الثقافة و تنمية المجتمع و العدل و المساواة، أما الموضوع الذي أردت التحدث عنه فهو مشكلة المخدرات و الواقع المرير الذي يعيشه الشباب من خلال تعاطيهم لهذه السموم، والذي لا تنفع معه الفلسفة و التنظير، و أنا هنا أخص فئة الإخوة غير محددي الجنسية ( البدون) الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية، دخلوا على أثرها السجون في قضايا تعاطي مخدرات، و تماثلوا للشفاء بفضل الله عز وجل ثم برنامج التائبين الذين التحقوا به و الذي تشرف عليه عدة جهات، ثم يفرج عنهم بعد اجتياز البرنامج المعد لفئة المتعاطين، ومنهم فئة الإخوة (البدون ) بمكرمة أميرية من صاحب السمو حفظه الله و رعاه جزاه الله خير الجزاء على هذه المكرمة الأميرية، وكذلك جهود الإخوة القائمين على هذا البرنامج ومنهم وزارة العدل ممثلة بالنيابة العامة و وزارة الأوقاف ممثلة بإدارة الدراسات، وكذلك وزارة الداخلية ممثلة بإدارة الرعاية اللاحقة و وزارة الشؤون و هيئة الشباب و الرياضة و كذلك جمعية بشائر الخير أسأل الله تعالى أن يجعل ما يقومون به في ميزان حسناتهم.
نعود للحديث عن فئة البدون أو مَنْ هم بنفس ظروفهم مثل الكويتية المتزوجة من غير كويتي ولديها أبناء، ونحمد الله تعالى على هذا البرنامج الفريد من نوعه في العالم لأنه يشمل جميع المتعاطين و من بينهم هذه الفئة، ومن فائدة هذا البرنامج أنه يسمح للمحكوم عليه في قضايا تعاطي المخدرات أن يدخل هذا البرنامج و يلتزم بشروطه، و ذلك بعد أن يجتاز البرنامج المعد من الجهات التي ذكرتها يفرج عنه كما أسلفت بالمكرمة الأميرية، فمثلا إذا كان محكوما عليه بخمس سنوات و اجتاز سنة من المدة يفرج عنه و يقضي السنوات الأربع المتبقية من العقوبة خارج السجن، و لكن كما ذكرت يجب عليه الالتزام بالشروط الموضوعة و على رأسها التحليل الدوري للتأكد من خلو جسمه من المخدرات أو العودة مرة ثانية إلى المحبس، و الآن هذا ينطبق على جميع القضايا و كل مَنْ تشمله المكرمة الأميرية، و بلا شك هذه الشروط تعود لمصلحة التائب لعدم العودة لتعاطي المخدرات و هذا ما يسمى بالعفو الشرطي، و حكومتنا الرشيدة جزاهم الله خيرا لا تقصر مع المواطن من خلال المساعدة المادية الشهرية التي تمنحها وزارة الشؤون لحين رفع الإجراءات الجنائية بحقه، و لكن ماذا يفعل غير محدد الجنسية ( البدون ) ومَنْ هم في نفس ظروفهم، بمَنْ يستغيث و كيف يوفر مصاريف السكن و المعيشة و دراسة الأبناء و علاج المرضى و هو لا يملك أي دخل مادي يعينه بعد الله تعالى و هو لا يجد أي جهة تساعد و الله المستعان ؟! إن تحلى بالصبر سنة أو أكثر فإن الظروف و الواقع المرير يجره و يجبره على التعاطي و الاتجار بالمخدرات حتى يعيش كبقية الناس والله يتولاهم برحمته، العجيب في الأمر أن مشكلة البدون ليست بجديدة على الحكومة ولا مجلس الأمة، بل هي من المشاكل الرئيسة التي تطرح على الساحة السياسية و على مدى هذه السنوات الطويلة نسمع في أيام الانتخابات و المناسبات الحقوقية أكثر الأعضاء و الناشطين في مجال حقوق الإنسان يتكلمون عن حل هذه المشكلة، وكل واحد منهم يستعرض عضلاته لحل هذه المشكلة الإنسانية و لكن هذه المشكلة الإنسانية تحتاج رجال مواقف وليس رجال كراسي و شعارات و أصوات عالية لا تقدم ولا تؤخر و لا تحرك المشاعر و الجميع أصبحوا يعرفون أن ما يقوم به بعض الأعضاء بل أكثرهم هو فيلم هندي ليس أكثر، أتمنى من كل مسؤول و كل شخص أن يضع نفسه في هذه الظروف و المواقف التي تعيشها هذه الفئة المغلوبة على أمرها، لذلك ذكرت في بداية مقالتي أن هذه القضية لا ينفع فيها التنظير و الفلسفة التي لا ترتقي بأدنى الحلول المنطقية لفئة تعاني، وكما قيل في المثل الكويتي ( الذي يده في الماء غير الذي يده في النار )، وقيل ( ما يوجس العلة إلا قلب راعيها )، أرجو من الله العلي القدير ومن ثم المسؤولين حل هذه المشكلة الإنسانية و أن تجعلها من ضمن الحلول التي تتساوى مع جميع القضايا الإنسانية و تكون في إطار ما أمر الله سبحانه و رسوله الكريم – صلى الله عليه وسلم – و أقول للإخوة البدون و منهم التائبون: أبشر إن الفرج آتٍ باتباع قول الله تعالى: ( ومَنْ يتق الله يجعل له مخرجاً و يرزقه من حيث لا يحتسب ).
أسأل الله العلي القدير أن يحفظ الكويت أميراً و حكومة و شعباً من كل مكروه.
* ناشط في مجال التوعية بأضرار المخدرات