من الخميس إلى الخميس

الندى والسيف

1 يناير 1970 08:20 ص
يقول أبو الطيب المتنبي في أحد أشهر أبياته:

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا

مضر كوضع السيف في موضع الندى

والمعنى لغير محبي الشعر القديم أن الخير أو الإحسان أثره نافع إذا استخدم في الوقت المناسب، وهو كمثل استخدام الشدة والقسوة التي تسبب الضرر في وقت كان الأولى استخدام الإحسان فيه، وإذا عمّمنا هذا المعنى المنطقي لوجدنا أننا جميعا بعيدون عن تنفيذه رغم وضوحه وبساطته.

بل ربما كان هذا البيت البسيط في معانيه هو أحد أهم التحديات التي تواجهنا كدول وكأفراد.

الكويت كدولة لم توجِد القوانين واللوائح التي تحقق نصيحة المتنبي، بل العكس هو الصحيح فكثير من المجتهدين لدينا ينالهم السيف بدل الندى، وكثير من الكسالى ينالهم الندى بدل السيف، أي أن نظرية العقاب والثواب التي يقوم عليها نظام الدول المتقدمة ليس موجوداً لدينا بالصورة المطلوبة.

اذاً لا نستغرب اليوم ونحن نشعر بروح الإحباط في قطاعات كثيرة من مجتمعنا، فالضرر الواقع علينا هو نتيجة طبيعية لتكريم من لا يستحق وتجاهل من يستحق والأمثلة على ذلك متوافرة وملموسة، فهل حان الوقت لغربلة قوانين ديوان الموظفين التي تجعل العقاب أداة يصعب استخدامها مما شجع الجميع على الاستخفاف بالقوانين وانتشار البطالة المقنعة وإشاعة روح اللامبالاة بين أفراد المجتمع؟، هل حان الوقت لاستخدام السيف في موقع السيف حتى تعود بوصلة العمل إلى وضعها الطبيعي كالذي نراه في الدول المتقدمة؟ سوْال طرحة المتنبي ولا نعرف من سيجيب عنه.

أما على المستوى الفردي فنحن أيضا لم نستوعب النصيحة الخالدة، نحن أو كثير منا لم يتعود على استخدام اللين في موقعه والشدة في مواقعها، نظلم أحياناً أنفسنا حين لا نذكر محاسن بلدنا ونظلم أنفسنا حين نخاف من ذكر مساوئها.

علينا أن نستخدم النقد المُجرّد في موقع الزلل، وفي نفس الوقت نثني بالحمد على ما نراه من إيجابيات، التوازن في طرح الأمور أحد أهم واجبات الأفراد، ومتى ما أصبح كل فرد لدينا حاملاً سيفه لينتقد كل شيء فهو أيضاً مُضرٌ مثلُهُ كمثل المنافق الذي يُحرك لسانه بالحمد في كل مناسبة، ضارة كانت أو نافعة.

لأبي الطيب المتنبي حكم كثيرة، لكن بيته السابق هو أكثر الأبيات التي تناسب وضعنا اليوم، نحتاج جميعنا دولة وأفراداً أن نتمعن في معنى ما قاله المتنبي ونستفيد منه.

[email protected]