هل يقف بري في صفّ واحد مع «حزب الله» خلف عون؟
توقّعات متناقضة في لبنان حيال مصير «خيار فرنجية» الرئاسي
| بيروت - «الراي» |
1 يناير 1970
02:02 ص
أطفأت بيروت محرّكاتها السياسية مع إجازة الأعياد، وبدت كأنها في استراحة تقويم لما انطوى عليه عام 2015، ايذاناً بملاقاة السنة الجديدة بـ «خلاصات» يمكن ان تشكّل «خريطة طريق» لمواجهة التحديات المتوارَثة، وفي مقدمها الأزمة الوطنية الكبرى الناجمة عن استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية منذ نحو 20 شهراً، وما نجم عنه من تلاشي المؤسسات الواحدة تلو الأخرى، كالبرلمان والحكومة.
ورغم الاطمئنان النسبي الى الواقع الأمني، مازال شبح المأزق السياسي - الدستوري يلقي بثقله على مراسم «التسلّم والتسليم» في شأن المحاولة الجدية لإحداث اختراق في الجدار الرئاسي، والتي تمثّلت في ترشيح زعيم «المردة» النائب سليمان فرنجية.
ففي ظل «التساؤل» الذي خيّم على مصير ترشّح فرنجية، أحد أقطاب «8 آذار»، وبدعم من القطب الأبرز في «14 آذار»، أي زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري، برزت تقديرات متناقضة لما سيكون عليه هذا الخيار في الأشهر الأولى من السنة المقبلة، وخصوصاً في ظلّ «خلط الأوراق» الذي أحدثه كسْر تَفاهُم فرنجية - الحريري لمسار المراوحة الذي حكم الملف الرئاسي، وما تَسبّب به من بلبلة في معسكريْ الطرفين (8 و 14 آذار).
ذلك ان فرنجية، اللصيق بـ «حزب الله» وبالرئيس السوري بشار الأسد، جرى تصويره على انه مرشّح بعض «14 آذار» ومدعوماً من السعودية وفرنسا والولايات المتحدة، وهو ما تَسبب سريعاً بغضب بعض «8 آذار» وبـ «نقزة» من «حزب الله» حياله، وتالياً بعدم حماسة الأسد وايران، الأمر الذي كسر اندفاعة زعيم «المردة» الذي يسعى الى تقديم نفسه على انه رئيس «منتصف الطريق» بين اللاعبين المحليين والإقليميين.
وأولت أوساط واسعة الاطلاع في بيروت اهتماماً خاصاً بتطوريْن:
? الأول يتمثّل في زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني المقررة نهاية الشهر المقبل إلى باريس لإجراء محادثات، سيكون الملف الرئاسي اللبناني بنداً رئيساً فيها. فالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يعتبر لبنان قضية ذات اولوية في الوقت الذي تشكّل ايران رقماً صعباً فيه نتيجة علاقة طهران «العضوية» بـ «حزب الله».
? الثاني يتجلّى في الكلام الايراني عن المساعي لإجراء حوار مع المملكة العربية السعودية في شأن الأزمات الاقليمية، علماً ان لبنان كان أفاد سابقاً من تَفاهُم ضمني بين طهران والرياض على تحييده عن النيران السورية وحفْظ استقراره، ما افضى الى قيام حكومة «ربْط نزاع» بين حلفائهما، اي «حزب الله» و«تيار المستقبل».
وثمة مَن يعتقد في بيروت ان مناخ الحوار الذي يلفح المنطقة رغم اشتعال أزماتها، كالحوار بين أطراف الحرب اليمنية والتحضيرات لحوار من خلف ظهر المدافع في سورية، ربما يكون أكثر جدوى في لبنان، الساحة الأقلّ سخونة، الأمر الذي من شأنه الإفراج عن الانتخابات الرئاسية، وخصوصاً مع وجود فرنجية كمرشّح في «منتصف الطريق».
ورأت مصادر متابعة في بيروت انه «لا لقاء هولاند - روحاني ولا ما يُقال عن حوار سعودي - ايراني من شأنه التأثير على مجريات الاستحقاق الرئاسي في لبنان».
وقالت هذه المصادر لـ «الراي» ان «الايرانيين لم يغفروا بعد لباريس الدور المتشدد الذي لعبته إبان المفاوضات للوصول الى الاتفاق حول النووي الايراني، كما انهم لن يعطوا الفرنسيين، الذين ينظرون الى الشرق الاوسط بعينٍ سعودية، اي جوائز ترضية لا في لبنان ولا في سواه، وتالياً فان من الوهم الرهان على اي انعكاسات للمحادثات الفرنسية - الايرانية المرتقبة على لبنان».
ولفتت المصادر عيْنها الى ان «الكلام الايراني عن المساعي لحوارٍ اقليمي بين طهران والرياض لا يعدو كونه (علاقات عامة) لن تقدّم او تؤخر في طبيعة الصراع المفتوح بين الدولتين على طول ساحات المنطقة وعرْضها، وخصوصاً ان طهران ليست في وارد التساهل مع السعودية في لبنان، الذي تعتبره طهران الورقة الأهم بيدها».
وتبعاً لذلك، فان الترجمات العملية لانسداد الأفق الرئاسي في لبنان تجلّت اخيراً بمفارقتين هما:
الاولى: ان «حزب الله» حسم خياره الرئاسي بالقول «عون أو لا أحد»، اي زعيم «التيار الوطني الحر» ميشال عون ما دام الأخير لم يتراجع... وهو لن يتراجع عن ترشحه حتى النفَس الأخير.
الثانية: ان رئيس البرلمان نبيه بري، حليف «حزب الله»، الذي كان يملك من حرية الحركة ما يتيح له دعم فرنجية، حسَم خياره بالوقوف مع الحزب صفاً واحداً خلف عون.
وهكذا، فإن زعيم «التيار الوطني الحر» عاد ليلعب دور «القفل والمفتاح» في الاستحقاق الرئاسي الذي لم تنضج الظروف الإقليمية للإفراج عنه بعد.