يتداول البعض في وسائل التواصل الاجتماعي موضوع أهمية الأخصائي الاجتماعي في المدرسة، بين مدافع عن أهمية وجوده، وبين من يرى عدم أهمية وجوده، وحاولت تتبع هذا الجدل ومصدره، حتى خُيل لي أن عدم أهمية الأخصائي في المدرسة هو قرار من وزارة التربية.
ورغم أن ليس لدي مصدر رسمي أو موثوق، إلا أنني أجد أنه من الصعب تخيل أنه قرار وزاري، وذلك لأسباب عدة منها أنه لا يوجد نظام تعليمي في العالم كله لا يوجد فيه أخصائي اجتماعي أو نفسي، وذلك للحاجة الماسة له في المدارس، خاصة وأن الطلاب والطالبات يأتون من بيئات تربوية مختلفة حتى وإن كانوا ينتمون لفئة اجتماعية واحدة، فقد تترك الأسرة المفككة أثراً سلبياً على سلوك الطالب أو على أدائه الدراسي، وهذا يتطلب التعمق في دراسة خلفياته الاجتماعية، وهو الأمر الذي يتطلب شخصاً أكاديمياً مختصاً في هذا المجال، حيث من الصعب على المدرس أن يلعب هذا الدور، كذلك أستبعد أن يكون قراراً وزارياً لأن معالي وزير التربية وزير التعليم العالي، هو نفسه خريج بكالوريوس خدمة اجتماعية، من كلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان في مصر، ولا يعقل أن يقف الوزير ضد تخصصه.
فمنذ أن بدأت المدارس الحديثة بنظامها التعليمي الحديث، كان هناك دائما أخصائي اجتماعي ضمن الفريق الإداري والتعليمي، ومن خبرتي عندما كنت أعمل بالتدريب الميداني، لطلبة الخدمة الاجتماعية بجامعة الكويت، لمست الاهتمام والشغف لدى كثير من الطلاب والطالبات، خاصة وأن دراسة الخدمة الاجتماعية لا تكتفي بالدراسة النظرية، بل يتدرب الطالب أثناءها ميدانياً لمدة ثلاث سنوات، ويجرب المواقع كافة مثل المستشفى والسجن ودور الرعاية الاجتماعية والمدارس، بمعنى أنهم يدخلون ميدان العمل مزودين بالخبرة العملية، بل يسعى بعضهم للتخصص في الدراسات العليا.
فعلم الخدمة الاجتماعية علم حديث نسبياً، مستل من علم النفس، وهذان العلمان يستندان إلى الفن والمهارة لسبر أغوار البشر، ومساعدة العميل لمساعدة نفسه، والاستمرار في حياته بصحة نفسية أفضل، وكم من الأخصائيين أنقذوا يافعين من الانتحار، أو من التحول إلى طريق الانحراف والإجرام، وكذلك من أدواره تعديل سلوكهم الدراسي ورفع ثقتهم بأنفسهم.
وبالطبع لا أحد ينفي وجود حالات فردية شاذة بين الأخصائيين، مثلهم مثل أي تخصص آخر كالطبيب والمدرس والمهندس وغيرهم، وهناك عوامل تضعف دور الأخصائي في المدارس، مثل استخدامه ليقف إلى جانب الناظر، والقيام بأمور إدارية خارج اختصاصه، ومنها النظر بدونية لدوره الإنساني، والانتقاص من حقوقه المادية.
وليد الرجيب
[email protected]